تمر علينا هذه الأيام الذكري الخامسة والثلاثون لانقلاب الجبهة القومية الإسلامية المشئوم علي الحكومة المدنية المنتخبة حيث ما زالت عناصرها تسيطر علي مفاصل الدولة السودانية ومؤسساتها المهمة كالقضائية والقوات المسلحة وبقية الاجهزة الأمنية ، بل وقد تعززت تلك القبضة بعد إنقلاب البرهان علي الوثيقة الدستورية في اكتوبر ٢٠٢١م.
وقد ظل الكيزان يمارسون العنف المقدس ضد خصومهم السياسيين حتي قبل إنقلاب الإنقاذ ، وهو أمر يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية الحديثة التي من المفترض أن تنهض علي قيم التسامح والتعايش السلمي و حقوق المواطنة، وقد نجحوا للاسف في أحداث إختراقات كبيرة بسبب إبتزازهم للمجتمع المدني المتسامح، وهو شئ شبيه بصعود الحزب النازي في المانيا عشرينات وثلاثينات القرن الماضي.
ثلاثة عقود ونصف مضت من الحضور المزلزل للإنقاذ وفسادها وجرائمها ضد الإنسانية، ومن القهر، مما جعل الخلاص منهم أمنية السواد الأعظم من السودانيين ، لدرجة أن العديد من هؤلاء بات ينظر إلي قوات الدعم السريع ك "مسيح مخلص" من شرور الكيزان وظلمهم للناس وإدعاءاتهم الأخلاقية التي كذبها الواقع المرير حين تحول "المشروع الحضاري" المزعوم لكابوس مزعج نعيشه الآن ، تمثل في القتل والنهب والتدمير وتشريد المواطنين من ديارهم بسبب تعدد الجيوش وإنفراط عقد الأمن.
كنت قد تعرضت للخطاب السياسي للدعم السريع ممثلا في السيدين ربيع عبد المنعم وعزت الماهري واوضحت مدى العداء الذي يكنه الأول للقوي المدنية ممثلة في تقدم والعداء المستبطن لها من قبل الاخير بخلفيته اليسارية والفشل الذي لازمه كمستشار لقائد الدعم السريع في كل ما يتعلق بالتفاهم والتنسيق مع القوي المدنية وبناء الثقة معها، بل لم يهتم الرجل بهذا الأمر في الأساس وأكتفي بإستخدام الاعلام بغرض بث رؤى ورسائل الدعم السريع بدلا عن الحوار مع القوي التي تسعي إلى تحقيق التحول المدني الديمقراطي.
يضاف إلي هذا الخطاب السياسي الذي لا يساعد علي التعاون مع القوي المدنية من أجل تحقيق الهدف المعلن لقيادات الدعم السريع والخاص بالعمل علي إستعادة المسار الديمقراطي، فإن هناك أزمة بنيوية داخل الدعم السريع تمثلت في الطابع العشائري التي تقوم عليه المنظومه، إضافة إلي تحوله إلي قطب جاذب للكثيرين ممن ينشدون مصالحهم الشخصية بعد تدفق الدعم السعودي والخليجي أبان عاصفة الحزم. هذا الواقع جعل التيار الذي يحرص علي عملية التحول الديمقراطي ضعيف جدا داخل قوات الدعم السريع.
وهذا الضعف قد يدفع قوات الدعم السريع إلي محاولات إيجاد ذرائع، في كل منعطف، لمصادرة الحكم بالبندقية.
بناءا علي ذلك فإنني أري ضرورة الإهتمام بتوسيع وتقوية جبهة المقاومة المدنية من أجل الإنتقال الديمقراطي مع مراعاة الحرص علي تمثيل كل اثنية، بدلا عن المراهنة علي بندقيةالدعم السريع حتي وهي تحقق إنتصارات عسكرية، مع ضرورة الإحتفاظ بجسور التفاهم معها من جهة ومع قيادات الجيش من جهة ثانية، وذلك لأن التيار الديمقراطي داخل قوات الدعم السريع مازال ضعيفا ولا يمكن المراهنة عليه.
تحتاج تقدم كذلك إلي الإهتمام بتقوية علاقاتها الدولية والإقليمية لأن الضغط الدولي الفعال يمكن أن يجعل قضية الإنتقال الديمقراطي مسارا إجباريا خاصة بعد ما اصاب شعب السودان من محن وإبتلاءات نسأل الله أن يرفعها عنهم اليوم قبل الغد.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
قتلى وجرحى بقصف لقوات الدعم السريع على الأبيض والدبيبات
قال مصدر عسكري سوداني إن قوات الدعم السريع قصفت مستشفى الضمان الاجتماعي في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، حيث أفاد مصدر طبي للجزيرة بأن قصف المستشفى أدى إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة 10 آخرين.
وقالت هيئة محامي الطوارئ في بيان إن طائرة مسيّرة قصفت المستشفى، مما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة 15 آخرين، بينهم مرضى ومرافقون وكوادر طبية.
وأشار البيان إلى أن القصف تسبب في أضرار واسعة بالمستشفى وتوقفه عن تقديم الخدمات، مما يفاقم الوضع الصحي في المدينة.
في غضون ذلك، قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش قصف بالمدفعية مواقع الدعم السريع شمال مدينة الأبيض ردا على قصفها عددا من الأحياء السكنية بالمدينة.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية السودانية مقتل 28 شخصا بنيران الدعم السريع في مدن الأبيض والدبيبات والخوي خلال الساعات الماضية، وقالت إن قوات الدعم السريع قصفت مستودعات برنامج الأغذية العالمي في مدينة الفاشر.
في هذه الأثناء، قالت قوات الدعم السريع إنها بسطت سيطرتها على مدينة الحمادي ومنطقة كازقيل جنوب مدينة الأبيض ذات الأهمية الإستراتيجية، وأشارت في بيان إلى أنها ألحقت خسائر فادحة بالجيش واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة.
إعلانوكان الجيش قد سيطر قبل أسبوعين على مدينة الحمادي التي تبعد عن مدينة الدبيبات نحو 50 كيلومترا.
كما بثت عناصر من قوات الدعم السريع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل مدينة الخوي، وقالت مصادر محلية إن الجيش السوداني انسحب أمس من الخوي، لكن لم يصدر أي بيان بشأن التطورات الميدانية في ولاية كردفان، في حين قالت مصادر عسكرية إن الجيش ما زال يسيطر على المدينة.
وكان الجيش السوداني والقوات المساندة له قد أعلنا استعدادهما للسيطرة يوم الجمعة الماضي على منطقة الدبيبات الإستراتيجية الواقعة على مفترق طرق يربط بين ولايات إقليم كردفان الثلاث.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان السلطات السودانية السيطرة بالكامل على ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، وخلوهما من قوات الدعم السريع.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة بدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش الذي تمددت انتصاراته لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.
وفي خطوة مفاجئة لجأت قوات الدعم السريع إلى تعبئة عامة، مستنفرة جميع الفئات المجتمعية في مناطق سيطرتها (ولايتا جنوب وشرق دارفور)، في مؤشر على التحديات الأمنية المتزايدة التي باتت تهدد مواقعها.
ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربا مستمرة بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 13 مليونا، وتسبب بما تصفها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.