مؤتمر جدة.. في أي سياق تأتي مبادرة السعودية بشأن أزمة أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
تسعى السعودية إلى تعزيز موقعها كوسيط دولي في الأزمة الأوكرانية.. فهل تنجح في ذلك؟
انطلقت في مدينة جدة السعودية اليوم السبت (5 أغسطس / أب 2023) ولمدة يومين محادثات سلام بشأن الأزمة الأوكرانية بمشاركة مستشاري الأمن الوطني ومسؤولين من حوالي 30 دولة. ومن الدول المشاركة دول البريكس، البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى دول أخرى مثل إندونيسيا والمكسيك وزامبيا ومصر فيما أكدت المملكة المتحدة وبولندا والاتحاد الأوروبي إرسال ممثلين للمشاركين في المحادثات، وقالت الصين إنها سترسل لي هوي المبعوث الخاص لشؤون أوراسيا للمشاركة في المحادثات، فيما لم تتم دعوة روسيا.
وقال سيمون إنغلكيس، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فى مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية، إن المبادرة تتزامن مع مساعي "السعودية لتقديم نفسها كقوة دافعة لإجراء محادثات دولية وحل نزاعات".
الجدير بالذكر أن السعودية تعد حليفا تقليدا للغرب خاصة الولايات المتحدة، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على علاقات جيدة مع الصين وروسيا رغم الخلافات الأخيرة مع موسكو في إطار تحالف "اوبك بلس" بعد رفض الكرملين الالتزام بخفض إنتاج النفط الطوعي حتى نهاية العام الجاري.
لكن العلاقات بين السعودية والغرب لم تكن على وئام تام دائما، حيث شابتها توترات خاصة فيما يتعلق بالأزمة في اليمن وسجل حقوق الإنسان في السعودية فيما تفاقمت التوترات عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018 الذي أضر بسمعة العائلة المالكة خاصة عقب إصدار الاستخبارات الأمريكية تقريرا أشار إلى أن ولي العهد السعوديمحمد بن سلمان وافق على "عملية لاعتقال أو قتل" خاشقجي.
وعلى وقع استفادة السعودية من العقوبات الغربية على روسيا مع ارتفاع أسعار النفط، يرى مراقبون أن مباحثات السلام في جدة ليست سوى رغبة لتعزيز مكانة الرياض على الساحة الدولية.
وفي ذلك، أوضح إنغلكيس أن محمد بن سلمان "يريد تعظيم الدور الدبلوماسي للمملكة كقوة إقليمية من خلال الانخراط في مجموعة متنوعة من المحاولات لتحقيق التقارب مع العدو اللدود إيرانوفي اليمن بهدف تخفيف حدة التوترات".
"رسالة دعم لأوكرانيا"
يقول خبراء إنهم لا يتوقعون أن تحقق مباحثات جدة انفراجة حقيقية تمهد الطريق أمام إبرام اتفاق سلام ينهيالحرب الروسية في أوكرانيا خاصة مع عدم مشاركة روسيا.
ويعزو الخبراء هذه الفرضية إلى موقف معظم الدول المشاركة في المحادثات من الغزو الروسي لأوكرانيا، فرغم أنها أدانت انتهاك وحدة الأراضي الأوكرانية، إلا أنها فشلت في اتخاذ تدابير واضحة ضد روسيا لا سيما المشاركة في منظومة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو.
لا يتوقع الخبراء أن تحقق مباحثات جدة انقراجا في الأزمة الأوكرانية في ظل الوضع الراهن على الأرض!
ويرى إنغلكيس أن مشاركة هذه الدول في المباحثات تعد دلالة على الرغبة في إنهاء الصراع الذي لم يعد يضر بأوكرانيا وروسيا فقط، بل امتدت تداعياته إلى دول النصف الجنوبي للكرة الأرضية. وقال إن اعتماد "خطة السلام التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المؤلفة من 10 نقاط، كنقطة محورية لمحادثات جدة يحمل في طياته رسالة دعم لأوكرانيا".
بدوره، أشار سيباستيان سونز، الخبير في مركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق ومقره ألمانيا، في مقابلة مع قناة الألمانية التلفزيونية الثانية (زد دي افZDF ) إلى أن السعودية ترى الحرب في أوكرانيا باعتبارها صراعا أوروبيا داخليا وسط غياب دعم الإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية ضد روسيا عقب عدوانها على كييف أواخر فبراير/ شباط العام الماضي.
وقال إن الجانب السعودي يشعر بأنه جرى "التخلي عنه" مع تفاقم الصراع مع إيران، مضيفا "يُنظر إلى الطريقة المختلفة للتعامل مع الصراعات باعتبارها تنطوي على ازدواجية في المعايير".
من جانبه، قال إنغلكيس إن المبادرة السعودية في عقد مباحثات جدة غير مؤدلجة تندرج في إطار سياسة اقتصادية وأمنية أكثر براغماتية وتعكس "القناعة بأن منافسة الأنظمة التي نعلن عنها كثيرا، ليست من مسؤولية ولا تحديات المناطق الأخرى من العالم." وأضاف مشيدا بانخراط دول الجنوب المهم في مباحثات جدة، قائلا إن "هذا الأمر يدحض السرد القائل: روسيا أم الغرب؟".
يان دي. فالتر / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: مباحثات جدة
إقرأ أيضاً:
مباحثات سورية أمريكية بشأن رفع العقوبات وانتهاكات إسرائيل
سوريا – بحث وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، امس الجمعة، مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، ملف العقوبات التي رفعتها واشنطن مؤخرا عن دمشق، فضلا عن انتهاكات إسرائيل في سوريا.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين الجانبين، وفق وكالة الأنباء السورية “سانا” بعد أيام من توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بإنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا.
وقالت الوكالة إن الوزيرين بحثا “العقوبات الأمريكية، وملف الأسلحة الكيميائية، ومكافحة (تنظيم) داعش (الإرهابي)، والانتهاكات الإسرائيلية (في سوريا)”.
واستعرضا “مشاركة الرئيس السوري (أحمد الشرع) في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (في سبتمبر/أيلول المقبل)”، وشددا على أن “قانون قيصر يقيد قدرة الشركات والمستثمرين على الانخراط اقتصاديا في سوريا”.
ونقلت الوكالة عن الشيباني تطلعه “للعمل مع الولايات المتحدة على رفع العقوبات”، فيما أكد روبيو أن “الإدارة الأمريكية تواصل تنفيذ توجهات الرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا”.
في السياق، أكد الوزيران أن تنظيم داعش “ما يزال يشكل تهديدا فعليا، خاصة بعد الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق” في 22 يونيو الماضي، وأسفر عن 25 قتيلا و63 جريحا.
كما توافقا على “التنسيق المشترك لإنشاء لجنة خاصة بملف الأسلحة الكيميائية تشارك فيها الدولتان”.
الشيباني أعرب عن قلق بلاده “المتزايد إزاء محاولات إيران التدخل في الشأن السوري، وخصوصاً عقب الضربات (الإسرائيلية) التي تعرضت لها طهران مؤخرا (بدأت في 13 يونيو واستمرت 12 يوما)”، وفق الوكالة.
وبشأن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، أعرب الشيباني عن تطلع دمشق “للتعاون مع الولايات المتحدة للعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك (الموقعة مع إسرائيل) عام 1974”.
وفجر الجمعة، نفذت قوات إسرائيلية إنزالا جويا في منطقة يعفور على بعد 10 كيلومترات جنوب مركز العاصمة السورية دمشق.
كما دخل الجيش الإسرائيلي قرية صيصون في محافظة درعا جنوب سوريا بـ6 آليات عسكرية، وسيّر دورية، وفقا لمصادر محلية.
واستغلت إسرائيل الوضع بعد إسقاط نظام الأسد فاحتلت المنطقة السورية العازلة وتوغلت في محافظتي القنيطرة وريف دمشق، وألغت اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
وفي ختام الاتصال، “أعرب روبيو عن رغبة بلاده في إعادة فتح سفارتها في دمشق (أغلقت عام 2012)، موجها دعوة رسمية لنظيره السوري لزيارة واشنطن في أقرب وقت”.
الأناضول