تصريحات ترامب وحرب أوكرانيا.. هل تدفعان دول الناتو لزيادة إنفاقها العسكري؟
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
باريس- بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب في فبراير/شباط الماضي أنه سيشجع روسيا على فعل "كل ما تريده" لحلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذين لا يوفون بالتزاماتهم في الإنفاق العسكري، أكد عدد من أعضاء الحلف زيادة إنفاقهم.
وخرج الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ للتأكيد بأن 18 من أصل 31 عضوا في الحلف العسكري سيكونون قادرين على تلبية التزامهم بدفع 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي لصالح الإنفاق الدفاعي المشترك، داعيا الحلفاء إلى تحقيق "تقاسم عادل" للأعباء مع الولايات المتحدة.
لكن الأصوات الخافتة التي تُسمع خلف الأبواب المغلقة تعكس مدى تباين الآراء حول إمكانية حدوث ذلك على أرض الواقع، في وقت تواجه فيه أوروبا تهديدا أمنيا هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أن تصريحات ترامب وتفاقم الحرب الأوكرانية جعلا دول الناتو تستيقظ من سبات الأمن التلقائي وتجد نفسها أمام إنفاق مفاجئ على الدفاع قد يجعل الأمور أكثر تعقيدا إذا غاب التنسيق بين الحلفاء.
ويرى المخطط السابق لحلف شمال الأطلسي وضابط المخابرات العسكرية البريطانية السابق فيليب إنغرام أن أوروبا لا تمتلك قدرة دفاعية خارج الحلف وهي ملتزمة باستخدام إطار عمل التحالف لمواجهة وسائل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تهدف إلى تعزيز الخلافات وإبطاء صنع القرار، مستغلا كل الفرص ليتمتع بنفوذ خفي يطمئنه على فعالية الشقوق وتفاقم الخلافات.
ومعلقا على خطاب ترامب، قال إنغرام للجزيرة نت إن طريقة ترامب تتناسب مع تفكير رجل الأعمال الذي يعتبر أن بلاده تستثمر أموالا أكثر بكثير من نسبة الـ2% التي تشارك فيها باقي الدول كجزء من التزامات التحالف "خاصة أن بعض الدول لا تدفع هذه النسبة كاملة".
وأشار إلى أن الدفاع الجماعي للحلف يشمل نسبة كبيرة من أموال دافعي الضرائب الأميركيين "ولهذا السبب، تحدث ترامب من منظور تجاري بحت: لن أسمح لك أن تكون جزءا من اللعبة إذا لم تدفع. ويمكن اعتبار نهجه عدوانيا إلا أن الهدف منه هو إجبار الدول الأوروبية على الالتزام بالاتفاقية التي وقّعتها".
وبدوره، اعتبر الجنرال السابق في الجيش الفرنسي فرانسوا شوفانسي أن هذه الزيادة "حقيقة لا مفر منها لا تهدف إلى الانتصار على الخصم فحسب، بل لسد جميع الفجوات التي نشأت طوال السنوات الماضية بعدما رفضت الدول الغربية دفع تكاليف الدفاع واعتمدت على القوة الأميركية، ثم على الوهم بأن وقوع حرب في أوروبا مستحيلة".
ولأول مرة منذ إنشاء الناتو، سينفق الحلفاء الأوروبيون هذا العام على الدفاع 380 مليار دولار، بزيادة 6 أضعاف على عام 2014 عندما حقق ثلاثة فقط من أعضاء الحلف هدف الإنفاق.
أولوية حتمية
وطرح شوفانسي، في مقابلة مع الجزيرة نت، سؤالا مفاده "هل ينبغي إعطاء الأولوية للإنفاق العسكري أم لتحسين ظروف المواطنين؟" وللإجابة عن ذلك، قال إنه يجب العودة إلى الوراء قليلا "عندما ركزنا على الأمور الاجتماعية وأنفقنا القليل على الجيوش والمعدات، ضاربين كل التهديدات عرض الحائط".
ومستندا على تجاربه العسكرية ومبدأ "عكس الأولويات"، يعتقد الجنرال الفرنسي أنه لا يمكن تعزيز التنمية الاقتصادية إذا لم يكن هناك أمن ودفاع جيد، لأن هذه التنمية قد تصبح مهددة بالزوال إذا اندلعت الحرب "والآن يجب أن ندفع ثمن اختياراتنا القديمة".
ومع استمرار الهجوم الروسي في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، فضلا عن محاولات الصين زعزعة الاستقرار في جنوب شرق آسيا، يؤمن الضابط البريطاني السابق فيليب إنغرام بضرورة زيادة الإنفاق العسكري لأنه "من المحتمل أن تكون التكلفة أثقل بكثير إذا لم تستثمر هذه البلدان في الدفاع".
ومن وجهة نظر اقتصادية، يبرر إنغرام ذلك قائلا إن "أموال دافعي الضرائب ستستثمر داخل البلد لخلق قدرات تصنيعية ووظائف جديدة ومجالات محتملة للتصدير"، مضيفا "نحن لا نطلب منهم دفع نفس المبلغ من المال، بل دفع نفس النسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعني أن الدول الصغيرة ستدفع مبلغا أقل بكثير من الدول الكبيرة، وهذا أمر عادل".
يذكر أن الدول التي زادت إنفاقها العسكري منذ بدء الحرب في أوكرانيا تتميز بموقعها الجغرافي القريب من الحدود الروسية أو تقع ضمن ما تعتبره موسكو مجال نفوذها، بما في ذلك إستونيا وفنلندا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا وبولندا وليتوانيا.
وتعتبر الرغبة الملحة في تعزيز الأمن والحماية من دولة قريبة لحدودها أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتها للقيام بهذه الخطوة، فضلا عن كونها دولا صغيرة نسبيا ولا تستطيع ضمان أمنها بشكل منفرد أمام الترسانة الروسية.
ويعتبر إنغرام أن التركيز الرئيسي لأوروبا الشمالية ينعكس في انضمام عضوين جديدين (فنلندا والسويد) بعد أن ظلتا محايدتين لفترة طويلة. وبما أن الشمال منطقة تهديد محتملة وقريبة من روسيا، أصبحت لدى الناتو حدود بحرية مباشرة في الشمال ويمكنها التأثير على أسطول بحر البلطيق الروسي، على حد قوله.
وأوضح الضابط البريطاني السابق أن سبب هذا التركيز يعود لسببين، يتمثل الأول في القرب الجغرافي من روسيا والنفوذ الروسي، والثاني في جلب أعضاء جدد أو ضمان أن الأعضاء الأضعف، الذين لديهم أقليات كبيرة نسبيا من الروس، لا يتعرضون للتهديد.
من جانبه، يعتقد الجنرال السابق في الجيش الفرنسي شوفانسي أن حرب بوتين فتحت أعين الدول الأوروبية والولايات المتحدة لتعزيز دفاعها وجيوشها وقواتها البحرية والجوية، لافتا إلى أن هذا الدرس تم إدراكه وفهمه بسرعة كبيرة دفعت إلى زيادة القدرات التصنيعية الدفاعية.
ويفسر ذلك بامتلاك فرنسا ترسانات حتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حيث كان موظفو الدولة يصنعون جزءا كبيرا من الأسلحة التي كانت متاحة آنذاك لعدم وجود سوق لبيعها. أما اليوم، عندما تقوم شركات خاصة بهذه العملية فهذا يعني أنها ستتقاضى أجرا مقابل كل ما ستنتجه، مما يعني توفير مليارات الدولارات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات السابق فی
إقرأ أيضاً:
اتهامات لرئيس وزراء مالي السابق بسبب منشور ينتقد الحكم العسكري.. وتصاعد للهجمات المسلحة
وجه القضاء المالي تهماً رسمية لرئيس الوزراء السابق، موسى مارا، على خلفية منشور نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد فيه تقلص الحريات الديمقراطية في ظل الحكم العسكري بقيادة العقيد أسيمي غويتا. ويأتي ذلك وسط تصاعد في حالة القمع السياسي التي تعيشها مالي منذ استيلاء الجيش على السلطة قبل نحو أربع سنوات.
وقال محامي مارا، مونتاجا تال، إن موكله وُجهت إليه اتهامات بـ"تقويض مصداقية الدولة" و"نشر معلومات كاذبة"، عقب استدعائه من قبل وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة للقضاء، مضيفاً أن جلسة محاكمته تقررت في 29 أيلول/ سبتمبر المقبل.
وأوضح تال، في بيان نشره عبر منصة "إكس"، أن السلطات منعت مارا في 21 تموز/ يوليو الماضي من السفر إلى السنغال للمشاركة في مؤتمر إقليمي حول السلام والأمن، وذلك في إطار سلسلة من المضايقات التي يتعرض لها بسبب مواقفه المناهضة للحكم العسكري.
ويُعد موسى مارا من الشخصيات السياسية القليلة في مالي التي عبّرت صراحة عن رفضها للقرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العسكرية، ومنها حل الأحزاب السياسية، ومنح غويتا ولاية جديدة مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد، دون تحديد موعد واضح للانتخابات.
وكان غويتا قد تولى السلطة إثر انقلابين متتاليين عامي 2020 و2021، ومنذ ذلك الحين تشهد البلاد تراجعاً ملحوظاً في الحريات المدنية والسياسية، وفق منظمات حقوقية ومراقبين دوليين.
ورغم الانتقادات الواسعة، أعلنت السلطات المالية الشهر الماضي تثبيت غويتا على رأس السلطة لخمس سنوات مقبلة، في وقت تغرق فيه البلاد في صراع طويل الأمد مع جماعات مسلحة متطرفة.
وفي السياق الأمني، تواصل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تصعيد عملياتها العسكرية في البلاد، وكان آخرها إعلانها الجمعة عن نصب كمين ضد رتل من القوات المالية ومتعاقدين عسكريين روس في منطقة تينينكو بوسط البلاد. وقد أكد الجيش المالي وقوع الهجوم دون أن يذكر عدد القتلى أو تفاصيل الخسائر.