عذبوه ورقصوا على جسده.. ماذا فعل السجن في الأسير عبيات؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
بيت لحم - صفا
"في هذا اليوم تم قتلي"، الرابع من ديسمبر/ كانون أول، تاريخ عالق في ذهن الأسير المحرر معزز عبيات (37 عاماً)، حين عذّبه جنود الاحتلال ورقصوا على جسده.
لا يتذكر عبيات عائلته ولا أبناؤه الخمسة، لتخيم صور التعذيب والإهانة والتجويع على ذاكرته، مردداً تاريخ "قتله" وعالقاً في سجنه رغم تحرره.
ربما كان اليوم الأصعب والأشد، حين "عذّبه جنود الاحتلال واعتدوا عليه بالعصي الحديدية، ووضعوا جسده داخل كيس أسود، ليقوم وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير وجنودٌ آخرين بالرقص على جسده" بحسب ما قاله الأسير المحرر عبيات.
وأفرجت سلطات الاحتلال أول أمس الثلاثاء، عن الأسير معزز عبيات من بيت لحم، في ظروف صحية صعبة وصادمة، بعد قضائه نحو تسعة أشهر من الاعتقال الإداري.
وقال خليل عبيات والد معزز، إن نجله كان لاعب كمال أجسام ويمارس رياضة الملاكمة، ويمتلك بنية جسدية قوية وصلبة قبل اعتقاله في السابع عشر من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأضاف في حديثه لوكالة "صفا"، "كان معزز يعمل لحّاماً وضربته قوية شديدة، لا تستغرق الشاة منه خمس دقائق ليُتم ذبحها".
وبين أنه لم يتمكن من التعرف على نجله للوهلة الأولى، فقد تحول رجل الملاكمة صاحب البنية الصلبة، إلى جسد هزيل غير قادر على المشي وحيداً.
وحول حالة معزز الصحية بعد الإفراج عنه، أفاد الأب بأن نجله يعاني من كسور عدة في أنحاء جسده وأمراض جلدية وصدمة نفسية تمنعه من تذكر أي شخص من أقاربه أو أصدقائه خارج السجن.
وأوضح أن ذاكرة معزز محصورة في فترة اعتقاله، وعند إدخاله إلى صورة الأشعة للمعاينة الطبية، ظل يردد للأطباء "تريدون قتلي وإداخلي إلى القبر"، ظناً منه أنه مازال تحت التعذيب وداخل السجن.
وأضاف أن معزز رفض تناول الطعام قبل إغلاق باب ونوافذ غرفته، خشية أن يراه بقية الأسرى المحرومين من الطعام والذين يتعرضون للتجويع داخل الأسر.
وذكر عبيات " أنه من بين الحوادث العالقة في ذاكرة معزز، اليوم الأول لاعتقاله، حيث قام الجنود بإجباره على خلع كامل ملابسه وضربوه بشدة وتبولوا على جسده"
ونقل لوكالة "صفا" شهادة نجله عن ظروف الأسرى داخل المعتقل، واصفاً سجن النقب بمعتقل غوانتنامو، إذ يتعرض الأسرى للتعذيب والتجويع، ويمنعون من تلقي العلاج رغم انتشار أمراض جلدية بين الأسرى بسبب منعهم من الاستحمام وشح المياه.
وقال نادي الأسير الفلسطيني، إن عبيات أسير سابق تعرض للاعتقال مرتين قبل اعتقاله الحالي، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية قبل اعتقاله.
وأوضح النادي أن عبيات تعرض للضرب المبرح خلال اعتقاله، تحديداً على قدميه، إلى جانب تعرضه لجرائم التعذيب والتجويع، والجرائم الطبية التي شكلت أسباباً مركزية لاستشهاد أسرى ومعتقلين بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأشار النادي إلى أن الاحتلال يواصل التصعيد من جريمة الاعتقال الإداري، إذ بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية الشهر الجاري، ما لا يقل عن 3380 معتقلاً، من بينهم نساء وأطفال، ويخضع جميعهم لمحاكم صورية وشكلية تحت ذريعة وجود ملف سري.
وبيّن أن المئات من المعتقلين الإداريين هم من بين الأسرى المرضى، كما أن الغالبية العظمى منهم هم من الأسرى السابقين الين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال.
وحمّل نادي الأسير سلطات الاحتلال المسؤولية عن الوضع الذي خرج به المعتقل معزز، مطالباً المؤسسات الحقوقية والدولية أن تتحمل مسؤوليتها اللازمة أمام حرب الإبادة المستمرة، والجرائم بحق الأسرى والمعتقلين كأحد أوجه هذه الإبادة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: على جسده
إقرأ أيضاً:
شهادات مروعة من سجن “ركيفيت” لأسرى غزة
#سواليف
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، عن شهادات صادمة أدلى بها أسرى من قطاع غزة خلال أولى الزيارات القانونية التي جرت في القسم المعروف باسم “ركيفت”، الواقع تحت سجن “نيتسان – الرملة”، والذي خصصه الاحتلال لاحتجاز من يصنّفهم بـ”أسرى النخبة” أو “المقاتلين غير الشرعيين”.
وتعد هذه الزيارات الأولى من نوعها التي تمكنت خلالها الطواقم القانونية من لقاء عدد من معتقلي غزة داخل القسم السري المحاط برقابة مشددة وتحت الأرض.
وبحسب وصف المحامين، جرت الزيارة في مبنى قديم يشبه المخزن، عبر درج يقود إلى طابق سفلي مليء بالصراصير والحفر، حيث فُرضت قيود قاسية على المحامين، منها منع الحديث مع الأسرى عن عائلاتهم أو الأوضاع الخارجية.
مقالات ذات صلةورصدت الشهادات تفاصيل مرعبة حول ظروف الاعتقال، بدءًا من لحظة الأسر، مرورًا بمراحل التحقيق والنقل بين السجون والمعسكرات، وصولًا إلى الاحتجاز تحت الأرض في “راكيفت”، الذي وصفه الأسرى بأنه الأشد قسوة مقارنة بجميع أماكن الاعتقال الأخرى.
في إحدى الشهادات، قال المعتقل (س.ج) إنه تعرض لتحقيق استمر ستة أيام تخلله أسلوبا “الديسكو” و”البامبرز”، حيث أُجبر على قضاء حاجته في الحفاضات، ولم تُستبدل إلا مرتين، مع حرمان من الطعام والماء، والبقاء مكبل اليدين ومعصوب العينين طوال الفترة. وأوضح أنه تنقّل بعد ذلك بين معسكر “سديه تيمان”، وسجون عسقلان، المسكوبية، عوفر، وصولًا إلى الرملة.
أما المعتقل (و.ن) فأفاد بتعرضه لتحقيق عنيف تخلله ضرب وتهديد، واعتداء جنسي باستخدام جهاز تفتيش على مناطق حساسة من جسده، إلى جانب حرمانه من الرعاية الطبية، وفرض أوضاع مذلة مثل الجلوس الطويل على الركبتين، واستخدام أسلوب كسر الأصابع كأداة تعذيب متكررة.
أما المعتقل (ع.غ) فقد أفاد: “اُحتجزت لمدة (35) يوما في معسكر (سديه تيمان)، تعرضتُ لتحقيق (الديسكو) لمدة خمسة أيام، عند اعتقالي كنت أُعاني من إصابة ولم أتلق أي علاج، وأُصبت بحمى شديدة في بداية الاعتقال، وكنت طوال الوقت أصرخ من شدة الألم في جسدي، هذا بالإضافة إلى كوني أعاني من مشاكل في القلب وقد تعرضت لفقدان للوعي عدة مرات، وكانوا يكتفوا فقط بالتأكيد على أنني على قيد الحياة، في المرحلة الأولى من الاعتقال لم يكن لدي ملابس، أو غطاء كنت أشعر بالبرد الشديد كوني كنت محتجزا في (بركس) مفتوح من عدة جهات مما فاقم من معاناتي، على مدار 15 يوماً كنت مقيد اليدين ومعصوب الأعين طوال الوقت، ثم جرى نقلي لاحقاً إلى قسم (ركيفت) في سجن (الرملة)، في جميع الغرف هنا كاميرات توثق تحركاتنا بشكل دائم، يمنع علينا الصلاة، ويهددوننا طوال الوقت بالقتل، تشكّل عملية إخراجنا للفورة فرصة للسجانين للاعتداء علينا بالضرب المبرح وإهانتنا ونحن مقيدي الأيدي، لا نرى الشمس نهائياً، نجبر على شتم أمهاتنا، السجان هو من يقرر وقت الاستحمام والمدة، كل ثلاثة أيام يتم تزويد كل زنزانة بلفة ورق للحمّام، كما أنّ كميات الطعام قليلة جداً، نعلم أن هذا وقت الفجر من خلال قيام السّجانين بسحب الفرشات والأغطية”.
في نفس السياق أشار المعتقل (خ. د): إلى أنّه تعرض لتحقيق (الديسكو)، ولاحقا للتحقيق من قبل مخابرات الاحتلال، وتكرر ذلك من 3-4 مرات، وتعمدوا بشبحه على الكرسي لفترات طويلة، ورميه على الأرض وهو مقيد، واستمر التحقيق معه لمدة 30 يوما في زنازين سجن (عسقلان)، وطوال هذه المدة تعرض للضرب المبرح، يعاني اليوم من مرض (الجرب -السكايبوس)، حيث أصيب به خلال احتجازه في سجن (عوفر) واستمر معه المرض بعد نقله إلى سجن (الرملة)، واليوم يعاني إلى جانب مرض (الجرب) أوجاع شديدة في الصدر تزداد حدتها جراء عمليات التقييد التي تتم إلى الخلف، وأشار المعتقل إلى أنّ إدارة السجن تعاقب الأسرى من خلال كسر إصبع الإبهام.
وأشار معتقلون آخرون إلى إصابتهم بأمراض جلدية كـ”الجرب – السكايبوس”، وحرمانهم من الاستحمام المنتظم، أو من الحصول على ملابس نظيفة، فضلًا عن وجود كاميرات مراقبة داخل الزنازين على مدار الساعة، ومنع أداء الصلاة، والتهديد المستمر بالقتل.
وبيّن أحد الأسرى أنه كان يُعرف وقت الفجر فقط عندما يقوم السجانون بسحب الأغطية والفرشات.
كما أفاد المعتقلون بأنهم يُجبرون على شتم أمهاتهم أثناء الاعتداءات، ويُحرمون من الخروج اليومي للفورة إلا يوماً بعد يوم وهم مقيدو الأيدي، دون أن تدخل الشمس إلى الساحة المغلقة.
ويُعد قسم “ركيفت” أحد السجون والمعسكرات التي استحدثها الاحتلال أو أعاد تفعيلها بعد بدء عدوانه على غزة، إلى جانب مواقع أخرى مثل “سديه تيمان”، “عناتوت”، “عوفر”، ومعسكر “منشة” الخاص بمعتقلي الضفة، والتي باتت تشكّل مراكز تعذيب ممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين، وفق ما وثقته مؤسسات الأسرى.
وبحسب معطيات هيئة الأسرى ونادي الأسير، فقد بلغ عدد معتقلي غزة الذين تعترف إدارة سجون الاحتلال باحتجازهم حتى مطلع أبريل/نيسان 2025 نحو 1747 معتقلاً، تم تصنيفهم كمقاتلين غير شرعيين، في حين لا تشمل هذه الإحصائية أولئك المحتجزين في معسكرات الجيش الإسرائيلي خارج نطاق إدارة السجون.