مدني علي مدني: ينجو بأعجوبة من الموت.. (52) عاماً 28 يوليو 1971- 28 يوليو 2023
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
مدني علي مدني: ينجو بأعجوبة من الموت.. (52) عاماً 28 يوليو 1971- 28 يوليو 2023
ياسر عرمان
ياسر عرمانمدني علي مدني من أبطال 19 يوليو 1971 كانت انقلاباً ام حركة ومدني ديسمبري إحدى شهادات ميلاده موقعة برسم طبول وهتافات ثورة ديسمبر.
ربما لم يغضب جعفر نميري عليه الرحمة منذ ان نصب نفسه دكتاتوراً ولاحقاً إماماً مثل غضبه من ضباط سلاح القصر الجمهوري وقائدهم المقدم عثمان حاج حسين ابو شيبة في 19 يوليو 1971، فقد كانوا يتولون حراسته وهم المنفذون الحقيقيون لانقلاب 19 يوليو 1971، كانت حياة نميري في جفن ضباط القصر الجمهوري ومن اعتقله هو النقيب أحمد جبارة مختار الذي جعله يرفع يديه لفترة طويلة دون اعتبار لفارق الرتبة أو انه كان رئيس الجمهورية، وحينما ذكر له نميري ان يداه قد فترت، رد عليه أحمد جبارة لماذا لم تفتر يداه وهو يلوح بها عامين في كافة المناسبات، شعر جعفر نميري بالخيبة وامتلأ حقداً على ضباط الحرس الجمهوري وطلب باعدامهم جميعاً وكان مدني علي مدني من ضمنهم.
طلب مني الصديق العزيز والراحل كمال الجزولي ان أرافقه لاداء واجب العزاء في الدكتور عبد الله حمدنا الله عليه الرحمة وهو اسلامي مهتم بالثقافة وقضايا الفكر بقدر اهتمام اخوته واخواته في الله بالسلطة والثروة والتطفيف والاستبداد، وطلبت من كمال ان نلتقي في مكتب الحركة الشعبية في الخرطوم 2 وكان الزمان على بعد خطوات من حرب 15 ابريل، ذهبنا وكمال عمر المحامي وفي طريق عودتنا وقبل ان نفترق قلت لكمال الجزولي في المرة الماضية اتفقنا ان نذهب لزيارة مبارك بشير ولم نتمكن ورحل مبارك بشير المبدع والإنسان المحب للشعب وللوطن في عجلة من امره ولم نكحل مآقينا برؤيته، وطلبت منه ان نذهب لزيارة مدني علي مدني وقد ألمت به وعكة واتفقنا لزيارته في منزله في الحاج يوسف ولم تسعفنا مطاردة الحياة ومهامها القاسية بزيارة مدني علي مدني وجاءت الحرب وتفرقنا ايدي سبا كُل في طريقه إلى الله أو إلى داخل أو خارج الوطن نازحين ولاجئين.
ربطتني بمدني علي مدني علاقة وثيقة لأكثر من عشرين عاماً واتاحت لنا وسائل التواصل الإجتماعي ان نحافظ على رباط وثيق وقد أسرني مدني منذ البداية بإنسانيّته العامرة واهتمامه وحثه المستمر لي بأن أواصل طريقي وان لا اهتم بهجوم النظام وأدواته ومحاولات تشويه صورتي بالباطل والأكاذيب، حينما رجعت الخرطوم كنت على اتصال دائم معه وفي البدايات قلت له انني اعرفه قبل ان يعرفني بسنوات طويلة وحينما كان عمري 15 عاماً اطلعت على كتيب مجازر الشجرة وكان مدني علي مدني وما جرى من محاكمته في ذلك الكتيب وقد غمرت بسالته وشجاعته جيلنا وبعد سنوات من معرفتي له توقفت ملياً عند مدني الذي لا يمكن أن يخطئ أحد ان جمرة الثورة ظلت متقدة في روحه العذبة والمعذبة من أزمنة 19 يوليو 1971 إلى ازمنة ثورة ديسمبر.
كم يعز على الذين تعرفوا بمدني علي مدني وأحبوه ان يرحل في ازمنة الحرب دون ان يتمكنوا من تشييعه وتسكب على قبره الدمع الهتون. العلامة المميزة لمدني هي الإخلاص لرفاقه ومعارفه وظلت قبلته وصلواته الطويلة في محراب الشعب.
في 19 يوليو كانت القوة الحقيقة المنفذة للانقلاب هي حرس القصر الجمهوري ومدني الذي تخرج في الدفعة 23 ولم يكن ضابطاً في الحرس الجمهوري فحسب بل زميلاً لقائده ابو شيبة في التنظيم السري التابع للحزب الشيوعي، وابو شيبة هو من استلم عبدالخالق محجوب بعد تهريبه من سجن مصنع الذخيرة في الشجرة ووفر له مخبأً امناً داخل القصر الجمهوري، وابو شيبة من دلقو المحس وابن الخالة الوحيد للدكتور محي الدين صابر ويمت بصلة قرابة لأيقونة ثورة 1924 الملازم سيد فرح ابن دلقو المحس وصاحب السيرة الذهبية في ثورة 1924، ومدني علي مدني الذي أمضى ليلة هزيمة انقلاب 19 يوليو مع المقدم ابو شيبة وآخرين، اقترح عليهم ابو شيبة ان يقوموا باعتقاله حتى ينجوا بأنفسهم من الاتهام والمشاركة فرفضوا جميعاً وظل مدني مخلصاً لقائده حتى رحيله.
مدني بين زمنين من أزمنة الدروة والرحيل:كان من المقرر أن يعدم مدني علي مدني في 28 يوليو 1971 وكان الاتهام القوي الموجه ضده هو مشاركته في مقتلة بيت الضيافة ولكنه قدم براهين أقوى بعدم مشاركته ورأى بعض أعضاء المحكمة غير الموافقين على قرارات الإعدام التي كان جعفر نميري يرغب فيها وشملت عدد كبير من الضباط، ان يتم التحقق من تلك التهمة، وحكى مدني انهم قرروا ان يعرض على الجرحى الناجين من بيت الضيافة، واقتيد للسلاح الطبي في 28 يوليو موعد إعدامه وشهد الجرحى لصالحه بعدم مشاركته وحسن معاملته ومن تلك الشهادة نجا مدني علي مدني من الموت والدروة بأعجوبة! وبعد ان أمضى سنوات في السجون وخرج لم يتوقف عند أهله الذين ينتظرونه في عطبرة وذهب إلى دلقو المحس لاداء واجب العزاء في قائده عثمان حاج حسين ابو شيبة ثم عاد لأهله في عطبرة فيا له من وفاء، والانسان في حياته وبعد رحيله ما هو إلا الشجاعة والوفاء والكرم والاستقامة قبل المال والجاه والسلطة.
في 28 يوليو 2023 وبهدوء وصمت لا يهز ساكنه إلا بنادق حرب 15 أبريل وبعد 52 عاماً من موعد إعدامه الأول وفي تطابق عجيب للتاريخ رحل مدني علي مدني تحيط به الحرب من كل جانب بعيداً عن معارفه الكثر وعن الذين يعرفون قيمته وشجاعته وصدق انتمائه للقوى الديمقراطية، ولم يمر بي يوم عشية ثورة ديسمبر وبعدها وبعد انقلاب 25 أكتوبر ضد الثورة إلا وصلتني عدة رسائل صباحاً ومساءً من مدني علي مدني مذكراً بالثورة والشباب وهو يمدنا بالوقود والزاد محرضاً على دعم الثورة وقد أسعدتني الرسائل الصوتية العديدة التي تبادلناها معاً ولو لم يتم أخذ هواتفي من قبل الانقلاب لنشرتها فهي تؤرخ لمدني الديسمبري الذي لم تنطفي جذوة الثورة داخله لعقوداً طوال.
مدني علي مدني كان ملم بتاريخ العسكرية السودانية والتيارات الوطنية داخل الجيش وذو معرفة عميقة بمجتمع الخرطوم فقد كان مثقفاً متنوع المعارف ورحل وفي نفسه أسئ على حال الجيش والمؤمرات ضد ثورة ديسمبر. علمت برحيل مدني متأخراً وقد دمرت الحرب الإنسان والزمان والوطن وقطعت الصلات وما كان لي إلا اكتب عن مدني علي مدني ولو بعد حين وفي ذكرى رحيله الأولى وفي شهر يوليو ذلك الشهر المهم في حياة مدني ورحيله. اللهم أرحم عبدك مدني علي مدني وعزائي الحار لاسرته واهله واصدقائه وعارفي فضله.
15 يوليو 2024
الوسومالجيش السودان العسكرية السودانية انقلاب 19 يوليو 1971 ثورة ديسمبر 2018 جعفر نميري كمال الجزولي مدني علي مدني ياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السودان العسكرية السودانية ثورة ديسمبر 2018 جعفر نميري كمال الجزولي مدني علي مدني ياسر عرمان القصر الجمهوری مدنی علی مدنی ثورة دیسمبر جعفر نمیری یولیو 1971 مدنی من
إقرأ أيضاً:
العربي للعدل والمساواة: قيم ثورة يوليو لا تزال حاضرة في الجمهورية الجديدة
هنأ خالد السيد علي، رئيس حزب العربي للعدل والمساواة، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقوات المسلحة، ورجال الشرطة، وجميع مؤسسات الدولة، والشعب المصري العظيم، بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لثورة 23 يوليو المجيدة، مؤكدًا أن هذه الثورة ستظل نقطة تحول فارقة في التاريخ الوطني، حين خرج الشعب مدعومًا بجيشه لينهى الاحتلال، ويرسّخ مبادئ الكرامة والعدالة والاستقلال الوطني.
وأوضح أن ثورة يوليو كانت وما تزال ملهمة لأجيال متعاقبة، بعدما أرست قواعد دولة قوية حديثة، وانتصرت لحقوق الفقراء والمهمشين، ورفعت راية التحرر الوطني في وجه الاستعمار، مشيرًا إلى أن قيم هذه الثورة لا تزال حاضرة بقوة في الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس السيسي.
وأشاد خالد السيد علي رئيس حزب العربي للعدل والمساواة، بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي ألقاها بهذه المناسبة التاريخية، مؤكدًا أنها جاءت معبرة عن ضمير الأمة المصرية، وعاكسة لمدى إدراك القيادة السياسية لأهمية اللحظة التاريخية التي تمر بها مصر، حيث ربط الرئيس بين تجربة يوليو والرؤية الحديثة لبناء دولة عصرية تستند إلى العلم والعمل، وتضع المواطن في قلب أولوياتها.
وأضاف أن ما تحقق على الأرض خلال السنوات الأخيرة، من مشروعات قومية وتنموية كبرى، وعلى رأسها مشروع "حياة كريمة"، والقضاء على العشوائيات، وبناء المدن الذكية، وتطوير البنية التحتية، يعكس عزم الدولة على تجاوز التحديات وتحقيق نقلة حضارية شاملة في حياة ملايين المواطنين.
ونوّه خالد السيد علي إلى أن إشادة الرئيس بدور الجيش والشرطة في حماية أمن الوطن واستقراره تؤكد أن مصر ستبقى دائمًا عصية على المؤامرات، موحدة بجبهتها الداخلية، وقادرة على مواجهة أية تهديدات بفضل تماسك مؤسساتها ووعي شعبها العظيم.
واختتم تصريحاته بتجديد العهد على مواصلة دعم الدولة المصرية في معركتها من أجل البناء والتنمية، مؤكدًا أن ثورة يوليو ستظل حية في ضمير الأمة، وأن الجمهورية الجديدة تمثل الامتداد الحقيقي لقيم تلك الثورة الخالدة.