أمين “البحوث الإسلامية” للطلاب الوافدين: الأزهر الحصن الحصين والبيت القوي المتين
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات حفل استقبال طلاب إندونيسيا الجدد؛ وذلك بحضور د. محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، ود. نهلة الصعيدي مستشار فضيلة الإمام لشؤون الوافدين، ود. محمد زعيم نائب السفير الإندونيسي بالقاهرة، وعدد من ممثلي سفارة إندونيسيا.
الأزهر الحصن الحصين والبيت القوي المتينوقال الأمين العام لـ البحوث الإسلامية خلال كلمته التي ألقاها إن هذا اللقاء يأتي في وقت تمر فيه البشرية بأزمات عديدة ومشكلات كثيرة ولعل من أولاها وأولاها ما يحاك بعالمنا العربي والإسلامي، مؤكدًا على عظم المسؤولية وثقل للمهمة التي انتدبهم الله تعالى لها والتي جاءوا من أجلها قاصدين مصر من خلال الازهر الشريف.
أضاف عياد أن المسؤولية الثقيلة التي يقوم بها العلماء وأصحاب الرسالات؛ حيث اقتضت سنة الله سبحانه وتعالى أن يكون أكمل الناس في الخلقة وفي الخلق وسمو الوجهة والمقصد والهدف الأنبياء والرسل، لإيصال ما أمر الله عز وجل به إلى الخلق وبها عرفت النبوة بأنها كون الإنسان مبعوث من الحق إلى الخلق لأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وإرشادهم إلى تحقيق مناط الخلافة ومواضع الاستخلاف واستكمال العمران وتشييد البنيان، موضحًا أن الله عز وجل جعل للأنبياء والرسل ورثة يقومون بمهام النبوة وواجبات الرسالة، أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عندما بين أن العلماء ورثة الأنبياء، وأن الأنبياء لم يورثوا درهمًا أو دينار وإنما ورثوا العلم فمن أخذه ينبغي أن يأخذه بحظ وافر وجهد كبير.
وخاطب الأمين العام الطلاب قائلا: إننا إذا كنا نلتقي بكم احتفاء واحتفالا واستقبالا بقدومكم إلى مصر الأزهر الشريف للدراسة في هذا المعهد العتيق وهذه الجامعة العريقة وهذا البيت المعمور بالعلم والمعرفة والعلماء والمفكرين فإن هذا يقتضي منكم عدة أمور، الوقوف على الهدف الذي تركتم من أجلة الأهل والخلان والأصحاب وأتيتم من بلادكم إلى مصر فتحديد الهدف من أولى الأمور التي ينبغي العناية بها وأن يكون أمام كل واحد وواحدة منكم ما جاء من أجله لأن الانسان إذا ما فقد هدفه فقد صوابه وإذا ما فقد صوابه عاش حياته سدى لا قيمه لها ولا أثر ولا تأثير مع أن ذلك يتناقض مع مراد الله تعالى من خلقه لعباده، مؤكدًا على أهمية استشعار المسؤولية والشعور بحقوق هذه المسؤولية فالله تبارك وتعالى انتدبكم للدراسة في الأزهر الشريف لجملة من العلوم الجامعة بين مراد الله تعالى ومراد الخلق بين تحقيق مقصد الشارع وبين مقصد الإنسان بين علوم الدين وعلوم الدنيا بين علوم العقل والنقل، وهذه أمور ينبغي أن تكون حاضرة لدى كل دارس ودارسة في الأزهر الشريف بل وفي كل ميدان من ميادين البحث والدراسة لأن الوقوف على المسؤولية والاستشعار لهذه المسؤولية يجعل الإنسان أولا مستحضرا لربه، والوقوف أمام المسؤولية يكون بمثابه الحادث أو الضابط الذي يحول بين الإنسان وبين الخروج عن مقصده وبين الخروج على هدفه الذي خطه لنفسه وبين الخروج على القيم والعادات والاصول المتعارف عليها.
وختم عياد كلمته للطلاب بأن عليهم الشعور بالفخر أن وجههم الله تبارك وتعالى لقبلة تهفو إليها العقول، الأزهر الشريف ذلكم الحصن الحصين والبيت القوي المتين لأنه شيد على أساس مستقيم فمن قصده ينبغي أن يكون عارفا بما له من حقوق وما يلزم له من واجبات وما يحصنه من فوائد ومنافع وما يتغلب به على معضلاته ومشكلات، ناصحًا لهم أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن يتقوا الله في عقولهم وفي دينهم وفي أموالهم وفي أعراضهم وفي أوطانهم وفي أنفسهم، فهذه أمور لا يمكن غض الطرف عنها سيما إذا كان الدارس يدرس في مؤسسة أراد الله لها أن تكون قائمة على أمر الدين ومن بين أمور الدين حفظ هذه المقاصد والتي لا يتحقق الحفظ لها الا بالمدارسة للدين والوقوف على أسراره ومعرفه أحكامه وبيان مقاصده ومراميه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر البحوث الإسلامية طلاب إندونيسيا نهلة الصعيدي نظير عياد الأزهر الشریف أن یکون
إقرأ أيضاً:
“المصمك”.. ذاكرة الوطن بلغة المتاحف الحديثة
يُخلد متحف قصر المصمك مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، حاضرًا في وجدان الوطن وتاريخه المجيد، شامخًا منذ شُيد عام (1282هـ – 1865م) في عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، ولا يزال حتى يومنا رمزًا عريقًا، وأيقونة لمرحلة التوحيد والبناء.
ويواصل “المصمك” رسالته التثقيفية والوطنية تحت إشراف وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة المتاحف، عقب الانتهاء من أعمال تحديث شاملة شملت تأهيل المبنى وترميمه وتطوير بنيته التحتية، بوصفه أحد أبرز المعالم التاريخية التي شهدت تحولات مفصلية في تاريخ المملكة، وإسهامًا في تعزيز المشهد الثقافي الوطني، وفق المعايير الحديثة لإثراء تجربة الزائر للمتاحف.
وأطلق المؤرخون أسماء عدة على “المصمك” منها: الحصن، والقلعة، والحصن الداخلي، والمسمك، والمصمك، غير أن الاسم الأخير هو الأكثر تداولًا، ويرى بعض الباحثين أن التسمية تعود إلى “سماكة جدرانه وقوة تحصينه”، مما جعله حصنًا دفاعيًّا بارزًا في المنطقة.
ويحظى بأهمية استثنائية في تاريخ المملكة، فقد شهد في فجر الخامس من شوال عام (1319هـ)، الموافق (15) يناير (1902م)، لحظة حاسمة باسترداد الرياض من قبل الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، إيذانًا ببدء مسيرة التوحيد الكبرى، وعلى فترات متعاقبة استخدم الحصن مستودعًا للأسلحة والذخائر مدة سنتين، إلى أن تقرر ترميمه، وتحويله إلى معلم تاريخي وتراثي يعكس أمجاد الماضي.
ويمتد قصر المصمك على مساحة (3885 م2)، في حي الثميري وسط الرياض، وشُيّد من الطين المخلوط بالتبن، ووضعت أساساته من الحجر، واستخدم الطين لتلييس الجدران من الخارج، أما من الداخل فاستخدم لها الجص.
وقُسم “المصمك” في بنائه إلى طابقين موزعين إلى قسمين، ويضم نحو (44) غرفة، يتألف الطابق الأرضي من (6) أفنية تحيط بها الغرف السفلية والعلوية، وله مدخلان، كما يضم مجلسين ومسجدًا وبئرًا للمياه، إلى جانب (3) أجنحة سكنية ومقرٍ للخدمات، استخدم أول الأجنحة لإقامة الحاكم، والثاني كان بيتًا للمال، وخُصص الأخير لنزول الضيوف. أما الدور الأول فيحتوي على روشن ومجلس، وغرف عدة مطلة على الفناء الرئيس.
وزُخرفت جدران المصمك بفتحات ذات أشكال مثلثة ومستطيلة، وظهرت على جدران الغرف الداخلية زخارف جصية على هيئة مثلثات ودوائر، ورسومات بسيطة مستوحاة من عناصر البيئة المحيطة، كالنخيل والنجوم والأهلّة، وتتميز الجدران الخارجية بنتوءات تسمى “طرمات”، وهي فتحات ذات بروز خشبي تشبه الصندوق، استخدمت للمراقبة.
ويضم الحصن معالم بارزة من بينها البوابة الغربية المصنوعة من جذوع النخل والأثل، ويبلغ ارتفاعها (3.60)م، وعرضها (2.65)م، وبها فتحة صغيرة تُعرف بـ “الخوخة”، كما يحتوي على مسجد داخلي يتوسطه عدد من الأعمدة، ومحراب مجوف، ومجلس تقليدي بديكورات نجدية، إضافةً إلى “بئر” تقع في الركن الشمالي الشرقي، وأربعة أبراج دفاعية في أركانه، وبرج خامس مربع الشكل يُعرف بـ “المربعة” يطل على كامل المبنى.
وفي عام (1400هـ)، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، أمير منطقة الرياض آنذاك، بالمحافظة على الحصن وترميمه؛ ليكون معلمًا وطنيًّا يعكس مرحلة مهمة في تاريخ المملكة، حيث نفذت أمانة منطقة الرياض مشروع الترميم الكامل في عام (1399هـ)، وسلمته للإدارة العامة للآثار والمتاحف آنذاك عام (1403هـ)، ثم وجه -رعاه الله- بتحويله إلى متحف متخصص يحكي مراحل تأسيس المملكة وتوحيدها، وافتُتح رسميًّا في (13) محرم (1416هـ) الموافق (11) يونيو (1995م).
ويحتوي المتحف على أقسام متنوعة، من بينها قاعة اقتحام المصمك التي تسرد المعركة التاريخية، وتعرض خرائط، وأسلحة قديمة، وصورًا نادرة، إضافةً إلى قاعة العرض المرئي التي تقدم فيلمًا وثائقيًا بلغتين، وقاعة الرواد التي تحتفي بالرجال الذين شاركوا في استرداد الرياض، وقاعة الرياض التاريخية التي توثق مراحل تطور المدينة عبر خرائط وصور تاريخية، علاوةً على “فناء البئر” الذي يعرض أدوات تراثية، ومدافع استخدمت في الجيش، وقاعة حصن المصمك التي تحتوي على مجسمات، ولوحات تعريفية، وقاعة استخدامات المصمك التي تقدم لمحة عن تحولات استخدام الحصن عبر العصور، إلى جانب خزائن تحتوي على أسلحة، وملابس تراثية، وأدوات بناء قديمة.