كيربي: واشنطن لم تغير سياستها بشأن استخدام أسلحتها لاستهداف العمق الروسي
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
أكد منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي أن واشنطن لم تغير موقفها بشأن منع أوكرانيا من استخدام الأسلحة الأمريكية لضرب عمق الأراضي الروسية.
وقال كيربي خلال مؤتمر صحفي: "لا يوجد تغيير في سياستنا، نحن لا نشجع ولا نمكن من شن هجمات باستخدام الأسلحة الأمريكية على الأراضي الروسية".
وأضاف: "نحن على اتصال مع نظرائنا الأوكرانيين يوميا لمعرفة احتياجاتهم، بعض تلك الحاجات هي معدات، والبعض الآخر تدريب، وبعضها متعلق بتقديم المشورة".
وتابع كيربي: "لم يقم أي زعيم آخر بمثل هذا القدر من العمل الذي قام به الرئيس بايدن مع الأوكرانيين، ليس فقط لتلبية احتياجاتهم الدفاعية الآن، ولكن لتلبية احتياجاتهم الدفاعية عندما تنتهي هذه الحرب، مهما كان شكل نهاية الحرب، ستظل لديهم حدود طويلة مع روسيا وهذه الحدود سيتعين عليهم الدفاع عنها، وقد قطع الرئيس على نفسه التزامات تجاه أوكرانيا أن نكون معهم على المدى الطويل".
وأشار إلى أن "دعم واشنطن لأوكرانيا تطور بشكل مناسب مع تطور ظروف ساحة المعركة، وهذا (الدعم) لن يتغير".
من جانبها وصفت موسكو الدعوات التي يطلقها الغرب بشأن السماح للقوات الأوكرانية باستهداف الأراضي الروسية، بأنها متهورة وقالت إنها تدفع باتجاه مواجهة عسكرية مباشرة مع موسكو.
ووصف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف تصريح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، بأنه استفزازي.
وصرحت موسكو منذ بداية الأزمة الأوكرانية، أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تتعارض مع التسوية، وتجعل دول حلف شمال الأطلسي متورطة بشكل مباشر في الصراع و"تلعب بالنار".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أسلحة ومعدات عسكرية الأزمة الأوكرانية البيت الأبيض الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين حلف الناتو دميتري بيسكوف كييف واشنطن ينس ستولتنبيرغ الأراضی الروسیة
إقرأ أيضاً:
النتائج المحتملة لـ"قمة موسكو العربية الروسية"
د. عبدالله الأشعل **
أعلن الرئيس بوتين عن عقد قمة في موسكو عربية روسية في أكتوبر 2025. وهذه الفكرة مستحدثة، لم يسبق أن فكرت روسيا أو الاتحاد السوفيتي فيها من قبل، وتفسيرنا لطرح هذه الفكرة الآن خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد أن يعمل اختراقًا بين ترامب والدول العربية، خاصة وأن بوتين أُشيع في ولاية ترامب الأولى أنه ساعد ترامب بطرق مختلفة على الفوز، كما يبدو أن ترامب يريد التقارب من بوتين، وليس أدل على ذلك من أن ترامب خلال حملته الانتخابية أعلن أنه سوف يسعى إلى تسوية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وذكر أرقامًا مخيفة ساهمت بها الولايات المتحدة في هذه الحرب، علمًا بأن ترامب وبوتين يفهمان حقيقة هذه الحرب، فهي حرب بين روسيا والغرب عمومًا، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وهذا الصراع الأساسي لم يُترجم من قبل إلى عمل عسكري.
ولكن نعتقد أن بوتين سوف يطرح موقفه من هذه الحرب، وسوف ننشر مقالًا آخر عنوانه "تأملات في المسألة الأوكرانية". ولا شك أن جدول هذه القمة يتضمن حالة العالم العربي، الذي لم يكن منقسمًا في الماضي قدر انقسامه في الوقت الحاضر.
ولا بد أن بوتين لاحظ أن المآسي العربية في فلسطين وسوريا وليبيا ولبنان والسودان بطلها الأساسي بعض العرب، إضافة إلى إسرائيل. ونعتقد أن بوتين لا ينوي تجميع الدول العربية ضد إسرائيل، فذلك سقف يصطدم بسببه بالعلاقات الروسية الأمريكية، ونعتقد أن بوتين يريد لهذه القمة أن يخرج من الحالة النفسية التي فرضتها عليه الحرب في أوكرانيا، ويريد أن يثبت للغرب أن الدبلوماسية الروسية أوسع نطاقًا من أوكرانيا، ونعتقد أن هذه القمة لا يُقصد بها بدء حرب باردة جديدة بين روسيا والصين من ناحية وبين الغرب. لأن بوتين يرى أن الولايات المتحدة بالغة التأثير في مواقفها على المواقف الغربية، وأن بوتين يعتقد أنه هناك سقف للتقارب مع ترامب، وأن بوتين استجاب لدعوة ترامب بالمفاوضات مع أوكرانيا في الرياض. ونعتقد أن الطرفين لم يقصدا أن تكون السعودية وسيطًا في هذا الصراع. ونعتقد أن بوتين يفهم دور إسرائيل في المشاكل العربية، وأن ترامب لم يُخفِ خلال جولته الخليجية سمات معينة للسياسة الأمريكية، جوهرها الانحياز لإسرائيل، وهو ضد نتنياهو لصالح إسرائيل، على أساس أن إسرائيل القاعدة المتقدمة للإضرار بروسيا، ونعتقد أنها تشارك في الحرب ضد روسيا في أوكرانيا.
أمام هذه الإيضاحات نستطيع أن نحلل في عجالة المآسي العربية الأربعة، التي انقسم العالم العربي بصدد هذه المشاكل:
أولًا: المشكلة السودانية
رغم وضوح هذه المشكلة والأطراف التي تشعلها، إلا أن بوتين يجب أن يعرف أن المشكلة السودانية تُكلّف الشعب السوداني الكثير، وأن محاولات حلها لم تكن جادة. وطبيعة الصراع العسكري معقدة؛ فهي بين طرفين كانا متحالفين ضد الرئيس السابق عمر حسن البشير، وأن الميليشيات المسماة بالدعم السريع التي نشأت بمناسبة أزمة دارفور ثم أبقت عليها الحكومة السودانية في زمن البشير لاعتبارات معنوية، وأن قرار مجلس الأمن 1593 الصادر عام 2008 كان يتضمن إحالة 51 شخصية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأي صراع يشمل الجيش السوداني، فهو صراع غير متكافئ، ولذلك تدخلت إسرائيل لمساندة قائد الدعم السريع حتى تُفكّك السودان وحتى تشغل الشعب السوداني. ولم يشفع لدى إسرائيل أن قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان اعترف بإسرائيل، لأن إسرائيل تدرك إدراكًا تامًا أنه لم يوقّع مع إسرائيل إلا بسبب الإغراءات الأمريكية، وأن السودان هو امتداد لمصر.
الخلاصة أن تدخل إسرائيل في المشكلة وتدخل دول عربية أخرى موالية لإسرائيل عقّد المشكلة، ولا نتوقع حلولًا جاهزة في هذه القمة، لكن على غرار القمم العربية السابقة التي أوصت بالحل السلمي للمشكلة، وقد تتقدم موسكو خطوة إلى الأمام فتدعو الفرقاء إلى اجتماع في موسكو. أما من يمثل السودان في هذه القمة، فهو الفريق البرهان الذي يتهم الدعم السريع بالإرهاب. ويدرك بوتين أن ترامب يريد استمرار الصراع، ولكن دون أن تظهر الولايات المتحدة دورًا ظاهرًا في هذا الصراع.
ثانيًا: المشكلة الليبية
تدرك موسكو أساس المشكلة، وهي المخطط الغربي لتقسيم ليبيا بعد اغتيال الرئيس الراحل معمر القذافي خلال الثورة الليبية عام 2011. وتدرك روسيا قطعًا حدود الدور الروسي في ليبيا المنقسمة بين شرق وغرب، كما تراقب الدور التركي المُساند من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لإعاقة الدور الروسي، ولكن كلًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين يُتقنان فن اللعبة؛ فلا تكون المشكلة الليبية عقبة إضافية في طريق العلاقات الروسية التركية. ويستحيل التقريب بين الشرق والغرب في ليبيا، إضافة إلى أن بوتين لن يُقحم نفسه في المشكلة، فإذا لم يكن تدخله لفائدة موسكو، فهو على الأقل يتجنب الضرر من أي جهة.
ثالثًا: المشكلة السورية
يدرك بوتين قطعًا أسرار هذه المشكلة، حيث كانت روسيا وإيران تساندان نظام الأسد، كما أن الرئيس الأسد لجأ سياسيًا إلى موسكو. كما يدرك بوتين أن الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، إضافة إلى بعض الدول العربية، تؤيد النظام الجديد في سوريا.
وخلاصة ما يتمناه بوتين أن يحافظ على القاعدة الروسية في اللاذقية، وأن يحتفظ بعلاقات تحقق المصالح المتبادلة مع النظام في سوريا دون التورط في الصراع بين بقايا نظام الأسد والنظام الحديدي، وبين الطوائف المختلفة، خاصة الدروز الذين تدعمهم إسرائيل. كما يدرك بوتين حساسية الموقف في سوريا بالنسبة لتركيا، وحساسية تركيا تجاه قضية الأكراد فيها وفي سوريا والعراق وإيران.
رابعًا: الأزمة اللبنانية
يدرك بوتين خطورة إسرائيل على روسيا والمنطقة العربية، كما يدرك أن ترامب يدفع إسرائيل إلى مزيد من الاختراق العربي، وأنه عبّر بصراحة عن ذلك، خاصة خلال زيارته للسعودية، حيث وضع تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية من خلال مغازلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومن خلال وضع أسس للمصلحة المشتركة الاقتصادية بين السعودية وأمريكا. ولكن يبدو أن التطبيع يواجه مشاكل أخرى. وبالطبع فإن التطبيع بين السعودية وإسرائيل قد يؤدي إلى اختراق العالم الإسلامي، وقد يؤدي إلى تطبيع مماثل بين إسرائيل وبعض الدول الإسلامية على أساس ثقل السعودية في المجال العربي والإسلامي والمالي الدولي.
ويدرك بوتين حساسية الموقف اللبناني، حيث يؤيد الدولة اللبنانية شكليًا ورسميًا، وبالطبع ضد حزب الله، مما يُغضب إيران، ولكن لا يملك بوتين أو غيره غير هذا الموقف. ويستطيع بوتين أن يُخفف عن لبنان الحرج عن طريق المحادثة مع ترامب وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، ولكن سوف يصطدم هذا الطلب باستراتيجية إسرائيل الكبرى من المقاومة، ومن الهيمنة على الساحة اللبنانية عن طريق خلق الصدام بين الجيش اللبناني وحزب الله.
ويدرك بوتين قطعًا أسباب شيطنة روسيا وإيران في سوريا ولبنان، ولكن بوتين الذي يردد الموقف العام من فلسطين، واستضافة وفد حماس إلى موسكو قبل السابع من أكتوبر 2023، لا يمكن أن يُدخل روسيا في هذا الصراع المتعدد الأطراف.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر