عمار بن ياسر.. صحابي تألق في مواجهة جيوش الردة والفرس والروم
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
تظل مواقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجا يحتذى به على مر العصور والقرون واختلاف الأزمان، لهم منزلة عظيمة وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة، وهذه الحقوق من الأمور التي تدخل ضمن الاعتقاد فهم أول من أمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، إذ صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وآزروه ونصروه، واتبعوا هديه، وهم أول الذين يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، وينصرون الله ورسوله، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
قصة الصحابي عمار بن ياسر رضي الله عنه:
خرج والد عمار بن ياسر من بلده اليمن يريد أخا له ، يبحث عنه، وفي مكة طاب له المقام فحالف أبا حذيفة بن المغيرة، وزوجه أبو حذيفة إحدى إمائه (سمية بنت خياط) ورزقا بابنهما (عمار)، وكان إسلامهم مبكرا.
العذاب وشأن الأبرار:
المُبَكّرين أخذوا نصيبهم الأوفى من عذاب قريش وأهوالها، ووُكل أمر تعذيبهم إلى بني مخزوم، يخرجون بهم جميعا ياسر و سمية وعمار كل يوم الى رمضاء مكة الملتهبة ويصبون عليهم من جحيم العذاب، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخرج كل يوم الى أسرة ياسر مُحييا صمودها وقلبه الكبير يذوب رحمة وحنانا لمشهدهم، وذات يوم ناداه عمار: يا رسول الله، لقد بلغ منا العذاب كُلَّ مبلغ ، فناداه الرسول صلى الله عليه وسلم: صبرا أبا اليَقْظان، صبرا آل ياسر فإن موعـدكم الجنة.
وبعد أن استقر المسلمون بعد الهجرة في المدينة، وأخذ عمار مكانه عاليا بين المسلمين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه حبا عظيما، يقول عنه صلى الله عليه وسلم : إن عمّارا مُلِىء إيمانا إلى مُشاشه تحت عظامه.
وحينما وقع خلاف عابر بين خالد بن الوليد وعمّار قال الرسول: من عادى عمّارا عاداه الله، ومن أبغض عمّارا أبغضه الله ، فسارع خالد إلى عمار معتذرا وطامعا بالصفح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { اشتاقت الجنّةِ إلى ثلاثة: إلى علي، وعمّار وبلال.
وبلغ عمار في درجات الهدى واليقين ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يُزَكي إيمانه فيقول: « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عَمّار»، وأثناء بناء مسجد الرسـول صلى الله عليه وسلم أخذ الحنان الرسـول الكريـم الى عمار، فاقترب منه ونفض بيده الغُبار الذي كسـى رأسه، وتأمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجه عمار الوديع المؤمن ثم قال على ملأ من أصحابه: وَيْحَ ابن سمية، تقتله الفئة الباغية.
ويسقط الجدار على رأس عمار فيظن بعض إخوانه أنه مات، فيذهب الى الرسول ينعاه، فيقول الرسول -صلى الله عليه سلم- بطُمأنينة وثقة: ما مات عمار، تقتل عماراَ الفئة الباغية .
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم واصل عمار تألقه في مواجهة جيوش الردة والفرس والروم، وكان دوما في الصفوف الأولى، وفي يوم اليمامة انطلق البطل في استبسـال عاصف، وإذا يرى فتـور المسلمين يرسل بين صفوفـهم صياحه المزلزل فيندفعون كالسهام، يقول عبـد الله بن عمـر: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخـرة، وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين أمِـن الجنة تفـرّون ؟ أنا عمار بن ياسر هلُمّـوا إلي، فنظرت إليه فإذا أذنه مقطوعة تتأرجح، وهو يقاتل أشد القتال.
سارع عمر بن الخطاب واختاره واليًا للكوفة وجعل ابن مسعود معه على بيت المال، وكتب الى أهلها مبشرا: إني أبعث إليكم عمَّار بن ياسر أميرا، وابن مسعود مُعَلما ووزيرا، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد ومن أهل بدر.
وجاءت الفتنة ووقع الخلاف بين علي كرم الله وجهه ومعاوية، فوقف عمار الى جانب علي بن أبي طالب مُذعنا للحق وحافظا للعهد، وفي يوم صِفِّين عام 37 هجري خرج عمار مع علي بن أبي طالب وكان عمره ثلاثا وتسعين عاما، وقال للناس: أيها الناس سيروا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يثأرن لعثمان، ووالله ما قصدهم الأخذ بثأره، ولكنهم ذاقوا الدنيا، واستمرءوها وعلموا أن الحق يحول بينهم وبين ما يتمرّغون فيه من شهواتهم ودنياهم، وما كان لهؤلاء سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة المسلمين لهم ولا الولاية عليهم، ولا عرفت قلوبهم من خشية الله ما يحملهم على اتباع الحق، وإنهم ليخدعون الناس بزعمهم أنهم يثأرون لدم عثمان، وما يريدون إلا أن يكونوا جبابرة وملوكا.
ثم أخذ الرايـة بيده ورفعهـا عاليا وصـاح في الناس: والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهأنذا أقاتل بها اليوم، والذي نفسي بيده لو هزمونا حتى يبلغوا سعفات هَجَر، لعلمت أننا على الحق وأنهم على الباطل.
وتحققت نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عمار بن ياسر وهو يجول في المعركة يؤمن أنه واحد من شهدائها، وكانت نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم أمام عينيه: تقتل عماراَ الفئة الباغية.
ولقد حاول رجال معاوية أن يتجنبوا عمَّارا ما استطاعوا، حتى لا تقتله سيوفهم فيتبين للناس أنهم الفئة الباغية، ولكن شجاعة عمار وقتاله كجيش لوحده أفقدهم صوابهم حتى إذا تمكنوا منه أصابوه، وانتشر الخبر، وتذكر الناس نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم فزادت فريق علي بن أبي طالب إيمانا بأنهم على الحق، وحدثت بلبلة في صفوف معاوية، وتهيأ الكثير منهم للتمرد والإنضمام الى علي، فخرج معاوية خاطبا فيهم: إنما قتله الذين خرجوا به من داره، وجاءوا به الى القتال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خالد بن الوليد عمر بن الخطاب معاوية الرسول صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
هل يأثم من ترك صيام يوم عرفة؟.. أمين الإفتاء يحسم الجدل
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال تقول سائلته "أنا مريضة، ولا أستطيع صيام رمضان وأخرج كفارة، فهل يجب أن أخرج كفارة أيضًا عن يوم عرفة إذا لم أصمه؟".
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: "صيام يوم عرفة سنة وليس فرضًا، فلا إثم على من لم يصمه، وخاصة إن كان معذورًا كالمريض. فالصوم فيه مستحب للمقيم القادر، وليس للحاج، إذ لا يُندب له الصيام يوم عرفة".
هل لو عندى مرض أو مشكلة أصارح خطيبى؟.. أمين الإفتاء يجيب
موعد عيد الأضحى 2025 .. هل اختلفت رؤية الهلال عن السعودية؟ الإفتاء: العيد في هذا اليوم
أمين الإفتاء: الزواج لا يدار بمنطق "حقي وحقك"
دار الإفتاء: ثبوت رؤية هلال شهر ذو الحجة .. وغدا أول أيام العشر الأوائل
بعد ثبوت الرؤية.. دار الإفتاء: غدا الأربعاء أول شهر ذي الحجة
الإفتاء: لا يجوز مخالفة السعودية في رؤية هلال ذي الحجة
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن صوم يوم عرفة: "يكفر السنة الماضية والباقية"، في إشارة إلى عظيم أجر هذا اليوم، لكن ترك صيامه لا يستوجب كفارة ولا إثمًا، بل فقط يُفوّت الإنسان على نفسه فضلًا عظيمًا.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "من كان مريضًا ولا يقدر على الصيام، سواء في رمضان أو في التطوع، يُعذر، ولا يطلب منه إلا ما أوجبه الله، وهو في حالة رمضان: إما القضاء أو الكفارة إن كان المرض مزمنًا. أما صوم التطوع فلا كفارة فيه أبدًا".
وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "إن صيام يوم عرفة وغيره من الأيام الفاضلة في العشر الأول من ذي الحجة، هو من أعمال الخير العظيمة، لكن لا يُكلف بها من لم يقدر عليها، فالله لا يُكلف نفسًا إلا وسعها، والمريض إن لم يستطع الصيام، فله أجر النية إن نوى الخير وعجز عنه، ولا شيء عليه بإجماع العلماء".
أعمال العشر من ذي الحجة- الإكثار من فعل الخيرات
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه» رواه البخاري.
- كثرة الذكر
يستحب الإكثار من الذكر في العشر من ذي الحجة، لقول الله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).
- التهليل والتكبير والتحميد
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».
- صيام أول ذي الحجة
وذهب الفقهاء إلى استحباب صيام العشر الأوائل من ذي الحجة باستثناء يوم عيد الأضحى المبارك؛ أي يوم النحر؛ وهو اليوم العاشر من ذي الحجة؛ إذ يحرم على المسلم أن يصوم يوم العيد باتفاق الفقهاء، الذين استدلوا على ذلك بعموم أدلة استحباب الصوم وفَضله، وكون الصوم من الأعمال التي حث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- صوم يوم عرفة
وصومُ يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية حثَّ عليها في كلامه الصحيح المرفوع؛ فقد روى أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم، فيُسَنّ صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة
- نحر الأضحية
وهي سنة يشترك فيها الحاج وغير الحاج، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبّ إلى اللهِ من إهراقِ الدَّمِ، إنَّهُ ليأتي يومَ القيامةِ بقُرونها وأشعَارِها وأظلافِها -أي: فتوضع في ميزانه- وإنَّ الدَّمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ من الأرضِ فطيبُوا بها نفسًا» رواه الترمذي.