أمجد شرف الدين المكي

وفقًا لتقرير برنامج الأغذية العالمي (World Food Programme)، يُعاني الآن حوالي 25 مليون شخص في السودان من الجوع وسوء التغذية جراء الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويُواجه حوالي 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 3.8 مليون طفل تحت سن الخامسة يُعانون من سوء التغذية (United Nations- فبراير 2024).



مرّ أكثر من شهر على إنعقاد مؤتمر باريس في منتصف الشهر الماضي، ورغم المليارات التي جُمعت، ما زالت المساعدات المرجوّة لا تجد طريقها إلى المحتاجين. وتُشير تقارير أمريكية غير رسمية إلى أن الحرب قد حصدت حتى الآن أكثر من 150 ألف شخص (بحسب Blomberg - مايو 2024)، وبالرغم من هذا العدد الكبير الذي قد يراه البعض مبالغاً فيه، إلا أنه لا تُوجد حتى الآن إحصائيات رسمية تُؤَكِّد أو تُنْفي أعداد الضحايا الحقيقيين.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك حوالي 9 ملايين نازحٍ داخليًا (Internally Displaced Persons- IDPs) موزعين بين مدن السودان شبه الآمنة، والتي فقدت كل مقومات الحياة البسيطة من مأكل، مسكن، ومشفي، مما يجعلها أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، بحسب تقرير Human Rights Watch - يناير 2024.

يعاني اللاجئون في دول الجوار من نقص في الموارد المالية والإرهاق النفسي، بالإضافة إلى تصاعد معدلات الوفيات المفاجئة نتيجة لما يشاهدونه ويسمعونه من أخبارٍ عن منازلهم وممتلكاتهم ووطنهم. هذه الظاهرة تستدعي دراسة معمقة. ففي مقال للكاتب الأمريكي سايمون ماركس في مجلة بلومبرغ، أشار إلى أن الوضع الإنساني والنزوح في السودان تجاوز المعايير القياسية الكمية للوضع في غزة بفلسطين.

هنا أيضاً لا ينبغي لنا أن نتجاهل دعم تلك الدول في إستيعاب هذا العدد الهائل من اللاجئين، وخصوصاً جمهورية مصر. رغم الظروف الإقتصادية الصعبة والتضخم الذي تمر به تلك الدول، فقد تحملت أعباءنا، ومن الواجب علينا أن نشكرها ونقدر جهودها.

وفي ظل هذا الوضع المتفاقم، يُعاني السودان من أزمة إنسانية وغذائية غير مسبوقة، حيث يشهد ملايين السودانيين تدهورًا حادًا في أوضاعهم المعيشية، مع نقص شديد في الموارد الأساسية. الوضع الغذائي الكارثي يستدعي تدخلًا عاجلًا لتقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها إلى المحتاجين.

على الصعيد السياسي السوداني، لا يظهر في الأفق القريب ولا في المستقبل البعيد أي أملٍ في حلِّ الأزمة السودانية. فما زال الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يتخبطون في أدراكهم السياسية حول التفاوض، ولا صوت يعلو سوى صوت الرصاص والبندقية والجوع.

أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فحرب غزة وإسرائيل هي الشاغل الرئيس في السياسة الدولية، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية. وبين هذا وذاك، لا يزال البعض، ومن بينهم بعض مكونات القوى المدنية السودانية، يعوّل على الغرب (فمن باريس مرورًا ببروكسل إلى واشنطن) ويراهنون عليهم في الضغط على المتحاربين. ولكن من المهمِّ الإشارة إلى أن الوضع والمسرح الجيوسياسي العالمي قد تغيَّر في العشرين عامًا الأخيرة مع ظهور قوى جديدة منافسة للغرب والولايات المتحدة في النفوذ والهيمنة، والقرار الدولي.

من بين هذه القوى، تبرز الصين وروسيا كأطراف لا يُستهان بهما. فالصين، بمشروعها الطموح "مبادرة الحزام والطريق" (طريق الحرير الجديد)، تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي عالميًا. أما روسيا، تحت قيادة فلاديمير بوتين، فقد استطاعت، ولو بحد ما، إعادة صياغة مكانتها كقوةٍ عالميةٍ لا يمكن تجاهلها، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991. هذه الدول تمتلك حساباتها الخاصة التي تتعارض في كثيرٍ من الأحيان مع مصالح الولايات المتحدة، مما يعقّد المشهد الجيوسياسي الحالي ويؤثر على القرارات الدولية.

فزيارة نائب وزير الخارجية الروسي إلى بورتسودان في نهاية الشهر الماضي، تبعتها، وسبقتها تحركات المبعوث الأمريكي في جولات لدول المنطقة، حاثًا الأطراف على الجلوس للتفاوض في جدة، وواعدًا الشعب السوداني بحل قريب. علي الصعيد الإنساني أيضًا، تزامنت في تلك الفترة تصريحات سامانثا باورز، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية، عن عرقلة العمل الإنساني في السودان، حسبما ذكرت تقارير صحافية عن إتصالها بالفريق أول الكباشي، وحثه على فتح ممرات إنسانية.

في السياق نفسه، يجب أن نذكر أن الصين قد عينت لأول مرة في تاريخها السياسي مبعوثًا خاصًا للقرن الإفريقي في فبراير 2022، وهو الدبلوماسي شيوي بينغ. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز جهود الصين في تحقيق الإستقرار والتنمية في المنطقة، بما في ذلك الإستثمارات الاقتصادية والنفوذ الجيوسياسي. إضافة إلى ذلك، تُعَدُّ الصين شريكًا ومستثمرًا تجاريًا قويًا في المنطقة، ولديها مصالح إقتصادية واسعة تشمل القاعدة البحرية في جيبوتي والقروض الكبيرة الممنوحة لإثيوبيا، بالإضافة إلى استثماراتها الضخمة في قطاع النفط بجنوب السودان.

وتُظهر مثل هذه التحركات أن للصين وروسيا حساباتهما الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بشكل عام، والأزمة السودانية بشكل خاص. بينما تسعى الصين لتحقيق نفوذ اقتصادي من خلال مشروع "مبادرة الحزام والطريق"، أعادت روسيا بقيادة فلاديمير بوتين صياغة دورها كقوة عالمية مؤثرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. هاتان القوتان، ومع تنافسهما الجيوسياسي مع الغرب، تُعقِّدان المشهد السياسي وتؤثران على القرارات الدولية المتعلقة بالأزمة السودانية.

إضافة إلى ذلك، هناك التعقيد الإقليمي في المنطقة وتداخلات وصراعات دول كإثيوبيا وإريتريا، فضلاً عن عدم الاستقرار في دول الساحل وجنوب الصحراء، ناهيك عن التداخلات الإيرانية الأخيرة.

في ظل هذا الوضع المتأزم، تواصل القوى المدنية سعيها لإيجاد حلولٍ لوقف الحرب، إلا أن اعتمادها على المجتمع الغربي يُعَدُّ فشلًا بحدِّ ذاته. إن غياب الإرادة السودانية الخالصة يعني ألا حلاً سيكون ناجعًا لهذه الحرب التي قد تستمر لسنواتٍ طويلة. وفي ظل إستمرار هذه الحرب، قد يتفتت السودان إلى دويلاتٍ جديدة، مما يُعقِّد الوضع أكثر ويزيد من معاناة الشعب السوداني. يمكن أن يصبح السودان نموذجًا على غرار النموذج الليبي أو اليمني، حيث تعمقت الأزمات وتفاقمت الصراعات الداخلية بفعل التدخلات الخارجية والإقليمية وغياب الحلول الوطنية الفعّالة.

وقد تنبأ بهذا الانقسام في السودان صديقي وأستاذي الدكتور محمد عبد الحميد، أستاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية، أثناء قيام مؤتمر باريس في الشهر الماضي. حيث ذكر لي، وكان قد أشار إليها أيضاً في صفحته على الفيسبوك: "أن هذا المؤتمر – مؤتمر باريس - يُعَدُّ امتدادًا لمؤتمر برلين في العام 1884، وله ما بعده، بمعنى تقسيم السودان على غرار مؤتمر برلين الذي قسم القارة السوداء بين الدول الاستعمارية". وبالرغم من عدم إتفاقي معه حينها، بل ومجادلته فيها أيضاً، إلا أنني أتفق مع رؤيته تلك الآن، بل وبشدة.

وفي ظل الحرب المستمرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بدأت تلوح في الأفق مآلات خطيرة للانقسام الداخلي. اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك مع الرئيس الكيني ويليام روتو، وزعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال عبد العزيز الحلو، في نيروبي (إعلان نيروبي)، يعكس تعمق الأزمة السياسية ويهدد بتفكك الدولة السودانية إلى دويلاتٍ جديدة في حال عدم التوصل إلى اتفاقٍ على أسسٍ جديدة لتأسيس الدولة.

تضمنت المباحثات إمكانية منح حق تقرير المصير للأقاليم السودانية في حالة عدم التوصل إلى اتفاقٍ شامل، مما يعزز المخاوف من تفكك السودان إلى كياناتٍ أصغر. ومع تصاعد هذه الانقسامات، يبقى التركيز على تقديم المساعدات الإنسانية في ظل شبح المجاعة أمرًا حيويًا، إذ إن الوضع الغذائي الكارثي يتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يعاني ملايين السودانيين من إنعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

كان الأجدربالدكتور حمدوك (رئيس الوزراء السابق) والحلو ونور، بالتنسيق مع الرئيس الكيني، التركيز على الجوانب الإنسانية العاجلة وكيفية إيقاف الحرب، خاصة مع تزايد معدلات الجوع وسوء التغذية، بدلًا من التطرق إلى مسائل سياسية ستزيد الوضع تعقيدًا. إن الإعتماد على المجتمع الدولي والتحرك الإقليمي وحده، كما ذكرت سابقًا، ليس كافيًا، بل يمكن أن يزيد الأزمة تعقيدًا. لذا، يجب أن تكون هناك إرادة سودانية خالصة للوصول إلى حلولٍ سياسية تُعزز وحدة البلاد وتجنبها التفكك.

في الختام، يظل لكل فردٍ حقٌ أساسي في التحرر من الجوع والحصول على الغذاء الكافي، وفقًا للمادة 1-11 من القانون الدولي. بناءً على ذلك، فإن عدم توافق السودانيين مع بعضهم البعض، وخاصة القوى المدنية بكل أطيافها، بما في ذلك المجتمعات، المنظمات، الجهات الفاعلة السودانية، الأحزاب السودانية، والنشطاء من كل صوب، سيؤدي بلا شك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الغذائية التي تهدد البلاد. إن الاعتماد على الدول الغربية لحل الأزمة السياسية لن يكون كافيًا؛ إذ يجب على السودانيين التوصل إلى توافقٍ واتفاقٍ مشترك. من الضروري وقف الحرب بأي شكلٍ من الأشكال، والعمل بتجرد على تأسيس عقد اجتماعي وسياسي سوداني لحل القضية السودانية، التي تساوت إن لم تتجاوز، بمعاييرها الإنسانية، مثيلاتها في دول أخري مرت بتجارب إنسانية وغذائية كارثية في العقود السابقة.

أمجد شرف الدين المكي
كلورادو - أمريكا

amgadss@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بالإضافة إلى فی المنطقة فی السودان

إقرأ أيضاً:

هل تنعش التحركات الدولية والإقليمية عملية السلام في السودان؟

الخرطوم- نشطت تحركات أميركية وأممية وإقليمية لإنعاش المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب في البلاد بعد نحو 6 شهور من آخر جولة بينهما في مدينة جدة السعودية.

ويعتقد مراقبون أن الطرفين يسعيان إلى تغيير المعادلة العسكرية، وتحقيق مكاسب على الأرض بعد اقتراب القتال من مرحلة الجمود.

وبعد فترة من انقطاع التواصل بين الحكومة السودانية وواشنطن أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصالًا هاتفيا استغرق 30 دقيقة مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، بحث خلاله إنهاء الصراع في السودان على وجه السرعة، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

شروط البرهان

وكشفت مصادر قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت، أن بلينكن طلب من البرهان إرسال وفده إلى جدة أوائل يونيو/حزيران المقبل، لعقد جولة مفاوضات جديدة مع قوات الدعم السريع، برعاية السعودية والولايات المتحدة، وبمشاركة مصر والإمارات والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد".

وحسب المصادر ذاتها، فإن البرهان تحفّظ على الدعوة واشترط تنفيذ الاتفاقات الموقعة في جدة في مايو/أيار 2023 مع الدعم السريع، وإرسال دعوة رسمية تشمل أجندة المفاوضات والمشاركين فيها من دول الإقليم وضمانات وآليات تنفيذ أي اتفاق جديد.

وقال مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة، لدى مخاطبته مؤتمرا للإدارة الأهلية في بورتسودان، إن الحكومة "لم توافق ولن توافق على الذهاب إلى جولة أخرى من مفاوضات جدة مع الدعم السريع ما لم تتم استشارتها مسبقا".

وأعلن رفضهم "الطريقة التي طلب بها وزير الخارجية الأميركي من البرهان الذهاب إلى جدة بدون استشارة الحكومة"، وأضاف "هذا استحقار واستخفاف غير مقبول.. نحن لسنا أغناما".

وتزامنت مهاتفة بلينكن مع زيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمضان لعمامرة، إلى بورتسودان، حيث أجرى مباحثات مع البرهان، وقال إن المنظمة الدولية تسعى لإحياء مفاوضات السلام وإطلاق عملية سياسية لحل الأزمة عبر حوار سوداني -سوداني.

تحرك مصري

وفي 13 يوليو/تموز 2023، استضافت القاهرة مؤتمرا لدول جوار السودان، حث على ضرورة إنهاء الحرب والاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدته، ووقف تدخل الأطراف الخارجية، إلى جانب الحفاظ على الدولة السودانية.

وحددت الخارجية المصرية نهاية يونيو/حزيران المقبل موعدا لعقد مؤتمر جديد يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، ويحضره الشركاء الإقليميون والدوليون المعنيون، بهدف التوصل إلى توافق بين الفرقاء السودانيين حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في البلاد.

ورحبت الخارجية السودانية بالدعوة المصرية، إلا أنها حددت متطلبات لإنجاح المؤتمر، كما رحبت غالبية القوى السياسية والمدنية بالدعوة المصرية وعدّتها جهدًا من دولة حريصة على أمن واستقرار السودان ووحدته، وتقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء.

من جانبه، يوضح السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن التحرك المصري تجاه السودان جاء بمبادرة شعبية مجتمعية وتمت إدارتها بواسطة المجلس المصري للشؤون الخارجية.

ويبين حليمة أن معالجة الأزمة السودانية ستتم في إطار شامل عبر مسار أمني عسكري بغرض وقف إطلاق النار، ثم مسار إنساني وآخر سياسي يتعلق بفترة انتقالية تقودها حكومة كفاءات مدنية تنظم بعد ذلك انتخابات على أساس دستور يتم إقراره بالتوافق في المرحلة الانتقالية.

ويضيف السفير صلاح حليمة أن هناك شمولية أخرى تتعلق بمشاركة القوى الإقليمية والدولية المعنية، وستشكل هذه القوى مجموعة اتصال تشارك في مراقبة ومتابعة وضمان تنفيذ ما يتم التوافق عليه.

خطة "تقدم"

وفي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اختتم، الخميس، المؤتمر التأسيسي للقوى الديمقراطية المدنية "تقدم" وانتخب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيسا للهيئة القيادية للتحالف.

وقال البيان الختامي للمؤتمر إن 600 من المؤتمرين أقروا رؤية سياسية لإيقاف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة، وشددوا على وحدة السودان شعبا وأرضا، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات.

ورحب البيان بالمبادرة الأميركية السعودية عبر منبر جدة، وكذلك بالجهود المبذولة من مصر ودول الجوار لوقف الحرب وتحقيق السلام.

وتعهّد حمدوك -خلال كلمته في ختام المؤتمر- بوقف الحرب. وقال "لن نستجيب للتخوين ولن نستسلم حتى تقف الحرب. لسنا منحازين لأي طرف، ومهما حاول البعض وصمنا بالانحياز لطرف فهذا غير صحيح".

نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف (يسار) أثناء زيارة السودان الشهر الماضي (وكالة أنباء السودان) منبع واحد

ويرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني، أن جدة هي المنبر الوحيد لإنهاء الحرب في السودان، ولكن دون ارتباط بالمكان، مثلما جرى في آخر جولة بالمنامة؛ حيث اتسعت فيها الوساطة الثنائية لتصبح خماسية. وقال إن كل المسارات المتعددة ستصب في منبر جدة، مستبعدا أن يضعف التعدد دور الوساطات الخارجية.

ويعتقد ميرغني – في حديث للجزيرة نت – أن المشهد يتجه نحو حل سلمي متفاوض عليه وإذا توفر الوعي والإرادة فسيكون سهلا الوصول الى حل واتفاق نهائي. وأعرب عن أسفه لما وصفه بـ"تعويل بعض الجهات على مغانم الحرب السياسية أكثر من السلام المستدام".

وفي اتجاه آخر، يشير المحلل والباحث السياسي خالد سعد، أن هناك تنافسا إقليميا ودوليا على لعب دور في الأزمة السودانية بعد إبداء السودان توجهات قوية نحو روسيا التي قد تكون مناورة في هذا الملف أيضا.

ولم يستبعد المحلل – في حديث للجزيرة نت- أن تكون دوافع التحركات الدولية والإقليمية، التأكيدات الأخيرة من قيادة الجيش بمواصلة القتال حتى آخر جندي، و"هي توجهات مخيفة لبعض دول المنطقة، في ظل توترات على سواحل البحر الأحمر، والظروف الهشة أمنيًّا لبعض دول الجوار".

ولم يستبعد المتحدث ذاته تنسيقا مصريا وأميركيا وراء هذه التحركات، بهدف بلورة رؤية سياسية بين الفرقاء لحل الأزمة، لكن جميع الأطراف الدولية والإقليمية ترى ضمنيا أن الحل يستهدف بشكل أساسي حملة السلاح، وإذا نجحوا في إجراء محادثات، فإن وضع القوى السياسية في أي اتفاق محتمل سيكون ثانويا.

وباعتقاد سعد، فهذه إستراتيجية أجنبية تقوم على مفهوم أن التفاوض وما ينتج عنه، يؤسس على الأقوياء عسكريا باعتبارهم الجهات القادرة على تنفيذ الاتفاق كما حدث في اتفاقات سلام سابقة.

ورأى أن تعدد المنابر يشتت جهود الحل، ولكن اعتبر توحيد القوى السياسية ورقة رابحة لمقاومة الأجندة الخارجية المؤذية لوحدة البلد ولأنها تعزز مسألة السيادة، وهي كذلك خطوة ضاغطة وحاسمة لإيقاف الحرب، دون الإخلال بمسألة تماسك وشرعية المؤسسة العسكرية، بخلاف استمرار حالة الانقسام، حيث الراجح إطالة الحرب، ومزيد من تعقيد تداعياتها.

مقالات مشابهة

  • عودة: نحن أمام تعطيل مشبوه يساهم في تفكك السلطة وتحلل الدولة
  • حزب سوداني يدين تصريحات دبلوماسية بشأن القاعدة الروسية
  • الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات جديدة على أفراد في السودان
  • راهن الحرب السودانية
  • النائب السيد شمس الدين : مصر قادرة على اعادة الأمن والاستقرار داخل السودان
  • هل تنعش التحركات الدولية والإقليمية عملية السلام في السودان؟
  • أمين حسن عمر لـعربي21: التيار الإسلامي مؤهل لقيادة السودان في مرحلة ما بعد الحرب
  • السودان.. “رفض” محادثات السلام ينذر بخطر تدخل “خبيث” لإطالة أمد الحرب
  • السودان.. رفض محادثات السلام ينذر بخطر تدخل خبيث لإطالة أمد الحرب
  • حمدوك: لن نستجيب لخطابات التخوين والابتزاز والحرب ستتوقف قريباً