صواريخ ملتبسة.. ماذا يجري بين حزب الله و حماس؟!
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
خلال خطابه الأخير أوّل من أمس، لم يتحدَّث الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على الإطلاق عن أي أمرٍ يرتبط بوضع حركة "حماس" في لبنان ولا عن الإستهدافات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت قياداتها وآخرها في بلدة جدرا – إقليم الخروب، حيث حاولت إسرائيل عبر طائرة مسيرة اغتيال القيادي في الحركة باسل الصالح من دون أن تنجح في ذلك.
الأمر الذي حصل من جهة نصرالله كان لافتاً، فما جرى في إقليم الخروب يحمل بُعدين أساسيين، الأول وهو أن القصف الإسرائيلي حصل في عمق الأراضي اللبنانية بعيداً عن الحدود، فيما البعد الثاني يرتبط بملاحقة قادة "حماس" في لبنان، وهو الأمر الذي كان نصرالله شخصياً حذر من تبعاته الخطيرة. أن يتجنب نصرالله الحديث عن إستهداف الصالح الذي كان على إرتباطٍ كبير بالقيادي في "حماس" الراحل صالح العاروري والذي اغتالتهُ إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت مطلع العام الجاري، إنما يمكن تفسيره على محورين: الأول وهو أن نجاة الصالح من الإغتيال يمكن أن يكون سبباً لعدم إثارة أي أمر بخصوصه. أما المحور الثاني فيرتبط بمحاولة "حزب الله" تجنّب فتح أي نقاش جديد بشأن وضعية "حماس" عسكرياً في لبنان. في الواقع، فإن ما حصل يوم أمس عند الحدود من خلال قصف صفد وعدم تبني "حزب الله" تلك الضربة بواسطة صواريخ قالت إسرائيل إنها "دقيقة"، إنما يثير تساؤلات عن الجهة التي من الممكن أن تقف وراءها. "الصواريخ الملتبسة" قد تحمل بصمات "حماس" طالما أن الأخيرة "ناشطة" نوعاً ما في ميدان الجنوب، لكن الأخيرة لم تنفِ أو تؤكد هذا الأمر رغم بعض الكلام الذي طُرح في هذا الإطار. أمام كل ذلك، تأتي التساؤلات الأساسية المرتبطة بعلاقة "حماس" بـ"الحزب".. فإلى أين وصلت؟ ما هو وضعها الآن؟
قد يكون من مصلحة "حزب الله" حالياً الإبتعاد إعلامياً عن كل ما يرتبط بـ"حماس" في لبنان، لاسيما أنّ دورها بات يتجه نحو "المحدودية" بالنسبة للحزب. السبب في هذا الأمر هو أن الأخير بات يحاول إعادة ضبط نفوذ الحركة في الداخل منعاً لتمددها أو توسعها أكثر من اللازم ، فالملاحظات على هذا الأمر كانت عديدة وكثيرة وقد تلقفها الحزب من أكثر من طرفٍ أمني وسياسي. من مصلحة الحزب حالياً المضي بإتجاه عدم السماح بـ"تمدد حماس"، فالمسؤولية تقتضي ذلك. في حال تمّ النظر قليلاً بالبعد الإستخباراتي، فإن من أولويات "حزب الله" اليوم، الحفاظ على ساحته الداخلية محمية وعدم تعرضها لأي خروقات. ضمنياً، فإن عملية إغتيال العاروري كانت شاهدة على حصول خروقات غير محسوبة وتحديداً داخل الضاحية. كل ما حصل توقف الحزب عنده، وبات الأخيرُ يفكر جدياً منذ قصف الضاحية بتحصين جبهته إستخباراتياً كون وجود عناصر مخروقة في بيئته، لا يشكل ضرراً على "حماس" فحسب، بل أيضاً عليه بشكل أساسي. إنطلاقاً من هذه المشهدية، أصبح لزاماً على الحزب النأي بنفسه ولو قليلاً عن الضربات التي قد تتلقاها "حماس"، لاسيما أن ذلك سينعكس عليه أقله ضمن الحاضنة الشعبية. بسبب كل ذلك، يمكن أن يرى الحزب نفسه "غير معني" بشكل مباشر بأي شخصية أخرى لـ"حماس" قد يجري إستهدافها في لبنان. بكل واقعية، فإن الشخص الذي كان الحزب ينسق معه وهو العاروري، قد بات في عداد الشهداء، بينما القادة الآخرون الذين يمسكون بزمام الحركة في لبنان، هم من الصف السياسي غير المرتبط بالمنحى العسكري الذي كان العاروري ممسكاً به وينسق مع "حزب الله" بشأنه. إضافة إلى ذلك، فإنّ الضربة التي تلقتها صفد يوم أمس، قد تساهم في إحراج "حزب الله"، في حال لم يكن هو المسؤول عنها. وإذا كانت "حماس" هي التي نفذتها، عندها فإنّ التوريط قد وقع، وبالتالي فإن ما حصل يمكن أن يشكل بوابة لفرض ترتيب فعلي وعلني لكل ما يجمع "حماس" بالحزب أقله ميدانياً على أرض الجنوب. فعلياً، فإن الضربة كانت موجعة للإسرائيليين، كما أنها كلفت ثمناً باهظاً ضد المدنيين في لبنان. المشكلة هنا أن "حماس" قد لا تُقر بمسؤولية الضربة في حال كانت هي التي تقف وراءها، كما أن "حزب الله" لن يندفع إلى نفي مسؤوليته كي لا يقال إن ميدان الجنوب بات مستباحاً من دون ضوابط. المسألة هنا خطيرة جداً وتحتاج إلى تبصّر، خصوصاً أن إسرائيل اعتبرت ما حصل بمثابة "إعلان حرب".
لهذه الأسباب وغيرها، قد يرى الحزب نفسهُ أنه أدّى قسطه حتى النهاية بشأن "حماس"، فهو ردّ على إغتيال العاروري، الرجل الأهم بالنسبة إليه. أما بالنسبة لأي عمليات أخرى قد ينفذها الحزب في إطار الردود، فلا تحصل إلا بعد تقييم الموقف المرتبط بالحادثة وبحسب حيثياتها، وعما إذا كانت تستأهل رداً عنيفاً أو حاسماً. كذلك، يمكن القول إن الحزب بات اليوم في مرحلة يحتاج فيها أكثر من أي وقتٍ مضى إلى ضبط "حماس" ميدانياً، خصوصاً وإن حاولت الأخيرة تصعيد عملياتها في جنوب لبنان رداً على ما يجري في رفح. في خلاصة القول، حتى وإن قامت إسرائيل بإستهداف قادة "حماس" في لبنان مجدداً، فإن "حزب الله" قد يكتفي بالرد الموضعي حفاظاً على ماء الوجه، وما يظهر هو أنه قد لا يدخل بأي ترتيبات تساهم في تقوية الحركة داخل لبنان، على اعتبار أن لهذا الأمر حسابات داخلية أولاً وعسكرية ثانياً في ظل الحديث عن إمكانية حصول تهدئة في غزة قد تنسحب على جبهة جنوب لبنان. بشكل تام، فإن من مصلحة الحزب اليوم "إنكفاء" حماس في لبنان لأن أي "توريطة" من قبلها ستؤدي إلى خلط الأوراق التي لا يريد "حزب الله" خسارتها.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذا الأمر الذی کان فی لبنان حزب الله ما حصل
إقرأ أيضاً:
كاتبة إسرائيلية: الدولة التي تتخلى عن مختطفيها لدى حماس ليست بلدي
رغم أن من تبقى من الأسرى الإسرائيليين الأحياء لدى المقاومة في غزة هم 22 أسيرا، وهو ما تحاول حكومة الاحتلال تقليل حجم الكارثة على رأيه العام، لكن الحقيقة أن هذه الكارثة أفظع وأشمل مأساة عرفتها الدولة، لأنها ليست مجرد اختطاف تتصاعد منها رائحة خانقة، بل تدميرٌ لصورة الدولة من الأساس، ولن تعود كما كانت أبدا.
عنات ليف-أدلر الكاتبة الإسرائيلية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكرت أن "ما يمر به الإسرائيليون هذه الأيام بخصوص استمرار احتجاز المختطفين لدى حماس في غزة يذكرها برواية "1984" للكاتب الشهير جورج أورويل، التي تُنبئ بالمستقبل بطرق مُرعبة، وتجعل الإسرائيليين يعيشون أجواء كوابيس ومخاوف لا تتوقف، بهدف تحطيم روحهم، لأنه لم يكن يصدق أحدا منهم أن المختطفين سيبقون في الحجز منذ خريف 2023 وحتى صيف 2025".
وأضافت في مقال ترجمته "عربي21"، أن "استمرار كارثة المخطوفين بدون حل هو الكابوس الذي يطارد الغالبية العظمى من الإسرائيليين ليلًا نهارًا، وهم يرون أمام أعينهم كيف تُفكك الدولة، القائمة على قيم المسؤولية المتبادلة، وتُجرد من جوهرها، وعلى مدى قرابة ستمائة يومًا، يتخلّى أصحاب السلطة عن مختطفين أحياء، نجوا بأعجوبة حتى هذه اللحظة، ويرسلون إشارات الحياة من أعماق أنفاق التراب والرطوبة والجوع والظلام والموت".
وأشارت إلى أن "هذه المأساة الشخصية لا تقتصر فقط على 22 عائلة إسرائيلية، كما صرّح أحد عرّابي النظام الحاكم، بل هي أفظع وأشمل مأساة وطنية عرفناها، لم تنبعث منها فقط رائحة كريهة وخبيثة تُخنق الأرواح، بل دمارٌ لصورة الدولة كما عرفناها، وتربينا عليها، لكنها لن تعود كما كانت أبدًا، دولة نشك في قدرتنا على مواصلة الانتماء إليها، حين نستيقظ على ذلك الصباح الأسود الذي ستُعلّق فيه علامات العار على أحزمتنا وأرواحنا، نتيجةً لاقتحام الأرض الذي بدأ فجر السابع من أكتوبر".
وأوضحت أن "احتمالية اجتياح قطاع غزة بين حين وآخر قد يُسفر، بنسبةٍ عاليةٍ جدًا، عن مقتل المخطوفين، الذين سيُدركون في لحظاتهم الأخيرة من الرعب والألم أن الدولة لم تبذل كل ما بوسعها لإنقاذهم، وستبقى علامات العار تتردد في آذانهم منذ عام ونصف وإلى الأبد، وهم يعانون خطر الموت الوشيك، رغم أن الحكومة تدرك أن المختطفين الأحياء في خطر داهم، وسياستها الحالية تقضي عليهم، وكل قصف في غزة، وكل تأخير في إطلاق سراحهم يزيد من هذا الخطر".
ولفت إلى أنه "وفقًا لشهادات ناجين من الأسر، كلما اقتربت المعارك من مناطق احتجاز الرهائن، ازداد شعور الخاطفين بالتهديد، وزادت ردود أفعالهم الاندفاعية وغير العقلانية، كما يُبدّد النشاط العسكري فرصة إعادة الجثامين المحتجزة، الذين قد يختفون للأبد بسبب صعوبة تحديد أماكنهم، والتعرف عليهم، وانهيار الأنفاق، وتغيرات التضاريس، وتفكك التسلسل القيادي في حماس، ونقص المعلومات الاستخبارية المُحدثة، وهذا ما كتبته قيادة عائلات الرهائن في وثيقة موقف أرسلتها للحكومة والجيش".
وأكدت أنه "حان الوقت للاختيار بين إنقاذ المختطفين في غزة، أو التخلي عنهم، لأن الدولة التي لا تُعيد رهائنها من الجحيم ليست وطني، لأنها فشلت باتخاذ الإجراء الإنساني والأخلاقي واليهودي والإسرائيلي المطلوب لمدة ستمائة يومًا، ولم تُعِد رهائنها في صفقة شاملة واحدة؛ بل تعيد للمعركة جنودا يعلنون أن قوتهم قد استنفدت، وبعد جولات متزايدة من مئات الأيام في كل منها، يهددهم قادتهم بإرسالهم للسجن إذا لم يظهروا للدفاع عن استمرار ولاية الحكومة الخبيثة، التي باتت تسحق كل مبادئ الدولة تحت وطأة أدواتها التدميرية".