سودانايل:
2025-06-08@20:50:57 GMT

في الأزمة السودانية.. ماذا فعل مؤتمر باريس؟

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

أماني الطويل

أثار مؤتمر باريس الدولي المنعقد مؤخرًا بشأن دعم السودان جدلًا كبيرًا على المستويين المحلي السوداني والدولي، وذلك تحت مظلة تساؤلات مركزية "هل يمكن مساعدة السودانيين وإغاثتهم إنسانيًا دون حضور طرفَيّ الصراع أولًا لهذا المؤتمر واتفاقهما على ممرات وقنوات آمنة لتمرير الغوث الإنساني؟".
ثانيًا والأهم؛ "هل يمكن بالفعل أن يحوّل مؤتمر باريس الأزمة السودانية المنسية إلى واجهة التفاعلات على المستوى الدولي بما يمكن أن يترتب عليه القدرة على الوصول لمرحلة وقف إطلاق النار في هذه الحرب الممتدة تحت عناوين مضلّلة، حيث أنها تعبير بالأساس عن طموحات سياسية لأطرافها؟".

وأخيرًا؛ "هل المجهود الأوروبي الراهن لوضع الأزمة السودانية على أجندة الاهتمام الدولي طبقًا لأهداف المؤتمر المعلنة هو بمعزل عن المخاوف بشأن تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وكذلك اهتمامات باريس بمنطقة الساحل الأفريقي ونفوذها المتآكل هناك؟".
في البداية، لا بد من الانتباه أنّ مؤتمر باريس من زاوية اهتمامه بالغوث الإنساني للسودانيين ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقه مؤتمر القاهرة الذي عُقد نهاية العام الماضي، والذي ركّز على القضايا الإنسانية للسودانيين وحصد اهتمامًا دوليًا ووعودًا بتمويل، حيث خاطبه كل من الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيجلاند، ومدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، ووزير التعاون الدولي النرويجي ومندوبة أمريكا بالأمم المتحدة.

اهتمّ هذا المؤتمر بالقضايا التفصيلية لدعم السودانيين داخل وخارج السودان، وهي القضايا المتعلقة بقطاعات الحماية الاجتماعية مثل الأمن الغذائي، النظام الصحي، العنف الجنسي المبني على النوع خلال النزاع، وقضايا الوصول والتنسيق والاستفادة من التجارب المحلية ودعمها، والمعوقات اللوجستية لوصول وتوزيع العون الإنساني في السودان.

في المحصلة لم ينتج عن مؤتمر القاهرة نتائج ملموسة، بدليل تفاقم أزمة سوء التغذية وظهور شبح المجاعة الذي يهدد نحو ٢٠ مليون سوداني طبقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وإذا كانت الوعود الغربية بمؤتمر القاهرة أقل بكثير من الوعود التي أُطلقت في مؤتمر باريس والتي وصلت إلى ٢ مليار يورو، فإنّ النتائج المتوقعة ستكون في تقديرنا محدودة، وغير ملموسة على الأرض وذلك لعدد من الأسباب، منها عدم سعي المؤتمر إلى جمع طرفَيّ النزاع تحت عنوان نقاش توفير ممرات آمنة لمرور الغوث الإنساني، وممارسة ضغوط دولية عليهما لهذا الغرض، حيث تم طرح مقولة "مضحكة" وهي الحياد بين طرفَيّ الصراع.

ومن الأسباب أيضًا، أننا قد تعوّدنا في مؤتمرات الدعم والمنح والإغاثة على إطلاق الوعود دون تحقيقها واستغلال ذلك لتحقيق أغراض سياسية في مناطق الصراع لأصحاب الدعوة الغربيين، ذلك أنّ دعم السودانيين يتطلّب واقعيًا دعم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وخصوصًا في القاهرة، إذ طلبت المفوضية دعمًا دوليًا بغرض التعامل مع الأزمة السودانية، ولكن لم يستجب لهذا الطلب أحد على المستوى المطلوب، وكان أولى بكل من فرنسا وألمانيا تخصيص مساعدات لهذه المفوضية التي تملك آليات إغاثة فعلية وعلاقة مباشرة مع المحتاجين لها. التجاهل الأوروبي لدعم مفوضية اللاجئين نتج عنه عجز في قدراتها وآليات عملها، وصل إلى أنه صار من الصعب تسجيل طالبي اللجوء السودانيين في القاهرة بتوقيت مناسب، حيث تمتد قوائم الانتظار لعام كامل، في وقت يعاني أكثر من نصف مليون سوداني نزحوا لمصر بعد الحرب من افتقاد شبه كامل لمقوّمات الحياة.
أما على المستوي السياسي، فقد عُقد مؤتمر باريس برئاسة مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وبحضور من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وبالتوازي، مع انعقاد المؤتمر، عُقد اجتماع وزراء الخارجية لما يقرب من 20 دولة، لدعم مبادرات السلام الدولية والإقليمية الهادفة لوضع حد للحرب في السودان، وهو الهدف الذي تمت بسببه دعوة قوى ورموز سياسية من المكوّن المدني السوداني، ولكن بانحيازات واضحة كان من الممكن تفاديها لو تم دعوة أطراف إصلاحية محسوبة على قوى الإسلام السياسي والتي تبرّأت من ممارسات نظام البشير وتطرح حاليًا رؤى يمكن الاستفادة منها لوقف الحرب وربما توفير منصة لحوار سوداني مشترك.

أما المسكوت عنه أوروبيًا في مؤتمر باريس فهما أمران. الأول أنّ محاولة تطويق الأزمة السودانية ومحاولة المساهمة في حلّها لها دوافع مرتبطة بالحد من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، إذ أشارت تقارير منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى تزايد عدد المهاجرين السودانيين خلال عام ٢٠٢٣ من السواحل التونسية، وهو أمر يعني أنّ هذه المعدلات مرشحة للزيادة مع عدم وجود أفق واضح للحل، حيث تعثرت مؤخرًا مجهودات المبعوث الأمريكي للسودان بشأن عقد مباحثات جدّة في الموعد الذي كان قد وعد به سابقًا وهو ١٨ أبريل/نيسان، وللأسف أنه قد تورّط بعد فشله هذا بتحديد موعد جديد خلال ثلاثة أسابيع في ضوء تصاعد الصراع على الأرض، وهو أداء سياسي يشير إلى عدم إلمام واقعي بمدى تعقيد الأزمة السودانية.
والمسكوت عنه ثانيًا، هو الأغراض الفرنسية التي تريد أن يكون مؤتمر باريس أحد آليات عملها في منطقة الساحل الأفريقي التي يرتبط إقليم دارفور بها من حيث التفاعلات والتداخلات السياسية والقبلية خصوصًا مع تشاد - نقطة الارتكاز الحالي للنفوذ الفرنسي -.

إجمالًا لم يستطع مؤتمر باريس بمخرجاته الوصول إلى مستوى التحديات الواقعية في أزمة حرب السودان الممتدة منذ عام، ومن غير المتوقع أن يحقق أهدافه التي أعلنها وهي المساهمة في وضع السودان على أجندة الاهتمام الدولي في ضوء غياب الإرادة المحلية السودانية لوقف الحرب وضعف الأدوات الدولية للتعامل مع هذا التحدي.

(خاص "عروبة 22")  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأزمة السودانیة مؤتمر باریس

إقرأ أيضاً:

تعز اليمنية.. أكثر مدن العالم شحة في المياه والحصار يفاقم الأزمة

تعيش محافظة تعز جنوب غرب اليمن، أزمة مياه خانقة منذ أسابيع، فاقمتها الحرب والحصار الذي تفرضه جماعة  الحوثي، ناهيك عن تأخر موسم الأمطار الذي استنزف المخزون المائي البديل هذا العام.

 

ودفعت هذه الأزمة السكان إلى تنظيم احتجاجات في الشوارع لمطالبة السلطات الحكومية بتوفير حلول عاجلة لأزمة المياه التي تجتاح المحافظة الأكثر كثافة سكانية في البلاد.

 

وتعد محافظة تعز، أكثر المناطق حول العالم شحة في المياه، حيث يصل احتياج السكان في الظروف الطبيعية إلى 35 ألف متر مكعب في اليوم الواحد، بينما كانت المؤسسة تنتج ما بين 16 إلى 18 ألف متر مكعب في اليوم.

 

ومنذ اندلاع الحرب تدنت الإنتاجية لتتراوح ما بين 2500-3000 متر مكعب في اليوم، أي بعجز يصل إلى 144 بالمئة تقريبا.

 

أكبر مدن العالم شحة بالمياه

 

وحول ذلك قال الصحفي والكاتب اليمني، سلمان الحميدي إن محافظة تعز تعد من أكبر المدن ـ حول العالم ـ التي تعاني من شحة المياه، مضيفا أن هذه المشكلة ليست جديدة، فمنذ سيطرة مليشيا الحوثي على الأجزاء الشرقية الشمالية من المحافظة، تفاقمت الأزمة الراهنة، ذلك أن الآبار الرئيسية التي تمد المدينة بالماء تتركز في مناطق سيطرة المليشيا، وفق تعبيره

 

وتابع الحميدي في حديث خاص لـ"عربي21" بأن المشكلة موجودة من زمان، وكانت الدراسات تجرى من إبان علي عبدالله صالح (الرئيس اليمني الراحل)  الذي وعد بإنشاء محطة تحلية في ساحل تعز، المخا، لمعالجة مشكلة المياه بتعز، لأنه لا يوجد حل جذري ومستدام للمشكلة غير إنشاء المحطة.

 

وأضاف، "وبالفعل كانت الحكومة قد بدأت بالبحث عن تمويل المشروع الذي سيمد محافظتي تعز وإب بالمياه، وللأسف تم الإعلان عن مئات الملايين من الدولارات والمنح والتمويل والقطاع الخاص.. لكنها ذابت كالملح في أحواض الفاسدين".

 

كما أكد الحميدي على أن الأزمة الراهنة تفاقمت بسبب عدد من العوامل أبرزها "سيطرة المليشيا الحوثية على الآبار وفشل السلطة في إدارة مشروع المياه والمنح المخصصة لتوفير مصادر مياه ـ ولو مؤقتة"، بالتوازي مع "زيادة السكان" والتي تعني زيادة استهلاك المياه مقابل نضوب الموارد وقلة الأمطار وتأخرها.

 

5 أحواض 4 منها بيد الحوثيين

 

من جانبه، قال مدير عام الحصار في تعز، ماهر العبسي إن أزمة المياه التي تشهدها تعز هي مزمنة من قبل الحرب، حيث تعاني المدينة من شحة المياه ولكن ليس بهذا الشكل الحالي.

 

وأضاف العبسي في حديث خاص لـ"عربي21" أن هناك في تعز خمسة أحواض مائية أربعة منها واقعة تحت سيطرة الحوثيين في الحوجلة والحيمة والحوبان شمال شرق المدينة، حيث يحوي كل حوض على 20 إلى 30 بئر، فيما هناك حوض واحد في المدينة مكون من آبار صغيرة كانت مخصصة للطوارئ أو ما يسمى " آبار إسعافية".

 

وبحسب مدير عام الحصار في سلطات تعز فإنه منذ بداية الحرب، أوقف الحوثيون ضخ المياه إلى داخل المدينة، بينما لا تستفيد المناطق التي تحت سيطرة الجماعة من هذه الآبار، بسبب عدم وجود شبكة توزيع المياه إلى منازل السكان في تلك المناطق، بينما شبكة متصلة إلى المنازل داخل المدينة، المركز الإداري للمحافظة.

 

وقال المسؤول الحكومي إن الأحواض التي يسيطر عليها الحوثيون شمال شرق تعز تشكل ما نسبته 70 إلى 80 بالمئة من الماء إلى مدينة تعز، فقطعها سبب كارثة كبيرة على هذه المدينة الأكثر كثافة سكانية في اليمن.

 

وتابع، "وبعد تأخر موسم الأمطار بدأت أزمة المياه في تعز بالظهور نتيجة جفاف بعض الآبار التي تتغذى من الأمطار، وهو ما سبب في ارتفاع أسعار صهاريج بيع المياه بشكل غير مسبوق".

 

وكشف العبسي عن "قيام بإجراء لقاءات مع مسؤولين أمميين أبرزهم منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، لمناقشة هذه الأزمة"، مؤكدا أن المسؤول الأممي أكد لهم أنهم قاموا بعملية ضخ تجريبي من منطقة الحوبان الواقعة تحت سيطرة الحوثيين للمياه لمدة خمسة دقائق.

 

كما وعد بترتيب اتفاقات تسوية بين السلطات الحكومية في تعز والحوثيين بشأن إعادة ضخ المياه عبر الشبكة الرئيسية الواقعة شمال شرق المحافظة.

 

من جانبه، قال مسؤول الحصار في السلطات الحكومية بتعز، إن هذه الوعود قد تكررت وبشكل دوري منذ سنوات"، مشيرا إلى أن "إعادة ضخ المياه إلى المدينة بحاجة إلى قرار ولا يحتاج إلى لجان كتلك التي جرت في اتفاقات الطرقات وغيرها".

 

جفاف وإيقاف ضخ المياه

 

بدوره قال الصحفي والناشط الشبابي اليمني عبدالجبار النعمان إن أسباب أزمة المياه الحالية في تعز تعود "لقيام الحوثيين بإيقاف ضخ المياه من منطقتي الحيمة والحوجلة الخاضعتين لسيطرتها إلى وسط المدينة منذ سنوات".

 

وتابع النعمان حديثه لـ"عربي21" بأنه خلال الفترة الأخيرة جفت آبار المياه في منطقة الضباب الواقعة في المدخل الجنوبي الغربي من مدينة تعز بسبب عدم هطول الأمطار حيث كانت المدينة تتغذى منها طوال فترة الحصار المفروض عليها من قبل العصابة الحوثي منذ 10 سنوات.

 

وتعتبر مدينة تعز ( المركز الإداري للمحافظة ذات الاسم) من أكثر المدن عطشا على مستوى العالم، وفق يمنيين،  فيما تقف السلطات الحكومية عاجزة أمام توفير حلول لوضع حد لكارثة انعدام المياه والتي يمكن أن تهدد حياة السكان وتتسبب في وجود كارثة بيئية وانتشار خطير للأمراض.

 

 


مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 348 أضحية في محلية ود مدني الكبرى بولاية الجزيرة السودانية
  • عن أحداث لوس أنجلوس… ونحن
  • متظاهرون في باريس يطالبون بوقف حرب الإبادة في غزة
  • الداخلية السودانية.. الهدوء الأحوال في اليوم الأول
  • المشير خليفة حفتر يوجه بذبح 150 رأساً من الإبل والأبقار لتوزيعها على النازحين السودانيين بالكفرة
  • تعز اليمنية.. أكثر مدن العالم شحة في المياه والحصار يفاقم الأزمة
  • الصحة بالشمالية تكرم الشركة السودانية للموارد المعدنية
  • ???? حين ضاق الخناق .. هل قرر العالم أخيرًا التخلص من مليشيا الدعم السريع؟
  • شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء مصرية ترتدي أزياء العروس السودانية وتشعل الإحتفال بوصلة رقص مثيرة
  • شاهد بالفيديو.. الفنان عاصم البنا يشارك إبنته الرقص في حفل تخرجها من إحدى الجامعات السودانية بمصر