الثورة نت:
2025-10-07@21:53:43 GMT

‏( حكاية جريمة إعدام شهيد الولاء عيسى العفيري )

تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT

‏( حكاية جريمة إعدام شهيد الولاء عيسى العفيري )

 

‏( حكاية جريمة إعدام شهيد الولاء عيسى العفيري )

 

مراد راجح شلي

كانت الساعة السادسة من فجر السبت، الرابع من أكتوبر 2025.

في زنزانةٍ ضيقة غابت عنها الشمس، جلس عيسى العفيري على سجادته التي أكلها الزمن، يهمس في دعائه الأخير.

سمع وقع أقدام سجّانيه تقترب شيئًا فشيئًا، فنهض بطمأنينةٍ تشبه طمأنينة العارفين بمصيرهم، رتّب سجادته بعناية، ووضعها قرب نافذة الزنزانة الصغيرة، إلى جوار المصحف الشريف الذي رفعه واحتضنه كمن يحتضن أمَّه ووطنه ورفاقه جميعًا.

قبّله طويلاً… وكأنه يودّع من خلاله كلَّ الوجوه التي أحبّها.

دوّى صوت المفاتيح في القفل، ثم أعقبه صراخٌ قاسٍ:

– هيا أيها الرافضي… يا كافر! حان موعد تطهير الأرض من رجسك !

فتحوا الباب وركلوه بأقدامهم، فرفع عيسى رأسه إليهم، وابتسم بسخريةٍ هادئةٍ تنضح باليقين.

تدافع أربعةٌ من السجّانين نحوه واحكموا قبضتهم عليه، كبّلوا يديه خلف ظهره، وضعوا عصابةً سوداء على عينيه، وجرّوه بقسوةٍ جعلت جسده النحيل يرتطم بجدار الزنزانة الحديدي بكل عنف. سال الدم من رأسه، لكنه لم يئنّ… بل أطلق ابتسامةً مطمئنةً أربكت جلاديه.

واصلوا جره بعنفٍ للموت ، فيما كان هو يمضى الى الشهادة بروحية رفاق دربه الشهداء العظماء .

يتقدم للشهادة كما تقدم القائد الشهيد يوم واجه جلاديه ومضى وسطهم… بوجهٍ مضيءٍ وثباتٍ لا يلين.

يمضي بعظيم ولاء وثبات الشهيد عبدالقوي الجبري يمضي بعظيم صبر وثبات الشهيد توفيق طنينه

وصلوا به إلى ساحة الإعدام داخل المعتقل.

أربعةُ جلادين يقفون بأسلحتهم المذخّرة، لحاهم الكثّة تلوّثها الكراهية، وأعينهم تتّقد حقداً.

وقف ممثل النيابة قريبًا، مطأطئ الرأس، يهمس لآمر السجن البدين ذي اللحية الحمراء:

– أين أهله؟ ألا يكفي أنه أسير حربٍ بلا جريمة؟

زمجر الآمر باحتقارٍ :

– لقد ارغمناه على الاعتراف ووقّع، شئت أم أبيت! أجرِ ما يلزم إن كنت تريد النجاة بنفسك !

ارتجف الرجل الخائف، ثم بدأ قراءة حيثيات حكمٍ ظالمٍ يعرف أنه باطل.

وفيما كانت الكلمات تُتلى كطقوسٍ جريمة شيطانية كان السجّانون يجرّون عيسى إلى الأرض، أجبروه على الركوع، وأحاط به منفذو الجريمة الأربعة.

صرخ أحدهم بأقصى صوته:

– استتبَّ أيها الكافر !

رفع عيسى رأسه، تنفّس بعمقٍ من رئتيه المنهكتين، واستجمع ما تبقّى من قواه، ثم رفع يده اليمنى بكل صعوبة، وهتف بصرخة البراءة صرخة اخترقت جدران السجن …

ارتجّت الساحة كأنّ السماء صرخت معه، وكأنّ الحقَّ والأولياء ردّدوا صوته .

استشاط الجلادون غضباً، انهالوا عليه ركلاً وضرباً بأعقاب بنادقهم حتى سقط جسده على الأرض، ثم أطلقوا عليه وابلًا من الرصاص .

أكثر من عشر رصاصاتٍ اخترقت جسده النحيل، لكن حين حركوه وقلبوه ليتأكدوا من موته، رأوا وجهه مضرّجاً بالدماء، تعلوه ابتسامة النصر.

ابتسامةٌ ظلت تطاردهم… وتقتلهم كلَّ حين.

 

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ضحى بدمائه دفاعًا عن الأرض والعرض.. الشهيد عبد الكريم الشبينى ابن البحيرة

في قرية ديبى التابعة لمركز رشيد بمحافظة البحيرة، يظل اسم الشهيد عبد الكريم عبد العزيز الشبينى حاضرًا بقوة، لا تغيب ذكراه عن وجدان أهلها، ولا عن قلوب المصريين الذين يقدّرون تضحيات أبنائهم في معارك التحرير.

فبعد مرور أكثر من نصف قرن على نصر أكتوبر العظيم، ما زال الشهيد عبد الكريم أيقونة للفداء ورمزًا من رموز البطولة التي سطّرت بالدماء فوق رمال سيناء.

وُلد الشهيد عبد الكريم في أسرة ريفية بسيطة بقرية ديبى، حصل على دبلوم المعلمين، تم عمل مدرساً بمدرسة ديبي الصباحية ، تربى على قيم الرجولة والإيمان والانتماء، وعُرف بين أقرانه بالتدين والخلق الحسن، وعندما جاء دوره في الخدمة العسكرية، لم يتردد لحظة، فالتحق بالقوات المسلحة جنديًا مجندًا في سلاح المشاة بالجيش الثاني الميداني، المرابط وقتها على جبهة القتال بالإسماعيلية استعدادًا لمعركة التحرير.

كان عبد الكريم يعيش أيامه الأخيرة قبل الحرب في سعادة غامرة، فقد كان عريسًا حديث الزواج، يحلم بتكوين أسرة صغيرة، لكن القدر شاء أن يُزفّ إلى سماء المجد شهيدًا قبل أن يرى طفله الذي كان ما يزال جنينًا في بطن أمه.

مع انطلاق ساعة الصفر يوم السادس من أكتوبر 1973، كان الشهيد عبد الكريم في موقعه يؤدي واجبه وسط زملائه المقاتلين، شارك في العبور العظيم واقتحام خط بارليف، وسطر مع كتيبته ملحمة من الشجاعة والإقدام، لكن رصاصات العدو الغادر أصابته فسقط شهيدًا على الفور، لتتحول فرحته بالزواج إلى عرس أبدي في السماء، وتتحول دماؤه الطاهرة إلى وسام شرف على جبين الوطن.

 

الابن الذي وُلد بعد استشهاده

المفارقة المؤلمة والمشرّفة في آن واحد، أن الشهيد لم يرَ طفله الوحيد المهندس عبد الكريم عبد الكريم الشبينى، الذي وُلد بعد استشهاد والده، هذا الابن الذي كبر حاملًا اسم أبيه، ظل طوال حياته يستمد الفخر والعزة من كونه ابن شهيد من شهداء أكتوبر. يقول في تصريحاته: «أشعر أن والدي يعيش بداخلي، وأفتخر أن اسمه ما زال يتردد في قريتنا وعلى لافتة المدرسة التي تحمل اسمه».

تكريم باقٍ وذاكرة لا تموت

لم تنسَ الدولة ولا أهالي البحيرة الشهيد عبد الكريم الشبينى، فقد تم إطلاق اسمه على مدرسة الشهيد عبد الكريم الشبينى الإعدادية بديبى، لتظل سيرته خالدة بين الأجيال الجديدة التي تتعلم داخل جدرانها معنى التضحية والفداء.

رسالة تتوارثها الأجيال

قصة الشهيد عبد الكريم الشبينى ليست مجرد سطر في كتب التاريخ، بل هي درس حيّ في الوطنية والوفاء، فالرجل الذي ترك زوجة شابة وطفلًا لم يولد بعد، لم يتراجع ولم يتخاذل، بل واجه الموت مبتسمًا من أجل أن تحيا مصر.

واليوم، تُروى قصته في المجالس والاحتفالات لتبقى درسا للأجيال الجديدة التي لم تعش لحظة الحرب، لكنها تتغذى على قصص البطولة لتستمد منها معاني الانتماء والاعتزاز بالوطن.

سيظل الشهيد عبد الكريم عبد العزيز الشبينى، ابن قرية ديبى بمركز رشيد، نموذجًا خالدًا للعطاء، ورمزًا من رموز أكتوبر المجيدة، فقد ترك خلفه دموع أم ثكلى وزوجة صابرة وابنًا يتفاخر به، لكنه كسب الخلود في سجل الشهداء الذين باعوا الدنيا واشتروا الآخرة دفاعًا عن الأرض والعرض.

1000195284 1000195286

مقالات مشابهة

  • تشييع مهيب للشهيد الأسير عيسى العفيري بصنعاء
  • تشييع مهيب بصنعاء للأسير الشهيد عيسى العفيري
  • تشييع جثمان الشهيد العقيد عيسى العفيري في صنعاء
  • دور المرأة المصرية في حرب أكتوبر المجيدة.. تعرف عليه
  • ضحى بدمائه دفاعًا عن الأرض والعرض.. الشهيد عبد الكريم الشبينى ابن البحيرة
  • الكشف عن تفاصيل مؤلمة بحق أسرة عيسى العفيري
  • المرتضى: جريمة اعدام «العفيري» ارتكبت بضوء اخضر سعودي
  • المرتضى: إعدام الأسير العفيري جريمة تمت بتوجيه سعودي مباشر
  • شقيقة الشهيد العفيري تروي لحظات الحصار والأسر والتعذيب لـ “شقيقها” حتى الإعدام