احتواء الحوثيين في اليمن: أمل زائف
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
احتواء الحوثيين في اليمن: أمل زائف
لقد تحطمت فكرة أن الحوثيين لا يشكلون سوى تهديد لليمن أو الشرق الأوسط.
هجمات البحر الأحمر جزء من الاستراتيجية السياسية للحوثيين للحفاظ على قوتهم وتوسيعها داخل اليمن.
صعدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر الحرب في غزة إلى بُعد جديد، ما يعرض التجارة الدولية للخطر في أحد أهم ممرات الشحن في العالم.
هناك عنصر أيديولوجي في الهجمات، لأنها تسمح للحوثيين بإعادة التموضع بوصفهم داعما إقليميا رئيسا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
* * *
كما هو واضح الآن، أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى تصعيد الحرب في غزة إلى بُعد جديد، ما يعرض التجارة الدولية للخطر في أحد أهم ممرات الشحن في العالم. من المؤكد أن هناك عنصرًا أيديولوجيًا في الهجمات على السفن التجارية، لأنها تسمح للحوثيين بإعادة وضع أنفسهم بوصفهم داعما إقليميا رئيسا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. لكن هذه الهجمات هي أيضًا جزء من الاستراتيجية السياسية للحوثيين للحفاظ على قوتهم وتوسيعها داخل اليمن.
في يونيو/حزيران 2018، حاصرت قوات التحالف بقيادة السعودية مدينة الحُديدة، وهي ميناء على البحر الأحمر يسيطر عليه الحوثيون ونقطة دخول رئيسة للمساعدات الإنسانية. وبحلول نهاية العام، ضمنت اتفاقية ستوكهولم التي توسطت فيها الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في الحُديدة.
ومع ذلك، لم يجبر الاتفاق قوات الحوثيين على مغادرة المدينة، واستمرت انتهاكات الحوثيين لوقف إطلاق النار على مدى السنوات التالية. مع وصول الصراع في اليمن إلى طريق مسدود بحلول نهاية عام 2022، ومع عدم قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على وقف مؤقت لإطلاق النار على مستوى البلاد، تضاءل الاهتمام الدولي تجاه الصراع في اليمن. تفاقم هذا الوضع مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، التي حولت التركيز الدولي وحتى الإقليمي نحو أزمة الطاقة العالمية.
ومع ذلك، استغل الحوثيون هذه الحقائق الجيوسياسية لتعزيز الحكم الاجتماعي والسياسي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. قبل الهجمات الأخيرة على أهداف عالمية، كان الحوثيون قد بسطوا سلطتهم بشكل رئيس في شمالي اليمن، بما في ذلك صنعاء.
لكن المرجح أنهم وصلوا إلى حدود توسعهم الإقليمي: رغم الهجمات المتجددة، لم يتمكنوا من السيطرة على مدينة مأرب وحقولها النفطية القيمة، بينما بقي الجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو هيئة سياسية وعسكرية مستقلة تدعمها الإمارات العربية المتحدة.
بعبارة أخرى، أصبحت أهدافهم داخل اليمن الآن مقيدة، ما يترك لهم مجالاً للتمحور وتأكيد قدراتهم العسكرية على المسرح العالمي.
توفر المفاوضات الخلفية الجارية بين الحوثيين والسعودية عنصرًا سياقيًا حاسمًا آخر لفهم هجمات البحر الأحمر. وكجزء من صفقة محتملة مع الرياض، يأمل الحوثيون في الاعتراف بهم بوصفهم سلطة شرعية في اليمن، وفي إنهاء التدخل العسكري السعودي وتقليل تهديد الهجمات التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي، وتلقي المساعدات الدولية لتجنب أزمة اقتصادية.
قد يعتقد الحوثيون أنه من خلال مهاجمة سفن الحاويات وتشكيل تهديد خطير للنظام الاقتصادي الذي يقوده الغرب - والذي تنتمي إليه السعودية - يمكنهم زيادة نفوذهم على طاولة المفاوضات لتأمين أولوياتهم المحلية. ومع ذلك، ظلت الرياض حتى الآن على الحياد لتجنب إثارة هجمات الحوثيين المباشرة على أراضيها.
يدعو اليمنيون المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، إلى إعادة النظر في سياساتهم تجاه البلد الذي مزقته الحرب. ورغم مشاركة الأمم المتحدة، كانت الحرب بالوكالة في اليمن في المقام الأول عبارة عن منافسة بين السعودية والإمارات وإيران، ما أضعف دور الأطراف المحتملة الأخرى المتدخلة.
وبعد ما يقرب من عقد من الزمن، افترض كثر أن هذا الصراع الذي لم يتم حله سيظل معزولا ومُحتوىً داخل اليمن - وهو توقع تم تدميره تماما الآن. ومع إعادة تركيز الاهتمام الدولي على اليمن، هناك إمكانية جديدة لإرساء الأساس للسلام المستدام.
*د. بتول دوغان عكاس باحثة في شؤون الخليج والسياسة الخارجية والاستراتيجيات الأمنية والثقافة السياسية بالخليج.
المصدر | مؤسسة كارنيغيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: اليمن السعودية الإمارات المفاوضات الحوثي البحر الأحمر سفن الحاويات التجارة الدولية المقاومة الفلسطينية الحرب في غزة الأمم المتحدة البحر الأحمر الحوثیین فی داخل الیمن فی الیمن
إقرأ أيضاً:
تكتيك ناري مزدوج .. اليمن يدشن مرحلة جديدة من الهجمات الدقيقة ضد العدو الصهيوني وهذا ما تم الكشف عنه
يمانيون / خاص
أكد الخبير العسكري ، العميد عزيز راشد، أن العمليات المشتركة بين الطيران المسيّر والقوة الصاروخية تمثّل نقلة نوعية في الأداء العسكري اليمني، وتجسّد ما وصفه بـ”القدرة الفاعلة على التخطيط المحكم، والتكتيك المتقن، والتزامن الزمني الدقيق” بين مختلف الأذرع القتالية.
وأوضح راشد في مداخلة لقناة ’’المسيرة’’ أن التنسيق المتكامل بين الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية يعكس مستوى عالٍ من التطور في تقنيات الرصد والتتبع، فضلاً عن دقة اختيار الأهداف، والتي شملت مواقع حيوية كالمعسكرات والقواعد الجوية وغرف التحكم والسيطرة ومبانٍ تكنولوجية تابعة للكيان الصهيوني، إضافة إلى مطار اللد، الذي بات “ضمن مرمى النيران اليمنية الدقيقة” .
وأشار راشد إلى أن هذه العمليات لا تمثل فقط تطورًا عسكريًا، بل تعكس انتقال القوات اليمنية من حالة الحصار الجزئي إلى حالة الحصار الجوي الكامل للعدو ، بالتوازي مع الحصار البحري شبه الكلي المفروض على السفن المتجهة إلى كيان العدو، ما يدل على “قدرة شاملة ومدروسة في التخطيط والتنفيذ التكنولوجي”.
وأضاف العميد راشد أن هذه الاستراتيجية العسكرية تأتي في سياق الضغط المتواصل على الكيان الصهيوني، بهدف حمله على القبول بالشروط الإنسانية والبنود الدولية ، ملوحًا بأن استمرار رفض هذه الشروط سيقابله “حصار مؤلم ومتواصل” .
وتتزامن هذه التصريحات مع ما أعلنه رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، قبل يومين، حول تشديد الإجراءات العسكرية والاقتصادية ضد العدو، في إطار “دعم الشعب الفلسطيني ورفض العدوان على غزة”.