رغم أن الزواج خارج إطار "محكمة الأحوال الشخصية"، التي تنظم جميع الشؤون الأسرية للمسلمين في العراق، ممنوع بموجب المادة العاشرة من "قانون الأحوال الشخصية" لسنة 1959، فإن هذا النوع من الزواج لا يزال يتم على نطاق واسع، مما يؤدي إلى عواقب كارثية تؤثر على قدرة النساء والفتيات على الحصول على خدمات حكومية واجتماعية، فضلا عن آثار لاحقة على أطفالهن، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.

 

وقالت المنظمة إن رجال الدين في العراق يعقدون آلاف الزيجات سنويا، بما فيها زيجات الأطفال، التي تخالف القوانين العراقية وغير المسجلة رسميا، معتبرة أن "هذه الزيجات تنتهك حقوق النساء والفتيات، وقد تجعلهن في أوضاع هشة دون دعم اجتماعي أو مالي". 

"زواجي كان غلط"

ويوثق تقرير "’زواجي كان غلط بغلط.. أثر الزواج خارج المحكمة على حقوق النساء والأطفال في العراق"، الصادر في 37 صفحة، آثار الزيجات غير المسجلة على النساء والفتيات اللواتي يعقد قرانهن، والآثار اللاحقة على أطفالهن. 

وبين يناير وأكتوبر 2023، صدقت المحاكم العراقية في جميع أنحاء البلاد على 37 ألفا و727 زواجا تم خارج إطار المحاكم، مقارنة بنحو 211 ألف زواج مدني. 

وتشير المنظمة إلى أن الناس في كثير من الأحيان، يختارون الزواج غير المسجل للتحايل على شروط الزواج الواردة في قانون الأحوال الشخصيّة، وخاصة القيود المفروضة على زواج الأطفال والزواج القسري وتعدد الزوجات. 

وفي حالات أخرى، قد يرفض الزوج الزواج وفق القانون لتجنب دفع النفقة الزوجية في حالة الطلاق. 

وتلفت الانتباه في التقرير إلى أن العراقيين الذين عاشوا في مناطق سيطر عليها "داعش" بين 2014 و2017 وتزوّجوا هناك، حصلوا فقط على عقود زواج من التنظيم، وهي غير معترف بها من الدولة العراقيّة.

ووفقا للمنظمة، ارتفعت معدلات زواج الأطفال في العراق بشكل مستمر على مدى العقدين الماضيين.

وتقول المنظمة إنها وجدت أن "الزيجات غير المسجلة تخلق ثغرة في القيود القانونية على تزويج الأطفال، وتؤدي إلى آثار كارثية على قدرة النساء والفتيات على الحصول على الخدمات الحكومية والاجتماعية المرتبطة بأحوالهن الشخصية، واستصدار وثيقة ولادة لأطفالهن، أو المطالبة بحقهن بالمهر، والنفقة الزوجية، والميراث". 

ويحدد قانون الأحوال الشخصية السن القانونية للزواج بـ18 عاما، أو 15 عاما مع إذن من القاضي، بحسب "البلوغ الشرعي والقابلية البدنية"، "وهو ما يوفر فعلا ثغرة قانونية ومخالفة للقانون الدولي والممارسات الفضلى"، بحسب هيومن رايتس ووتش التي تشير إلى وجود حالات مسجّلة لرجال دين يسمحون بزواج فتيات لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات. 

وبحسب "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" (يونامي)، فإن 22 في المئة من الزيجات التي تتم خارج المحاكم هي لفتيات قاصرات، دون سنّ 14 عاما.

ومن دون عقد زواج مدني، لا تتمكن النساء والفتيات من الولادة في المستشفيات الحكومية، ما يجبرهن على اختيار الولادة في المنزل حيث لا تتوفر خدمات التوليد الطارئة بما يكفي. يزيد ذلك خطر التعقيدات الطبية التي تهدد حياة الأم والجنين معا، لا سيما عندما تكون الأم نفسها طفلة، وفقا لهيومن رايتس ووتش.

بدون أوراق

وفي إحدى الحالات التي يعرضها التقرير، امرأة كانت تزوجت في سن الـ14، وحملت بعدها بوقت قصير. 

وتقول المرأة: "هجر زوجي عائلتنا وأخذ بطاقة هويتي وعقد زواجنا الديني معه. كنت صغيرة جدا، واضطررت إلى الولادة في منزل والدتي مع قابلة قانونية، لأنني لم أتمكن من الذهاب إلى المستشفى". 

لم تتمكن المرأة من استصدار الوثائق لطفلتها التي صارت في سن الـ16 عاما الآن، ولا تزال من دون وثائق ثبوتية". 

وقالت ابنتها: "عدم حصولي على أوراق ثبوتية يؤثر كثيرا على نفسيّتي. لا يمكنني الذهاب إلى أي مكان ولا أشعر بالأمان إطلاقا".

وعندما سئلت كيف ستتغير حياتها إذا ما حصلت على أوراقها الثبوتية، أجابت: "ستسمح لي بالذهاب إلى المدرسة، وأن أشعر بمواطنيتي في وطني. مقارنة مع الآخرين، قد تكون طموحاتي متواضعة. أريد الحصول على بطاقة هوية، وأن أذهب إلى المدرسة، وأنال شهادة، وفي نهاية المطاف وظيفة".

وتشير المنظمة إلى أن هذا الزواج مقبول عرفا على أنه زواج صحيح، إلا أنه لا يصير ساريا من الناحية القانونية إلا بعد تسجيله لدى محكمة الأحوال الشخصية، وحصول الزوجين على عقد زواج مدني.

وتقول: "في الزيجات التي يكون فيها أحد الزوجين أو كلاهما قاصرا ويتقدّمان إلى المحكمة للتصديق على زواجهما، يجد القضاة أنفسهم أمام الأمر الواقع، وغالبا ما يختارون تسجيل زواج القصر". 

ولا توجد بنود في قانون الأحوال الشخصيّة العراقي تعاقب رجال الدين الذين يعقدون زيجات خارج إطار المحكمة، حتى في الحالات التي تكون الزيجات فيها مخالفة للقانون، ما يمكن رجال الدين من خرق القانون العراقي دون محاسبة، بحسب التقرير. 

وتشير المنظمة إلى أنه يمكن رفع دعاوى قضائية على رجال دين باستخدام المادة 240 من "قانون العقوبات" العراقي، التي تعاقب كل شخص يخالف أمرا صادرا عن جهة رسميّة، لكن المدّعين العامين لم يستخدموا هذه المادة قط.

وقالت باحثة العراق في هيومن رايتس ووتش، سارة صنبر: "ينبغي للسلطات العراقية الاعتراف بأن الزيجات غير المسجلة تفتح المجال لتزويج الأطفال على نطاق واسع. كما عليها اتخاذ خطوات لإنهاء هذه الممارسة وعدم ربط حصول النساء والأطفال على خدمات أساسية، مثل الأوراق الثبوتية والرعاية الصحية، بأحوالهم الشخصية". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النساء والفتیات الأحوال الشخصیة قانون الأحوال غیر المسجلة رایتس ووتش فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

التوازن بين العمل والحياة الشخصية

 

 

د. خالد بن علي الخوالدي

 

رائع جدًا أن يكون الإنسان مخلصًا في عمله، ويتفانى بجدٍ في إظهار ولائه وانتمائه لمؤسسته التي ينتمي لها، ويُحقق فيها أهدافه ومبتغاه في كسب الرزق الحلال، الذي يُطعِم منه أهله وعائلته، والأروع ألا يكون هذا على حساب الحياة الشخصية وحياة الأسرة والعائلة والأولاد؛ فمع تزايد متطلبات العمل وضغوط الحياة اليومية، أصبح من الضروري التفكير في كيفية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية لضمان الصحة النفسية والجسدية، وتحقيق النجاح في الحياة العملية والاجتماعية.

ولا شك أن التوازن بين العمل والحياة الشخصية يُمثِّل عنصرًا أساسيًا في تحقيق السعادة والرضا؛ فعندما يُبالغ الفرد في العمل، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور بالإرهاق والضغط النفسي، مما يُؤثِّر سلبًا على الأداء في العمل والعلاقات الشخصية التي يتعامل معها، في المقابل عندما يتمكن الفرد من تخصيص وقت كافٍ للعائلة والهوايات والراحة، يُصبح أكثر إنتاجية وإبداعا في عمله.

ومن وجهة نظري المتواضعة أرى أنَّ الموظفين الذين يتمتعون بتوازن جيِّد بين العمل والحياة الشخصية يميلون إلى الشعور بالسعادة والرضا الوظيفي، وبأنهم أكثر ولاءً لمؤسساتهم ويحققون نتائج أفضل، لذا فإنَّ التوازن ليس فقط في مصلحة الأفراد؛ بل هو أيضًا في مصلحة المؤسسات التي تسعى لتحقيق نتائج إيجابية.

وعليه.. فإنَّ على المسؤولين في بيئة العمل النظر بعين الاعتبار إلى الموظفين على أنهم بشر لهم طاقة معينة وإمكانيات محدودة ولهم ارتباطات أسرية وعائلية، ففي سابق الزمان كان الموظف يحمل معه ملفاته إلى البيت حتى يُنجز ما تبقى له من مسؤوليات، وعندما يرجع بدون ملفات تفرح الأسرة ويتنفس الأولاد تنفس الراحة، أما اليوم فإنَّ التكنولوجيا الحديثة ورغم فوائدها، قد جعلت من الصعب الفصل بين الحياة المهنية والشخصية؛ فالبريد الإلكتروني والهاتف الذكي لا ينفصلان عن الحياة الشخصية؛ مما يجعل من السهل على الموظفين العمل حتى في أوقات الفراغ.

ولتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، يجب على الموظفين اتخاذ خطوات فعالة منها تحديد الأولويات في عمله وكيف ينتهي منها في الوقت المناسب، وعلى ضوء هذه الأولويات يضع وقت للعائلة والهوايات والرياضة، وهنا تبرز قضية مهمة في استثمار الوقت بشكل جيد يساعد على تحقيق التوازن من خلال وضع جدول زمني واضح يحدد ساعات العمل وأوقات الراحة من خلال تنظيم يومه بطريقة أكثر فاعلية، ومن المهم إنشاء حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية بتخصيص مساحة عمل محددة، والابتعاد عن العمل في أوقات الراحة، وعدم النظر إلى رسائل العمل خارج ساعات العمل، وضروري جدا الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية بممارسة الرياضة والتأمل فهي تساعد في تخفيف الضغوط وزيادة الشعور بالسعادة.

إنَّ التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو ضرورة حيوية لضمان الصحة النفسية والجسدية، وتحقيق النجاح في الحياة، من خلال اتخاذ خطوات فعالة وتبني استراتيجيات مناسبة، يمكن للأفراد تحقيق هذا التوازن، مما يؤدي إلى حياة أكثر سعادة وإنتاجية، في نهاية المطاف فإنَّ النجاح الحقيقي لا يتمثل فقط في إنجازات العمل، بل أيضًا في القدرة على الاستمتاع بالحياة بكل جوانبها.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • قبل الامتحانات .. أضرار كارثية لـ مشروبات الطاقة للطلاب
  • اتركوا مساحة بعد الـ12.. عواقب تدخل الأهل الزائد في حياة الأبناء| فيديو
  • بالفيديو: جوليان أسانج يرتدي قميصًا يحمل أسماء آلاف الأطفال الذين استشهدوا في غزة
  • في نص ساعة.. أسرع طريقة لاستخراج البطاقة الشخصية 2025
  • التوازن بين العمل والحياة الشخصية
  • صراعات بأركان محكمة الأسرة.. العقوبة القانونية لمن يمنع الأب من رؤية أطفاله
  • إيران: صرف قروض للزواج ودعم الإنجاب
  • بزشكيان:العلاقة مع العراق “زواج دائم وليس متعة”!!
  • بالفيديو.. مختص يوضح أبرز العوامل التي تؤدي لانتشار الصداع بين الأطفال والمراهقين
  • ذكرى وفاته.. زيجات سمير صبري وقصة رحيله