أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي قطاع محو الأمية في المناطق تحت سيطرتها للتعبئة، حيث أجبرت الكادر التعليمي والوظيفي والدارسين على الالتحاق بالمعسكرات الصيفية التي دشنتها لتلقينهم الأفكار ذات الصبغة الطائفية، وفق ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ صحيفة«الشرق الأوسط»

ودفع الانقلابيون الحوثيون - حسب المصادر- نحو 5 آلاف و700 موظف ومتعاقد، وآلاف الدارسين أغلبهم من النساء في المركز الرئيسي لجهاز محو الأمية في العاصمة المختطفة صنعاء ونحو 12 فرعاً تابعاً له في المحافظات لتلقي أنشطة ودروس تعبوية تحت اسم «دورات صيفية» يُشرف على تنفيذها معممون استقدمتهم الجماعة من صعدة معقلها الرئيسي.



واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بتحويل مراكز محو الأمية الخاضعة لها من أماكن للتعلم والحد من الأمية إلى أماكن للتعبئة والتلقين الفكري واستهداف آلاف الموظفين والدارسين من مختلف الأعمار بأنشطة تبث العنصرية، وتحرّض على القتل والكراهية.

وجاء الاستهداف الحوثي تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتربية والتعليم في الحكومة غير المعترف بها، والقيادي أحمد الكبسي المنتحل لصفة رئيس جهاز محو الأمية.

وخلص الاجتماع - طبقاً للمصادر- إلى تشكيل ما سمته الجماعة اللجنة الإشرافية واللجان الفرعية لإطلاق المعسكرات الصيفية لمنتسبي جهاز محو الأمية والدارسين فيه بصنعاء وبقية المحافظات تحت سيطرتها.

وأعلنت الجماعة الحوثية - بموجب الاجتماع - آلية تنص على تشكيل غرفة عمليات مركزية بديوان الجهاز لمتابعة واستقبال تقارير مكاتب محو الأمية وتعليم الكبار في المحافظات، وإقرار خطة نزول مركزي للإشراف ميدانياً على نشاط المراكز الصيفية.

استهداف مستمر

يعد التحرك الحوثي في قطاع محو الأمية امتداداً لسلسلة استهدافات سابقة ضد منتسبي الجهاز وفروعه، حيث حرمت الجماعة آلافاً منهم في السنوات الماضية من الحصول على نصف الراتب أسوة ببقية الموظفين في القطاعات الحكومية.

ويستهدف جهاز محو الأمية الذي تأسس في صنعاء عام 1990 الفئات العمرية من 10 سنوات إلى أكثر من 40 سنة، حيث لا تقتصر أنشطته على تعليم القراءة والكتابة فحسب، بل يرافق ذلك إقامة كثير من البرامج والأنشطة التوعوية والصحية والمهارية لمختلف الحرف والمهن للدارسين فيه من الرجال والنساء.

وبينما يعاني مئات آلاف من الموظفين اليمنيين، من أوضاع بائسة وحرمان من أقل الحقوق في مقدمها الراتب، اشتكى معلمون وموظفون في جهاز محو الأمية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من إجبارهم بين كل فينة وأخرى على حضور دورات تعبوية.

وسعت الجماعة عبر عشرات الدورات التي أقامتها سابقاً إلى غسل أدمغة منتسبي جهاز محو الأمية، وعلى نشر «ملازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي بين فئات كبار السن من الذكور والإناث، وإقناعهم بأفكارها المتطرفة.

وأجبر سلوك الجماعة أحمد وهو ابن إحدى الملتحقات في مركز لمحو الأمية بصنعاء، إلى إقناع والدته بالانسحاب من المركز؛ لكي لا تقع ضحية لأفكار الجماعة.

ويذكر أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الغرض من تسجيل والدته مريم (65 عاماً) قبل نحو شهر كان لتعلم القراءة والكتابة، وبعض تعاليم الدين المتعلقة بالصلاة والصيام وغيرها، وليس للخضوع لخطب زعيم الجماعة ومؤسسها.

ارتفاع الأعداد

استهداف الجماعة الحوثية لقطاع محو الأمية جاء مع إقرارها بارتفاع أعداد الأميين في مناطق سيطرتها، وتسجيلها أعلى النسب على مستوى العالم.

وأوضح القيادي الحوثي أحمد الكبسي المعين في منصب رئيس جهاز محو الأمية في تصريحات بثتها وسائل إعلام الجماعة أن عدد الأطفال اليمنيين المتسربين من التعليم تجاوز 350 ألف طفل سنوياً ضمن الفئة العمرية بين 6 و10 سنوات.

ووفقاً لآخر التقديرات الصادرة عن النسخة الحوثية من الجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد الأميين في الفئة العمرية من عشر سنوات فأكثر بلغت ستة ملايين و380 ألفاً و763 أمياً وأمية، أي ما يمثل 29.2 في المائة من إجمالي عدد السكان.

من جهتها، اعترفت منظمة «انتصاف» الحوثية بوجود معاناة ومشكلات تواجهها المناطق تحت سيطرة الجماعة فيما يخص العملية التعليمية ومجال محو الأمية وتعليم الكبار، وأكدت ارتفاع نسبة الأمية من 45 في المائة قبل اندلاع الحرب في عام 2014 إلى أكثر 65 في الوقت الحالي.

ووفق التقرير الحوثي، فإن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد على 60 في المائة في بعض المحافظات، مثل الحديدة التي تصل فيها أعداد الأميين والأميات إلى أكثر من 1,2 مليون شخص، 62 في المائة منهم من الإناث.

وفي حين أبدى تقرير الجماعة اعترافاً بوجود معوقات وتحديات كبيرة يواجهها قطاع التعليم بشكل عام ومراكز محو الأمية على وجه الخصوص، كشف مسؤولون وعاملون في هذه المراكز عن حالة من التدهور الكبيرة وغير المسبوقة بسبب سلوك الحوثيين، وانقطاع الرواتب، وتحريف المناهج.

واتهم العاملون عناصر الجماعة الحوثية بمصادرة الدعم المقدم محلياً وخارجياً لمراكز محو الأمية، وإيقاف المحفزات المقدمة للملتحقين والملتحقات ببرامج محو الأمية، وتحويل عدد من مدارس محو الأمية إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة، ومجالس لتلقين الطائفية.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

تحقيق يكشف قتل الاحتلال 120 فلسطينيا أغلبهم من عائلة واحدة

أظهر تحقيق أجراه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين قصف مربعا سكنيا مكتظا بالسكان في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة بقنابل ذات قدرة تدميرية هائلة، مما أدى لاستشهاد نحو 120 فلسطينيا، معظمهم من عائلة واحدة.

وكشف التحقيق -الذي استغرق عدة أشهر واستند إلى زيارات ميدانية متعددة لمكان الاستهداف وشهادات ناجين وشهود عيان وصور للأقمار الاصطناعية- أن الهجمات الجوية الإسرائيلية نفذت بأسلحة أميركية، واستهدفت المربع السكني الذي يعرف بمربع آل أبو عيدة والذي يضم مباني سكنية تؤوي مئات المدنيين والنازحين.

وقال المرصد -في نتائج التحقيق التي نشرت اليوم الخميس- إن الحادثة التي وقعت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد مدنيين، في إطار هجومه العسكري واسع النطاق الذي يشنه ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والذي يمثل جزءا من جريمة الإبادة الجماعية الأوسع التي يرتكبها ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا للمرصد.

وقدر المرصد عدد السكان الذين كانوا في المنطقة وقت استهدافها بأكثر من 500 شخص، وغالبيتهم من عائلة أبو عيدة. ويشمل هذا العدد السكان المقيمين في المنطقة بالإضافة إلى نازحين كانوا قد لجؤوا إليها.

تفاصيل التحقيق

وفي تفاصيل التحقيق، أسقطت طائرات الجيش الإسرائيلي حوالي الساعة 12:30 بعد منتصف الليل ومن دون سابق إنذار، ما بين 6 و8 قنابل ذات قدرة تدميرية عالية على مربع آل أبو عيدة، مستهدفة مباني سكنية متلاصقة يتراوح ارتفاعها بين طابق واحد و5 طوابق، إلى جانب روضة أطفال.

وفي غضون ثوان، سويت مبان بالأرض، وتعرضت مبان أخرى لدمار كبير، وخلف الاستهداف دمارا هائلا في المنطقة وأضرارا بالمباني المحيطة، إلى جانب حفر كبيرة في الأرض، شوهد منها 3 على الأقل، يصل عمقها إلى نحو 2.5 متر، ويصل قُطر بعضها إلى حوالي 10 أمتار.

وادّعى الجيش الإسرائيلي آنذاك أن طائراته استهدفت مركزا للقيادة والسيطرة تابعا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في جباليا، وقضت على عناصر من الحركة، كما ادعى أنه حث سكان الحي على المغادرة من أجل تخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين، وفق تعبيره.

بيد أن التحقيقات التي أجراها المرصد الأورومتوسطي نفت وجود أي تحذيرات مسبقة من قبل الجيش الإسرائيلي، وفقا لشهادات جميع الناجين وشهود العيان. وهو ما أكده أيضا فحص فريق المرصد لهواتف بعض سكان المنطقة حيث تبين عدم وجود أي إشعارات أو رسائل تطلب منهم المغادرة قبل الاستهداف.

وكذلك، نفى جميع الأشخاص الذين قابلهم فريق المرصد رؤيتهم أي عناصر مسلحة أو وقوع أي اشتباكات عسكرية في المنطقة قبيل الاستهداف.

وقال المرصد إنه لم يجد أي أدلة على وجود أهداف عسكرية أو عناصر مسلحة في محيط المربع السكني المستهدف وقت الهجوم الإسرائيلي.

السلاح المستخدم

أما فيما يتعلق بالسلاح المستخدم، فقد أظهر التحقيق أن هناك توافقا بين الأسلحة المستخدمة في الهجمات التي وقعت في جباليا في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وتشابها في الأحجام وأنماط الدمار والآثار التي تركتها.

واستنتج عديد من خبراء ومفتشي الأسلحة أنها قنابل من نوع "جيه دام" (JDAM)، أو "جي بي يو 31" (GBU 31) أو "جي بي يو 56" (GBU 56)، التي يصل وزنها إلى حوالي ألفي رطل (900 كيلوغرام)، وهي من الأسلحة التي تزود بها الولايات المتحدة الجيش الإسرائيلي إما بالتصدير أو بالتصنيع المحلي بترخيص منها.

وخلص تحقيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن الهجوم الذي نفذه الجيش الإسرائيلي على مربع آل أبو عيدة إما متعمد مباشر أو عشوائي مفرط، وكلاهما يعد جريمة حرب مكتملة الأركان وفقا لنظام روما الأساسي.

كما أن هذا الاستهداف يعد جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد مجموعة من المدنيين، لأنه نفذ في إطار الهجوم العسكري الواسع النطاق والمنهجي الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على السكان المدنيين في قطاع غزة، وفقا لنتائج التحقيق.

مقالات مشابهة

  • اضطهاد الحوثي يفجّر انتفاضة شعبية في حي الحفرة في البيضاء
  • تدمير التعليم وانتشار الأمراض والمبيدات السامة.. جرائم حوثية في اتهامات مزعومة
  • شباب تعز: جرائم الحوثي بحق المحافظة منذ 10 سنوات لن تسقط بالتقادم
  • أول رد موحد من منظمات الأمم المتحدة على ااختطاف موظفيها من قبل المليشيات الحوثية
  • تيوتر كارثة بيئية جديدة.. الحوثي يمعن في إرهابه بالبحر الأحمر
  • الحكومة تحذر المنظمات الأممية والدولية في صنعاء من بطش الميليشيات
  • أنصار الله يهاجمون 3 سفن في البحرين الأحمر والعرب.. حرائق في إحداها
  • جماعة الحوثي: استهدافنا 145 سفينة منذ نوفمبر الماضي
  • تحقيق يكشف قتل الاحتلال 120 فلسطينيا أغلبهم من عائلة واحدة
  • في استطلاع للرأي: 61% من سكان غزة فقدوا شخصاً على الأقل في الحرب