باسيلشريك التسوية... الحسابات السياسية مختلفة
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
لا تزال العلاقة بين رئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل و"حزب الله" سيئة بالرغم من كل محاولات إظهار العكس من قبل الحزب أولاً، ومن قبل بعض قيادات "التيار" الحريصة على التحالف ثانياً، لكن يبدو أن باسيل لديه حسابات سياسية أخرى ويستمر في مجاراة الخطاب العوني اليميني والتمايز عن الحزب في القضايا الاستراتيجية وفي مسألة المعركة الحاصلة اليوم في الجنوب، علماً أن معظم حلفاء الحزب إصطفوا خلفه حتى ان المتمايزين منهم عادوا إلى دعم خطواته العسكرية.
لدى باسيل عدة حسابات تجعله أكثر قوة أمام "حزب الله"، أو أقله تشعره أنه كذلك، أولها أن الحزب يحتاج لباسيل وكتلته النيابية لإيصال مرشحه الرئاسي رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، لأنه إلى اليوم لا يمتلك أي اكثرية كافية ولا يمتلك أيضاً ميثاقية مسيحية، من هنا، واذا استمر الحزب بالإصرار على فرنجية فعليه أن يصالح باسيل ويتناسى كل خطابه الحالي الذي سيكون قد كسب من خلاله شعبية في الشارع المسيحي وداخل "التيار" ايضاً.
اما الإعتبار الثاني فهو أنه في المرحلة المقبلة التي ستشهد عقد تسويات إقليمية، لن تكون "القوات اللبنانية" قادرة على مواكبة اي تسوية مع "حزب الله" نظراً لذهابها بعيداً في معاداته وفي مخاصمة "السلطة" عموماً، وعليه يمكن لباسيل ومن موقع المتمايز عن سياسات حارة حريك أن يكون شريكاً في الحكم والتسورية، وعليه فإنه يبقي على الخلاف الإعلامي مع "حزب الله" وفي الوقت نفسه يسعى ليكون شريكه المسيحي في الحكم والتسوية على قاعدة رابح رابح، وهذا الامر يعرف باسيل كيف يديره جيداً.
في الاسابيع الماضية، وفي ظل الخلاف مع "حزب الله" ساهم باسيل في عقد الجلسة النيابية التشريعية والتي رعاها "الثنائي الشيعي" وكذلك تحالف مع "الثنائي" نفسه في إنتخابات نقابة المهندسين وسيتحالف معه في إنتخابات نقابية أخرى، بمعنى أن "التيار" لا يزال عملياً حليفاً شبه كامل للحزب في الكثير من القضايا الداخلية، في الوقت الذي يستمر الخلاف الاعلامي والسياسي الكبير في القضايا الإستراتيجية التي تهم الحزب أكثر من غيرها من العناوين.
وتقول مصادر مطلعة أن الصورة باتت مقلوبة، فخلال عهد الرئيس ميشال عون كان الخلاف بين "حزب الله" و"التيار" على القضايا الداخلية وطريقة إدارة الدولة والمشاريع الحكومية وغيرها، وكان التوافق كاملاً على السلاح والمعركة في سوريا وغيرها، اما اليوم فبات التوافق داخلياً مع "الثنائي الشيعي" ولو نفى باسيل ذلك علناً، في حين أن الخلافات استراتيجية، وعليه فإن رئيس "التيار"يدرك أن الحزب سيفضل الحفاظ على هذا المستوى من العلاقة معه بدلاً من تحويل جميع المسيحيين إلى خصوم كاملين.
لا يزال الهمّ الاساسي لرئيس "التيار" جبران باسيل كيفية رفع العقوبات الاميركية، وهذا الامر كان يحتاج تفاوضاً حقيقياً مع الاميركيين، لكن باسيل تسرع في تظهير خلافه الاستراتيجي مع الحزب الذي بات تحصيلاً حاصلاً ولم يعد يمكن تسويقه كثمن تحصل عليه واشنطن من باسيل في مقابل رفع العقوبات عنه، لذا ليس مستغرباً، في أي لحظة من اللحظات الحساسة، أن يعيد باسيل حساباته ويعدل خطابه السياسي لكي يصبح متوافقاً مع الرغبة الاميركية ليفتح الباب امام اعادة الامل بأن يكون له "مستقبل سياسي" واقعي في لبنان. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
لا تبدو الحكومة اللبنانية قادرة على نزع سلاح حزب الله في ظل غياب أي ضمانات بعدم تعرض البلاد لاعتداءات إسرائيلية جديدة، وهو ما يجعل احتمال العودة للتصعيد أمرا قائما خلال الفترة المقبلة.
فالولايات المتحدة التي لا تتوقف عن مطالبة لبنان بنزع سلاح الحزب، لا تقدم أي ضمانات بعدم وقوع اعتداءات إسرائيلية على لبنان، ولا تلزم الجانب الإسرائيلي بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقا.
ففي حين ترفض إسرائيل الانسحاب من المناطق التي دخلتها في جنوب لبنان خلال المواجهة الأخيرة، ولا تتوقف عن ضرب أهداف في الأراضي اللبنانية، أكد المبعوث الأميركي توم براك ضرورة تجريد حزب الله من سلاحه في أقرب وقت ممكن وطالب الحكومة بتنفيذ المطلوب بدل الاكتفاء بالكلام.
وقد أكدت الرئاسة اللبنانية أن البلاد تمر بمنعطف خطير يقتضي حصر السلاح بيد الدولة، وأنها على تواصل مع الحزب بشأن هذا الملف، لكنها قالت إنها تحرز تقدما بطيئا في هذا الملف.
في المقابل، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أنه لا مجال للحديث عن نزع السلاح قبل رحيل قوات الاحتلال عن الأراضي اللبنانية، وإلزام إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم نهاية العام الماضي. كما قال قيادي بالحزب إن الولايات المتحدة تحاول تجريد لبنان من قوته.
ومن المقرر أن تبدأ الحكومة اللبنانية بحث ملف نزع سلاح الحزب الثلاثاء المقبل، لكنّ هذا لا يعني بالضرورة عزمها المضي قدما في هذا الملف الذي سيجد إشكالية كبيرة في نقاشه، كما يقول الكاتب الصحفي نيقولا ناصيف.
ورغم عدم ممانعة رئيس مجلس النواب نبيه بري مناقشة نزع سلاح الحزب، فإن هذا لا يعني وجود توافق على هذا الأمر لأن الحكومة تتكون من 3 أطراف أحدها معتدل بينما الآخران لن يوافقا على هذه المسألة أبدا، وفق ما أكده ناصيف خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر".
إعلانالأمر الآخر المهم الذي تحدث عنه ناصيف، يتمثل في أن أعضاء الحكومة يعودون إلى انتماءاتهم السياسية فور خروجهم من مجلس الوزراء، مما يعني أن مناقشة نزع سلاح الحزب يأتي في إطار التزام حكومة نواف سلام، بما أقسمت عليه عند توليه مقاليد الأمور.
ولا يمكن لحزب الله ولا لحكومة لبنان القبول بنزع السلاح ما لم تحصل بيروت على ضمانات أميركية فرنسية والتزامات إسرائيلية واضحة بعدم وقوع أي اعتداءات مستقبلا، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة.
لذلك، فإن حكومة نواف سلام تتفهم مخاوف الحزب ولن تقبل بحصر السلاح في يد الدولة التي تعرف أنها لن تكون قادرة على حماية البلاد من أي عدوان مستقبلي ما لم تكن هناك ضمانات واضحة بهذا الشأن، برأي ناصيف، الذي قال إن التاريخ مليء بالدروس المتعلقة بالتعامل مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، فإن هناك تطابقا كاملا بين موقفي حزب الله وحركة أمل فيما يتعلق بمسألة نزع السلاح، ولا يمكن الحديث عن خلاف جوهري بينهما في هذه المسألة.
وبناء على هذا التطابق، فإنه من غير المتوقع أن يقبل الطرفان بالقفز على اتفاق وقف إطلاق النار والمضي نحو نزع السلاح بينما لم تلتزم إسرائيل بما عليها من التزامات حتى اليوم، كما يقول الباحث السياسي حبيب فياض.
التصعيد خيار محتمل
وفي ظل هذا التباعد في المواقف، تبدو احتمالات التصعيد كبيرة لأن الأميركيين يريدون وضع لبنان بين خيارين كلاهما سيئ، فإما أن يستسلم لشروط إسرائيل وإما أن يُترك وحيدا لمواجهة مصيره ووقف كل المساعدات التي يعول عليها في إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد.
وحتى لو قدمت الولايات المتحدة ضمانات مستقبلية، فإن حزب الله وحركة أمل لا يمكنهما القبول بتسليم السلاح وفق الشروط الأميركية الإسرائيلية وهو ما يعني -برأي فياض- إمكانية العودة للتصعيد الذي قد يصل في مرحلة ما إلى مواجهة شاملة.
في المقابل، يرى الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كاتزمان، أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان محو حزب الله تماما كما هي الحال بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإنما تريدان نزع سلاحه والسماح له بالانخراط في السياسة.
وتقوم وجهة النظر الأميركية في هذه المسألة، على إمكانية ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل وصولا إلى تطبيع محتمل للعلاقات مستقبلا، ومن ثم فإن إدارة دونالد ترامب -كما يقول كاتزمان- لا تصر على نزع سلاح الحزب اليوم أو غدا ولكنها تريده في النهاية لأنها تعتبره أداة إيرانية في المنطقة.
كما أن الفرق السياسية في لبنان نفسه ليست متفقة تماما مع الحزب حيث يعارضه بعضها ويتفق معه بعضها، وهو أمر يجعل مسألة تسليم سلاحه للدولة أمرا منطقيا، من وجهة النظر الأميركية.
لكن فياض يرى أن حديث كاتزمان عن التطبيع وخلاف اللبنانيين حول حزب الله "ينم عن عدم دراية بطبيعة الوضع في لبنان، الذي لن يطبع مع إسرائيل ولو طبعت كل الدول العربية"، مضيفا أن أقصى ما يمكن الوصول إليه هو العودة لهدنة 1949.
الموقف نفسه تقريبا تبناه ناصيف بقوله إن هناك 3 فرق لبنانية تتبنى مواقف مختلفة من حزب الله، حيث يريد فريق نزع سلاحه دون شروط، ويرفض فريق آخر الفكرة تماما، فيما يدعم فريق ثالث هذا المطلب لكنه يتفهم مخاوف الحزب.
إعلان