نابلس - صفا

لم يكد ينتهي رؤساء وزراء إسبانيا والنرويج وأيرلندا من مؤتمرهم الصحفي صباح الأربعاء، الذي أعلنوا فيه اعتزام بلادهم الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، حتى بدأت إسرائيل بالإعلان عن سيل من الإجراءات العقابية الإضافية ضد الفلسطينيين، وتنافس وزراء حكومة الاحتلال فيما بينهم أيّهم يخنق الفلسطينيين أكثر.

وبدوره، قرر وزير الجيش يوآف غالانت تطبيق قرار صدر عن الكنيست الإسرائيلي في 21 مارس/آذار 2023، يقضي بإلغاء "قانون فك الارتباط" في شمال الضفة الغربية المحتلة.

و"فك الارتباط" خطة إسرائيلية أحادية الجانب نفذتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، في العام 2005، وأخلت بموجبها جميع المستوطنات ومعسكرات الجيش في قطاع غزة، بالإضافة إلى 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية. 

وبإلغاء "فك الارتباط" سيكون بإمكان المستوطنين العودة إلى المستوطنات الأربع المخلاة في شمال الضفة وهي "غانيم" و"كاديم" و"حومش" و"سانور".

وعلى الرغم من تفكيك هذه المستوطنات في 2005، إلا أن الاحتلال لم يسمح للفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم واستخدامها، وبقيت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي.

وفي آذار/ مارس 2023 صادق كنيست الاحتلال على عودة الاستيطان في شمال الضفة الغربية، وهو ما ترجمه المستوطنون عملياً ببناء عشرات المنازل والكرفانات المتنقلة في مستوطنة "حومش" المقامة على أراض فلسطينية خاصة بمحاذاة الطريق الرئيسي الواصل بين محافظتي نابلس وجنين.

وبعد أيام قليلة من الشهر ذاته، أعاد المستوطنون بناء مدرسة دينية في موقع مستوطنة "حومش".

ويرى الخبراء والمهتمون بمواجهة الاستيطان أن إلغاء فك الارتباط يندرج في إطار مخطط ضم الضفة، وتحويلها إلى محيط استيطاني ضخم، وتحويل شمالها إلى جزر معزولة ومتناثرة وغير مترابطة ولا متصلة جغرافيا، لوأد أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية على الأرض.

ويقول الباحث والخبير في الاستيطان جمال جمعة، إن هذا القرار يعني عمليا العودة للمستوطنات والاستيطان في جنين، والتي ظلت لنحو عقدين الأقل تأثرا بالاستيطان من بين محافظات الضفة الغربية.

وأضاف في حديثه لوكالة "صفا" أن هذا القرار يمهد لتكريس الاستيطان في المنطقة، والعودة إلى المستوطنات وإلى معسكر جيش الاحتلال في صانور.

وأكد أن هذا القرار يأتي ضمن إجراءات انتقامية اتخذتها الحكومة الإسرائيلية ردا على الاعترافات الدولية بدولة فلسطين وعلى قرارات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت.

وأضاف أن هذا القرار يحمل رسالة سياسية لكل الدول التي تعترف بفلسطين، "يريدون ان يقولوا للعالم: اعترفوا أو لا تعترفوا بالدولة الفلسطينية، لكن لن يكون هناك مكان لهذه الدولة، وها نحن نعود لنستوطن أراضي هذه الدولة".

وأكد أن الاستيطان في الضفة قائم وهو يسير على قدم وساق في محاولة لفرض الخارطة الجغرافية السياسية التي عملت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 2002 عبر بناء الجدار الفاصل، وهي منظومة الفصل العنصري والكنتونات في الضفة الغربية.

وقال إنه لن يكون سهلا مستقبلا التنقل من محافظة لأخرى بالضفة باستخدام الطرق القديمة، وانما عبر طرق فرعية، كما كان عليه الحال في الانتفاضة الثانية.

وأوضح أنه يجري الان وضع اللمسات الأخيرة على المشروع الاستيطاني في الضفة، مضيفا: "يراهن المستوطنون انه بعد انتهاء الحرب بغزة سيكون الوضع بالضفة متغيرا لصالح مشروع الضم، فهم يعتبرون ان مشروعهم الأساس هو الضفة التي يطلقون عليها يهودا والسامرة".

وبين أن العودة للمستوطنات المخلاة يعني العمل على تأهيل البنية التحتية للمستوطنات، وهذا يعني مصادرة المزيد من الأراضي لفتح الطرق لتسهيل التنقل بين المستوطنات، الأمر الذي سيتم معه تغيير ملامح المنطقة الجغرافية بين نابلس وجنين، وقد يصل الامر إلى هدم البيوت وتهجير السكان.

وتصاعدت في السنوات الأخيرة الماضية اعتداءات المستوطنين على بلدة برقة شمال غرب نابلس، التي تجثم مستوطنة "حومش" على أراضيها، وكانت "حومش" منطلقا لتلك الاعتداءات.

ويبدي اهالي بلدة برقة تخوفا من تبعات عودة المستوطنين إلى "حومش".

وقال ضرار أبو عمر، مدير جمعية الإغاثة الزراعية في محافظة نابلس وأحد سكان برقة: "لن تكون هناك حياة طبيعية إذا عاد المستوطنون إلى حومش".

وأضاف أبو عمر: "نتوقع أن القادم سيئ جدا، فخلال العشرين سنة الماضية منذ إخلاء حومش أصيب عشرات المواطنين باعتداءات المستوطنين، وإذا ما عاد المستوطنون فإن هذا العدد من الاعتداءات سيسجل في شهر واحد".

وأكد أن الغاء فك الارتباط قرار خطير جدا على قرى شمال غرب نابلس وجنوب جنين، مضيفا: "سنعاني الأمرّين خاصة إذا حصل تدفق للمستوطنين بأعداد كبيرة".

وبيّن أبو عمر أن اخلاء "حومش" كان صوريا، إذ أبقى الاحتلال على الأمر العسكري بمنع دخول أصحاب الأراضي إليها، في حين كان الجيش يغض الطرف عن عودة المستوطنين وتواجدهم داخلها.

ولفت إلى أن أصحاب الأراضي مروا بتجارب مريرة وعصيبة حتى استطاعوا انتزاع عدة قرارات من المحكمة العليا الإسرائيلية بعودة الأراضي لأصحابها وللسماح لهم بدخولها والعمل بها، وقد حاول المستوطنين الاستئناف على القرارات ولكن المحكمة ردت استئنافهم، ورغم ذلك استمر الاحتلال بمنع دخول المزارعين إلى أراضيهم.

وأكد أن تواجد المستوطنين داخل المستوطنة استمر حتى بعد قرار فك الارتباط، وقد تعرض عشرات المزارعين لاعتداءاتهم عندما حاولوا العودة إلى ارضيهم وزراعتها واستغلالها.

وبين أن العديد من المؤسسات الأهلية والرسمية شرعت عقب قرارات المحكمة بإقامة مشاريع استصلاح للأراضي في المستوطنة المخلاة، لكن اعتداءات المستوطنين منعت استكمالها.

ولا يستغرب أبو عمر لجوء الاحتلال لإلغاء قرار فك الارتباط، وقال: "بما أن الانسحاب كان من جانب واحد، فهذا يعني أنهم سيعودون بقرار من جانب واحد أيضا".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: فك الارتباط شمال الضفة الاستيطان حومش الضفة الغربیة الاستیطان فی فک الارتباط هذا القرار العودة إلى شمال الضفة أبو عمر وأکد أن

إقرأ أيضاً:

شاهد.. قوات الاحتلال تُمثّل بجثمان شهيد في جنين

أظهرت صور تمثيل قوات الاحتلال الإسرائيلي بجثمان شهيد فلسطيني خلال تجريف أجزاء من منزل في بلدة قباطيا جنوب مدينة جنين بالضفة الغربية، بعد محاصرته لساعات وقصفه.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت البلدة، ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة وآلية هدم، وحاصرت المنزل الواقع في منطقة الكحليشة، وطالبت أحد الشبان بتسليم نفسه.

وأفاد شهود عيان بأن الشاب رفض تسليم نفسه واشتبك مع قوات الاحتلال التي كانت تحاصر المنزل، لتشرع قوات الاحتلال بقصف المنزل بعدد من الصواريخ الحارقة ليسقط الشاب شهيدا. وتزامن ذلك مع تحليق مروحية عسكرية في سماء البلدة.

وكان مراسل الجزيرة قال إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أعلنت مخيم جنين منطقة عسكرية مغلقة.

لحظة سحب قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمان شهيد بجرافة عسكرية من المنزل الذي حاصرته في #قباطية جنوبي #جنين بالضفة الغربية#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/D5hrAEnS8h

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) June 13, 2024

يأتي ذلك بعد اقتحام قوات الاحتلال للمخيم، وقيام جرافاته بتدمير البنية التحتية في عدد من الشوارع والأسواق الداخلية لمدينة جنين ومخيمها، ومحاصرة مناطق عدة في محيط المخيم ومستشفى خليل سليمان الحكومي، وسط تحليق كثيف لطائرات مسيّرة في سماء المدينة.

من جهتها، قالت "سرايا القدس- كتيبة جنين" إنها فجّرت عددا من العبوات في آليات الاحتلال الإسرائيلي، وحققت إصابات مباشرة.

وبوتيرة يومية، يقتحم الجيش الإسرائيلي مدنا وبلدات في الضفة الغربية لهدم ممتلكات أو إجراء عمليات تجريف للبنية التحية أو اعتقال من يسميهم مطلوبين، وعادة ما يعتدي على فلسطينيين خلال هذه الاقتحامات.

وبالتزامن مع حربه المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، بما فيها القدس المحتلة، وكثف المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم.

ومنذ ذلك اليوم، بلغ عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي ومستوطنين في الضفة 543، إضافة إلى نحو 5 آلاف و200 جريح، فضلا عن اعتقال 9 آلاف و170، وفق جهات رسمية فلسطينية.

مقالات مشابهة

  • مقتل ضابط وجندي خلال معارك بشمال قطاع غزة وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة
  • شهيد وجريحان برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني وإصابة اثنين آخرين برصاص قوات الاحتلال شرق نابلس
  • شهيد متأثرا بجراحه خلال مواجهات مع قوات الاحتلال شرق نابلس (صور)
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة بيتا جنوبي نابلس بالضفة الغربية
  • الاحتلال يقتحم بلدات بجنين والخليل ورام الله واشتباكات مع مقاومين
  • قوات الاحتلال تعتقل خمسة فلسطينيين في الضفة الغربية
  •  مواجهات في مخيم العروب بالخليل واعتقالات في قلنديا
  • مواجهات في مخيم العروب بالخليل.. واعتقالات في قلنديا شمال القدس المحتلة (شاهد)
  • شاهد.. قوات الاحتلال تُمثّل بجثمان شهيد في جنين