تجدد الاشتباكات بالفاشر وتحذيرات من مجاعة كارثية بالسودان
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
تجددت الاشتباكات مساء أمس الخميس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شرقي وجنوبي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في حين حذرت منظمات دولية من حدوث مجاعة في 14 منطقة بأنحاء السودان.
وأفاد مراسل الجزيرة أن مصادر بالجيش السوداني أكدت للجزيرة تقدم قوات من الجيش مسنودا من قوات حركات الكفاح المسلح في المحور الشرقي للقتال بمدينة الفاشر.
وعلى صعيد القتال في محور ولاية سنار، أفادت مصادر عسكرية في الجيش السوداني بوصول تعزيزات عسكرية لمدينة سنار، وأن الجيش السوداني بات يحاصر قوات الدعم السريع المتواجدة في بعض مناطق جبل موية بولاية سنار، وأن الموقف مطمئن.
وفي المقابل قال عضو المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع الباشا طبيق إن سيطرة قواتهم على منطقة جبل موية بولاية سنار، مكنت الدعم السريع من قطع ولاية النيل الأبيض و كل ولايات كردفان ودارفور عن ميناء بورت سودان.
وفي ذات السياق، دعت حركتا جيش تحرير السودان-المجلس الإنتقالي وتجمع قوي تحرير السودان – في بيان صحفي مشترك – الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية والمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المدنيين العزل والنازحين الفارين من الحرب الدائرة بكل مناطق المواجهات العسكرية بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بصفة عامة.
في غضون ذلك، قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي في تغريدة على منصة "إكس" أن قوات الدعم السريع استهدفت اليوم مركز التغذية العلاجية في معسكر أبو شوك بالفاشر والتابع لبرنامج الغذاء العالمي.
واعتبر مناوي استهداف المنشأة العلاجية جريمة من جرائم الحرب، وأن ما وصفها بالمليشيا المدعومة من الخارج تقوم سياسيتها على الإبادة وخلق الفوضى، وفقا لتعبيره.
من جهتها قالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر وغرفة طوارئ مخيم أبو شوك للنازحين إن أربعة أشخاص على الأقل سقطوا قتلى وجرح 12 آخرين إثر قصف مدفعي استهدف مخيم أبو شوك للنازحين شمالي المدينة اليوم.
وحسب التنسيقية وغرفة الطوارئ فإن المخيم تعرض لقصف مدفعي عنيف أسفر عن تدمير مرافق صحية ومنازل مواطنين بالمخيم حيث تدمرت أكثر من ثلاثة غرف صحية بمركز التغذية العلاجية الوحيد بالمخيم.
كما تعرض المستشفى السعودي بالفاشر للمرة الثانية للقصف المدفعي مما ألحق أضرارا برزان مياه وسقف غرفة العمليات.
وقالت شبكة أطباء السودان في تعميم صحفي إن قوات الدعم السريع قامت أمس بتصفية مدير مستشفى الحصاحيصا بولاية الجزيرة الطبيب فاروق يحيى محمد عبد الرحيم، أمام أسرته.
ونددت شبكة أطباء السودان بشدة ما اعتبرته جريمة بشعة، تمثل استمرارا لسجل قوات الدعم السريع في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين العزل.
واتهمت لجان مقاومة الحصاحيصا قوات الدعم السريع باغتيال شاب وجد مقتولا أمس بالقرب من منطقة الصناعات بالمدينة.
ومن جانب آخر، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الخميس، إن واحدا من كل خمسة أشخاص في السودان يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وأوضح غيبريسوس في منشور عبر منصة إكس أن 755 ألف شخص يواجه جوعا كارثيا و25.6 ملايين يواجهون جوعا حادا في السودان. وأضاف أن هذه أسوء مستويات الجوع التي سجلها التصنيف المرحلي المتكامل في البلاد.
كما أظهر تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يوم الخميس أن هناك خطرا حقيقيا من حدوث مجاعة في 14 منطقة بأنحاء السودان إذا تصاعدت الحرب، وسط أزمة جوع تتفاقم بشكل حاد وصفها برنامج الأغذية العالمي بأنها الأكبر في العالم.
وذكر التقرير أن تلك المناطق تشمل أجزاء من العاصمة الخرطوم ودارفور وكردفان وولاية الجزيرة، وهي المناطق التي شهدت أعنف القتال.
ويواجه نحو 8.5 مليون، أي ما يقرب من خُمس السكان، نقصا في الغذاء يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية الحاد والوفاة أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة.
ومنذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدعم السریع الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع
في عمق منطقة صناعية مهجورة على الضفة الشرقية لنهر النيل، تقبع ثلاثة مبانٍ غير مكتملة، يحيط بها حقل ألغام. لعدة أشهر ظلّ مقاتلو مليشيا الدعم السريع العسكرية يحذّرون السكان المحليين من الاقتراب من هذا المجمع المسوّر.
ولم يكن ذلك عبثاً؛ إذ كشف تفتيش ميداني للمكان عن مصنع سرّي لإنتاج حبوب الكبتاغون، قادر على تصنيع نحو ألف قرص في الساعة، بحسب ما أفادت به السلطات السودانية.
يعد الكبتاغون، الذي بات شائعاً بين المقاتلين ورواد السهرات في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، هو نوع رخيص من الأمفيتامين، يزيد التركيز، ويمنح شعوراً بالنشوة، ويعزز القدرة البدنية. هذا المخدر المحظور أضحى صداعاً مزمناً للحكومات العربية، من الخليج إلى شمال أفريقيا.
ووفقاً لمصادر أمنية تحدثت لموقع "ميدل إيست آي"، فإن قوات الدعم السريع توزّع الكبتاغون على مقاتليها لتحسين اليقظة وكبح الشعور بالجوع، كما تقوم ببيعه للمدنيين كوسيلة للتمويل الذاتي.
من سوريا إلى السودان
حتى كانون الأول/ديسمبر الماضي، كانت سوريا تمثل مركز الإنتاج والتصدير الأبرز للكبتاغون في المنطقة، بغطاء وحماية من نظام المخلوع بشار الأسد.
لكن مع انهيار النظام، جرى تفكيك عشرات المختبرات ومسارات التهريب التي لطالما ازدهرت تحت مظلته. ومع تراجع الإنتاج في سوريا، بدا أن أنظار شبكات تصنيع الكبتاغون تتجه إلى جنوب شرقها، حيث يشتعل صراع دموي آخر.
في شباط/فبراير الماضي، وبينما كانت القوات المسلحة السودانية تواصل هجومها ضد قوات الدعم السريع، سيطرت على منطقة مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم بحري، لتكتشف داخلها مصنعاً متكاملاً لإنتاج الكبتاغون.
يضم المصنع خمس آلات، بينها ضاغطة أقراص وخلاط صناعي كانا قيد التشغيل عند فرار القائمين على الموقع. يقول اللواء جلال الدين حمزة، من شرطة مكافحة المخدرات، لموقع "ميدل إيست آي" إن "بقايا بيضاء دقيقة كانت تغطي أجزاء من الآلات، وقد عُثر على أقراص داخل الماكينة، تحمل علامة الهلالين، المعروفة بأنها شعار غير رسمي لإنتاج الكبتاغون غير المشروع".
خيوط تربط بالإمارات وسوريا
بجانب إحدى الآلات، وُجدت صناديق خشبية لم تُستخدم بعد، وعليها ملصقات شحن تشير إلى شركة "Amass Middle East Shipping Services"، وهي شركة شحن مقرها دبي. لكن عند محاولة تتبّع الشحنة باستخدام الرقم المُرفق، لم تُظهر نتائج. الشركة لم ترد على استفسارات "ميدل إيست آي"، كما تجاهلت قوات الدعم السريع بدورها طلبات التعليق.
يُذكر أن الإمارات، رغم نفيها الرسمي، تواجه اتهامات متزايدة بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والتمويل. كما أن دبي تُعدّ نقطة محورية في مسارات الشحن عبر البحر الأحمر.
وبعد عرض صور المعدات على الباحثة كارولين روز، الخبيرة في ملف الكبتاغون لدى معهد "نيو لاينز" بواشنطن، أكدت أن "الآلات تشبه كثيراً تلك التي صُودرت من مختبرات سورية خلال العام الماضي".
مسحوق غامض وآثار مثيرة للريبة
داخل غرفة مظلمة في المجمع، تناثرت مئات الأكياس من مسحوق أبيض، بعضها موسوم بأنه مكملات غذائية بيطرية، وأخرى كمحلول إلكتروليتي للحيوانات. اللافت أن جميع الأكياس كُتب عليها أنها "صُنعت في سوريا" و"غير مخصصة للاستهلاك البشري".
أسماء الشركات المُصنّعة، مثل "Hi Pharm" و"PropioTech"، لم تُعثر لها على أثر في السجلات التجارية السورية، وبعضها يستخدم بريدًا إلكترونيًا على منصة "Yahoo"، وقد عادت الرسائل المُرسلة إليه. ويقع عنوان إحداها في ضاحية برزة قرب مركز البحوث العلمية في دمشق.
التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كانت مكونات هذه الأكياس تُستخدم في صناعة الكبتاغون، رغم أن تحاليل "ميدل إيست آي" لم تعثر على مواد معروفة تدخل في تصنيع المادة، مثل الأمفيتامين أو الثيوفيلين.
لكن روز تعتقد أن تلك الأكياس قد تكون وسيلة لتهريب المواد الأولية (Precursor materials) اللازمة للتصنيع، مموهة في شكل مكملات بيطرية. وتضيف: "من المحتمل أنهم أفرغوا المواد في الأكياس وقالوا: ما دامت تُضغط على شكل أقراص، فلا مشكلة".
وتُصنّع أقراص الكبتاغون غالباً بمزيج غير دقيق من مواد مثل الكافيين والزنك والنحاس، ما يعكس طابعها غير المُراقب. وتوضح روز: "هؤلاء لا يهتمون بسلامة الخليط الكيميائي، هم يريدون فقط سحق أي مادة وتحويلها إلى أقراص".
وفي واقعة لافتة، ذكر مصدر عسكري أن أحد أفراد الأمن خلط ملعقتين من المسحوق في كوب ماء، ثم شربه، وبقي مستيقظاً ليومين كاملين وهو في حالة من النشاط الحاد. وقال المصدر: "كان يقفز طوال الوقت، لم يغفُ لحظة واحدة".
سوق الخليج في مرمى التهريب
تشير التحقيقات إلى أن تعاطي الكبتاغون لم يكن منتشراً في السودان قبل الحرب، لكن الوضع تغيّر مع اشتداد القتال. فبحسب اللواء حمزة، سُجل أول مصنع في 2015 بمنطقة جبل أولياء، بقدرة إنتاجية وصلت إلى 5000 قرص في الساعة. ثم اكتُشف مصنع ضخم آخر في ولاية النيل الأزرق مطلع 2023، قبل اندلاع الحرب بثلاثة أشهر.
ويُعد مصنع الجيلي المكتشف مؤخراً الأكبر منذ بدء الصراع في نيسان/ أبريل 2023، وجاء بعد العثور على منشأة أخرى شمال الخرطوم قبل ذلك بستة أشهر.
وبين أركان المصنع، حفرت قوات الدعم السريع فجوة ضخمة بعمق عدة أمتار، لم تكن موجودة بحسب صور الأقمار الصناعية المؤرخة بيوم 14 نيسان/أبريل 2023. يشتبه المحققون بأن الحفرة كانت معدّة لتخزين كميات هائلة من الأقراص.
وعند سؤاله عمّا إذا كانت تلك الحبوب مُعدة للتصدير، رفض اللواء حمزة التعليق، قائلاً إن "المعلومات حساسة" والتحقيق لا يزال جارياً. لكن الخبراء يرجحون أن السوق الخليجي، الذي يُعد أحد أكثر الأسواق ربحية لهذه الحبوب، هو الوجهة المحتملة، خاصة مع توقف شبكات الأسد عن العمل.
تقديرات الأمم المتحدة والجهات الأمنية أشارت إلى تدمير أكثر من 200 مليون قرص كبتاغون في سوريا منذ سقوط النظام. لكن تقريراً حديثاً لمعهد "نيو لاينز" حذّر من أن "الخبرات التقنية لصناعة الكبتاغون ما تزال موجودة، ويمكن نقلها إلى أماكن جديدة".
وتقول روز إن معامل جديدة تُكتشف في السودان سنوياً منذ 2022، وهو ما لا يُلاحظ في دول الجوار. وتتابع: "كان يُعتقد أن هذه مختبرات فردية أو نتيجة انتقال محدود من سوريا، لكن وجود مواد تغليف سورية يُرجّح وجود صلة مباشرة مع شبكات النظام السوري السابق وحتى شبكات الجريمة العابرة للحدود".