جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-06@18:34:11 GMT

بين سلطة الحمار وجشع الفيل

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

بين سلطة الحمار وجشع الفيل

 

 

علي بن سالم كفيتان

كان يَومًا مُمِلًّا بامتياز صَادف آخر أيام إجازة العيد الطويلة؛ فلم ألْمَسُ طوال الأيام التي قبله أي معالم فرح على وجوه معظم الذين قابلتهم؛ بل وجدتُ أُناسًا متجهمين، وإن قابلت أحدهم بالصُّدفة في البقالة أو في المسجد، بالكاد ينطق كلمة "عيدكم مبارك"، في الوقت الذي فِيه الأسواق مفتوحة دون مُتسوِّقين، رغم أنَّ مثل هذه المناسبات في الأعياد الماضية إذا ذهبت وسط المدينة "تتحزَّم زين" وترسم خطة الوصول للهدف؛ من خلال طرق وزقاقات مُلتوية في الحارات المجاورة لشارع المال والأعمال في مدينتنا "شارع السلام".

في هذا العيد، تجوَّلتُ وكأنني الوحيد في هذه المدينة، وما تكاد تُوقف سيارتك، إلَّا ويندفع لها عدد من عمال المحلات عارضين بضاعتهم، بينما كان الوضع في الأعياد السابقة مختلفًا تمامًا؛ حيث لا يحصل على حاجته إلَّا طويل العمر، وعبر زحام وصياح حتى يقذفها لك العامل الآسيوي من بعيد، وما إنْ تلقط غنيمتك حتى تفرَّ بها، وكأنَّك ملكت الدنيا. في هذا العيد، بارت الأسواق وتجهَّمت النفوس والجميع ينتقدون عدم تقديم الراتب قبل حله، فقد بات عصيَّ المنال.

في هذا اليوم الذي ذكرتُه لكم، انطلقتُ للجَبَل المتوشِّح ببياض السُّحب علِّي أجد سلوتي، لكنَّ قطعان الحمير لفتت انتباهي وهم ينزحون الى الشمال بعيدًا عن المطر والضباب.. ومن هنا بدأت حكاية المقال!

رغم شَغَفي بالبيئة والبحث في ظواهرها وتقلباتها التي جعلتْ الحِمَار يعود بقوَّة لبراري ظفار، والغوص في الأسباب والمسببات والحديث المنمَّق بالمصطلحات، أوقفتُ مَركبتي وتمعَّنتُ في المشهد من زاوية أخرى: كيف للحِمار أن يسود ويصبح شعارًا لحزب يقُود أقوى حكومة في العالم، بينما نحنُ نَرَاه كائنًا مُتطفِّلا على بيئة ليست له. ولا أخفيكم إعجابي بصَبْره وجَلَده؛ ففي الوقت الذي تُعلَف فيه الابقار والجمال طوال العام بآلاف الريالات لإبقائها حيَّة، لم أجد في الأعوام الأخيرة حمارًا ماتَ من جوع! ومن ملاحظاتي تغيُّر لونُه؛ ففي وقت القَيظ والقحط يُصبح شاحبًا، لكنَّه يقاوم من أجل البقاء بشكل لافت، لينجو الجميع في النهاية، ويستمتع بأعشاب الخريف القضة الطرية. مُجتمع الحمير هذا له قوانين؛ فنادرًا ما تجد حِمارًا تم دهسه على الشوارع العامة، على نقيض الأبقار والإبل؛ لأنه يمشي بمحاذاة الطريق، وعند العبور، يُمعِن بحذرٍ في الشارع جيدًا.

أتدرُون أنَّ الحمار يُمثل شعارَ الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وأنَّ هذه الفصيلة هي التي تقود العالم اليوم بكل نَكَباته وكوارثه التي تحدُث في فلسطين!! أنصحكم بالقراءة عن سِر الحمار الأمريكي الذي يحكُم العالم، ولماذا أصبح قاسيًا وظالمًا ومتجبِّرًا؟!

يمتلكُ الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن أيديولوجية مُعادية للعرب ومُؤيدة بشكل متطرف للصهاينة طوال عمره السياسي من حاكم ولاية إلى عضو في مجلس النواب ومن ثم الشيوخ ونائبًا للرئيس، ثم رئيسًا. والمتتبِّع لخطاباته يستغرب قَدْر العداء والحقد الذي يُضمِره هذا الرجل للفلسطينيين، وفي المقابل ولاؤه مُطلق للصهاينة! وأستغربُ ممن يُعوِّل عليه لوقف حرب الإبادة في فلسطين؛ فهو مُتفق تمامًا مع مجرم الحرب نتنياهو، وهو من يمده بالذخائر من المصانع الأمريكية، وإذا تاخرت شحنة بضعة أيام قامت الدنيا ولم تقعد، حتى اتُّهم بايدن بخيانة قسمه وانتمائه للصهاينة؛ فهو -وليس غيره- من يُمطِر الأبرياء بأطنان المتفجرات وآلاف الصواريخ، ومن ثمَّ يتحدث ببلاهة مع الحكام العرب عن أنه مع "حل الدولتين"، في الوقت الذي تستخدم فيه مندوبته الدائمة لدى الأمم المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد الاعتراف بدولة فلسطين، التي تعترف بها اليوم أكثر من 150 دولة من أصل 190 تقريبًا.

الحِمَار الأمريكي لم يعُد كحمارنا العربي المسكين المتنقِّل بخَجَل بن الريف والبادية، بعد أن فقد الأمل في بلوغ تخوم المدينة.

إذا سقط الحمار الأمريكي في الانتخابات القادمة، وهو المتوقَّع بشكل كبير، سيأتي الفيل (شعار الحزب الجمهوري) الذي نَقَل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة؛ تعبيرًا عن ولائه لبني صهيون؛ فجميعُهم سواء، ولا يُوجد فرق بين الحِمَار والفيل الأمريكيين تجاه العرب وتجاه القضية الفلسطينية، بينما أوروبا ذهبت بعيدًا وأصبحتْ تُنتِج أغلى جبنة من حليب الحمير! والصين تطمَح لطحن كل حمير الأرض وتحويلهم الى كُولاجين، وبعض الدول ترَى في العودة لاستخدام الحمير في التنقل وفاءً أصيلًا بالتزاماتها لمنع الانبعاثات وتقليل حرارة الأرض والتحول نحو الطاقة الصديقة للإنسان!

غابتْ شمسُ ذاك النهار الكئيب رُويدًا رويدًا، وقطيعُ الحمير تلاشَى في الأفق البعيد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يُغيّب آلاف الأسرى في سجونه ويعزلهم بشكل غير مسبوق

قال نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي، يغيب آلاف الأسرى في سجونه ويعزلهم بشكل غير مسبوق، وبمستوى لم تشهده الحركة الأسيرة، ويواصل تعذيبهم بشتى الوسائل والسياسات الممنهجة.

وأضاف رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، إنّ ما يواجهه الأسرى من جرائم وعمليات سلب وحرمان ممنهجة، ما هي إلا امتداد لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق شعبنا في غزة ، واستمرار العدوان على شعبنا كافة.

ولفت إلى أن هناك مئات الأسرى الفلسطينيين، يواصل الاحتلال اعتقالهم منذ عقود، ويحرمهم من عائلاتهم، منهم من فقد العديد من أفراد عائلته وهو في الأسر، وحرمهم من مشاركتهم عشرات المناسبات والأعياد التي مرت عليهم وهم في الزنازين، مشيرا إلى أن منظومة السّجون تواصل فرض العزل الانفرادي منذ بدء الإبادة بحقّ عشرات الأسرى منهم قيادات من الحركة الأسيرة، وغالبيتهم أمضوا أكثر من 22 عاماً في سجون الاحتلال.

وتابع الزغاري، إن أكثر من 440 طفلا في سجون الاحتلال يقتلعهم الاحتلال من بين أحضان ذويهم ويواجهون الجوع والتنكيل، وعمليات التعذيب والأمراض ويقتل طفولتهم على مدار الساعة، إلى جانب حرمان 49 أسيرة من عائلاتهن من بينهن أمهات يحرمهن الاحتلال من أطفالهن.

ووجّه الزغاري التحية إلى الأسرى كافة، لا سيما أسرى قطاع غزة الذين يواجهون جرائم مضاعفة، ويواصل إخفاء العشرات منهم، وسط صمت عالمي، وتواطؤ، ففي الوقت الذي يطالب العالم الإفراج عن عشرات الأسرى الإسرائيليين، فإننا نذكّر هذا العالم أن هناك المئات من معتقلي غزة يُعذبون ويُخفيهم الاحتلال قسرا.

كما وجّه الزغاري في هذا اليوم نداءً إلى المنظومة الدّولية، التي تواصل عجزها الممنهج أمام الإبادة الجماعية التي تنفذ بشكل لحظيّ بحقّ شعبنا في غزة، أن تسعى من أجل استرداد معنى الإنسانية التي تتغنى به، وتعمل على عزل منظومة التوحش الإسرائيلية ووقف حرب الإبادة، وإنقاذ الأسرى والمعتقلين من عمليات الإعدام والقتل البطيء التي تنفذ بحقّهم، والتي أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن 71 أسيرا منذ الإبادة، من بينهم طفل.

 

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين صحيفة: ويتكوف يزور القاهرة الأسبوع المقبل لبحث مفاوضات غزة إيطاليا: تصعيد إسرائيل في غزة وصل أبعادا لا يمكن قبولها بالصور: عشرات الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى الأكثر قراءة كاتس يرد على ماكرون بشأن الدعوة للاعتراف بالدولة الفلسطينية إصابة مواطنة حامل برضوض في هجوم للمستوطنين على مسافر يطا غزة: جمعية النقل تصدر بياناً بشأن الاعتداءات على شاحنات نقل المساعدات تمديد اعتقال زوجة الشهيد الأسير وليد دقة حتى الثلاثاء المقبل عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • هبوط طائرة عراقية في مطار عراقي غير مرخص يُعد خيبة امل للمنظمات الدولية المختصة‼️
  • الاحتلال يُغيّب آلاف الأسرى في سجونه ويعزلهم بشكل غير مسبوق
  • اتفاق لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وبسط سلطة الدولة
  • إجراءات مشتركة للحكومة الليبية و«الرئاسي» لتعزيز الأمن في طرابلس
  • فرص الأخضر في التأهل بشكل مباشر إلى كأس العالم 2026
  • البيوضي: تثبيت وقف إطلاق النار محطة من محطات مسار التغيير
  • وزارة الدفاع ترحب بخطوات تعزيز الأمن وتؤكد التزامها بخطة إخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة
  • غير صحيح إطلاقا أن الفيديو الأخير (بزرميط بالبشاميل) بغرض رفع الروح المعنوية للمليشيا
  • أمن إنـزكان يسقط “سماسرة القضاء” ويوقف عون سلطة وشريكه
  • رئيس سلطة المياه الفلسطينية لـ«الاتحاد»: 85 % من منشآت المياه خارج الخدمة