اعتمدت قمة ميركوسور (دول منظمة السوق المشتركة لأميركا الجنوبية) اتفاق التجارة الحرة مع دولة فلسطين، الذي كانت قد قدمته في 30 أبريل/نيسان الماضي، بعد أن رفعته البرازيل إلى باراغواي، الرئيس الدوري للتكتل.

تبدأ صلاحية الاتفاق بعد 30 يوما من التصديق عليه. يتناول الاتفاق فتح الأسواق أمام السلع.  يفتح الاتفاق إمكانية التفاهمات المستقبلية حول الوصول إلى أسواق الخدمات والاستثمارات.

وقال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في كلمته التي ألقاها أمام القادة المجتمعين "نحن فخورون بكوننا أول دولة في الكتلة توقع على اتفاق التجارة الحرة مع فلسطين، لكن لا يسعني إلا أن أشعر بالأسف، لأن ذلك يحدث في السياق الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من عواقب حرب غير عقلانية على الإطلاق".

اتفاقات عالقة

وقال رئيس معهد فلسطين-البرازيل (إيبراسبال) الدكتور أحمد شحادة إن توقيع الاتفاق التجاري جاء ضمن 4 اتفاقات كانت وقعتها رئاسة البرازيل ودولة فلسطين، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى اليوم، وبقي بعضها عالقا في البرلمان البرازيلي، وبعضها الآخر تجاوز كل مراحل التصويت والمصادقة في البرلمان.

 

في مقر الرئاسة البرازيلية الوزير أليشاندري باديليا والسفير أليساندرو كاندياس والدكتور أحمد شحادة (الجزيرة)

 

وأضاف شحادة في تصريح للجزيرة نت أن ثمة 4 اتفاقات تنتظر المصادقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية البرازيلية، فبعد أن تواصل معهد فلسطين-البرازيل، مع السفارة البرازيلية في رام الله، وبالأخص مع السفير أليساندرو كاندياس، طُلب منا أن نتواصل مع الحكومة الجديدة في البرازيل بعد وصول لولا دا سيلفا إلى سدّة الرئاسة العام الماضي، وأن نسعى للمصادقة على هذه الاتفاقات التي تنتظر منذ سنوات طويلة.

وأشار إلى توقيع 3 اتفاقات خلال زيارة لولا دا سيلفا لرام الله عام 2010، أما الاتفاق الرابع للتجارة الحرة، فوُقّع في أورغواي في أواخر 2011.

وأضاف أن الاتفاقات العالقة تشمل اتفاقات متعلقة بالتعاون التربوي والثقافي والتقني معربا عن أمله في أن تتم المصادقة عليها في أقرب وقت.

مكاسب السياسية والتجارة

ويقول عضو مجلس النواب الفدرالي البرازيلي جواو دانيال إن التفعيل الأخير للاتفاق التجاري يرمز إلى الاعتراف الدولي بفلسطين كشريك تجاري شرعي، ما من شأنه تعزيز موقف فلسطين السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.

ويضيف دانيال في تصريح للجزيرة نت أن الاتفاق من الممكن أن يعزز الاقتصاد الفلسطيني من خلال توفير فرص تجارية مع دول ميركوسور ما من شأنه استحداث فرص عمل وتحفيز النمو.

وأشار إلى أن الاتفاق سيساعد على تفكيك الاعتماد التجاري على إسرائيل وسيسهل وصول المنتجات الفلسطينية إلى أسواق ميركوسور الواسعة وبالعكس، بالإضافة إلى نقل المعرفة والتقنيات وتبادل الخبرات.

ويؤكّد شحادة أن أهمية الاتفاق تأتي في توقيته، إذ تتسم الحالة الفلسطينية حاليا بمحدودية الاستقلالية التجارية والمالية تحت الاحتلال، لكنه أشار إلى أن الصادرات والواردات الفلسطينية مع ميركوسور الآن وبموجب هذا الاتفاق ستكون معفاة من الضرائب، لكن ثمة بعد سياسي يظهر في ترسيخ الاعتراف بدولة فلسطين.

جواو دانيال: الاتفاق التجاري يرمز إلى الاعتراف الدولي بفلسطين كشريك تجاري شرعي (الجزيرة) تخفيف القيود

ويقول دانيال إن الاتفاق سيحفز التجارة الثنائية بين الطرفين، كما أن من شأنه أن يساعد في تخفيف القيود التي تفرضها إسرائيل من المميزات الجمركية وآليات الحماية التجارية، وإلغاء التعريفات الجمركية أو خفضها.

ويقول شحادة إنه لا توجد أرقام دقيقة لدى أي جهة في البرازيل أو فلسطين لحجم التبادل التجاري، لكنه يأمل في أن يزيد التبادل التجاري بعد توقيع اتفاق التجارة الحرة، كما يأمل أن تكون الصادرات الفلسطينية في المستقبل قادرة على المنافسة، وخاصة المنتجات المنهوبة من المستوطنات والأراضي المحتلة التي تصل إلى البرازيل وبخاصة المنتجات الزراعية كالتمور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اتفاق التجارة الحرة

إقرأ أيضاً:

الرابحون والخاسرون من الاتفاق التجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -أمس الأحد- عن التوصل إلى "أكبر صفقة تجارية في التاريخ" خلال لقاء جرى في ملعب ترامب للغولف في أسكتلندا.

ورغم أن ما تم الإعلان عنه هو إطار لاتفاق تجاري وليس نهائيًا، إلا أن تأثيراته الفعلية بدأت تظهر على الأسواق والقطاعات الاقتصادية، مثيرة تساؤلات حول الخاسرين والرابحين، وفق ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ترامب.. مكسب سياسي واقتصادي ضخم

ويمثل الإعلان عن الاتفاق لحظة انتصار كبيرة للرئيس الأميركي الذي كان قد وعد بإعادة هيكلة العلاقات التجارية مع الشركاء.

وبحسب تحليل مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" فإن الاتحاد الأوروبي قد يواجه تراجعًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5% بسبب هذه الصفقة، مما يعكس حجم التنازلات التي قدمها الأوروبيون مقابل تخفيف الرسوم الجمركية.

الاتحاد الأوروبي قدّم تنازلات ثقيلة لتفادي تصعيد تجاري أكبر مع أميركا (أسوشيتد برس)

كما توقعت التقارير أن تضخ الصفقة نحو 90 مليار دولار في الخزينة الأميركية من خلال إيرادات الرسوم على الواردات الأوروبية، استنادًا إلى أرقام التجارة بين الجانبين العام الماضي، وفق "بي بي سي".

ومع ذلك، فإن هذا المكسب قد لا يدوم طويلًا، إذ يُنتظر هذا الأسبوع صدور بيانات اقتصادية أميركية حاسمة تتعلق بالتضخم والوظائف وثقة المستهلك، قد تُظهر مدى فاعلية سياسة ترامب الحمائية.

المستهلك الأميركي.. خسارة مباشرة

في المقابل، يبدو المواطن الأميركي الخاسر الأكبر في المدى القريب. فرغم أن التعريفة الجمركية الجديدة على السلع الأوروبية لم تصل إلى الحد الأقصى الذي كان متوقعًا (30%) إلا أن فرض رسوم بنسبة 15% لا يزال يُشكل عبئًا كبيرًا.

وتترجم هذه الرسوم -بحسب "بي بي سي" مباشرة إلى زيادة في أسعار المنتجات المستوردة، مما يفاقم من أزمة غلاء المعيشة التي يعاني منها الأميركيون منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

إعلان

كما أوضحت "بي بي سي" أن الشركات الأميركية التي تستورد بضائع من الاتحاد الأوروبي ستتحمل هذه التكاليف أولًا، لكنها على الأرجح ستمرر العبء إلى المستهلكين النهائيين، مما يرفع تكلفة الحياة اليومية لملايين الأسر.

شركات صناعة السيارات.. مفارقة مزدوجة

أحد أكبر القطاعات المتأثرة هو قطاع السيارات، فقد خفّضت أميركا الرسوم على واردات السيارات الأوروبية من 27.5% إلى 15%، مما يخفف من الضغط المباشر على الشركات الألمانية مثل "فولكس فاغن" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس" لكنه لا يُلغي أثر الرسوم تمامًا.

فقد حذّرت رابطة مصنعي السيارات الألمان "في دي إيه" (VDA) من أن الرسوم الجديدة ستكلف القطاع "مليارات الدولارات سنويًا".

أما الشركات الأميركية المصنعة للسيارات، فقد تلقت دعمًا معنويًا من خلال خفض الاتحاد الأوروبي رسومه على السيارات الأميركية من 10% إلى 2.5%.

لكن هنا تظهر المفارقة، فالعديد من السيارات الأميركية تُجمَّع في كندا والمكسيك، مما يجعلها تخضع لرسوم بنسبة 25% داخل السوق الأميركية، أي أعلى من تلك المفروضة على السيارات الأوروبية. وهو ما يعني أن المنتجين المحليين قد يجدون أنفسهم تحت تهديد منافسة غير عادلة.

سوق الطاقة الأميركية.. الرابح الأكبر

جزء أساسي من الصفقة تضمن تعهدًا أوروبيًا بشراء طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار، إضافة إلى استثمارات بقيمة 600 مليار دولار تشمل قطاعات متعددة، منها المعدات العسكرية والطاقة النووية، وفق تصريحات ترامب وفون دير لاين لوسائل الإعلام.

الصفقة وفّرت مكسبًا سياسيًا كبيرًا للرئيس الأميركي قبيل الانتخابات (رويترز)

وقالت فون دير لاين "سنستبدل الغاز والنفط الروسيين بواردات ضخمة من الغاز الطبيعي الأميركي المسال والنفط والوقود النووي". وتعزز هذه الخطوة ارتباط أمن الطاقة الأوروبي بالولايات المتحدة، في ظل الابتعاد المتزايد عن الاعتماد على الطاقة الروسية منذ حرب أوكرانيا.

صدمة بقطاع الأدوية الأوروبي

من أكثر الملفات إثارة للجدل في الاتفاق ملف الصناعات الدوائية، فبينما صرّح ترامب بأن الأدوية الأوروبية لم يشملها الاتفاق، أكدت فون دير لاين عكس ذلك، مما تسبب في ارتباك أضرّ بشركات الأدوية الأوروبية التي كانت تأمل إعفاءً كاملا من الرسوم.

وتكمن أهمية هذا القطاع في اعتماده الكبير على السوق الأميركية، كما في حالة دواء "أوزيمبيك" لمعالجة السكري من النوع الثاني الذي تنتجه شركة دانماركية ويُباع بكثافة في أميركا.

وفي أيرلندا، تصاعدت الانتقادات السياسية على خلفية التأثيرات المحتملة للاتفاق على قطاع الأدوية المحلي.

سوق الطيران.. تجارة بلا احتكاك

وفي بادرة لتخفيف التوترات، اتفق الطرفان على استثناء بعض المنتجات الإستراتيجية من الرسوم، مثل الطائرات وقطع الغيار وبعض المواد الكيميائية والزراعية.

وأشارت فون دير لاين إلى أن "الاتحاد الأوروبي لا يزال يسعى لاتفاقات إعفاء متبادلة أخرى، خصوصًا في قطاعات النبيذ والخمور".

ومن شأن هذه الخطوة تسهيل التبادل التجاري بين أكبر كيانين اقتصاديين في العالم، دون تعقيدات جمركية على سلع بعينها.

الاتحاد الأوروبي.. تنازلات ثقيلة وتصدّع داخلي

ورغم أن الاتفاق يُعد إنجازًا دبلوماسيًا في حد ذاته -كما تقول "بي بي سي"- فإن الاتحاد الأوروبي اضطر لتقديم تنازلات ثقيلة. فقد حافظت أميركا على رسوم مرتفعة (50%) على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية، كما أن خفض الرسوم الجمركية جاء أقل مما كانت تسعى إليه بروكسل.

إعلان

وكان من اللافت تصاعد الانتقادات داخل الكتلة الأوروبية، لا سيما فرنسا والمجر، فقد وصف رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو يوم الاتفاق بأنه "مظلم لتحالف الشعوب الحرة" بينما قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إن "ترامب التهم فون دير لاين على الإفطار" في تعبير عن الاستياء الأوروبي من نتيجة المفاوضات.

التفاوت داخل الاتحاد الأوروبي يعكس هشاشة جبهة التفاوض المشتركة (غيتي)

ورغم هذه الانقسامات، رأت رئيسة المفوضية أن الاتفاق يُجنّب القارة الأوروبية حربًا تجارية لا تُحتمل في ظل اقتصاد متباطئ، معتبرة أنه "يسهم في جعل العلاقات التجارية أكثر استدامة" وفق تعبيرها في مؤتمر صحفي عقب الإعلان.

الأسواق العالمية.. رد فعل فوري

وارتفعت أسواق الأسهم في آسيا وأوروبا مباشرة بعد إعلان الاتفاق، حيث رأت فيه المؤسسات المالية "اتفاقًا صديقًا للأسواق" بحسب محلل الأسواق كريس ويستون في شركة "بيبرستون" الأسترالية، الذي أشار إلى أن "الاتفاق يوفر وضوحًا واستقرارًا للمستثمرين، ويعزز اليورو على المدى القريب".

ويأتي الاتفاق بعد أسابيع من التصعيد الأميركي، حين فرضت إدارة ترامب في أبريل/نيسان ما سُمي "رسوم يوم التحرير" بواقع 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي.

ومنذ ذلك الحين، سعت بروكسل إلى تحييد التصعيد عبر مفاوضات معقدة، مدفوعة بمخاوف اقتصادية وأمنية، خصوصًا مع تزايد الاعتماد الأوروبي على المظلة الدفاعية الأميركية في ظل أزمة أوكرانيا.

وقد حذّر مفاوضون سابقون بالاتحاد الأوروبي، مثل جون كلارك، من أن "الاتحاد كان في موقف ضعيف ولم يكن أمامه سوى القبول" مضيفًا أن "ما جرى يُعد يومًا سيئًا للتجارة الدولية، لكنه كان يمكن أن يكون أسوأ".

مقالات مشابهة

  • اتفاق كابل وإسلام آباد التجاري.. اقتصاد يتجاوز السياسة أم امتداد لها؟
  • خمس نقاط غامضة في الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
  • الرابحون والخاسرون من الاتفاق التجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي
  • ارتفاع أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
  • ألمانيا: الاتفاق التجاري مع واشنطن يجنب تصعيدا غير ضروري
  • ألمانيا تعلّق على الاتفاق التجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي
  • العجز التجاري الإسرائيلي يزداد 25% في النصف الأول من 2025
  • قرار جمهورى بالموافقة على اتفاق التجارة الحرة بين مصر وصربيا
  • التجارة توضح خطوات واشتراطات حجز الاسم التجاري
  • «التجارة» توضح خطوات واشتراطات حجز الاسم التجاري