رغم استمرار الحرب.. مشروع لتسهيل عودة السودانيين من مصر
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
الخرطوم- لا يجد عبد الله الأنصاري (اسم مستعار) بدا من التفكير جديا في العودة إلى السودان بعد 10 أشهر من وصوله إلى مصر هربا من نيران المعارك التي قال إنها أحاطت بمنزله في أحد أحياء الخرطوم بحري العريقة، في ظل مشروع أطلقته السفارة السودانية في القاهرة لتقديم تسهيلات إلى مواطنيها الراغبين في العودة إلى البلاد.
ولم يكن أمام الأنصاري حينها مخرج من الحرب سوى المغادرة مع أسرته المكونة من 4 أطفال وزوجته ووالدته، في رحلة شاقة برا وصولا إلى أسوان ثم إلى الإسكندرية.
"يتعذر علينا البقاء هنا مع انعدام مصادر الدخل وطلب صاحب الشقة مضاعفة قيمة الإيجار والغلاء الذي بات يصعّب علينا العيش"، يقول عبد الله، مشيرا إلى أنه حاول الحصول على عمل لكنه فشل، كما أن مدخراته التي كانت في حسابه البنكي بدأت تنفد، في ظل التدهور المريع للجنيه السوداني.
ويؤكد أنه لم يفكر كما الآخرين في التسجيل لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، لاعتقاده أن العودة إلى السودان ستكون قريبة بانتهاء القتال.
ويقول الأنصاري للجزيرة نت إنه علم أن السفارة السودانية في القاهرة تعمل على تسجيل وحصر الراغبين في العودة إلى البلاد، لكنه يتردد في بالتسجيل، فالوضع الأمني في الخرطوم بحري لا يزال صعبا مع الانتشار التزايد لقوات الدعم السريع، كما أن ذويه في ولاية الجزيرة باتوا نازحين بفعل الهجمات التي تشنها هذه القوات على القرى.
ويضيف بأسى "لا أدري إلى أين سنذهب في حال قررنا العودة، سأحاول الاستعانة بالأصدقاء والأقارب المغتربين لمساعدتنا، لا خيار أمامنا".
حال الأنصاري وأسرته لا يختلف عن آلاف السودانيين الذين اضطروا للجوء إلى مصر فرارا من الأوضاع الأمنية القاسية التي خلفتها الحرب الدائرة منذ 15 أبريل/نيسان 2023، حيث تواجه أعداد كبيرة منهم ظروفا معيشية قاسية مع استمرار القتال.
من جهته، يقول القائم بأعمال سفارة السودان في القاهرة محمد عبد الله التوم للجزيرة نت إن المبادرة التي تم إطلاقها مؤخرا تتيح فرصة العودة الطوعية للسودانيين في مصر، على أن تتولى السفارة الإجراءات الخاصة بمن لديهم غرامات أو مخالفات في الإقامة ويحتاجون لتسويتها، وذلك بالتنسيق مع الجانب المصري.
ويشير السفير إلى أن البعض دخل الأراضي المصرية بطريقة غير نظامية ويحتاج الأمر -كما يقول- إلى ترتيب وتفاهم مع الجانب المصري لتسهيل عبوره إلى السودان دون عقبات.
ووفقا للقائم بالأعمال السوداني، فإن المرحلة الأولى لإجراءات العودة الطوعية تتم بحصر الراغبين في العودة وتصنيفهم، ثم الشروع في الإجراءات الفعلية.
ويؤكد التوم أن كثيرا من السودانيين في مصر عبروا عن رغبتهم في العودة إلى البلاد، وبالتالي يأتي مشروع العودة الطوعية استجابة لهذه الرغبة، خاصة أن "هناك بشائر لاحت بعد تطهير أم درمان وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها في المدينة، مما أغرى عددا كبيرا من أبناء وساكني المدينة في التفكير بالرجوع إلى ديارهم".
ويوضح السفير أن المنطقة التي سيعود إليها الراغبون في العودة اختيارية، فهم من يحددونها، سواء كانت أم درمان أو أي ولاية أخرى.
العودة بالتهريبمن جانب آخر، يقول أحد العاملين في النقل بين السودان ومصر عن طريق التهريب للجزيرة نت إن حركة عكسية نشطة شهدتها الأشهر الماضية، حيث بدأ المئات من الذين دخلوا في الأشهر الماضية إلى مصر يعودون مجددا إلى السودان بعد تعذر الحياة في القاهرة ومدنها.
ويضيف أن 7 إلى 9 رحلات تتحرك يوميا في طريق العودة، وأن الأعداد تتزايد كل يوم، وفي المقابل يواصل عدد كبير الدخول إلى مصر، خاصة بعد قرار القنصلية المصرية في وادي حلفا وقف استلام طلبات التأشيرة الجديدة منذ مطلع مايو/أيار الجاري.
ويؤكد أن 80% من السودانيين المتوجهين إلى مصر مؤخرا دخلوها عن طريق التهريب، وأن وكالة السفر التي يديرها تحولت للعمل في هذا النشاط بعد تراجع السفر عن طريق المعابر الرسمية، ويقول "قد لا تتحرك رحلة باص إلا مرة أو اثنتين في الأسبوع بسبب قلة الحاصلين على التأشيرات".
ومنذ نهاية رمضان -حسب صاحب الوكالة الذي فضل عدم الكشف عن هويته- تزايد عدد الراغبين في العودة رغم ارتفاع درجات الحرارة وتزايد مخاطر الإصابة بضربات الشمس، حيث يتم استخدام سيارات مكشوفة لتحميل 14 راكبا -بينهم أسر- في الرحلة الواحدة، لكن أغلب العائدين -كما يقول- هم من الأفراد الذين آثروا ترك أسرهم في مصر والعودة إلى البحث عن عمل للتمكن من إعالتها.
وتتوجه رحلات العودة إلى مدينتي عطبرة وشندي في ولاية نهر النيل بتكلفة 5 آلاف جنيه مصري (100 دولار تقريبا) للفرد الواحد، وكسلا بشرق السودان وأبو حمد في شماله بقيمة 6 آلاف جنيه أو ما يعادل 125 دولارا تقريبا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الراغبین فی العودة فی العودة إلى إلى السودان فی القاهرة إلى مصر
إقرأ أيضاً:
لبنان يطلق المرحلة الأولى من خطة عودة اللاجئين السوريين
شعبان بلال (دمشق، القاهرة)
أعلن لبنان، أمس، انطلاق المرحلة الأولى من خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: إن العودة تتم بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، عبر مركز «المصنع» الحدودي البري شرق البلاد، مشيرةً إلى أنه تم تحديد نقطة التجمع في بلدة «بر الياس» استعداداً لانطلاق القوافل نحو سوريا. وتأتي الخطوة في إطار العودة المنظمة والآمنة بمشاركة كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر اللبناني وعدد من المنظمات الإنسانية.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري قد صرح في وقت سابق أن العودة ستنقسم إلى قسمين، منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأول تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل لاجئ على مبلغ 100 دولار.
أما بالنسبة للعودة غير المنظمة فسيكون على اللاجئ أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار.
وسيقوم الأمن العام اللبناني بإعفاء المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية مع شرط عدم العودة إلى لبنان.
وكشفت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سيلين شميت، عن عودة أكثر من 443 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم حتى أبريل الماضي، موضحةً أن أكثر من مليون نازح داخلياً عادوا إلى مناطق إقامتهم الأصلية.
وذكرت شميت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العائدين يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها الدمار الذي لحق بمنازلهم، والمخاطر الناتجة عن الألغام الأرضية، ونقص الخدمات الأساسية، مما يتطلب استجابة إنسانية مرنة وسريعة، ودعماً دولياً مستمراً لضمان كرامتهم واستقرارهم.
وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها العائدون تتعلق بالإسكان، حيث إن العديد من المنازل تضررت كلياً أو جزئياً، مما يجبر السكان على الإقامة في مراكز إيواء مؤقتة أو لدى أقاربهم في ظروف مزدحمة، موضحة أن الحصول على خدمات المياه والكهرباء لا يزال محدوداً في العديد من المناطق.
وأفادت شميت بأن الألغام والذخائر غير المنفجرة تشكل خطراً كبيراً على المدنيين في محافظات إدلب وحلب واللاذقية ودرعا، حيث تُسجل إصابات ووفيات أسبوعية، لا سيما بين الأطفال.
وقالت المسؤولة الأممية: إن الأوضاع الاقتصادية لا تزال هشة للغاية، إذ تتفاقم الأزمة نتيجة تدهور الخدمات العامة، وانخفاض القدرة الشرائية، وصعوبة الوصول إلى المعاملات المصرفية، إضافة إلى مشاكل السيولة.
وحذرت من خطورة النقص الواسع في خدمات الكهرباء والمياه في العديد من المناطق، مؤكدة أن إصلاح هذه الخدمات يشكل تحدياً بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، مشيرة إلى فقدان عدد كبير من السوريين لوثائق الهوية والملكية، جراء تدمير سجلات الأحوال المدنية، مما يعرقل حصولهم على وثائق بديلة.
احتياجات إنسانية
أكدت شميت أن الاحتياجات الإنسانية ما تزال مرتفعة، حيث يقدر عدد المحتاجين للمساعدات بأكثر من 16.7 مليون شخص، إضافة إلى وجود نحو 7.4 مليون نازح داخلياً، و6.2 مليون لاجئ خارجياً، مشددة على أن الظروف لا تزال بالغة الصعوبة، مما يستوجب استمرار دعم المجتمع الدولي لمساندة السوريين في إعادة إعمار وطنهم ومعالجة الأزمة الإنسانية.