راشد بن حميد الراشدي
لم يدر في خلدي يوماً أن أشاهد وأسمع وأرى ما يحدث اليوم من حولي في غزة حيث لم يتحرك ساكن ولا ضمير ولم تتحرك بنت شفاه لإيقاف أبشع جرائم حرب الإبادة البشرية في العصر الحديث وأمة الملياري مسلم تستلقي على بطنها نائمة .
في القرن الماضي قالت جولدا مائير بعد حرق المسجد الأقصى: «لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي علمت أنَّ باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده» .
إذاً باعتراف العدو وفهمه آيديولوجيات العالم العربي والإسلامي وبعد أن توغل كالسرطان في كل مناحي حياتنا علم أنَّ الأمة لن تنتفض وهذا ما حدث اليوم فلم يستقيض أحدٌ سوى الشجعان والذين كشفت عن أنيابهم غزة فهجموا كالليث الكاسر على عدو فاجر وهم فئة قليلة منتصرة بإذن الله .
أمة نائمة بائسة ذليلة تركع تحت عدو ظالم أرهب العالم بطغيانه فصمتت صمت الحملان حتى تؤكل كما أكلت أخواتها من قبل لتتجرع حسرات الذل والخنوع الذي عاشته بلا عزة ولا كرامة ولا كبرياء ولكن بعد فوات الاوان .
أمة نائمة لن تستيقظ وأخوانها على بعد أمتار يتلون جوعا وعطشا ومجاعة ولم تستيقظ نفوسهم ولا ضمائرهم لنصرتهم وإمدادهم بالغذاء والدواء والماء وهم أطفال وشيوخ وشباب أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم من عرق فلسطيني عربي مسلم فلقد عاث فيهم المجرم فتكاً وقتلاً وسحقا وهو يأمن نصرة أمتنا له أكثر من أن يأمن بني فصيلته في حربه الضروس تجاه أهل غزة وفلسطين قاطبة .
أمة نائمة لن تستيقظ بعد ما رأيناه من صور لأبشع الجرائم إبادة في التاريخ والتي استصرخت منها الأمم الأخرى ولم تستصرخ منها أمتنا التائهة في هوة عميقة مظلمة تبحث عن الأمن والأمان والسلام من شراذم الأمم الذين ولدوا بلا دين ولا أخلاق ولا مبادئ ولا ضمير وما ماضيهم الأسود ببعيد عنَّا - قاتلهم الله- .
أمة لن تستيقظ وهي في سباتها ماضية فلم توقظها أصوات المدافع والقنابل ولا أزيز الطائرات والبوارج والسفن فقد رضيت بالخنوع والصمت وهذه دلالات الضعيف في عالم كثرت فيه الكلاب التي تنهش أهل فلسطين وهذه الكلاب لا تحتاج إلا لعصا مؤمن لا يخاف أحدا إلا الله لقتلها وطردها شر طردة من أرضنا وديارنا فهي أجبن من أن ترفع صوتها بالنباح لكن السكوت علمها النباح ونهش أمة الإسلام بلا رادع أو قوة تذود بها عن نفسها فالألم كبير وفقد الشهامة والمروءة أشد في زمن العجائب .
أمة لن تستيقظ إلا إذا عادت لرشدها وكرامتها التي اختصها الله بها وإيمانها بالقادر المقتدر وأنه لا حول ولا قوة إلا بالاستعانة بالله العلي العظيم وأن ما أخذ بالقوة والجبروت لن يسترد إلا بالقوة والجبروت .
أمة تحيي ماضيها المنير بنور الإسلام واتباع سنة خير الأنام والاجتماع والاتحاد بينها على كلمة الحق والدين وإعداد العدة والعتاد لدحض أعداء الله ورسوله يومها ستستيقظ الأمة وترد اعتبارها بين الأمم وترفع هامات المجد وتقتص من قتلة الأطفال والنساء والأبرياء وتعود الحقوق لأصحابها وتعم العدالة أقطار الأرض فما يحدث اليوم هو اتحاد عالمي من قوى الشر لتطهير عرق على حساب عرق -قبحهم الله وأخزاهم - فاليوم حفدة القردة والخنازير يعيثون في الأرض فسادا وغدا بإذن الله يرد الكرة عليهم عبادٌ مؤمنون لا يخافون في الله لومة لائم فيأخذوا الحق من الطغاة ليعود الحق لأصحابه ويعم عدل الله الأرض .
أمة لن تستيقظ حتى تأخذ وتستوفي حقوقها وتعيد كرامتها فتسود العالم بعدلها ومبادئها وأخلاقها كما سادت من قبل … أمة قال الله تعالى فيها مخاطبا إياها وواصفاً حال عدوها حيث قال جل جلاله : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} .
هكذا حال الأمم من استعصم بحبل الله فقد نجا ومن عاش لملذاته فقد هلك وبإذن الله ستستيقظ أمة تميط اللثام عن صمت أمة نائمة .
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم أعداء الدين وأنصر إخواننا في فلسطين المرابطين برحمتك يا أرحم الراحمين .
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ
عدنان عبدالله الجنيد
{ فَفَتَحْنَا أَبْوَٰبَ اَ۬لسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنْهَمِرٖۖ (١١) وَفَجَّرْنَا اَ۬لْأَرْضَ عُيُوناٗ فَالْتَقَى اَ۬لْمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٖ قَدْ قُدِرَۖ (١٢) }[سُورَةُ القَمَرِ: ١١-١٢].
طوفانُ الأقصى… إعلانُ الكَون أنَّ عدالةَ اللهِ قادمة:
إنّ طوفان الأقصى لم يكن مجرّدَ عمليةٍ عسكريةٍ عابرة، بل كان الطور الأول من الطوفان الكوني المنتظر، والشرارة التي فجّرت سكون الكون، وأعلنت أن مرحلة الحُكم الإلهيّ قد بدأت.
لقد بلغ العالم نقطة اللاعودة، وانتهت مهلة الحكمة الربانية التي كانت تُمهل ولا تُهمل، وتكشّفت الأقنعة عن وجوهٍ كانت تدّعي الإنسانية وهي تغمس يدها بدماء أطفال غزة.
غزَّةُ… حينَ خرج الطوفانُ من تحتِ الأنقاض:
لم يعد نوحٌ يبحث عن خشبٍ لصناعة سفينته… لقد صنعَ أهلُ غزة طوفانهم من تحت الركام.
من رمادِ البيوت، من دمع الثكالى، من عظام الشهداء… خرج الطوفان.
لكنه لم يأتِ بماء، بل بـصواريخ تُصيب ولا تُخطيء، وبـمسيّراتٍ تشقّ سماءَ الكيان، وبزلازلَ تُفجّرُ الأرضَ تحت أقدام الطغاة.
غزّةُ لم تكن مجرّد ساحةٍ للمعركة… بل كانت الرمز والرسالة، وكانت هي الرسولة.
أرادوا محوها، فكتبت التاريخ.
أرادوا تهجيرها، فهُجّر المستوطنون.
أرادوا تركيعها، فركع المشروع الصهيوني أمام صمودها.
فلسطين… حين يقودُ المظلومُ معركةَ العدلِ الكونيّ:
صابُ الحقِّ لا يحتاجُ إلى اعترافٍ دوليٍّ مزيّف، بل إلى شرفِ المقاومة.
طوفان الأقصى لم يأتِ ليطالبَ بحقّ، بل ليأخذَه بقوة السماء.
من جرحِ الطفلِ الفلسطيني خرج البركان، ومن ضميرِ أمٍّ ثكلى وُلد الزلزال.
هكذا عادت سنّة نوح، لا على هيئة سفينة، بل على هيئة طوفانٍ ثوريٍّ سماويٍّ، لا يُبقي ولا يذر.
إيرانُ… حينَ تصرخُ القلاعُ بالعقيدة:
بينما هرولَ المطبعون نحو سرابِ “السلام”، بقيت إيران القلعةَ الوحيدة التي لم تهتزّ.
قصفت “إسرائيل” قنصليتها، فكان الردّ عقيدةً على هيئة صواريخ.
انطلقت الشهب الإيرانية من عمق الأرض، تتهادى فوق سماء يافا المحتلة، معلنةً أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى.
كان الردُّ الإيرانيّ تجلّيًا من تجليات “بشائر الفتح”:
قصفٌ مباشرٌ لقواعد أمريكا في “العديد”
تعطيلُ الملاحة في الخليج
تهديدٌ جادٌّ بإغلاق مضيق هرمز وباب المندب
انسحاب السفن الكبرى
إعادة تشكّل التحالفات العالمية مع موسكو وبكين
لم تكن الضربة ردًّا… بل كانت إعلانًا أنَّ السماء قد فتحت أبوابها، وأن العدالة نزلت نارًا لا مطرًا.
أمريكا… حينَ ضربت فاشتعلت الأرض تحت قدميها:
أرادت أمريكا أن تُرهب إيران والعالم، فضربت بصواريخ الشبح من بعيد، لكنها فجّرت بوابة الجحيم.
سقط الردع الأمريكي، وتحوّلت القواعد الأمريكية إلى أهدافٍ مكشوفةٍ في صحنِ النار، وانكشف مشروعها الإمبراطوري في المنطقة.
إنّها نهاية عهد الهيمنة… وبداية عهد الحساب.
“بشائرُ الفتح”… حينَ نطقَ الحديدُ وسكتَ الكلام:
في قلب هذا البركان الجيوسياسي، لم تعد القوانين الدولية تحكم، بل تحكم السماء.
لم تعد الأمم المتحدة مظلّةً للحقوق، بل غرفة عمليات استخباراتية تدير الحرب لصالح العدو.
كلّ شيءٍ تحت مرمى النار:
السماءُ لم تعد آمنة
البحار لم تعد صالحة للملاحة
القواعد لم تعد محصّنة
كلّ نارٍ تحت أمر السماء… وكلّ ظلمٍ يُقابله الآن حكمٌ إلهيٌّ منفّذٌ في الأرض.
المعادلة انقلبت… والسفن تهربُ من البحار!
لم يعد الخليج تحت سيطرة الأساطيل الأمريكية، بل صار الأسطول تحت مرمى الردع.
قاعدة العديد على حافة الانفجار
مضيق هرمز في مرمى الإغلاق
باب المندب على شفا التصعيد
انسحاب السفن التجارية
هروب ناقلات النفط
وتحوّل الموانئ الخليجية إلى ساحاتِ قلقٍ وموتٍ مؤجّل
هذا هو الطوفان حين يُطلقه الله… لا يمكن إيقافه.
الطوفانُ الكونيُّ… العدالة بصيغة النيران:
ما يجري ليس تصعيدًا عسكريًّا… بل تنفيذٌ لحكمٍ ربانيٍّ مؤجّل.
لقد سُفكت دماءُ الأبرياء، وشاركت أممٌ ومؤسسات في الجريمة، فكان لا بدّ أن ينطق القدر.
عادت سنة نوح، ولكن بوجهٍ جهاديٍّ مقاوم.
من لم يأخذ نصيبه من الطوفان الأول… له موعدٌ مع الطوفان الثاني.
المستوطنون يُهجّرون… وأهل غزّة يُرسّخون الأرض
أراد العدوُّ تهجير الفلسطينيين، فها هم المستوطنون يهربون من الأرض التي احتلّوها:
انهيار البورصة في تل أبيب
هروب جماعي من “غلاف غزة”
نزوح داخلي إلى شمال الكيان
وتزايد تذاكر الهروب إلى أوروبا
بينما أهل غزة صامدون كالجبال، يُصلّون فوق أنقاض بيوتهم ويكتبون نصرهم بالدم.
الطوفانُ لا يتوقّف… والفتحُ آتٍ:
لم تعد الحرب بين دول، بل بين السماء والأرض.
لم تعد الأنظمة تفرض المعادلات، بل الدماء هي التي تصنع الجغرافيا الجديدة.
الطوفان الكونيّ بدأ، وبشائر الفتح تلوح في الأفق:
كلّ من خذل فلسطين سيُخذل، وكل من سكت عن المجازر سيكون له في العذاب نصيب.
هذا وعدُ الله… ووعدُ الله لا يُخلف: “إن سكان غزّة، الذين أرادوا تهجيرهم، ظلّوا صامدين كالصخر، بينما المستوطنون الذين اغتصبوا الأرض باسم الحق المزيف، يفرّون منها كمن يفرّ من الطاعون.
تلك هي العدالة الإلهية حين تُنفّذ، لا تحتاج لمحاكم، ولا تنتظر قرارات أممية.”
اثبتوا في مواقعكم، فالفتحُ بدأ، والطوفان لن يتوقّف إلا حين تطهُر الأرض من الظلم.
ولأنّ وعدَ الله حق… فإنّ الغدَ لنا.