6 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: تسير كربلاء هذه الأيام على إيقاع منسجم، كأن المدينة أعادت ضبط نبضها على وتيرة الزائرين، بقلوب مفتوحة وطرقات بلا قطوعات، كما وصفها رئيس لجنة العشائر والمناسبات الدينية في مجلس المحافظة محمد المسعودي. فالوضع الأمني مستقر، والمداخل الثلاثة تتنفس الزحف البشري بسلاسة، كأنما كربلاء كلها قررت أن تصبح دربًا لخطى العاشقين.

وتتناثر المواكب الحسينية كأزهار شتوية نبتت في صيف محرم، 740 موكبًا مسجلًا رسميًا داخل المدينة القديمة، ومئات غيرها تمد ذراعيها في الأزقة والأحياء، تقدّم الماء على حافة العطش، والطعام عند أول تعثّر بالجوع، وكأن كل مواطن تحوّل إلى خادم، وكل دار إلى مأوى، فيما المدارس بدورها فتحت أبوابها لا للتعليم هذه المرة، بل للإيواء والدعم.

ويتجلى مشهد التكافل الشعبي كأحد أعمدة الطقوس غير المكتوبة. فالمسعودي أشار إلى تمازج الجهود الرسمية والشعبية كما لم يحدث من قبل، تنسيقٌ يليق بالذكرى، ويرفع منسوب الأمان في لحظة كثافة بشرية ووجدانية معقدة.

وفي ليلة العاشر، حين يتقاطع الزمان بالمأساة، تنقلب الليالي إلى خنادق روحية، تتوزع فيها العيون بين النواح والصمت. فنساء الجنوب وبغداد وكركوك وديالى وبابل والمحافظات الاخرى، يتنادين للمجالس، لاطمات باكيات، وكأن قلوبهن بوصلة تقودهن نحو الحسين دون التباس.

وفي أغلب العزاءات، تُشعل المشاعل وتُرفع السيوف في مشهد يشبه العهد الأول، حيث الطف لم تنتهِ بعد.

وتتكرر مشاهد الطفولة الحسينية ببساطتها العميقة: الطفلة زهراء تؤسس موكب “دمعة رقية”، والفتى إبراهيم يقيم موكب “ساقي عطاشى كربلاء”، مشروبات خفيفة وبسكويت ومعجنات، لا أكثر، لكنها تحمل في ذراتها من الرمزية ما يعجز الكبار عن تجسيده. فهنا لا دعم خارجي، لا مظاهر فخمة، فقط براءة تنسكب في قدح ماء.

ويظل كل هذا الامتداد الحسيني مشدودًا بخيط الذاكرة الجمعية،العراقية التي تجمع كل الاطياف.

تمضي كربلاء، لا تغفو. ولا تنسى. ولا تتراجع عن موعدها السنوي مع الحزن، وكأنها تقول: هنا لا يمر الزمن كما ينبغي له، بل كما يليق بالحسين.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

النقل تحدد محورين للقطارات لنقل زائري كربلاء المقدسة في عاشوراء

شبكة انباء العراق ..

أكدت وزارة النقل، اليوم السبت، جاهزية قطاراتها للمشاركة بنقل الزائرين في العاشر من محرم، فيما حددت محورين للقطارات المشاركة بنقل الزائرين من وإلى كربلاء المقدسة.

وقال مدير إعلام الوزارة، ميثم عبد الصافي للوكالة الرسمية، إن “وزارة النقل أعدت العديد من القطارات، وجهزت جميع الجهود للمشاركة في زيارة العاشر من محرم الحرام”، لافتاً إلى أن “سكك الحديد العراقية جهزت معظم قطاراتها للمشاركة في هذا العام، حيث سيتم ادخال القطارات التي تستدعي الحاجة اليها”.

وأضاف، “ستتم زيادة عدد القطارات أو نقصانها ضمن قراءة عدد الزائرين، وهذا الموضوع يترك لحجم الحجوزات الموجودة على الشركة العامة لسكك حديد العراق، ويعتمد ايضاً على حجم المشاركين في زيارة العاشر من محرم”، مؤكداً أنه “مهما كانت هذه المشاركة نحن مستعدون لها، وعلى محاور متعدد، محور البصرة – كربلاء، أو محور بغداد – كربلاء وبالعكس”.

user

مقالات مشابهة

  • بالصور.. كربلاء بذكرى عاشوراء بعد دعوة وجهها مقتدى الصدر لـإغاظة أعداء الحسين
  • “دمعة رقية” وعطاشى كربلاء.. أطفال في بابل يقيمون مواكب حسينية (صور)
  • من كربلاء إلى الخلود .. مسيرة الإمام الحسين (ع) ملهم الأحرار وثورة العزة والكرامة
  • قوات الأمن المركزي بمحافظة البيضاء يحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • جموع الزائرين تواصل زحفها إلى كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى العاشر من محرم الحرام
  • النقل تحدد محورين للقطارات لنقل زائري كربلاء المقدسة في عاشوراء
  • الطريق إلى الحسين: مواكب تتحدى الزمان والمكان
  • من ميدان المسلة إلى الأوبرا.. جولة وزارية في المدينة التراثية بالعلمين الجديدة
  • الشركة الهندية بمصفى كربلاء توقف التشغيل وتنظم تظاهرة