د. عزيز سليمان
كتب الدكتور عزيز سليمان / استاذ السياسة و السياسات العامة.
مناقشة في مناقشة (الدقير وساكن)
قرأت مثل الكثيرين ما نشره السيد المهندس عمر الدقير مناقشة مع عبد العزيز بركة ساكن... بدأها بمندوحة حول وظيفة المثقف في المجتمع وموقفه من السلطة... ويبدو أن السيد الدقير قد لجأ لمذكرة كشكولية فارغة المحتوى قد تبهر القارئ السطحي منذ اللحظة الأولى أن كاتبها موسوعي المعرفة، له في التاريخ كما له في الثقافة بذات القدر الذي له فيه في السياسة والهندسة، وعند تعريض تلك الكراسة الكشكولية على جمر المعرفة تذوب تحت وهج جمر المعرفة مفصحة عن عدم اتساق فكرته مع ما يريد أن يوصل له .
القضية في الأساس هي موقف الدقير جوهريا من جملة أطروحة ساكن وهي موقفه و موقف رهطه الحزبي وتحالفه من الدعم السريع أثناء الحرب... من المهم التركيز على نقطة واحدة وهي أن كل من يدين الدعم السريع ليس بالضرورة أن يكون مصطف في جانب الجيش وهذا ما لن يكون بمقدور الدقير ورهطه الحزبي ادراكه. لأن المسألة كلها بالنسبة لهم قائمة على حالة استقطاب سياسي بينهم وبين المؤتمر الوطني وهذا ما غيب قدرة الدقير ورهطه من تفهم الموقف خارج دائرة تصورهم للحرب (الوقوف مع الجيش يعني بشكل أو بآخر التماهي مع الإسلاميين) والحقيقة أن موقف بركة ساكن من الدعم السريع لا تؤكده ولا تزيده نصاعة الحرب التي أثبت فيها الدعم السريع أنه لا يمت لبني الإنسان بصلة ناهيك عن السياسة وما قد يتصل بها... فموقف بركة ساكن من هذه الفئة قد تلخص في مقولته التي سارت بها الركبان قبل اندلاع الحرب(لا يمكن للجنجويد إن يدخلوا في ملكوت الله إلا أن يلج الجمل في سم الخياط) بهذه الجملة التقريرية يوضح ساكن موقفه الأخلاقي والفلسفي من هذه المجموعة وأي مناقشة معه يجب أن تدور حول هذا الموقف الفلسفي والاخلاقي، أما أن تدور في فلك السياسة فهذا سيرتد بالجميع لمبدأ(قالوا وقلنا) والذي لا يخدم قضية يثبت فيها الدعم السريع يوميا أنه لا يمت حتى لمخلوقات الله بصلة والموقف منهم محكوم بما يجري على الأرض من جرائم لا تحتاج لمن يدينها سياسيا فهي جرائم تتحدث عنها كم الضحايا وأنهار الدماء وعرق أبناء السودان الذين نهبت ممتلكاتهم ودرجة الغل والتشفي في إيذاء الخلق بإطلاق الدانات على رؤوس بيوت المواطنين بصورة منظمة ومدروسة وممنهجة هذا فضلا عن المجازر في حق العزل... وطالما كان يحلم الدقير بأن يقود حزب سياسي يلتمس فيه طريقا للسلطة عبر المواطنين يكون لزاما عليه أن يكون صاحب مقولة تسير بها الركبان كما فعل ساكن إزاء موقفه من الدعم السريع.
فالدقير كقائد سياسي كان أجدر به أن يكون صاحب مقولة تتناقلها الأجيال وتسير بها الركبان لا أن يتذرع بموقف يدعي فيه حيادا بين قوتين متقاتلتين يجملها بالسؤ لأن أحدهما خانه بعد رغد من العيش المشترك حينما تلى مولاي الشعب الأسمر. والآخر يمارس كل مخازي الحروب على العزل في سهول الجزيرة أو في بطاح دارفور أو في أزقة وشوارع الخرطوم.
السياسة هنا لا تنفع في هذه المناقشة فالموقف هنا أخلاقي وانساني وهما يقودان لموقف يتحلل من ضمور أفق الساسة لرحاب أهل الفكر والنظر والإعتبار أن الجنجويد هم كائنات عدمية جمعوا سواءات ومخازي التتار والمغول والمماليك بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر بقلب بشر.
quincysjones@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع ابن خلدون برکة ساکن ما کان
إقرأ أيضاً:
لجان مقاومة الفاشر مليشيا الدعم السريع قامت بحرق مساعدات إنسانية كانت في طريقه الي المدينة
في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات المتصاعدة أقدمت الميليشيا على حجز قافلة مساعدات إنسانية تتبع لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر قبل ثلاثة أيام في مدينة “الكومة” ثم قامت يوم أمس بإحراقها بالكامل والأخطر من ذلك هو محاولة تزوير الحقيقة وادعاء أن الجيش هو من قصف القافلة عبر طائرات مسيّرة في محاولة مفضوحة لتضليل الرأي العام والتملّص من المسؤولية ، لكن ملامح الحريق وشهادات من المنطقة تؤكد أن الحادثة كانت بفعل مباشر على الأرض ، ونؤكد أن نمط الحريق لا يشبه آثار ضرب الطائرات المسيّرة أو الرجمات الجوية بل يحمل بصمات التخريب المتعمد بواسطة النيران والعبث الأرضي ، في مشهد يكشف السقوط الأخلاقي والإنساني التام .
ونؤكّد إن استهداف المساعدات الإنسانية ليس فقط جريمة حرب بل هو اعتداء مباشر على أبسط مقومات البقاء لملايين المدنيين الذين يُعانون الجوع والنزوح والانهيار الشامل في الخدمات ، في ظل صمت دولي مخزي وتواطؤ داخلي لا يقل إجراماً عن الفعل نفسه.
تنسيقية لجان المقاومة_الفاشر
إنضم لقناة النيلين على واتساب