لجريدة عمان:
2024-10-31@23:35:13 GMT

أعياد الخلاص

تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT

مع حلول العيد، تحلّ الأفراح والمسرّات، وتبتسم الأرواح، وتتعانق القلوب، فيشعر الجميع بالسعادة، والهناء، يقول إيليا أبو ماضي:

يا شاعر الحسن هذي روعة العيد

فاستنجد الوحي واهتف بالأناشيد

هذا النعيم الذي قد كنت تنشده

لا تله عنه بشيء غير موجود

ومن مسرّات العيد لقاء الأحبة، لذا فبُعد الأحبّة ينغص على الشعراء فرحتهم بالعيد، هذا البعد تحدّث عنه المتنبّي في قصيدته الشهيرة:

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم بأمر فيك تجديد

أما الأحبة فالبيداء دونهم

فليت دونك بيدا دونها بيد

فحين يحول ظرف دون ذلك، يفقد العيد طعمه، كما جرى مع الشيخ الشاعر عبدالله بن علي الخليلي، حين حلّ العيد وشقيقه (سعود الخليلي) كان في القاهرة يشغل موقع السفير، فتذكّره وتذكّر كذلك شقيقه (هلال) فببعدهما عنه، فقدَ العيد حلاوته، فقال قصيدة تعبّر عن هذا الإحساس، وتحمل هذا المعنى وقد بدأها مُطلِقا مجموعة من أسئلة لا جواب لها، فقال:

سل العيد هل غادى ربوعي هناؤه

وهل ساق غير الذكريات مساؤه

وهل صافحتني بالسبات نجومه

وألحفني بالياسمين رداؤه

وهل بات منه جانبي غير شوكة

وهل لذّ لي مقليّه وشواؤه

وهل ساعدتني في الظلام جفونه

على النوم أم أدنى سروري ضياؤه

ثم يعرّج على شقيقيه البعيدين عنه (سعود) و(هلال) فيقول:

سل الراحلين التاركين أخاهما

وراءهما والدهر وعر وراؤه

هل ارتضعا ثدي النعيم فهوّما

عليه وفي النعماء للمرء داؤه

ويفتقد الشاعر مصطفى جمال الدين الأهل عندما كان بعيدا عنهم في دمشق، مستحضرا حال النازحين عن ديارهم، فيقول:

هـذا هـو العيـدُ، أيـنَ الأهـلُ والفـرحُ

ضاقـتْ بهِ النَّفْسُ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!

وأيـنَ أحبابُنـا ضـاعـتْ مـلامحُـهـم

مَنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا؟!

وليس بُعد الأحبّة هو الوحيد الذي ينغّص فرحة العيد، فقد تحول ظروف تعيشها منطقة بأكملها، فيفقد العيد طعمه، فحين يتذكر الشاعر عمر أبو الريشة حال الفلسطينيين في العيد يقول :

يا عيـدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد

فكيـف تلقاكَ بالبِشْـرِ الزغـاريـدُ؟

يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ

لها على الرَّفْـرَفِ العُلْـوِيِّ تَعْييــدُ؟

وفي (غزّة) يحمل العيد شكلا آخر، فبدلا من الألعاب الناريّة، التي ترافق العيد في الكثير من المناطق، امتلأت سماء(غزّة) بالصواريخ وقذائف المدافع التي تسقط على البيوت الآمنة، لتحصد أرواح الأبرياء، ولنا أن نتخيّل عيد الذين يعيشون في الخيام، كما صوّرته الشاعرة فدوى طوقان:

أختاه، هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ

وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ

وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالًا شقيًّا

متهالكاً، يطوي وراء جموده ألمًا عتيًّا

يرنو إلى اللاشيء.

. منسرحًا مع الأفق البعيدْ

ومع أصوات القصف، والرصاص، والانفجارات، وأنين الجرحى، وصراخ الأطفال اللائذين بأدعية أمهاتهم، يفقد العيد طعمه، والفرح معناه، والأمل بريقه، وكيف يعيّد الجائعون؟ يقول الشاعر يحيى السماوي :

وكفرتُ بالأسنانِ

جائعةً تلوكُ طحينَ أدعِيَةٍ

وتدرأ جوعَها بالمغفرةْ

نام الجياعُ على وسائِدِ « سورةِ الماعونِ»

أمْسَكَتِ الكرامةُ والمَذلَّةُ مُفطِرةْ

العيدُ عريانٌ

ولا من ناسِجٍ ثوبَ الخلاصَ

لِيَسْترَهْ

لكنّ العيد في كلّ حالاته، يمثّل فرحة، تتجدّد في كلّ عام، ومعه تتجدّد الآمال، فيعود البعيد إلى دياره، وترتفع في المناطق التي تتعرّض للعدوان بشائر النصر والخلاص

وتعلو الزغاريد ، فنردّد مع عمر أبو ريشه:

سينجلـي لَيْلُنا عـن فَجْـرِ مُعْتَرَكٍ

ونحـنُ في فمـه المشْبوبِ تَغْريـدُ

عبدالرزّاق الربيعي شاعر وكاتب مسرحي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قصائد الحنين والخسارات في بيت الشعر بالشارقة

الشارقة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة الإمارات تُسير سفينة المساعدات الإنسانية الخامسة إلى قطاع غزة تخريج 12 طالباً من 7 دول في الدفعة الـ15 لمركز اللّسان العربي

في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء، أقيمت مساء يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2024، أمسية شعرية في المقر الجديد لبيت الشعر في الشارقة، وشارك في الأمسية الشاعر د.محمد العثمان، والشاعرة د.أماني الزعيبي، والشاعر أحمد عبد الغني، وقدمتها الإعلامية د. جيهان إلياس، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، إضافة إلى جمهور من محبي الشّعر، والشعراء والنقاد والإعلاميين.
بدأت الأمسية مع الإعلامية جيهان إلياس التي قدمت أسمى معاني الشكر إلى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على هداياه التي لا تنقطع للمشهد الشعري، واعتبرت أن بيت الشعر هو ملاذ لكل الباحثين عن الجمال والإبداع وقيم الحياة.
وافتتح القراءات الشاعر أحمد عبد الغني، فقرأ نصاً حمل إيقاعات التغني بالحنين والمرأة والحب، واستخدم فيه انعكاس مرايا الأنا على الحياة، وعلى القصيدة وأحزان الفراق والوداع.
بعد ذلك، قرأت الشاعرة أماني الزعيبي قصيدة بعنوان «الوقوفُ على ضفّةِ الرّيح»، تزينت بإيحاءات الشعر والحب، وكانت أقرب إلى البوح والمناجاة.
كما قرأت نصاً آخر تحت عنوان «أجراس الكنايات»، سافرت به إلى عوالم الذات والحوار الداخلي، وقدمت فيه صوراً تعكس القلق الذي ينتاب الشاعرة.
واختتم القراءات الشاعر د.محمد العثمان، الذي قرأ نصاً بعنوان «العابرون من المجاز»، نسج فيه صوراً محملة بأسئلة الحب والشعر والحنين.
وقرأ في الأخير نصوصاً طرق فيها أبواب استذكار الحزن والوطن، واستحضر ضمنه ملامحاً من التاريخ العربي وشخصياته، إضافة إلى دلالات عن الموت والانتماء والخسارات.
وفي ختام الأمسية، كرّم الشاعر محمد البريكي، الشعراء ومقدمة الأمسية.

مقالات مشابهة

  • تزامنًا مع احتفالات العيد الوطني الـ54 المجيد.. "أومينفست" تطلق البطولة الكروية الثانية للمؤسسات الحكومية
  • عباس يعين إبراهيم الشاعر رئيسًا لجامعة القدس المفتوحة
  • رئيس حكومة لبنان يقول إن إنذارات الاحتلال لإخلاء مدن من سكانها يعد جريمة حرب
  • قصائد الحنين والخسارات في بيت الشعر بالشارقة
  • الرئيس السيسي يهنئ جمهورية التشيك بمناسبة ذكرى العيد القومي
  • وطنُ العلّاق.. ماء للطيور وديك الجن
  • أبو قردة يقول إن ما ترتكبه قوات ” الجنجويد” في قرى شرق الجزيرة جريمة حرب
  • العيد القومي.. محافظ الإسماعيلية لصدى البلد: نصر أكتوبر أكبر دليل على عظمة جيش مصر
  • احتفالية العيد الـ ٤٠ لتأسيس خدمة "أم الرحمة" بالإسكندرية
  • ‏المتحدث باسم الحكومة الإيرانية يقول إن طهران ستزيد الميزانية العسكرية بمقدار 200%