“إعلان البحرين” يطالب بقوات حفظ سلام أممية في فلسطين إلى حين “حل الدولتين”
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
يمن مونيتور/ وكالات
تضمن “إعلان البحرين”، الصادر عن القمة العربية الـ 33 في البحرين، الخميس، إصدار دعوة جماعية لعقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس “حل الدولتين”، بما ينهي الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية المحتلة، ويجسد الدولة الفلسطينية المستقلة، كما طالب بنشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية حتى إعلان دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
وأوضح الإعلان، توجيه وزراء الخارجية العرب، بالتحرك الفوري، والتواصل مع وزراء خارجية دول العالم، لحثهم على الاعتراف السريع بدولة فلسطين، على أن يتم التشاور بين وزراء الخارجية حول كيفية هذا التحرك، وإفادة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وذلك دعماً لمساعي حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
علاوة على توفير الخدمات التعليمية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات بالمنطقة، ممن حرموا من حقهم في التعليم النظامي بسبب الأوضاع الأمنية، والسياسية، وتداعيات النزوح، واللجوء والهجرة، بالإضافة إلى تحسين الرعاية الصحية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات، وتطوير صناعة الدواء واللقاحات في الدول العربية، وضمان توفر الدواء، والعلاج، وتطوير التعاون العربي في مجالات التكنولوجيا المالية، والابتكار، والتحول الرقمي.
وطالبت الدول العربية، بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة “فوراً”، وإنهاء الكارثة الإنسانية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة ورفع الحصار عن القطاع، وإزالة جميع المعوقات وفتح جميع المعابر أمام إدخال مساعدات إنسانية كافية، وتمكين منظمات الأمم المتحدة، وخصوصاً “الأونروا”، من العمل، وتوفير الدعم المالي لها، للقيام بمسؤولياتها بحرية وأمان، مؤكدة رفضها لأي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه بقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
الأوضاع في رفح
وأدان القادة العرب، “بشدة” عرقلة إسرائيل لجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، و”إمعانها في التصعيد العسكري من خلال إقدامها على توسيع عدوانها على مدينة رفح الفلسطينية رغم التحذيرات الدولية من العواقب الإنسانية الكارثية لذلك”.
كما أدانوا سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بهدف تشديد الحصار على المدنيين في القطاع، مما أدى إلى توقف عمل المعبر وتوقف تدفق المساعدات الإنسانية، وفقدان سكان غزة من الشعب الفلسطيني لشريان الحياة الرئيسي، وطالبوا إسرائيل في هذا الصدد بالانسحاب من رفح، من أجل ضمان النفاذ الإنساني الآمن.
وشدد الإعلان على “الموقف العربي الثابت والداعم للقضية الفلسطينية”، باعتبارها القضية المركزية وعصب السلام والاستقرار في المنطقة.
كما شدد أيضاً على “الرفض القاطع لكل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني داخل أرضه، أو إلى خارجها باعتباره خرقاً واضحاً للقانون الدولي، مؤكداً إدانة جميع الإجراءات والممارسات الإسرائيلية اللاشرعية التي تستهدف الشعب الفلسطيني الشقيق وتحرمه من حقه في الحرية والدولة والحياة والكرامة الإنسانية الذي كفلته القوانين الدولية.
ودعا المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته لمتابعة جهود دفع عملية السلام، وصولاً الى تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة بما فيها مبادرة السلام العربية.
كما طالب بنشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
تسوية الأزمة السودانية
على صعيد الشأن السوداني، دعت “دول القمة”، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى “الانخراط المباشر” في مبادرات تسوية الأزمة.
وعبرت عن “كامل التضامن مع السودان في سبيل الحفاظ على سيادته، واستقلاله، ووحدة أراضيه”، داعية إلى الالتزام بتنفيذ “إعلان جدة” بغية التوصل إلى وقف لإطلاق نار يكفل فتح مسارات الإغاثة الغنسانية، وحماية المدنيين.
الأزمة السورية
وبشأن الأزمة السورية، أكدت الدول العربية، ضرورة إنهاء الأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها، ويحقق طموحات شعبها ويخلصها من الإرهاب، ويوفر البيئة الكفيلة بالعودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين، ورفض التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وأي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية فيها.
وشددت على أهمية دور “لجنة الاتصال العربية والمبادرة العربية” لحل الأزمة وضرورة تنفيذ “بيان عمان”، ودعم جهود الأمم المتحدة في هذا السياق، وضرورة إيجاد الظروف الكفيلة بتحقيق العودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى بلدانهم، بما في ذلك رفع التدابير القسرية الأحادية المفروضة على سوريا.
كما دعت إلى ضرورة استمرار المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته إزاء اللاجئين السوريين، ودعم الدول المستضيفة إلى حين تحقيق عودتهم الكريمة والآمنة والطوعية، وفقاً للمعايير الدولية، وحذرت من تداعيات تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين وللدول المستضيفة لهم.
المصالحة الوطنية في اليمن
وجددت الدول العربية، دعم مجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية برئاسة رشاد محمد العليمي، ومساندة جهود الحكومة اليمنية في سعيها لتحقيق “المصالحة الوطنية بين مكونات الشعب اليمني، ووحدة الصف اليمني، تحقيقاً للأمن والاستقرار في اليمن.
كما عبرت عن تأييدها المساعي الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى “حل سياسي شامل” للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة دولياً ممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، بما يحقق تحقيق التطلعات المشروعة للشعب اليمني في السلام والاستقرار والنماء والازدهار.
الانتخابات في ليبيا
وأعربت الدول العربية عن دعمها الكامل لدولة ليبيا وسيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها ووقف التدخل في شؤونها الداخلية، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها في مدى زمني محدد.
ودعت مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة، إلى ضرورة سرعة التوافق على إصدار القوانين الانتخابية التي تلبي مطالب الشعب الليبي لتحقيق الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة وإنهاء الفترات الانتقالية.
وأكدت دعم جهود التوصل إلى تسوية سياسية بما يتسق مع مرجعيات الحل، وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وإجراء الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة، لتحقيق تطلعات الشعب الليبي.
كما دعت كافة الأطراف في ليبيا إلى مواصلة العملية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية بما يحفظ لدولة ليبيا مصالحها العليا ويحقق لشعبها تطلعاته للسلم والاستقرار والازدهار، مشيدين بجهود دول جوار ليبيا وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية لاستعادة الوحدة الليبية والتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية.
أولوية انتخاب رئيس في لبنان
وحثت الدول العربية، جميع الأطراف اللبنانية على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.
كما حثت على تعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وحماية حدوده المعترف بها دولياً بوجه الاعتداءات الإسرائيلية.
سيادة واستقلال الصومال
وبشان الصومال، عبر إعلان البحرين، عن دعمه سيادة واستقلال الصومال، ووحدة أراضيه والتضامن معه في حماية سيادته ومواجهة أي إجراءات قد تنتقص من ذلك.
كما عبر الإعلان عن مساندة جهود الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على الأمن والاستقرار، ودفع مسيرة التنمية المستدامة والازدهار لما فيه الخير والنفع للشعب الصومالي الشقيق.
حل سلمي لأزمة الجزر الإماراتية
وبخصوص سيادة الإمارات على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، دعت الدول العربية، إيران إلى التجاوب مع مبادرة أبوظبي لإيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وفقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما يسهم في بناء الثقة وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
الأمن المائي العربي
وفيما يتعلق بالأمن المائي العربي، أكدت القمة العربية، أنه “جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي”، خاصة لكل من مصر والسودان.
وشددت على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقها في مياه النيل، وكذلك بالنسبة لسوريا والعراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، أإذ كدت التضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.
المساس بالمصالح العربية
وشددت الدول العربية، وفق “إعلان البحرين”، الرفض الكامل لأي دعم للجماعات المسلحة أو الميليشيات التي تعمل خارج نطاق سيادة الدول، وتتبع أو تنفذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح العليا للدول العربية.
مع التأكيد على التضامن مع كافة الدول العربية في “الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها وحماية مؤسساتها الوطنية ضد أي محاولات خارجية للاعتداء أو فرض النفوذ، أو تقويض السيادة، أو المساس بالمصالح العربية”.
وتابعت: “نؤكد بقوة موقفنا الثابت ضد الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، والرفض القاطع لدوافعه ومبرراته، ونعمل على تجفيف مصادر تمويله، ودعم الجهود الدولية لمحاربة التنظيمات الإرهابية المتطرفة ومنع تمويلها ومواجهة التداعيات الخطيرة للإرهاب على المنطقة وتهديده للسلم والأمن الدوليين”.
الملاحة البحرية
وأكدت الدول العربية، التمسك بحرية الملاحة البحرية في المياه الدولية وفقاً لقواعد القانون الدولي واتفاقيات قانون البحار، وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، وعبرت عن إدانتها لتعرض السفن التجارية لهجمات تهدد حرية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول وشعوب العالم.
وقالت، وفق “إعلان البحرين”: نكرر دعوتنا إلى شرق أوسط خال من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وندعم حق الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية، ونحثها على الوفاء بالتزاماتها والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإلى عدم تجاوز نسب تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
وتابعت: نؤكد عزمنا على مواصلة الجهود لتعزيز الشراكات والحوارات الاستراتيجية والتعاون المشترك مع التكتلات الدولية والدول الصديقة على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك في إطار مبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والحوار البناء والتفاهم والتنسيق المشترك، لتعزيز المصالح المشتركة ودفع عجلة التنمية والازدهار، ولمواجهة كافة التحديات المعاصرة.
وواصلت: من جديد حرصنا على التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي للحفاظ لى الأمن والسلم الدوليين، ودعم جهودها لمعالجة التحديات العالمية، بما فيها تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030، وتغير المناخ، وحماية البيئة، وحقوق الانسان، والفقر، والأمن المائي والغذائي، والطاقة المتجددة، والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق عربي ودوليWhat’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...
الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...
الله يصلح الاحوال...
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الدول العربیة الأمم المتحدة إعلان البحرین محکمة العدل حل الدولتین فی البحر فی الیمن إلى حین بما فی
إقرأ أيضاً:
مسؤولة أممية: تجاهل تحديات الذكاء الاصطناعي يعمق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة
الدوحة- حذّرت إلينا دولفينز المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الأحادية على حقوق الإنسان مما أسمته "التفاؤل الأعمى" في التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطورات السيبرانية، مؤكدة أن تجاهل التحديات المصاحبة لهذه التقنيات يعمّق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، ويهدد الحقوق الأساسية للملايين.
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، على هامش المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان في الدوحة، دعت دولفينز إلى وضع إطار قانوني دولي ملزم ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي، ويضمن العدالة الرقمية وعدم التمييز والحق في الوصول إلى المعرفة والتعليم.
وقالت أيضا إنه في ظل التسارع الهائل بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا السيبرانية، تبرز أسئلة جوهرية حول العدالة الرقمية، ومدى شمول هذه التحولات لحقوق الإنسان الأساسية. فبينما تحتفي بعض الدول بإمكانات الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية، يجد الملايين في دول الجنوب العالمي أنفسهم محرومين من أبسط حقوقهم في الوصول إلى الإنترنت أو التعليم أو المشاركة في النقاشات العالمية.
كما تحدثت دولفينز عن التحديات التي تفرضها التكنولوجيا السيبرانية والذكاء الاصطناعي على الحقوق الأساسية، ولا سيما في الدول الخاضعة للعقوبات.
إعلانوفيما يلي نص الحوار:
كيف تصفين التوقيت الذي يناقَش فيه موضوع الذكاء الاصطناعي والتطورات السيبرانية؟توقيت هذا النقاش مثالي للغاية، بل وضروري، نحن نعيش اليوم في مرحلة تاريخية تتسارع فيها وتيرة التطور الرقمي بشكل غير مسبوق. لكن في المقابل هذا التسارع لا يتمتع به الجميع بنفس القدر، وهذا ما يثير القلق، فبينما تُفتح آفاق مذهلة أمام البعض عبر الذكاء الاصطناعي والتقنيات السيبرانية، تُغلق النوافذ أمام فئات واسعة من البشر، إما بسبب ظروف اقتصادية، أو قيود سياسية، أو بسبب التمييز المنهجي، ومنها العقوبات الاقتصادية الانفرادية.
هل من أمثلة واقعية على هذه الفجوة الرقمية التي تتحدثين عنها؟نعم، وللأسف الأمثلة كثيرة، أذكر تحديدا زيارتي إلى زيمبابوي حيث شاهدت بعيني كيف اضطرت السلطات هناك، نتيجة العقوبات، إلى تبسيط المناهج الدراسية لأنهم ببساطة لا يملكون موارد كافية لتوفير أجهزة أو حتى كتب مدرسية.
ووجد الطلاب، الذين كان من الممكن أن يصبحوا مهندسين أو علماء، أنفسهم يُدفعون نحو تعلم الحرف اليدوية البسيطة لأنها المتاحة، رغم أنها لا توفر دخلا لائقا ولا تكسبهم مكانة مهنية. ففي ظل هذه الظروف، من غير الواقعي الحديث عن إدماجهم في عالم الذكاء الاصطناعي، لأنهم محرومون من الأساس وهو الحق في التعليم والمعرفة.
كيف يرتبط ذلك بحقوق الإنسان كما تفهمها الأمم المتحدة؟كل ذلك يرتبط مباشرة بجوهر حقوق الإنسان، مثل الحق في التعليم، وفي الوصول إلى المعلومة، وفي العمل اللائق، كلها حقوق منصوص عليها في المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فالتكنولوجيا الرقمية، ومن ضمنها الإنترنت، يجب أن تكون وسيلة للحصول على هذه الحقوق لا أداة لتعميق الفجوة والتمييز.
ما الدور الذي تلعبه العقوبات الانفرادية في إيجاد هذا النوع من التمييز السيبراني؟ إعلانالعقوبات الانفرادية أصبحت أداة تستخدمها بعض الدول خارج إطار مجلس الأمن، وغالبا دون أية آلية قانونية للمراجعة أو الانصاف، وإحدى الظواهر المقلقة التي أرصدها اليوم أن بعض الأفراد يُتهمون بالمشاركة في "أنشطة سيبرانية مريبة " ويتم فرض عقوبات عليهم بشكل فوري دون إجراءات قضائية عادلة أو أية إمكانية للطعن أو الدفاع عن النفس، وهذا خرق مباشر لمبدأ ما يعرف بقرينة البراءة، وضعف الثقة في النظام القانوني الدولي.
ما أبرز أشكال التمييز المالي التي يواجهها الأفراد أو المؤسسات بالدول الخاضعة للعقوبات ضمن البيئة الرقمية؟من أبرز أشكال التمييز المالي الرقمي: القيود على استخدام البطاقات البنكية، وحظر الوصول إلى خدمات الدفع الإلكتروني، وحتى إغلاق حسابات المنظمات الإنسانية التي تحاول جمع التبرعات لصالح شعوب تلك الدول.
وهذا يحدث حتى عندما لا تنص العقوبات بشكل مباشر على منع هذه الخدمات بل يحدث بسبب "الامتثال الزائد" أي أن المؤسسات تفضل التراجع عن أية تعاملات مع هذه الدول لتجنب العقوبات، حتى لو لم يكن هذا التعامل مخالفا.
ما تأثير هذا على المنظمات الإنسانية والعمل الخيري؟تلقينا عددا متزايدا من التقارير من منظمات دولية، ومنها إنسانية غير حكومية، تفيد بأنه يتم حظر حملاتهم الإلكترونية لجمع التبرعات خلال أيام معدودة من انطلاقها، فقط لأنها تستهدف دعم شعوب في دول خاضعة لعقوبات، وهذا يشلّ العمل الإنساني، ويمنع وصول الغذاء والدواء والتعليم إلى مناطق تحتاجه بشدة.
هل ترين أن هذا النوع من التمييز الرقمي يطال أيضا الحق في التعليم والبحث العلمي؟بكل تأكيد، آلاف الطلاب والباحثين في دول خاضعة للعقوبات لا يمكنهم التسجيل في مؤتمرات علمية، أو الوصول إلى منصات أكاديمية، فقط لأن عناوين الإنترنت الخاصة ببلدانهم محجوبة، ولا يمكنهم استخدام تطبيقات تواصل، أو منصات تعليمية، أو حتى إجراء مدفوعات بسيطة لشراء محتوى علمي، وهذا لا يضرهم فقط، بل يُضعف الحركة العلمية عالميا لأن العلم قائم على الحوار والانفتاح، لا الإقصاء والتضييق.
إعلان هل تقومون بأي خطوات في الأمم المتحدة لمواجهة هذا الأمر؟نحن الآن بصدد إعداد تقرير خاص للجمعية العامة للأمم المتحدة عن أثر العقوبات الانفرادية على الحق في التعليم والحريات الأكاديمية، وسأتناول فيه بالتفصيل كيف تمنع هذه العقوبات الأكاديميين والطلاب من ممارسة حقوقهم، ليس فقط كأفراد، بل كجزء من بيئة معرفية عالمية. إن حرمان طرف من النقاش يعني أيضا حرمان الطرف الآخر من الاستماع إليه، وهذا يُفقر المعرفة الإنسانية برمتها.
كيف ترين إمكانية إنشاء اتفاقية دولية تُنظّم الذكاء الاصطناعي وتحمي حقوق الإنسان؟هذا ضروري جدا رغم صعوبته، فإنشاء معاهدات دولية مسار طويل ومعقد خاصة في ظل التراجع الملحوظ عن احترام القانون الدولي مؤخرا، لكن لا بد من البدء، فالاتفاقيات الدولية تبدأ بمبادرات وطنية ثم تنظيمات إقليمية، وتنتقل لاحقا إلى مستوى عالمي.
الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، بدأ بخطوات تنظيمية ملموسة في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا يمكن أن يكون نموذجا يُحتذى به، وهناك مثال واضح وهو تطور الجهد الدولي في مكافحة الجرائم السيبرانية.
ولفترة طويلة، كانت اتفاقية مجلس أوروبا لعام 2001 المرجع الوحيد. لكن في مايو/أيار 2025، تم تبني اتفاقية دولية جديدة تحت مظلة الأمم المتحدة، وهي أوسع من سابقاتها، وتفرض على الدول التزامات أشمل فيما يتعلق بتجريم أنشطة إلكترونية محددة.
ما تقييمك للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في العالم العربي؟لست خبيرة في البنية التقنية، لكن من وجهة نظري -كخبيرة قانونية- أرى أن التنظيم الإقليمي هو الخطوة الأولى لأي تقدم، ولا يمكن أن تظهر اتفاقية عالمية فجأة، بل تبدأ من إدراك الدول لما يجري من حولها، ثم تضع سياسات محلية، وتشارك في مبادرات إقليمية، وهذا ما يُمهّد الطريق لظهورها على الساحة الدولية.
إعلان ما الرسالة التي ترغبين بإيصالها للمجتمع الدولي؟رسالتي بسيطة وعميقة وهي: يجب ألا نسمح بأن تتحول التكنولوجيا من وسيلة للتمكين إلى أداة للإقصاء، ويجب أن يُنظر إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي كوسائل لتحقيق العدالة والمساواة، لا كرفاهية محصورة بالأغنياء، فالعدالة الرقمية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان في القرن الـ21، وإذا فشلنا في حمايتها، فإننا نُقوّض أسس عالم أكثر عدلا وإنصافا.