بنك عدن المركزي عاجز عن حماية نفسه فكيف سيحمي العملة؟
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
الجديد برس: بقلم/ عبدالناصر المودع
لمركزي عدن: توقف عن التدخل واترك الاقتصاد وشأنه
نتيجة الاحتجاجات التي شهدها لبنان عام 2019، ارتفع الطلب على الدولار الأميركي الذي كانت قيمته تساوي 1500 ليرة لبنانية، ما أدى إلى ارتفاع الدولار مقابل الليرة. وعلى أثر ذلك، اتخذ مصرف لبنان (البنك المركزي اللبناني) قرارات كارثية من قبيل: منع المودعين من سحب ودائعهم ، وتحديد سعر رسمي للدولار، لاستيراد بعض السلع، وغيرها من القرارات.
وقد نتج عن ذلك، خلق حالة من الهلع، فالمودعون قرروا سحب ودائعهم من البنوك، ومن كانت لديه عملة لبنانية حولها إلى دولار أو أي عملة أخرى. وكانت النتيجة انهيار العملة اللبنانية، والجهاز المصرفي، ووصول البلد إلى حالة قريبة من الانهيار.
عندما اتخذ مصرف لبنان تلك القرارات الخرقا، كان الاحتياطي النقدي لدى مصرف لبنان (البنك المركزي اللبناني) من الذهب والعملات الأجنبية يقدر بـ 48 مليار دولار. وكان ذلك الاحتياطي يعتبر من الاحتياطيات الأعلى في العالم، كونه كان قادرا على تغطية قيمة الواردات اللبنانية لأكثر من 30 شهرا. وبالمقارنة مع الصين، والتي تمتلك أكبر احتياطي من العملات الأجنبية في العالم، إلا أنها لا تكفي وارداتها لأكثر من 13 شهراً.
تلك الاحتياطيات الضخمة لمصرف لبنان كان يمكنها أن تحافظ على قيمة الليرة، أو تجعل حجم التراجع لا يتجاوز 10% في أسوأ الأحوال، لكن سياسات المصرف، التي كانت مزيجا من الفساد وسوء التقدير والغباء والاستهتار، أوصلت سعر الدولار إلى ما يقارب 100 ألف ليرة، وهو ما يعني تراجع قيمة الليرة بأكثر من 6000% من قيمتها.
في اليمن، منذ القرار الأخرق للرئيس الكارثة هادي، بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في صيف 2016، وحتى الآن، لم تكن احتياطيات البنك المركزي في عدن تزيد عن بضع مئات الملايين من الدولارات، وفي بعض الأحيان كانت هذه الاحتياطيات لا تتجاوز عشرات الملايين من الدولارات، ورغم ذلك لم ينخفض سعر الريال اليمني إلا بما يقارب 400% من قيمته.
ولا يرجع السبب في ذلك إلى الإدارة الحكيمة للبنك المركزي، بل إلى التدخل المحدود للبنك المركزي، حيث تُركت العملة اليمنية تتحرك بحرية حسب العرض والطلب. وكانت معظم تدخلات البنك المركزي المحدودة غير مفيدة وضارة في الغالب.
مؤخراً، وتحت ضغط من القوى الانفصالية، والتي تسيطر على عدن، وما تسمى زورا بـ”الحكومة الشرعية”، اتخذ البنك المركزي في عدن جملة من القرارات السيئة، من بينها مطالبة جميع البنوك بنقل مقراتها من العاصمة صنعاء إلى عدن. ومن شأن هذه القرار أن يؤدي إلى المزيد من الدمار للنظام المصرفي في اليمن، ومن ثم المزيد من التدهور الاقتصادي وتراجع قيمة الريال اليمني. فكل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية تجعل هذه البنوك غير قادرة على تنفيذ قرار النقل لأكثر من سبب أهمها:
أولاً: أغلب أنشطة هذه البنوك تتم في مناطق سيطرة الحوثيين، وبما أن الحوثيين يعارضون قرار نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، فقد يوقفون عمل هذه البنوك في هذه المناطق، وهذا الأمر قد يؤدي إلى إعلان إفلاس البنوك التي ستلتزم بالقرار. وسيودي ذلك إلى اضرار جسيمة بألاف المودعين والمتعاملين مع هذه البنوك في كل الدولة.
ثانياً: عدن مدينة مُسخ من الناحية السياسية؛ فهي ليست العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية ولا هي عاصمة الدولة الانفصالية المتخيلة. وإجبار البنوك على نقل مقراتها إلى مدينة بهذه المواصفات، هو قرار خاطئ بكل المقاييس. فهذه المدينة تحكمها ميليشيات انفصالية بطريقة فوضوية، وتقوم بممارسات عنصرية، فعلية وضمنية، تجاه مواطني المحافظات الشمالية، كما أن مؤسسات إنفاذ القانون معطلة أو غير فعالة. وبما أن الأمر على هذا النحو، فإن “بنك عدن المركزي” لا يستطيع حماية هذه البنوك وموظفيها ولا تنفيذ قراراته. ولذلك، لا يمكن للبنوك أو الموظفين القادمين من المحافظات الشمالية العمل في مثل هذه البيئة السيئة.
أكدت التجربة، في اليمن وغير اليمن، أن الاقتصاد في الدول الممزقة يعمل بشكل أفضل حين لا تكون هناك قيود أو اجراءات تنظيمية من قبل السلطات، التي تسيطر على بعض مناطق الدولة. فهذه القرارات، في هكذا بيئة، تمنع التفاعل الاقتصادي الطبيعي، وتخلق قيود وعراقيل تفاقم التدهور الاقتصادي. وكما ذكرنا؛ فإن العملة اليمنية لم تنهار مثلما حدث في لبنان، أو سوريا وغيرها من الدول، خلال فترة الحرب، رغم ضعف الاقتصاد اليمني قياسا بتلك الدول، والسبب قلة القيود المفروضة من هذه السلطة أو تلك وليس العكس.
طالما أن البلاد ممزقة سياسيا إلى كانتونات متحاربة، يديرها أمراء حرب مدعومون من الخارج؛ فمن المستحيل على أي مؤسسة أن تفرض سياساتها، خاصة في الجانب الاقتصادي. فإذا كان البنك المركزي في عدن، الذي يتحكم به الانفصاليون، غير قادر على حماية مقره من المليشيات الانفصالية، والتي أعتدت عليه أكثر من مرة، فليس له الحق بالادعاء بأنه الجهة الشرعية والرسمية المخولة بإدارة السياسة النقدية والمصرفية في اليمن. إضافة إلى ذلك هذا البنك غير قادر على فرض قراراته، وبالذات في المناطق، الخارجة عن سلطته.
ولهذا كله؛ فإن الإجراء الأسلم لهذا البنك هو عدم التدخل في الشئون الاقتصادية، إلا في الحدود الدنيا، لأن تدخلاته ستكون ضارة، وستزيد أوضاع الناس سوءا.
*من صفحة الكاتب على منصة “إكس”
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: البنک المرکزی هذه البنوک فی الیمن
إقرأ أيضاً:
بعد تباطؤ التضخم الشهر الماضي.. هل يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة قبل نهاية 2025؟
يجتمع صناع السياسة النقدية لمناقشة أسعار الفائدة في البنك المركزي المصري يوم الخميس الموافق 25 ديسمبر، وسط تراجع معدل التضخم العام وارتفاع طفيف بالمعدل الأساسي.
وسجل معدل التضخم العام في مصر -المعد من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء- نسبة 12.3% في نوفمبر الماضي مقابل 12.5% في أكتوبر السابق له، في حين بلغ معدل التضخم الأساسي الذي يعده البنك المركزي نسبة 12.5% في نوفمبر ارتفاعاً من 12.1% في أكتوبر 2025.
وعلى أساس شهري، تباطأ التضخم بشكل حاد إلى 0.3% على أساس شهري، مقارنة بـ 1.8% على أساس شهري في أكتوبر، مما يشير إلى انخفاض ملحوظ في ضغوط الأسعار الأساسية، على الرغم من رفع أسعار الوقود الذي تم تطبيقه في منتصف أكتوبر.
وارتفعت أسعار النقل بنسبة 9.8% على أساس شهري ويمثل ما يقرب 6% من وزن سلة مؤشر أسعار المستهلك في نوفمبر، مما يعكس التأثير المتأخر لارتفاع أسعار الوقود.
وبالرغم من ارتفاع أسعار النقل والمواصلات تم تعويض هذا التسارع بانخفاض حاد في أسعار مكون الأغذية والمشروبات، وهو المكون الأكبر في سلة مؤشر أسعار المستهلك، والذي انخفض بنسبة 2.6% على أساس شهري.
ويعود هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار الخضراوات بنسبة 15% شهريًا، مما يؤكد التقلبات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية الطازجة.
وتُبرز بيانات شهر نوفمبر الماضي استمرار تقلبات أسعار المواد الغذائية في الهيمنة على ديناميكيات التضخم على المدى القصير، مما يُخفي أحيانًا الضغوط الناجمة عن تعديلات الأسعار المُدارة.
خفض محتمل في سعر الفائدة بالبنك المركزيوقال اقتصاديو بنك الكويت الوطني: بالرغم من ارتفع معدل التضخم الأساسي الذي نشره البنك المركزي المصري، والذي يستثني البنود المتقلبة والخاضعة للتنظيم، إلا أنه لا يزال ضمن المستويات المقبولة وأقل من 13%
وذكر بنك الكويت في تقرير حديث، أنه مع انعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية في 25 ديسمبر، فإن انخفاض معدل التضخم في نوفمبر يعزز احتمالية خفض سعر الفائدة، لا سيما مع استمرار سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى مرتفع، عند مستوى 10%.
ويتوقع البنك خفضًا لا يقل عن 100 نقطة أساس، وقد يصل إلى 200 نقطة أساس في المركزي المصري، إذا استقرت الأوضاع في الأسواق العالمية وأسواق الصرف الأجنبي على نطاق أوسع خلال الأسبوعين المقبلين، خاصة بعد خفض الاحتياطي الفيدرالي الأخير بمقدار 25 نقطة أساس، والذي قد يحافظ على استقرار تدفقات رأس المال في الأسواق الناشئة مثل مصر.
ويرى البنك أن من شأن اتباع سياسة تيسيرية مدروسة أن يدعم نشاط القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والوضع الخارجي، في حال بدأت تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية أو ما يُعرف بـ«الأموال الساخنة» في التراجع خلال عام 2026 استجابةً لسياسة الاحتياطي الفيدرالي أو التطورات الاقتصادية العالمية.
وقالت الخبيرة الاقتصادية أيتن المرجوشي: «بالرغم من الضغوط الناتجة عن ارتفاع تكاليف الوقود والإيجارات، فإن انخفاض أسعار السلع والمشروبات ساهم في تقليل أثر الزيادة الأخيرة في الوقود، ما خفّف الضغط على المؤشر العام للتضخم».
وأضافت، أن هذا التطور يعطى البنك المركزي فرصة أكبر لاستئناف سياسة التيسير النقدي، مع توقعات بخفض محتمل للفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال اجتماع ديسمبر الجاري، خاصة في ظل استمرار تكلفة خدمة الدين في استنزاف قرابة 60% من المصروفات الحكومية ومعظم الإيرادات، بالإضافة الى دعم الاستثمار باعتباره ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، وذلك في وقت لا يزال سعر الفائدة الحقيقي عند 8.7% في المنطقة الإيجابية.
تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة على مدار الفترة الماضية من عام 2025 بنسبة 6.25% ليصل سعر الإيداع إلى 21% وسعر الإقراض نحو 22%
اقرأ أيضاًتعرف إلى أسعار الفائدة على شهادات الادخار في بنك مصر والبنك الأهلي قبل اجتماع البنك المركزي
تزامنًا مع العمرة.. سعر الريال السعودى اليوم السبت 13 ديسمبر 2025 بيعًا وشراءً
بنك مصر والبنك الأهلي يستمران في طرح شهادات بعائد 17% وسط ترقب اجتماع «المركزي»