عدوان اسرائيلي متنوع : "الحرب الاقتصادية" الإسرائيلية تهدد بخنق الضفة الغربية
تاريخ النشر: 17th, June 2024 GMT
رام الله (الاراضي الفلسطينية) - بموازاة تصاعد التوتر في الضفة الغربية على وقع الحرب في قطاع غزة، تعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة.
وتواجه الضفة الغربية المحتلة تدهورا متواصلا في الوضع المالي مند اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع وقف إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لصالحها.
ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من تراجع كبير في عائداتهم منذ اندلاع الحرب في غزة.
وقال عماد رباح الذي يملك مصنعا للبلاستيك إن أرباحه الصافية تراجعت بنسبة النصف خلال عام واحد.
كذلك قال نخلة جبران الذي ينتج العرق إن مبيعاته تراجعت بنسبة 30% خلال الفترة ذاتها، مضيفا أن الضفة الغربية تواجه "حربا اقتصادية" بموازاة الحرب في قطاع غزة.
وبموجب اتفاقات السلام التي توسطت فيها النروج جزئيا في التسعينات، تقوم إسرائيل بجمع الأموال للسلطة الفلسطينية التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في أجزاء من الضفة الغربية.
لكن غداة هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل والذي أطلق شرارة الحرب المدمرة في قطاع غزة، أوقفت إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل المبلغ العائد لها من الرسوم الجمركية، متذرعة بأن المال يستخدم من أجل تمويل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر منذ 2007 على قطاع غزة وتعتبرها اسرائيل "منظمة إرهابية".
وتحتاج السلطة الى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها، وفق مسؤولين وخبراء.
وقد يتفاقم الوضع في تموز/يوليو، إذ هدد وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (يمين متطرف) في أيار/مايو بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية ردا على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.
وأبلغ سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "لا يعتزم تمديد" الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية لإعطائها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة "تمويل الإرهاب".
وهذه الحماية السنوية التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية وتنتهي مدتها في 30 حزيران/يونيو، ضرورية للسماح لمصرفي "هبوعليم" و"ديسكاونت بنك" الإسرائيليين بمواصلة لعب دور المراسلة بين البنوك الفلسطينية ونظيراتها في إسرائيل والدول الأخرى.
كما قرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تمّ تحصيلها لصالح السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات "ضحايا الإرهاب"، متهما السلطة الفلسطينية ب"تشجيع الإرهاب" عبر "دفع أموال لعائلات الإرهابيين والسجناء والسجناء المفرج عنهم".
- "أزمة إنسانية" -
واثارت تهديدات الوزير الإسرائيلي مخاوف كبرى في واشنطن، حليفة الدولة العبرية.
ورأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن "قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها سيولد أزمة إنسانية".
وشددت على أن "هذه القنوات المصرفية أساسية للقيام بتحويلات تسمح بنحو ثمانية مليارات دولار من الواردات الآتية من إسرائيل بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، وتسهل حوالى ملياري دولار من الصادرات في السنة، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم".
من جانبه، أوضح محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم لوكالة فرانس برس أن قطع القنوات المصرفية "سيكون له تأثير كبير علينا لأن اقتصادنا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي ولأن إسرائيل تسيطر على الحدود".
كما تضرر الفلسطينيون بفعل منع العمال من الدخول إلى إسرائيل للعمل، وبسبب تراجع حاد في النشاط السياحي في الضفة الغربية.
وعلى الصعيد الأمني، تشهد الضفة الغربية تصاعدا في العنف منذ أكثر من عام، تفاقم بصورة خاصة مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 546 فلسطينيا بأيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين وفقا لمسؤولين فلسطينيين، فيما أدت الهجمات التي نفذها فلسطينيون إلى مقتل 14 إسرائيليا على الأقل بين جنود ومستوطنين خلال الفترة نفسها، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتخشى الدول الغربية أن تثير سياسة إسرائيل الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية.
وحذر مصدر دبلوماسي أوروبي في القدس طالبا عدم كشف هويته من أن "النظام المصرفي قد ينهار ... السلطة الفلسطينية في أزمة مالية وقد تنهار قبل آب/أغسطس".
ورأى موسى شامية الذي يملك شركة تصنع ملابس للنساء أن السياسة الإسرائيلية هدفها دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية.
وقال إن الإسرائيليين "يريدون أن نغادر أرضنا، وهم يعرفون أنه سيكون من الصعب علينا البقاء إذا لم يكن بإمكاننا مزاولة أعمال".
ويشكو مدير مدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت محمد رباح من صعوبات مالية وقال "نعاني مع المدفوعات الدولية"، لافتا الى عقبات بيروقراطية تؤخر تسليم المدرسة تجهيزات ومعدات تحتاج اليها لفترة تصل إلى شهر.
وأوصى فراس ملحم "علينا العمل على خطة بديلة في ما يتعلق بالعلاقات التجارية".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة فی قطاع غزة الحرب فی
إقرأ أيضاً:
ماذا تعرف عن الإصلاحات المطلوبة من السلطة الفلسطينية؟
رام الله- برز ملف إصلاح السلطة الفلسطينية بشكل لافت بالتزامن مع بدء حرب الإبادة على غزة، وكان حاضرا في أغلب المحافل واللقاءات الدولية المتعلقة بالملف الفلسطيني، وأحيانا سبق ملف الإبادة.
وبالفعل أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجموعة مراسيم وقرارات تتعلق بهذا الملف وبالتزامن مع الحرب. فما الإصلاحات المطلوبة؟ ومن يطلبها؟ وماذا تم منها؟ ثم هل هدفها إصلاح السلطة بالفعل؟ أم إعادة هيكلتها ووظائفها؟
فيما يلي تحاول الجزيرة نت الإجابة على تلك الأسئلة بالحديث إلى قيادي فلسطيني، ومحلل سياسي يفرقان بين إصلاحات يطالب بها الشارع الفلسطيني وأخرى يطالب بها الخارج، لا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وحتى إسرائيل التي تسعى لتدميرها.
ضمن توجهات الإصلاح، أصدر الرئيس عباس، خلال العامين الماضيين وبالتزامن مع حرب الإبادة على غزة، مجموعة مراسيم منها:
27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: إعلان دستوري بتولي رئيس المجلس الوطني مهام رئيس السلطة الفلسطينية حال شغور المركز. 10 فبراير/شباط 2025: مرسوم يلغي قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى. 26 أبريل/نيسان 2025: تعيين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ نائبا لرئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. 25 أغسطس/آب 2025: مرسوم بتشكيل لجنة صياغة الدستور المؤقت للانتقال من السلطة إلى الدولة. 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025: إعلان دستوري بتولي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مهام رئيس السلطة الفلسطينية حال شغور المركز. 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025: قرار بقانون بشأن انتخابات مجالس الهيئات المحلية، يشترط على المشاركين فيها الاعتراف ببرنامج منظمة التحرير وقرارات الشرعية الدولية، وهو ما قوبل برفض حقوقي واسع.وفي الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي قال عباس -في كلمته أمام المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين بالأمم المتحدة- إن دولة فلسطين تواصل أجندة إصلاح شاملة تعزز الحوكمة والشفافية وفرض سيادة القانون، وتشمل:
إعلان إصلاح النظام المالي. إصلاح المناهج التعليمية وفق معايير اليونسكو خلال عامين. إنشاء نظام رعاية اجتماعية موحد بعد إلغاء جميع المدفوعات السابقة لعائلات الأسرى والشهداء. إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام بعد انتهاء الحرب. صياغة دستور مؤقت خلال 3 أشهر لضمان الانتقال من السلطة إلى الدولة، بما يضمن عدم مشاركة أي أحزاب أو أفراد لا يلتزمون بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والشرعية الدولية، وبمراقبة دولية.وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف فإن الحديث عن الإصلاحات بدأ به الاحتلال كذريعة لمحاولة القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني واتخاذ إجراءات عقابية بحقه، ثم تحولت إلى مطلب دولي للضغط أيضا على الشعب الفلسطيني وقضيته، مشددا على أن "الإصلاح مع ذلك مطلب داخلي، قبل أن يكون استجابة لضغوطات خارجية".
وفي هذا السياق أوضح أن الاحتلال بدأ خلال السنوات الماضية في اقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية، تارة بذريعة دفع السلطة مخصصات للشهداء والأسرى، وتارة أخرى بذريعة صرف رواتب لموظفي غزة، وأخيرا تم إيقاف تحويل أموال الضرائب كاملة حتى من دون ذرائع، لجعل السلطة وحكومتها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي تقويضها كذراع لمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وصولا إلى هدف أساس هو التعامل مباشرة مع الناس وضرب تمثيلهم السياسي.
يقول القيادي الفلسطيني إن بعض الدول (لم يسمها) تساوقت مع المزاعم الإسرائيلية وما يسمى الإصلاح.
ماذا عن تفاصيل قرار السلطة الفلسطينية بشأن مخصصات الأسرى وذوي الشهداء؟ #الجزيرة_ألبوم pic.twitter.com/R8rwgxjSdI
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 10, 2025
أبرز الإصلاحاتومع ذلك قال إن الرئيس الفلسطيني أعلن في خطاباته في أكثر من مناسبة المضي قدما في الإصلاحات لسحب كل الذراع ومن ذلك:
تغيير المحافظين وتعيين محافظين جدد. تغيير قادة الأجهزة الأمنية. إصدارات مراسيم حول كيفية ملء الشواغر في حال الفراغ السياسي. تشكيل لجنة تحضيرية لعقد انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، خلال عام بعد وقف حرب الإبادة، في الوطن وحيثما أمكن في مواقع اللجوء. تشكيل لجنة لإعداد دستور مؤقت لدولة فلسطين من أجل إجراء انتخابات برلمان دولة فلسطين. الإعلان عن لجنة مشتركة مع اليونسكو لمناقشة المناهج الدراسية.وهنا يقول إنه لا وجود للتحريض المزعوم إسرائيليا في المناهج، مشيرا إلى أن الموقف المبدئي أنه لا يمكن لأحد إطلاقا أن يتنكر لنضاله وكفاحه وحقوقه ويتحدث عن تاريخه وماضيه، وليس لأحد أن يمنع أي دولة في العالم أن تتحدث عن تاريخها وما قامت به خلال سنوات نضالها لأجل حريتها واستقلالها، ولا يمكنها أن تتنكر لشهدائها وجرحاها ونضال أسراها.
وعن المقصود بإعادة هيكلة السلطة لتلعب دورا في غزة بعد الحرب، كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم (2803) قال إنها "فقرة عائمة وغير واضحة". لافتا إلى أن الاحتلال يزعم أن السلطة لم تجر انتخابات منذ 20 عاما "لكن الحقيقة أنه هو من يمنعها في القدس ولا يمكن إجراء انتخابات من دون القدس".
بدوره يشير مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات إلى 4 أطراف يرى أنها تمثل عاملا مؤثرا فيما يرتبط بمفهوم إصلاح السلطة، أو السلطة المتجددة وهي:
إعلانالعامل الإقليمي: ممثلا بدول مؤثرة وعلى تماس بالقضية الفلسطينية وهي السعودية ومصر والأردن وتركيا وقطر والإمارات.
العامل الأميركي الإسرائيلي: وهنا لا يمكن فصل المنظور الأميركي عن المنظور الإسرائيلي تجاه الكيانية السياسية الفلسطينية ومستقبل القضية الفلسطينية، ومحاولة الإبقاء على السيطرة الإسرائيلية مقابل إضعاف فرصة إقامة دولة فلسطينية تحظى بحقوقها السياسية والقانونية.
العامل الأوروبي: وهو صاحب الثقل المالي في دعم السلطة الفلسطينية، ويرتبط بالعامل الأميركي الإسرائيلي.
العامل الذاتي: حالة الصراع في التيارات الداخلية داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح بين السيطرة على مؤسسة السلطة أو الانصهار الكامل فيها.
من هنا فإن مسألة الإصلاحات الفلسطينية تمثل واحدة من أعقد الحلقات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، خصوصا في ظل الابتعاد عن صندوق الانتخابات، وفق بشارات.
ويقول المحلل الفلسطيني إن الإصلاحات المطلوبة غير واضحة بوثيقة محددة وتبقى في إطار الأفكار والمقتطفات "وهذا إما نتيجة تداخل الأطراف المعنية بعمليات الإصلاح والمؤثرة بها، وإما أيضا كنوع من الإبهام المقصود لإبقاء السلطة تحت تأثير حالة الابتزاز السياسي".
تحييد الرئيس
وإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بمخصصات الأسرى والانتخابات والتعليم، أشار بشارات إلى إجراءات أخرى اتخذت كإصلاحات، منها:
تغيير حكومة محمد اشتية باعتبارها امتدادا لحركة فتح، وتشكيل حكومة محمد مصطفى باعتبارها حكومة تكنوقراط كاملة بعيدا عن تأثير التنظيمات، وفصل دورها عن الجوهر السياسي والتركيز على البعد الخدماتي فقط. فتح ملفات الفساد المالي، وبروز هذه الملفات على الواجهة من جديد.وفيما يتعلق بهيكلية رئاسة السلطة وتعيين نائب للرئيس الفلسطيني، قال إن الهدف الحد من صلاحيات الرئيس أو تحييده عن العمل السياسي، تمهيدا لإعادة بناء السلطة تحت مفهوم إداري بعيدا عن الارتباط السياسي.
أما عن خطوة إصلاح الأجهزة الأمنية فقال إنها تمثلت في إحالة عشرات من الضباط برتبة عميد إلى التقاعد المبكر "وهذا لا يمكن أن ينفصل عن المنظور المستقبلي لمفهوم الدولة التي تقوم على مبدأ النخبة بعيدا عن تأثير الارتباط الحزبي أو التنظيمي".
ومع ذلك قال إن هناك قضايا ما زالت غير واضحة، منها احتمال الضغط على الرئيس أبو مازن بمغادرة المشهد السياسي الفلسطيني الحالي، أو تحويل منصب الرئيس إلى منصب رمزي فخري بعيدا عن التأثير في المشهد السياسي وإدارة السلطة.