الأمانة: ازدياد عدد المركبات والطرقات القديمة مسبب رئيسي للأزمات الامانة: نمنح مشاريع النقل العام أولوية قصوى لتقليل الأزمات عطاء لإنشاء جسر على تقاطع الاستقلال ينقل المركبات نحو الشمال مباشرة الأمانة:مشروع ضخم على تقاطع الدوار الثامن يتضمن هدم الجسر القائم حاليا 

يعاني الأردنيون من معضلة الأزمات المرورية التي غدت تلازمهم طوال فترات العام، لا سيما خلال أوقات الذروة اليومية.

وتزامناً مع قدوم فصل الصيف تزداد حدة تلك الأزمات نظراً لعودة المغتربين إضافة إلى عطلة المدارس وتنشط الحركة السياحية.

الإزدحامات والحلول المرورية في عمان

مدير دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان الكبرى المهندس محمد الحنيطي قال إن أزمات السير في العاصمة عمان مشابهة لأزمات السير في مختلف المدن الكبرى.

وبين خلال استضافته عبر برنامج أخبار السابعة الذي يعرض على شاشة "رؤيا"، أن أسباب ازدياد الأزمات المرورية تتمثل في ازدياد عدد المركبات التي تدخل المملكة بشكل سنوي.

وأوضح أنه يتم التخليص والموافقة على عدد كبير من المركبات وهو ما ينعكس على أوضاع الأزمات المرورية، لا سيما وأن الطرق الموجودة في العاصمة ذات تخطيط قديم ولا يوجد مجال لزيادة سعتها في غالب الأحيان.

اقرأ أيضاً : الصفدي يبحث مع نظيره السوري محاربة تهريب المخدرات وأمن الحدود

ونوه أن الطاقة الإستيعابية للطرقات تتحمل قدرا معينا من المركبات إن تم تخطيه سيتسبب بصناعة أزمات واختناقات مرورية.

وذكر أن التقاطعات أيضا ذات تخطيط قديم وبالكاد يمكن صناعة حلول مرورية على أغلبها، مثل انشاء جسور وأنفاق وغيرها.

وأكد أن الأمانة محصورة بعدد ومساحة الطرقات، وعدم قدرتها على التحكم بأعداد المركبات التي تدخل إلى المملكة في كل عام.

النقل العام.. هل يحل المشكلة؟

يرى خبراء أن توفير نظام نقل مرن وحيوي سيسهم بالضرورة في تقليل الاختناقات والأزمات المرورية باعتبار لجوء المواطنين إلى استخدامها بدلا من مركباتهم الخاصة، لا سيما خلال فترات التوجه والعودة من العمل.

الحنيطي أكد لـ"رؤيا" أن أمانة عمان تعمل بشكل جلي على هذه الجزئية، وبدأت أولاً بمشروع الباص سريع التردد "الباص السريع" والذي انتهت المرحلة الأولى منه ويتم العمل على دراسات المرحلة الثانية.

وبين أن مثل هذه المشاريع ستسهم وتساعد في تقليل الاختناقات المرورية، حيث سينظر المواطن إلى تلك الوسائل باعتبارها خيارا سهلاً توفر وقتا وجهدا ومالاً.

وذكر أن وسائل النقل تقدم مزايا عدة للراغبين باستخدامها أبرزها توفير المال الذي يتم دفعه على المحروقات "مرتفعة السعر" وتكاليف الحصول على موقف للمركبة الخاصة في ظل عدم وجود مواقف كافية داخل المدينة.

وأفاد أن الأمانة تمنح مشاريع النقل العام أولوية قصوى واهتماما بالغا خلال الفترة الحالية.

الأثر الإيجابي لمشروع الباص السريع

الحنيطي قال إن الباص السريع لن يحل مشكلة الأزمات المرورية بشكل كامل، ويحتاج إلى وقت حتى تختلف ثقافة المواطن فيما يتعلق باستخدام وسائل النقل العام وهذا الأمر لن يأتي بين ليلة وضحاها.

وأضاف لـ"رؤيا":"مشروع الباص السريع يتألف من عدة مراحل، ودون اتمام كافة مراحله لن نلمس الأثر الحقيقي له وما نرجوه منه فيما يتعلق بمعالجة الأزمات والاختناقات المرورية".

وتابع:"المرحلة الأولى من الباص السريع حققت نجاحا ملموسا ولدينا أعداد كبيرة من المواطنين الذين اتجهوا إلى استخدام الباص بدلا من المركبات الخاصة".

انفاق وجسور.. مشاريع ضخمة في عمان لحل الأزمات

الحنيطي ذكر أن النقاط الساخنة داخل العاصمة والتي تعاني من ازدحامات مرورية محددة، وتنحصر بالمحاور الرئيسية، مثل محور شارع الاستقلال الذي يعاني على طوله من ازدحامات خانقة رغم تنفيذ مشاريع عليه وإعداد مشاريع أخرى لتنفيذها مستقبلا. 

وأوضح أن دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان الكبرى تعمل على دراسة المحاور بشكل كامل وليس نقاط محددة بداخلها؛ بهدف العمل على حل المشكلة المرورية على طول المحور وعدم ترحيل المشكلة إلى وقت لاحق. 

وحول محور شارع الاستقلال نفذت الأمانة إشارة مرورية على تقاطع الشميساني أسهمت في تنظيم حركة السير على الدوار وساعدت في تخفيف الاختناق المروري، كما ويتم طرح عطاء حاليا على تقاطع الإستقلال ذاته الذي يربطه مع شارع الأردن بهدف انشاء جسر باتجاه الشمال. 

وبين أن هذا الجسر سيؤدي إلى نقل مستخدمي شارع الاستقلال القادمين من دوار الداخلية إلى اتجاه الشمال مباشرة، بدلاً من أن يقوم بعملية الالتفاف الإعتيادية. 

وأكد أن الجسر سيكون على منحنى واسع وسيمنح السائق امكانية البقاء على سرعة مركبته، حيث سيساعد بالتخفيف من الأزمة الموجودة في دوار الداخلية وشارع الاستقلال. 

ولعدم نقل الأزمة المرورية باتجاه الإشارات المرورية الموجودة بالقرب من مستشفى الملكة علياء العسكري، قال الحنيطي إن الأمانة ألغت قبل مدة تلك الإشارات واستعاضت عنها بالتفافات من دون إشارة، ما يعني أنه سيتم نقل الأزمة من دوار الداخلية إلى طريق مفتوح. 

وكشف عن مشروع ضخم سيتم إنشاؤه على تقاطع الدوار الثامن يتضمن هدم الجسر القائم حاليا وانشاء أنفاق وجسور أكبر جديدة، إضافة إلى إشارة ضوئية للحركات المرورية البسيطة المتبقية. 

وأشار إلى أن المشروع جاهز للطرح تقريبا خلال الفترة المقبلة. 

ما فائدة الغاء الدواوير في الأردن؟

وحول اقدام أمانة عمان الكبرى على الغاء عدد من "الدواوير" في العاصمة عمان والإستعاضة عنها بإشارات وحلول أخرى، أوضح الحنيطي أن هذا الإجراء اسهم في تقليل الاختناقات المرورية. 

وأكد أن الأمانة لا تملك عصا سحرية تنهي الأزمات، إلا أن إجراءاتها تخفف الأثر المروري، حيث يستوعب الدوار عدد من المركبات بالساعة ما يجعلنا نستعيض عنه بإشارة مرورية تحتمل عددا أكبر من المركبات، عدا عن قدرة الأمانة على التحكم بمدة فتحها وإغلاقها من خلال مركز التحكم بالإسارات الضوئية. 

وذكر أنه يوجد 192 إشارة ضوئية في العاصمة، 162 منها مرتبطة بمركز التحكم ومن خلال الشاسات يمكن تحديد موقع الأزمات واتجاهاتها وبناء على ذلك يحدد وقت فتح وإغلاق المركبة. 

ونوه أن الحلول لن تعطي نتائج كاملة لإنهاء الأزمات، وأزمة عمان لن تنتهي، حيث أن الحلول قد تقلل من حجم المشكلة إلى النصف. 

وقال:"لا يوجد حلول يمكنها إلغاء مشكلة الاختناقات والأزمات المرورية وجعلها صفرية، لا سيما في ظل حصر الطرقات بمساحات ضيقة ووجود مشاريع انشائية ضخمة على جنباتها". 

تخطيط مختلف للمدن الجديدة

وتشهد العاصمة عمان توسعا مستمرا وانشاء مدنٍ جديدة، ما يطرح التساؤلات حول أخذ الجهات المختصة بعين الاعتبار حجم الطرقات. 

الحنيطي أوضح لـ" رؤيا" أن دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان يمر عليها أي مشاريع جديدة كبيرة من المتوقع أن ينتج عنها أثرا مروريا ضخما. 

وأشار إلى أن الدائرة تدرس مخططات المشروع وبناءً على المعطيات تجيز أو لا تجيز ذلك المشروع، حيث يوجد شروط معينة يتم طلبها من تلك المشاريع حتى لا يكون الأثر المروري كبيرا على حركة الطرقات. 

شركاء إدارة المرور في عمان

الحنيطي ذكر أن الأمانة تعمل على تنظيم حركة المرور بالتعاون مع عدد من الشركاء، عدا عن وجود أكثر من مديرية داخل الأمانة تعمل بشكل وثيق. 

وقال إن هناك مديرية الهندسة ومديرية ومديرية المرور ومديرية النقل يعملون إلى جانب بعضهم في الأمانة، فيما نعمل مع جهات خارجية مثل إدارة السير بشكل مباشر، إضافة إلى المعهد المروري ووزارة الأشغال والنقل. 

وأكد أن التعاون ممتاز بين مختلف الجهات ولا يوجد أي عقبات تعرقل آلية العمل. 

اشارات ذكية في عمان

الحنيطي بين أن هناك إشارات ذكية تقوم بفتح الطريق وإغلاقه بناء على المسار الأكثر اكتظاظا بالمركبات، موضحاً أن هذا الإستخدام موجود على نطاق ضيق. 

وأشار إلى أن الأمانة تدرس تحويل العاصمة عمان إلى مدينة ذكية ومن ضمن ذلك المشروع هناك ما يسمى "إدارة المرور الذكي".

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: أمانة عمان أمانة عمان الكبرى الطرق حالة الطرق الباص السريع الأزمات المروریة شارع الاستقلال العاصمة عمان الباص السریع النقل العام من المرکبات أمانة عمان فی العاصمة أن الأمانة على تقاطع وأکد أن لا سیما فی عمان

إقرأ أيضاً:

اليمن بعد 35 عاماً على الوحدة…دولة غائبة ومشاريع تتنازع الجغرافيا

يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص

في الذكرى الخامسة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، يعود هذا الحدث الوطني الكبير في ظل مشهد سياسي واجتماعي متصدّع، ودولة غائبة، وسلطة متنازعة بين قوى تتقاسم الجغرافيا، وتتعارض مشاريعها مع جوهر الوحدة ومضمونها.

فرغم أن 22 مايو 1990 مثّل محطة مفصلية في تاريخ اليمن الحديث، أنهت عقوداً من التشطير والصراع، فإن واقع اليوم يشي بانقلاب تدريجي على ذلك المنجز، من خلال ضعف القرار السيادي، وتفكك مؤسسات الدولة، وصعود كيانات مسلحة تتعامل مع الجغرافيا كغنيمة، ومع الوحدة كعقبة أمام طموحاتها السياسية.

فقد بات المشروع الوحدوي يواجه أعنف اختبار منذ تأسيسه، ليس بفعل الحرب والانقسام فحسب، بل نتيجة غياب القيادة القادرة على حماية هذا المنجز، وتحوّل السلطة إلى كيان هش تتقاسمه قوى متنافرة، كلٌ يعمل لمصلحته الخاصة أو لمصلحة داعميه الإقليميين.

ورغم ما تحمله هذه المناسبة من رمزية وطنية عالية، فإنها تأتي هذا العام في ظل واقع مأزوم تتعمق فيه الأزمات الإنسانية والمعيشية، وتُطوى فيه يوميات اليمنيين تحت وطأة الحرب والتمزق الجغرافي، وانهيار الخدمات، وتدهور العملة، وانقطاع الرواتب، وتفاقم الأزمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الصحية. إلا أن كثيرين يرون أن ركائز المشروع الوطني الوحدوي لا تزال صامدة في وجه هذه التحديات، باعتبارها من الثوابت التي تشكلت في الوعي العام كمنجز تاريخي لا يمكن التفريط به بسهولة.

تقاسم السلطة عطّل الدولة 

يرى الكاتب والمحلل السياسي ضيف الله شمسان أن الحرب في اليمن لم تُنتج دولة أو حتى مشروعاً وطنياً، بقدر ما عمّقت نزعات الاستحواذ السياسي والعسكري على الجغرافيا، ورسخت واقعاً شاذاً تقاسمت فيه المكونات المسلحة – بدعم خارجي – السلطة والنفوذ على حساب الدولة المركزية ومشروعها الوطني.

وفي حديثه لـ”يمن مونيتور”، يوضح شمسان أن ضعف القرار المركزي وتآكل مؤسسات الدولة أفسح المجال أمام تغوّل النزعات الانفصالية، خصوصاً حين تجد هذه النزعات حواضن إقليمية تمولها وتمنحها شرعية موازية. ويضيف أن هذا الواقع أنتج مشهداً سياسياً مشوهاً، تعددت فيه المكونات السياسية والعسكرية، واحتكرت فيه جماعات مسلحة مواقع النفوذ دون أن تنضوي تحت مظلة الدولة.

وأشار إلى أن أخطر ما في الأمر هو أن هذه المكونات المسلحة، التي يفترض أنها خارجة عن مؤسسات الدولة، أصبحت جزءاً من هرم السلطة نفسه، كما هو حال المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي – وهو في الوقت ذاته عضو في مجلس القيادة الرئاسي، ما يعكس ازدواجية خطيرة بين الانتماء للوحدة وممارسة الانفصال.

ويضيف شمسان أن تركيبة المجلس الرئاسي بحد ذاتها تمثل امتداداً لحالة التشظي، إذ يتكوّن – حسب وصفه – من “ثمانية رؤوس متخاصمة متصالحة مع الفساد والتبعية والمحاصصة”، ولا تمتلك القدرة أو الإرادة لردع المليشيات، ما سمح للمجلس الانتقالي بالمضي قدماً في خطواته الانفصالية دون أي رادع فعلي من الحكومة التي يفترض أنه جزء منها.

ويؤكد شمسان أن الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية تحل في وقت تعيش فيه البلاد غياباً كاملاً لمؤسسات الدولة، يقابله حضور طاغٍ للمليشيات في الشمال والجنوب، في ظل تراجع مخيف في مؤشرات التنمية وتفشي الفساد المالي والإداري، مستشهداً باستمرار تواجد كبار المسؤولين خارج البلاد، وتلقيهم رواتب ومزايا بالدولار، ما يجعل من العودة إلى الداخل خياراً غير مُحفّز.

تقويض الوحدة

يرى الباحث التاريخي والمحلل السياسي مختار هاشم أن الصراع الداخلي بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي لا يمثل فقط خللاً في بنية السلطة، بل يُعد تهديداً مباشراً لخيار بقاء اليمن موحداً، من خلال إضعاف مركز القرار وتكريس واقع التقاسم المناطقي والجغرافي بين القوى المسلحة، كلٌّ بحسب ولائه الخارجي أو مشروعه الخاص.

وفي سياق تحليله للمشهد، يؤكد هاشم أن “المجلس الرئاسي بتركيبته الحالية ليس فقط عاجزاً عن الدفاع عن الوحدة، بل يتحول – من حيث يدري أو لا يدري – إلى منصة لإدارة الانقسام وتمكين الأطراف الانفصالية من التمدد تحت مظلة شرعية معطّلة”. ويضيف: “الصراع بين أعضاء المجلس لا يدور حول بناء الدولة، بل على النفوذ والتمثيل والمكاسب، وهو ما ينعكس سلباً على صورة الدولة اليمنية الموحدة أمام الداخل والخارج”.

ويشير إلى أن الانقسامات داخل المجلس تسهم بشكل مباشر في إضعاف مؤسسات الدولة، وتمنح المكونات الانفصالية – وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي – فرصة تعزيز مشروعها، مستغلةً غياب الردع وازدواجية الخطاب داخل الشرعية نفسها.

ويقول هاشم: “حين يكون رئيس المجلس الرئاسي عاجزاً عن فرض الانضباط البروتوكولي في مهمة رسمية، كما حدث في قمة العراق، ويظهر نوابه كمتزاحمين على مشهد لا يحترم هيبة الدولة، فماذا يتبقى من صورة الوحدة؟ الوحدة ليست شعاراً يُردد في المناسبات، بل قرار سياسي وسيادي لا يقبل التنازع”.

ويختم بالتحذير من أن استمرار هذا النموذج الهش من القيادة “سيحوّل الدولة إلى مجرد غطاء لسلطات أمر واقع تتقاسم الجغرافيا، ويجعل من الوحدة مجرد ذكرى يحتفل بها البعض، فيما يتم تفكيكها عملياً بنداً بنداً، ومن داخل السلطة ذاتها.

تكريس الانفصال تحت غطاء الشرعية

يحذر الصحفي اليمني مصعب عفيف، في تصريحات خاصة لموقع “يمن مونيتور”, من خطورة الدور الذي يلعبه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، على مستقبل الوحدة اليمنية، مؤكداً أن ما يقوم به المجلس لا يخرج عن إطار مشروع ممنهج لتفكيك البلاد وتمزيق نسيجها الوطني.

وقال عفيف: “الانتقالي الجنوبي لا يؤمن بالدولة اليمنية ولا بمشروعها الوطني، بل يتحرك وفق أجندة خارجية واضحة، تموله وتوجهه أبو ظبي، ويستغل غطاء مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي لفرض واقع انفصالي على الأرض، مستفيداً من الفراغ السياسي وتشتت القرار داخل الشرعية”.

وأضاف: “المشكلة ليست فقط في طموح الانتقالي إلى الانفصال، بل في أن سلوكه اليومي يعكس مشروعاً عدائياً تجاه فكرة الدولة الواحدة، فهو يدير المناطق التي يسيطر عليها ككيان مستقل، بقوات مسلحة وهيئات إدارية لا تخضع للحكومة، بل ترفضها صراحةً”.

وأشار عفيف إلى أن تمكين الانتقالي من مؤسسات الدولة، ومنحه غطاءً رسمياً عبر عضويته في المجلس الرئاسي، هو “كارثة سياسية”، لأنه – حسب قوله – “يساهم في شرعنة مشروعه، ويمنحه القدرة على التحرك إقليمياً ودولياً كطرف يمثل الجنوب، لا كجزء من الدولة اليمنية”.

وتابع: “أخطر ما في الأمر أن بعض الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها الإمارات، تدفع بهذا المشروع إلى الأمام، ضمن ترتيبات سياسية وعسكرية تهدف إلى تقويض وحدة اليمن، والتحكم بموانئه ومنافذه الحيوية، وكل ذلك يتم في ظل صمت مطبق من المجلس الرئاسي، أو تواطؤ غير مباشر”.

وختم عفيف بالقول: “الوحدة اليمنية اليوم لا تواجه تهديداً من ميليشيات الحوثي فقط، بل من أطراف داخل الشرعية نفسها، وعلى رأسها المجلس الانتقالي، الذي يتعامل مع الجنوب كدولة قائمة، ويحاول فرض أمر واقع انفصالي ستكون كلفته باهظة على اليمنيين جميعاً”.

وحدة اليمن تتجاوز نزعات الانفصال 

رغم احتدام الصراع في اليمن، وتعدّد مراكز النفوذ العسكرية والسياسية، لا يزال مشروع دولة الوحدة يُمثّل المصير المشترك لليمنيين، شمالاً وجنوباً، باعتباره الضمانة الوحيدة للاستقرار وإعادة بناء الدولة. وبرغم محاولات التشظي، تؤكد مؤشرات الواقع أن أي طرف محلي لا يستطيع، منفرداً، فرض مشروع انفصالي أو حكم جغرافي منعزل، في ظل ترابط القضايا وتشابك المصالح بين أبناء الوطن الواحد.

ويؤكد عدد من الناشطين السياسيين في حديثهم لموقع “يمن مونيتور” أن مصير الشعب اليمني يظل واحداً، وأن وحدة البلاد تبقى الخيار الأوحد الذي يتوافق عليه الجميع، رغم تعقيدات المشهد. وقالوا إن المليشيات التي تتحكم بالجغرافيا لا تمثل مشروعاً وطنياً، بل تسعى إلى تمزيق البلاد، لكنها، برأيهم، لن تنجح، “فالأمر مسألة وقت، وستزول جميعها”، بحسب تعبيرهم.

ويرى هؤلاء الناشطون أن الحرب دمّرت معظم منجزات ما قبلها، لكنها في المقابل خلقت وعياً جديداً لدى اليمنيين بحقيقة مصيرهم المشترك، فالجميع – في الجنوب كما في الشمال – يتجرّع مرارة الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات وتفاقم الفساد، ما عزّز الشعور بأن الانقسام لا يولّد إلا المزيد من المعاناة والشتات.

وتشير قراءات الواقع إلى أن نزعات الانفصال، رغم صخبها السياسي والإعلامي، بدأت تتراجع تدريجياً، خاصة بعد فشل المكونات الانفصالية في تقديم نموذج بديل قادر على إدارة مناطق سيطرتها، ناهيك عن تزايد السخط الشعبي نتيجة تدهور الأوضاع وغياب الأمن والخدمات الأساسية.

الباحث في التاريخ محمد عبد العزيز جابر، يقول لـ”يمن مونيتور” إن “كل قضايانا نحن اليمنيين متداخلة ومترابطة، لا الانتقالي قادر على الانفصال، ولا الحوثي يستطيع فرض دولته”. ويضيف: “بعد سنوات من الصراع، لم يتحقق شيء سوى الفشل والانقسام والفساد, والحل الوحيد هو العودة إلى مشروع دولة الوحدة، كإطار جامع يعيد بناء اليمن بقيادة وطنية مستقلة”.

في ظل هذه الرؤية، يتجدد الحديث عن أن بقاء اليمن موحّداً ليس فقط خياراً سياسياً، بل هو ضرورة وطنية تفرضها الجغرافيا والمجتمع والتاريخ، وأن تجاوز المحنة الراهنة يتطلب قيادة حقيقية تضع الوطن فوق الحسابات الفئوية والإقليمية، وتعيد صياغة المشروع الوطني على أسس العدالة والشراكة.

 

 

مقالات مشابهة

  • شرطة الشارقة تحذر من إهمال فحص المركبات
  • «ملتقى الجاهزية والدبلوماسية» يعيد تعريف فن إدارة الأزمات
  • تعلن محكمة ونيابة جنوب غرب الأمانة أن على المدعى عليه /محمد مجلي لحضور الجلاسات خلال المدة اقصاها شهر
  • 122 ألف زائر ومشاريع بقيمة 11 مليار درهم خلال «اصنع في الإمارات»
  • متحدث أمانة العاصمة المقدسة: استنفار كامل لكافة طاقات الأمانة لتهيئة أجواء صحية آمنة لضيوف الرحمن
  • مسؤول: 3 مراحل لمهام مركز إدارة الأزمات بالطائف في موسم الحج
  • الأمير مرعد يلتقي أمين عمان
  • اليمن بعد 35 عاماً على الوحدة…دولة غائبة ومشاريع تتنازع الجغرافيا
  • قبل ما تتحرك من بيتك.. خريطة الزحام المروري بطرق ومحاور القاهرة والجيزة
  • تعزيز جاهزية المطارات المصرية لمواجهة الأزمات الصحية عالميًا خلال اجتماع CAPSCA