من يده في الماء ليس كمن يده في النار . . !
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
من يده في #الماء ليس كمن يده في #النار . . !
#موسى_العدوان
يُقال في الأمثال الشعبية : “من يده في الماء ليس كمن يده في النار، ومن لم يجرب الابتلاء ليس كمن جربه وعانى من مرارته، وأسوأ الناس خلقا ومروءة وعقلا، من ينتقص من محن الناس، ويمثل أدوار البطولة عليهم وهو متكئ على أريكته، لم يجربها ولم يخضها، لأن الكلام شيء والفعل والامتحان شيء آخر، وشتان بين المقامين .
فعندما أكتب أحيانا عن معاناة المدنيين في الحرب وخاصة في حرب غزة، وأبين بعض سلبياتها وضرورة حماية المدنيين، فإنما أعبّر عن مشاعري تجاه أولئك الناس، لأنني شيئا من المعاناة في مواقف صعبة خلال حربين سابقتين في خدمتي العسكرية.
ولكن قبل أن يجف حبر ما كتبت، ينطلق جنرالات الحرب المدنيين، ليعلّموني درسا وكأني أجهله، بأن حرب المقاومة والتحرير واجبة، وأن سقوط آلاف الضحايا من المدنيين العزّل، حتى وإن كان بلا مقابل ليس له قيمة، لأنه جهاد في سبيل تحرير الوطن المغتصب، متناسين قوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ).
مقالات ذات صلة ما بعد الحرب على غزة : حل الدولتين عدوان جديد على الحقوق الفلسطينية 2024/05/15جنرالات الكلام أولئك، لا يعرفون أنني كنت قائدا للقوات الخاصة الأردنية في بداية عقد الثمانينات، والتي كان من اهم اختصاصاتها، القيام بحرب العصابات والمقاومة، أو ما يطلق عليه الحرب غير النظامية ضد العدو المحتل.
كما أنني أعرف أسبابها ومقوماتها وضرورة تقدير الموقف لكيفية تنفيذها. وحول هذا الموضوع فقد كتبت العديد من المقالات، التي نُشرت على المواقع الإخبارية المحلية، وعلى موقع رأي اليوم اللندني.
وفي هذا المجال سأورد القصة الحقيقية التالية : الفريق علي الحياري عليه رحمة الله، كان في عقد الخمسينات قائدا للفرقة الأولى في الجيش الأردني برتبة عميد، ومقرها في منطقة ( خو ) شرقي مدينة الزرقاء. وكان الحياري معروفا بعسكريته الصارمة، إذ كان عندما يتحرك من مقر قيادته، قاصدا زيارة القوات في الضفة الغربية، كانت الكتائب تتخذ حالة الطوارئ استعدادا لاستقباله.
في إحدى الليالي، قام العدو الإسرائيلي بالاعتداء على قرية في الضفة الغربية، فتم تحريك قوة لنجدتها من الوحدات الاحتياطية في المنطقة. حدثت أخطاء قيادية في قوة النجدة خلال تنفيذ العملية. فطلب قائد الفرقة عقد اجتماع لضباط اللواء بمختلف رتبهم في تلك المنطقة، كي يتحدث إليهم عن الأخطاء التي ارتكبت في المعركة، وتوجيههم لكيفية التعامل مع مثل هذه الحوادث مستقبلا.
وبعد نهاية المحاضرة للحضور ختم الحياري قائلا : ” فلسفات ضباط صغار . . لماذا لم يعملوا كذا . . ولماذا لم يتصرفوا كذا . . لا أريد أن أسمع . . القتال مع العدو مستمر . . وقد خصصنا قطعة أرض قريبة من موقعكم هذا، لتكون مقبرة عسكرية . . فمن يحالفه الحظ منكم في المعارك القادمة سيدفن فيها “. فران الصمت على الجميع ولم ينبس أحدهم بكلمة . فقائد الفرقة يعلم أن الجالس في المحاضرة ويتحدث بشجاعة الغائب، ليس كمن يقاتل في المعركة ويعاني من ظروفها القاسية وويلاتها.
وعلى هذا المنوال نقرأ أحاديث وتعليقات الجنرالات المدنيين، الذين لا يتجاهلون ما يجري من قتل للمدنيين، وتدمير للمنازل فوق رؤوس ساكنيها، وهم جالسون بعيدا عن أتون الحرب، لم يفقدوا قريبا أو صديقا، ولم يُهدم لهم بيتا لا سمح الله.
ولو تحدثوا وهم قريبا من الحدث على الأقل، لبصمت لهم على أقوالهم بعشرة أصابع، ولكنهم يتحدثون من مدن بعيدة عن الحدث، وأيديهم في الماء البارد، وعلى الأرائك متكئون . . !
التاريخ : 15 / 5 / 2024
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الماء النار موسى العدوان من یده فی
إقرأ أيضاً:
غالبيتهم من المدنيين.. 7670 قتيلاً في سوريا خلال ستة أشهر
لم تكن الأشهر الستة التي أعقبت سقوط النظام السوري نهايةً للعنف، بل بداية فصل جديد من الفوضى والدم، فعلى الرغم من تغيّر المتحكمين بالمشهد، إلا أن عمليات القتل لازالت مستمرة، والتي يدفع المدنيون ثمنها الأكبر. اعلان
وبحسب تقرير صادر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الفترة الممتدة من 8 كانون الأول 2024 وحتى 6 حزيران 2025، شهدت مقتل 7670 شخصًا في جميع أنحاء البلاد، بسبب أعمال العنف والانتهاكات من قبل أطراف متعددة، محلية وخارجية، وسط غياب لمؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية.
من بين القتلى، سقط 5784 مدنيًا، من ضمنهم 306 أطفال و422 سيدة، ما يعكس حجم الخطر الذي يتهدد الفئات الأضعف في المجتمع، ويؤكد أن المدنيين هم الطرف الأكثر تضررًا من استمرار الفوضى، بنسبة بلغت 75.4% من إجمالي الضحايا.
وتوزعت الحصيلة الشهرية للضحايا بحسب المرصد على النحو التالي: في الأسابيع الأخيرة من عام 2024، سُجلت 2354 حالة وفاة، من بينهم 1894 مدنيًا، في كانون الثاني 2025، ارتفعت الحصيلة إلى 1122 قتيلًا، من بينهم 679 مدنيًا، تبع ذلك شهر شباط بـ603 قتلى، بينهم 435 مدنيًا.
وكان شهر آذار الأكثر دموية، حيث سقط فيه 2644 ضحية، منهم 2069 مدنيًا، أما في نيسان، فقد تراجع العدد الكلي للقتلى إلى 452 قتيلًا، بينهم 352 مدنيًا. بدوره سجّل شهر أيار، نحو 428 وفاة، بينهم 295 مدنيًا، وحتى السادس من حزيران، قُتل 67 شخصًا، بينهم 60 مدنيًا.
التقرير وثّق أيضاً حوادث قتل عشوائي بالرصاص الطائش خلال مناسبات عامة ونزاعات فردية، سقط خلالها مدنيون دون قصد أو سبب واضح، في مشهد يعكس غياب الحد الأدنى من ضبط السلاح أو الأمن المجتمعي.
Relatedدُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةمقتل شخص بغارة في جنوب سوريا وإسرائيل تعلن استهداف أحد عناصر حماسسوريا: قتلى وجرحى في انفجار استهدف مخفر شرطة مدينة الميادين في ريف دير الزور مناطق النفوذ... وانتهاكات بلا رادعفي مناطق "الجيش الوطني"، المدعوم من تركيا، وثّق التقرير حوادث إطلاق نار مباشر وعمليات مداهمة أفضت إلى مقتل مدنيين، بالإضافة إلى حالات تعذيب حتى الموت داخل مراكز احتجاز تابعة للفصائل، وسط غياب أي رقابة أو محاسبة قانونية.
أما في مناطق سيطرة حكومة دمشق، فقد تم تسجيل وفيات تحت التعذيب في السجون الرسمية، في ظل تغييب كامل للعدالة وحرمان المعتقلين من حقوقهم القانونية.
بالنسبة لمناطق سيطرة "قسد"، سُجلت انتهاكات جسيمة بحسب المرصد شملت إعدامات ميدانية واستخدامًا مفرطًا للقوة خلال العمليات الأمنية، ما يثير تساؤلات حادة حول آليات المحاسبة والرقابة في تلك المناطق.
كما سلّط التقرير الضوء أيضاً على عمليات القتل والاغتيال التي قام بها "داعش"، حيث قال إنه رغم انحسار سيطرة التنظيم الجغرافية، إلا أنه لم يختفِ، إذ يواصل تنفيذ عمليات اغتيال وتصفية بحق معارضيه في مناطق متفرقة، مما يعيد التذكير بأن الخطر ما زال قائمًا، وأن خلايا التنظيم لا تزال قادرة على الفتك والتخريب.
غارات إسرائيلية وهجمات تركية... ومدنيون في المنتصفوشهدت الفترة الماضية أيضًا تنفيذ غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع داخل سوريا، أوقعت بعضها قتلى من المدنيين، بحسب توثيقات المرصد، لتضيف بعد دوليا إلى دوامة العنف الداخلي.
وفي شمال شرق البلاد، أودت الهجمات الجوية التركية بحياة عدد من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، في خروقات واضحة لقوانين الحرب والنزاع المسلح.
كما يوثّق التقرير أيضاً حالات قتل لسوريين أثناء محاولتهم عبور الحدود نحو الأردن أو تركيا، حيث تعرضوا لإطلاق نار مباشر من حرس الحدود، وهي مشاهد تُظهِر حجم المخاطر التي تلاحق المدنيين حتى خارج البلاد.
إعدامات ميدانيةواحدة من أخطر الظواهر التي كشف عنها التقرير، هي تصاعد الإعدامات الميدانية والقتل على الهوية والانتماء الطائفي فقد تم توثيق 2133 حالة تصفية، وُصفت كثير منها بـ"الوحشية"، وكان النصيب الأكبر منها في شهر آذار، الذي شهد وحده 1726 عملية قتل، بالتزامن مع هجمات مسلحة على حواجز أمنية في الساحل السوري.
كما شهدت الفترة الماضية تكرر حوادث القتل على يد مجهولين، دون معرفة الدوافع أو الجهة المنفذة، وبحسب المرصد فإن هذا الغموض المستمر يترك السكان في حالة خوف دائم، ويقوّض كل محاولات الاستقرار.
حتى المناطق المصنّفة على أنها آمنة لم تسلم من القتل، حيث تواصل الألغام والذخائر غير المنفجرة حصد أرواح المدنيين، بمن فيهم الأطفال والمزارعون، كما يوثّق التقرير مجازر نفّذت على خلفيات طائفية وثأرية، استهدفت عائلات كاملة بسبب انتماءاتها أو مواقفها السابقة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة