منح الجنسية السعودية لفتاتين و 5 أشقاء بالرياض
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
الرياض
أعلنت الإدارة العامة للأحوال المدنية بمنطقة الرياض ، صدور أمر ملكي وقرارين وزاريين بمنح الجنسية العربية السعودية لعدد من الأشخاص .
ووفقا لما نشرته الجريدة الرسمية «أم القرى» ، اليوم الجمعة ، فقد صدر الأمر الملكي رقم (4/13793) وتاريخ 1427/8/27 القاضي بمنح الجنسية العربية السعودية -ضمن مجموعة أشخاص- لـ«إيمان جاسم محمد الأسعد» .
كما صدر القرار الوزاري
رقم (6/وز) وتاريخ 1428/1/1، القاضي بمنح الجنسية العربية السعودية لـ«فاطمة يحيى محمد عليطو» ،بموجب المادة «16» من نظام الجنسية.
وأعلنت الإدارة العامة للأحوال المدنية بالرياض ، أنه صدر القرار الوزاري رقم (84/وز) وتاريخ 1445/12/20 القاضي بالموافقة على منح الجنسية العربية السعودية لـ«فيصل، محمد، ماجد، عبدالعزيز، نايف» أبناء «أحمد محمد محمد عمر»، بموجب المادة «14» من نظام الجنسية، والمبلغ بخطاب مقام المرجع رقم (45411984) وتاريخ 1445/12/25 .
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الإدارة العامة للأحوال المدنية الجنسية السعودية الرياض الجنسیة العربیة السعودیة
إقرأ أيضاً:
من التهديدات إلى الادعاءات الجنسية.. هكذا أحبِط تحقيق كريم خان بجرائم حرب الاحتلال
كشف تحقيق موسّع أجراه موقع “ميدل إيست آي” تفاصيل صادمة لحملة ترهيب متصاعدة تستهدف المدعي البريطاني بسبب تحقيقاته في الجرائم الإسرائيلية المزعومة.
وتُظهر التسلسلات الزمنية للأحداث أن الضغوط على خان بدأت بالتزايد في نيسان/ أبريل 2024 خلال استعداده لتقديم طلبات مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت ثم تصاعدت مجددًا في تشرين الأول/ أكتوبر، قبل إصدار القضاة لتلك المذكرات.
كما ترافقت الحملة ضد خان مع إجراءات عقابية وعدائية اتخذتها الولايات المتحدة ضد المحكمة، وتزامنت مع تطورات في قضية المزاعم المتعلقة بسوء السلوك الجنسي، والتي بدأت باتهامات بالتحرّش ثم تطورت إلى مزاعم بالاعتداء الجنسي.
وكانت التهديدات من سياسيين ومسؤولين كما شملت موظفين في المحكمة عملوا ضد خان.
ويعترف بعض العاملين داخل المحكمة بأن إدارة خان لتحقيق فلسطين، وملاحقته لمسؤولين إسرائيليين كبار، كان أمرًا مثيرًا للانقسام داخل أروقة المحكمة والمجتمع القانوني الدولي المتماسك في لاهاي.
وينتقد بعضهم داخل النظام أن خان كان ينبغي أن يستهدف مسؤولين أدنى رتبة، ويتساءلون عما إذا كان قد اعتمد بشكل مفرط على الأدلة المتاحة للعامة بدلًا من الشهود المطلعين في بناء قضيته.
وفيما يلي نص التقرير:
كشف تحقيق موسّع أجراه موقع “ميدل إيست آي” تفاصيل صادمة لحملة ترهيب متصاعدة تستهدف المدعي البريطاني بسبب تحقيقاته في الجرائم الإسرائيلية المزعومة.
وقد شملت هذه الحملة تهديدات مباشرة وتحذيرات من شخصيات نافذة وتسريبات من مقربين وزملاء وأصدقاء للعائلة يعملون ضده هذا إلى جانب مخاوف على سلامته بعد رصد فريق من الموساد في لاهاي وتسريبات إعلامية بشأن مزاعم باعتداء جنسي.
ويأتي ذلك في سياق جهود عمل خان على قضية ضد نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين بسبب إدارتهم للحرب على حماس في غزة وتصاعد الاستيطان وأعمال العنف بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة بشكل غير قانوني.
في أيار/ مايو الماضي، كشف “ميدل إيست آي” أن خان تلقى تحذيرا مفاده أنه إذا لم يتم سحب مذكرات التوقيف التي صدرت السنة الماضية بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، فإن المحكمة الجنائية الدولية ستُدمَّر وسيُدمَّر معها.
وقد نقل هذا التحذير المحامي البريطاني-الإسرائيلي نيكولاس كوفمان خلال لقاء جمعه بخان وزوجته، شيامالا ألاجندرا، في أحد فنادق لاهاي.
وفقًا لمذكرة داخلية ضمن ملفات المحكمة، اطّلع عليها “ميدل إيست آي”، أبلغ كوفمان خان أنه تحدث مع المستشار القانوني لنتنياهو وأنه “مخول” بتقديم عرض من شأنه أن يسمح لخان بـ”النزول عن الشجرة”.
وردًا على استفسارات الصحيفة، نفى كوفمان أنه وجّه تهديدًا إلى خان كما نفى حصوله على تفويض رسمي من الحكومة الإسرائيلية، مؤكّدًا أنه كان يعبر عن آرائه الشخصية بشأن الوضع في فلسطين.
ويُذكر أن هذا الاجتماع عُقد قبل أقل من أسبوعين من نشر مزاعم الاعتداء الجنسي ضد خان التي ينفيها بشكل قاطع، وذلك في وقت كان يستعد فيه لطلب مذكرات توقيف إضافية بحق مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية – وذلك وفقًا للتقارير. ولا توجد أي مؤشرات على وجود صلة بين اجتماع كوفمان وخان ونشر تلك المزاعم.
بعد فشل محاولة لتعليق مهامه، تقدّم خان بإجازة من منصبه في ظل تحقيق أممي جارٍ بشأن المزاعم الموجهة ضده. كانت الضغوط على خان قد بدأت في التصاعد حتى قبل انتشار المزاعم في وسائل الإعلام، حيث حصل “ميدل إيست آي” على تفاصيل مراسلات بين خان والمشتكية – وهي موظّفة في المحكمة – تطرح تساؤلات بشأن بعض ما ورد سابقًا في الإعلام الأمريكي والبريطاني حول القضية.
وقد أكدت المشتكية أنها تعاونت بشكل كامل مع التحقيق الأممي، لكنها لا تستطيع “التفاعل مع الأسئلة المطروحة أو تصحيح المغالطات” بسبب “الالتزام بالسرية والنزاهة المهنية”. أما خان فقد امتنع عن التعليق على القضايا المطروحة في هذا التحقيق.
تُظهر التسلسلات الزمنية للأحداث أن الضغوط على خان بدأت بالتزايد في نيسان/ أبريل 2024 خلال استعداده لتقديم طلبات مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت ثم تصاعدت مجددًا في تشرين الأول/ أكتوبر، قبل إصدار القضاة لتلك المذكرات.
تصاعدت الحملة هذه السنة مع ورود تقارير تفيد بأن خان يسعى لاستصدار مذكرات توقيف بحق عدد إضافي من وزراء الكيان الإسرائيلي تزامنًا مع تسريبات إعلامية جديدة تتعلق بمزاعم بالاعتداء الجنسي.
وقد تحدثت مصادر مطلعة على القضية إلى موقع “ميدل إيست آي” واطلعت على مواد يُعتقد أنها ذات صلة بالتحقيق الجاري حاليًا من قبل مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بشأن هذه المزاعم.
ويكشف التحقيق ما يلي: في نيسان/ أبريل سنة 2024، وقبل أسابيع من تقدُّم خان بطلبات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، وجّه وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، تهديدًا غير معلن إلى خان مفاده أن بريطانيا ستوقف تمويل المحكمة وستنسحب منها في حال صدرت مذكّرات توقيف بحق قادة من الكيان الإسرائيلي.
في أيار/ مايو سنة 2024، هدّد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام خان بفرض عقوبات عليه في حال تقدّمه بطلبات التوقيف. وقبل تقديم الشكوى، تلقّى خان إفادة أمنية تشير إلى أن جهاز الاستخبارات التابع للكيان الإسرائيلي (الموساد) ينشط في لاهاي ويشكّل تهديدًا محتملاً للمدعي العام.
كما كتبت له المرأة التي اتهمته بسوء السلوك الجنسي في أيار/ مايو سنة 2024 عبر رسائل نصية أنها تشعر بأن “هناك ألعابًا تُدار” وأن هناك محاولات لاستخدامها “كأداة في لعبة لا ترغب في المشاركة فيها”. وقد أُغلقت التحقيقات الداخلية في المحكمة بشأن المزاعم بعد رفضها التعاون.
وكانت المُشتكية قد طلبت في وقت سابق دعم خان في تقديم شكوى ضد مسؤول رفيع آخر في المحكمة، وذلك خلال الفترة التي زعمت لاحقًا أن خان اعتدى عليها خلالها. ولم يجد المحققون أي دليل على وجود مخالفة من جانب المسؤول المعني.
اضطلع توماس لينش، المساعد الخاص لخان والمسؤول عن التنسيق مع الكيان الإسرائيلي في ملف فلسطين، دورًا محوريًا في تحويل المزاعم ضد خان إلى شكوى رسمية. لكن في أحاديث خاصة مع زوجة خان، أعرب عن شكوكه في صحة المزاعم، واعتبر توقيتها “مريبًا”.
وفي رده على استفسارات الموقع، وصف لينش الاتهامات الواردة في التقرير بأنها “كاذبة ومضلّلة”.
وقالت محامية تعمل في المحكمة إن هناك مجموعة داخل المؤسسة تعارض نهج خان وتعمل على تقويض سمعته.
وأضافت أنها تلقت في أيار/ مايو سنة 2024 استفسارًا عمّا إذا كان خان قد تصرّف معها بشكل غير لائق، فأجابت: “هو آخر شخص يمكن أن يخطر ببالي في هذا السياق”.
التقى خان بالمحامي البريطاني-الإسرائيلي نيكولاس كوفمان لمناقشة ملف الكيان الإسرائيلي، وذلك قبل أسبوعين فقط من اضطراره لأخذ إجازة إثر الكشف العلني عن خضوعه لتحقيق في مزاعم بالاعتداء الجنسي.
ووفقًا لمحضر الاجتماع المحفوظ في المحكمة، قال كوفمان لخان: “إذا لم تُسحب مذكرات التوقيف بحق نتنياهو أو غالانت، فسيدمرونك وسيدمرون المحكمة”. عبّر قاضيان سابقان في المحكمة عن قلق بالغ إزاء أسلوب إدارة التحقيق في المزاعم ضد خان، وتساءلا عن سبب إعلان اسم المدعي العام علنًا كمشتبه به، وما إذا كان فتح تحقيق خارجي في سلوكه المزعوم ضروريًا.
ترافقت الحملة ضد خان مع إجراءات عقابية وعدائية اتخذتها الولايات المتحدة ضد المحكمة، كما تزامنت مع تطورات في قضية المزاعم المتعلقة بسوء السلوك الجنسي، والتي بدأت باتهامات بالتحرّش ثم تطورت إلى مزاعم بالاعتداء الجنسي.
ومنذ شباط/ فبراير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خان على خلفية مذكرات التوقيف التي أصدرها بحق نتنياهو وغالانت، مع العلم أن الولايات المتحدة، شأنها شأن الكيان الإسرائيلي، لا تعترف باختصاص المحكمة. وفي 19 أيار/ مايو، أصدرت المحكمة ومكتب الادعاء بيانًا أفادا فيه بأن خان سيأخذ إجازة إلى حين انتهاء التحقيق الداخلي الجاري.
قالت المحكمة إن عمل مكتب الادعاء سيستمر تحت إشراف نائبي المدعي العام.
وفي الشهر الماضي، فرضت الولايات المتحدة مزيدًا من العقوبات على أربعة قضاة في المحكمة، متهمةً إياهم بـ”أعمال غير مشروعة” تستهدف الولايات المتحدة و”إسرائيل”. وفي هذا الشهر، وجّه مستشار قانوني رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرًا إلى الهيئة الرقابية للمحكمة، مؤكداً أن “جميع الخيارات مطروحة” إذا لم تُسحب مذكرتا التوقيف بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت.
ومع ذلك، رفض قضاة المحكمة الجنائية الدولية في 16 تموز/يوليو طلبًا إسرائيليًا لسحب مذكرتي التوقيف بانتظار صدور قرار المحكمة في الطعن الإسرائيلي الجاري بشأن اختصاصها في القضية.
وقال مصدر مطّلع في لاهاي، تحدّث إلى موقع “ميدل إيست آي” بشرط عدم الكشف عن هويته: “هذه كانت محاولةً ليس فقط للنيل من كريم خان بل لضرب المحكمة الجنائية الدولية نفسها – من قبل دول تدّعي دعمها لسيادة القانون الدولي”. وأضاف أن خان التزم بجميع الإجراءات القانونية بدقة عند تقديم طلبات المذكرات.
وتابع المصدر: “إن كان هناك ما يُؤخذ عليه، فهو أنه أبطأ سير العملية”.
منذ تولّيه منصب المدعي العام في سنة 2021، شدّد خان معايير إصدار مذكرات التوقيف لتتطلّب وجود احتمال واقعي بالإدانة. وكان التحقيق الجنائي في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد أُطلق قبل أشهر قليلة من تسلّم خان لمنصبه خلفًا لفاتو بنسودا، وزيرة العدل السابقة في غامبيا وسفيرة بلادها حاليًا في لندن. وكشفت صحيفة الغارديان السنة الماضية أن جهاز الموساد الإسرائيلي مارس ضغوطًا على بنسودا وهدّدها في حملة استمرت لسنوات ولم تنجح في ثنيها عن فتح التحقيق، ثم وُضع خان تحت المراقبة بعد تولّيه المنصب.
في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وبعد أكثر من شهر على هجوم حماس على “إسرائيل” وبداية العدوان الإسرائيلي على غزّة، أحالت خمس دول – هي جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي – القضية الفلسطينية إلى مكتب الادعاء. وفي الشهر التالي، وتحت ضغط متزايد على مكتبه، سافر خان إلى “إسرائيل” والتقى أيضًا بمسؤولين فلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية.
زار خان الكيبوتسات وموقع مهرجان موسيقي كان قد تعرّض لهجوم من قبل حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي رام الله، اجتمع بمسؤولين من بينهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما التقى “عائلات الضحايا الفلسطينيين” واستمع إلى “شهادات شخصية عن تجاربهم في غزة والضفة الغربية”.
تعهّد خان بأن يُكثّف مكتبه جهوده لتعزيز التحقيقات الجارية في هذه القضية. وبعد أن قرر في كانون الثاني/يناير 2024 أنه أعدّ ملفات مذكرات التوقيف، اتخذ خان خطوة غير تقليدية بعرض القضية الفلسطينية على لجنة قانونية مستقلة تضم شخصيات بارزة، من بينها المحامية البريطانية-اللبنانية أمل كلوني، لفحص الأدلة.
وقد أفادت تقارير إعلامية عدة بأن خان سعى لإصدار المذكرات في 20 أيار/مايو من تلك السنة لكسب الدعم في ظل الاتهامات الموجهة إليه. لكن قرار المدعي العام بالتقدم بطلب إصدار المذكرات كان قد اتُخذ قبل ستة أسابيع من ظهور تلك الاتهامات، وبعد أن أُغلق أول تحقيق داخلي في مزاعم التحرش.
يفهم “ميدل إيست آي” من مصادره أن الفريق الموسّع الذي يقوده خان من المحامين والباحثين كان قد توصّل إلى أنه بات مستعدًا لتقديم الطلبات بحلول 16 آذار/مارس. لكن كانت هناك خطوات إضافية في العملية. ففي 21 آذار/مارس، أمر خان بإجراء فحص تكاملي للتحقق مما إذا كانت إسرائيل تحقق هي نفسها في الجرائم المزعومة، وخلص إلى أنها لا تقوم بذلك. وفي 25 آذار/مارس، أبلغ خان إدارة بايدن في واشنطن بقراره، وبعد يومين توجه إلى البيت الأبيض للقاء جيك سوليفان، الذي كان حينها مستشار الأمن القومي، وبريت ماكغورك، منسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
سلسلة من التهديدات
في 15 نيسان/ أبريل بلندن، أخبر المدعي وزير العدل البريطاني أليكس تشالك بأنه سيتقدم بطلب إصدار مذكرات التوقيف. وقد طلب خان لقاء وزير الخارجية ديفيد كاميرون، لكنه كان خارج البلاد. اتصل كاميرون، رئيس الوزراء السابق الذي عُين وزيرًا للخارجية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بخان هاتفياً في 23 نيسان/ أبريل أثناء زيارة رسمية لفرنسا.
وكشف موقع “ميدل إيست آي” الشهر الماضي تفاصيل المكالمة بناءً على معلومات من عدة مصادر، بينها موظفون سابقون في مكتب خان مطلعون على المحادثة ورأوا محاضر الاجتماع. وقد أخبر كاميرون خان أن التقدم بطلب إصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو وغالانت سيكون “كإسقاط قنبلة هيدروجينية”.
ووفقا لمصادر “ميدل إيست آي”، تحدث وزير الخارجية بأسلوب عدواني وكرر الصراخ على خان عدة مرات.
وهدد كاميرون بأنه إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد قادة إسرائيليين، فإن بريطانيا ستقوم بـ”سحب تمويل المحكمة والانسحاب من نظام روما الأساسي”.
ولم يرد كاميرون على طلبات “ميدل إيست آي” للتعليق، كما رفضت وزارة الخارجية البريطانية الإدلاء بأي تصريح. في اليوم التالي للمكالمة مع كاميرون، كتب 12 سيناتورًا جمهوريًا، من بينهم ماركو روبيو الذي يشغل الآن منصب وزير خارجية إدارة ترامب، رسالة إلى خان حذروا فيها: “استهدفوا إسرائيل وسنستهدفكم”.
وهددوا بأنه إذا أصدرت المحكمة مذكرات توقيف ضد مسؤولين إسرائيليين، فإن الولايات المتحدة ستفرض “عقوبات على موظفيكم وشركائكم، وستمنعكم وعائلاتكم من دخول الولايات المتحدة”.
في 25 نيسان/ أبريل، كتب الصحفي البريطاني دوغلاس موراي في صحيفة نيويورك بوست أن خان سيطلب في “الأيام القليلة المقبلة” مذكرات توقيف لمسؤولين إسرائيليين، ولم تكن المذكرات معلنة بعد في ذلك الوقت. لكن العملية تأخرت أكثر عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 28 نيسان/ أبريل أنها ستسمح لخان بزيارة إسرائيل وغزة، وكانت مثل هذه الزيارة سابقة غير مألوفة بالنسبة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
أخبر توماس لينش، مساعد خان، المدعي بأن الزيارة ستتم، لكن خان أصر على الحصول على خطاب رسمي من الحكومة الإسرائيلية يمنحه إذنًا لزيارة غزة. في 1 أيار/ مايو، تلقى خان تهديدًا كبيرًا آخر خلال مكالمة فيديو مع كبار مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، والسيناتور ليندسي غراهام، ومجموعة من السيناتورات من الحزبين.
وفقًا لمواد اطلعت عليها “ميدل إيست آي”، قال غراهام لخان إنه إذا مضى قدمًا في إصدار مذكرات التوقيف “فمن الأفضل أن تطلق النار على الرهائن بنفسك” وأنهم “سيفرضون عليك عقوبات”.
وأضاف أن المحكمة الجنائية الدولية “مخصصة لأفريقيا ولأمثال بوتين، وليس للديمقراطيات مثل إسرائيل”. وأشار خان إلى هذا التصريح في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” مع كريستيان أمانبور في وقت صدور مذكرات التوقيف، لكنه لم يكشف عن اسم المسؤول الحكومي الذي أدلى به.
قال المحامي البريطاني أندرو كايلي، الذي أشرف على تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين، مؤخرًا لصحيفة ذا أوبزرفر إن غراهام كان “يصرخ في وجهنا”.
ومن جهته، لم يرد مكتب غراهام على طلب “ميدل إيست آي” للتعليق. في بيان لاحق، حيث زعم أن الاتهامات العلنية بسوء السلوك الموجهة ضد خان في ذلك الوقت قد ألقت بظلال أخلاقية على طلبه لمذكرات توقيف إسرائيلية، قال غراهام إن السيناتورات حثّوا خان على “احترام مبدأ التكاملية والانخراط بحسن نية مع المسؤولين الإسرائيليين قبل اتخاذ أي قرار بشأن كيفية المضي قدمًا ضد دولة إسرائيل”.
في صباح 2 أيار/ مايو 2024، وقبل أن يتم إبلاغ خان بالاتهامات الموجهة ضده، التقى ببيتر-ياب ألبيرسبرغ، المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب والأمن، المسؤول عن الأمن في هولندا، إلى جانب رئيس المحكمة الجنائية الدولية ونائب الرئيس والمسجل.
وكان هدف الاجتماع مناقشة الحاجة الملحة لتعزيز أمن المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى المعلومات التي تلقاها خان عن نشاط جهاز الموساد في لاهاي وتهديد أمني محتمل للمدعي العام وغيرهم من المشاركين في القضية.
وقال متحدث باسم مكتب المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب والأمن إن المكتب لا يمكنه التعليق على أي مسائل تتعلق بسلامة الأشخاص.
أشار تقرير صادر عن مكتب المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب والأمن حول التهديدات الدولية، نُشر في 17 تموز/ يوليو، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد هددتا المحكمة علنًا، وأن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على خان بسبب مذكرات التوقيف الصادرة ضد نتنياهو وغالانت.
وحذر التقرير من أن إجراءات إضافية قد تضر أو توقف عمليات المحكمة، كما أشار إلى أن كلا من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، التي تفحص حاليًا شكوى بشأن الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، هما “هدفان جذابان للتجسس والتأثير التخريبي من قبل عدد كبير من الدول”.
وفي 8 أيار/ مايو، وبعد أن أنهت آلية الرقابة الداخلية للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقها في اتهامات التحرش، كتب خان إلى ساكلين هيدرالي، رئيس الآلية حينها، ليبلغه بالتهديد المشتبه به من الموساد.
حيال ذلك، قال خان: “التوقيت مقلق بشكل خاص لأنه يأتي مع موجة من التهديدات الأخرى من مصادر متنوعة، بعضها علني وبعضها غير ذلك”.
وأضاف: “نظرًا للعامل الأمني وطبيعة التهديدات… أود نصيحتكم حول كيفية إدارة مخاطر وتهديدات الأمن بطريقة لا يمكن اعتبارها ردا انتقاميا. ومن البديهي، بالطبع، أنني لن أشارك في أي عمل انتقامي ضد أي فرد يتعلق بهذا الأمر أو بأي أمر آخر”.
بحلول 19 أيار/ مايو، أي قبل يوم من موعد سفر توماس لينش إلى إسرائيل تمهيدًا لوصول خان، لم تصل بعد الرسالة الرسمية من إسرائيل. ألغى خان الرحلة. وفي اليوم التالي، أعلن في بيان فيديو أنه يسعى للحصول على مذكرات توقيف ضد نتنياهو وغالانت، بالإضافة إلى قادة حماس يحيى السنوار، إسماعيل هنية، ومحمد الضيف – والذين توفوا جميعًا – بتهم ارتكاب جرائم حرب.
الشكاوى ضد خان
بحلول الوقت الذي أعلن فيه خان عن طلب مذكرات التوقيف، كانت هيئة التحقيق الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، آلية الرقابة الداخلية، قد أغلقت بالفعل تحقيقها الأول في اتهامات التحرش.
في 29 نيسان/ أبريل من السنة الماضية، أشار أحد زملاء خان إلى هذه الاتهامات في محادثة خاصة مع اثنين آخرين، أحدهما كان لينش، مساعد خان المقرب. وأبلغوه بالأمر في 2 أيار/ مايو، وأحال لينش الاتهامات إلى الآلية في وقت متأخر من 3 أيار/ مايو، وذلك وفقًا للمواد التي اطلع عليها “ميدل إيست آي”. لكن التحقيق تم إنهاؤه في 7 أيار/ مايو بعد أن قالت المرأة إنها لا ترغب في التعاون.
ومع ذلك، في تشرين الأول/ أكتوبر، بدأ حساب مجهول على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” في تداول تفاصيل الاتهامات.
وفقًا لما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، أرسل مصدر مجهول معلومات حول الاتهامات إلى الصحفيين عبر بريد إلكتروني تضمن أرقام هواتف المشتكية ولينش، إلى جانب الكلمة العبرية التي تعني “هواتف”.
وتضمنت الاتهامات، التي أوردتها الصحيفة مستندة إلى “تقرير مُبلغ عن مخالفات”، أن خان قام بـ”لمس المشتكية جنسيًا”، ووضع يده في جيبها، وطالب بالسماح له بدخول غرفتها في الفندق ليلا.
وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر، أفادت صحيفة “ميل أون صنداي” بأن بايفي كاوكورانتا، رئيسة جمعية الدول الأطراف، الجهة المشرفة على المحكمة الجنائية الدولية، أكدت صحة هذه الاتهامات.
فيما بعد، فتحت آلية الرقابة الداخلية تحقيقًا ثانيًا، لكنه أُغلِق خلال أيام بعدما أكدت المشتكية مجددًا عدم رغبتها في التعاون. وبعد فترة قصيرة، باشرت آلية التحقيقات الخارجية تحقيقًا خارجيًا بناءً على طلب كاوكورانتا، رئيسة الجمعية.
وفي أيار/ مايو من هذه السنة، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال لأول مرة عن تحقيقات يجريها مكتب التحقيقات الخارجية شملت اتهامات تتجاوز الاتهامات السابقة المتعلقة بالتحرش.
ذُكر أن المشتكية ادعت أن خان اعتدى عليها جنسيًا في عدة مناسبات، منها خلال بعثات خارجية مختلفة، وكذلك في لاهاي. وذكرت أن سوء المعاملة بدأ في آذار/ مارس 2023 واستمر لما يقارب السنة.
يمكن لـ”ميدل إيست آي” الكشف عن أنه خلال معظم الفترة التي تزعم فيها المشتكية تعرضها لسوء معاملة من خان، كانت تتعامل مع محققين خارجيين – وبموافقة خان – بشأن اتهامات بسلوك غير لائق منفصلة ضد مسؤول رفيع آخر في المحكمة. وفي صيف 2022، اتهمت المشتكية هذا المسؤول الآخر بسلوك غير مناسب تجاهها.
وعلم “ميدل إيست آي” أن خان أرسل رسالة إلى رئيسة الجمعية في 31 آب/أغسطس 2022 يثير فيها مخاوف المشتكية نيابة عنها. وبناءً على ذلك، عُين محققون خارجيون في تشرين الأول/ أكتوبر لفحص ادعاءات المشتكية.
واستمر التحقيق، الذي تعاونت معه المشتكية، حتى 11 كانون الأول/ ديسمبر 2023، حيث خلص المحققون إلى عدم وجود “سلوك غير مرضٍ” من قبل المسؤول الكبير قيد التحقيق. وهذا يعني أن العديد من الحالات التي اتهم فيها خان بالاعتداء على زميلته حدثت في نفس الفترة التي كانت تتعاون فيها مع هذا التحقيق الخارجي – وبموافقة خان.
ويذكر “ميدل إيست آي” أن المشتكية حافظت على علاقات ودية مع كل من خان وزوجته طوال الفترة التي زعمت فيها تعرضها لاعتداءات منتظمة من خان.
وقد وُجهت إلى خان اتهامات واسعة بالضغط على المشتكية لسحب اتهاماتها ضده. لكن الرسائل النصية المتبادلة بين المشتكية وخان بعد أن قدمت ادعاءاتها الأولى ضد المدعي، والتي اطلع عليها “ميدل إيست آي”، تثير تساؤلات حول هذه الاتهامات.
أرسلت المشتكية رسالة نصية إلى خان خلال إحدى البعثات الخارجية في نيسان/ أبريل 2024، حوالي الساعة الرابعة صباحًا، تسأله إذا كان يعجبه الفندق الذي يقيم فيه، وأنهت المحادثة بقولها: “أرسل رسالة عندما تستيقظ. سعيدة بالعودة إلى المهمة معك”. وكان ذلك قبل أقل من أسبوع من تقديمها أولى اتهامات التحرش ضد خان.
في 6 أيار/ مايو 2024، أرسلت رسالة نصية إلى المدعي تبلغ فيه أنها تواصلت مع آلية الرقابة الداخلية بعد أن أحال لينش ادعاءاتها إلى الهيئة. وقالت: “أخبرتهم أنني لا أرغب في الحديث”. فأجاب خان: “أنتِ دائمًا تحظين بدعمي وثقتي. أنا هنا إذا احتجتِ للتحدث. أو يمكنكِ التوجه إلى راسين [ممدو راسين لي، مستشار المدعي] أو النواب”.
وفي 8 أيار/ مايو، أرسلت المشتكية رسالة نصية أخرى إلى خان قالت فيها إنها لم تتعاون مع آلية الرقابة الداخلية، وأنها “لا تحب الدراما أو الألعاب – ولا أريد أن أكون جزءًا منها”.
وأضافت: “الجميع يفعل ما يشاء. أنا لا ألعب ولست بيدقا”. رد خان بأنها “تؤدي دورًا مهمًا في المكتب والمحكمة الجنائية الدولية”. وقال إنه يوافق على أن “بعض الألعاب الخطيرة جارية. سأترك الأمر عند هذا الحد”.
في 14 أيار/ مايو، أرسلت المشتكية رسالة نصية أخرى لخان قالت فيها إنها شعرت أن المحققين “يحاولون دفع ظهري إلى الحائط – وأنا لا أحب أن يُضغط عليّ”. وأضافت أن الأمر كان “كما لو أن الأرض تتحرك تحت قدميّ ولا أجد مكانًا لوضع قدميّ”، وأنها شعرت بأنها “بيدق في لعبة لا أريد أن ألعبها”.
في رده، قال لها خان: “أنتِ بالطبع حرة في فعل ما تظنين أنه صحيح ولدينا إجراءات… وإذا كنتِ بحاجة إلى وقت للراحة والتعافي والاعتناء بنفسك، فاعلمي أن لديكِ ذلك”. بعد عدة أشهر، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، اتصلت المشتكية بخان هاتفيًا، وكانت الاتهامات التي قدمتها في أبريل تنتشر على الإنترنت في ذلك الوقت. وسألها خان مرارًا ما إذا كانت تسجل المكالمة، لكنها نفت ذلك. وتسجيلها للمكالمة التي استمرت أكثر من ساعة، يعدّ من بين المواد التي اطلع عليها “ميدل إيست آي” والتي يُفهم أنها ذات صلة بتحقيق آلية التحقيقات الخارجية.
في التسجيل، لم توجه أي اتهامات إلى خان، بل اقترحت المرأة أن تأخذ إجازة بدون راتب أو تستقيل، وأن “تختفي بهدوء”. وحثها خان على عدم القيام بذلك، ونصحها بأخذ الإجازة المرضية المدفوعة التي تستحقها. ويُسمع خان وهو يحثها على ألا تخضع لأي ضغط من أي شخص “للقيام بشيء… أو عدم القيام بشيء”.
وقال خان: “إذا كان هذا التكهن بأنك ستتوجهين إلى رئيس جمعية الدول الأطراف وتطلبي تحقيقًا، فهذا صحيح”. وأضاف: “حينها سيكون هناك تحقيق، وهذا خيارك. وإذا لم ترغبي بذلك، فلا أحد يستطيع إجبارك، ومرة أخرى، هذا خيارك”.
ونصحها بعدم اتخاذ “قرارات متسرعة”، وسألها عما إذا كانت تشعر بالضغط. فأجابت: “إذا كنت تسأل عن شخص معين، فلا، لكنني أشعر بالضغط من الوضع نفسه”.
وفي وقت لاحق من المحادثة، سأل خان عما إذا كانت تنوي تقديم شكوى إلى الجمعية، وقال إن شخصًا ما تحدث “على ما يبدو نيابةً عنك” موحيًا بأنها تريد تحقيقًا آخر. فردت: “لا، من يمكن أن يكون؟ لأنني لا أتحدث مع أحد”.
علق خان بالقول إن هناك من “يثير الفوضى”. وجدد تأكيده أن للمشتكية “الحقوق الكاملة لفعل كل شيء”، لكنه قال إن من الخيارات أن تكتب إلى رئيس الجمعية لتؤكد عدم نيتها تقديم أي شكوى.
وأضاف: “هذه أمور تخصك، ويجب أن تتخذيها عندما تشعرين بأنك قادرة على ذلك”. وخلال المكالمة، سبع مرات يحث خان المشتكية على “التحسن”، وثماني مرات يقول لها: “اعتني بنفسك”، وتسع مرات ينصحها: “خذب وقتك”.
أرسل “ميدل إيست آي” قائمة طويلة من الأسئلة إلى المشتكية، تغطي موضوعات منها شكواها ضد خان، والشكوى التي قدمتها بدعمه ضد مسؤول آخر في المحكمة الجنائية الدولية، وصداقتها مع خان وزوجته، وتعليقاتها في الرسائل والمكالمة الهاتفية مع خان. فقالت: “بصفتي موظفة في المحكمة الجنائية الدولية، أنا ملزمة بالتزام السرية والنزاهة المهنية، لذلك لا أستطيع الرد على الأسئلة المطروحة أو تصحيح الأخطاء الواردة فيها”.
مع ذلك، قالت: “أرفض رفضًا قاطعًا التلميحات والتوصيفات الانتقائية المقدمة، التي هي غير دقيقة للغاية وتشوه سمعتي بوضوح وتهدف إلى تشويهي شخصيًا”.
وأضافت أنها تعاونت بالكامل مع تحقيقات الأمم المتحدة وامتثلت “لكل الالتزامات القانونية والمؤسسية”.
كما نفت وجود أي ارتباط بين شكواها ضد خان وتحقيق المدعي في إسرائيل، وقالت إنها ليست مرتبطة أو تعمل نيابة عن أي دولة أو جهة خارجية.
وقالت: “أواصل دعم جميع التحقيقات التي تخضع لولاية المحكمة كما كنت دائمًا. شكواي لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بتحقيق المحكمة في فلسطين. يمكن أن يكون هناك أمران صحيحان في الوقت نفسه، وليس لأحدهما أي صلة بالآخر”.
وأشارت إلى أن أحداث السنة الماضية كانت “مؤلمة جدًا ومدمرة على المستوى الشخصي”، وأثرت بشكل كبير على صحتها وسلامتها النفسية. وأضافت: “أود التأكيد أن كل ما حدث خلال السنة الماضية كان مؤلمًا جدًا ومدمرًا على المستوى الشخصي. لم أكسب شيئًا من هذه الأحداث، بل خسرت فقط”.
صداقة وثيقة جدا
كشف “ميدل إيست آي” عن الدور المحوري الذي لعبه توماس لينش، المستشار القانوني الأول في المحكمة الجنائية الدولية، والصديق والزميل القديم لكل من خان وزوجته. يعرف لينش ألاجيندرا لأكثر من 25 عامًا، وأفادت مصادر مقربة منهما لـ”ميدل إيست آي” بأنهما “يشتركان في تاريخ طويل من صداقة وثيقة جدًا”. كلف خان لينش، الذي كان يعمل كمساعد خاص له في مكتبه، بالتواصل مع إسرائيل بشأن تحقيق فلسطين.
في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وفي ختام زيارته إلى إسرائيل والضفة الغربية، صاغ خان بيانًا صحفيًا قبل صعوده على متن طائرة متجهة إلى نيويورك. لكن أثناء وجود خان في الجو، عرض لينش مسودة البيان على مسؤولين إسرائيليين، وأجرى عليها تعديلات كبيرة ثم نشرها قبل هبوط خان، وفقًا لمصادر ومواد اطلع عليها “ميدل إيست آي”.
كان البيان مختلفًا تمامًا عن مسودة خان ولغته المعتادة الحيادية، وأثار اتهامات واسعة بالتحيز لصالح إسرائيل. وصف البيان حركة حماس بأنها “منظمة إرهابية”، واستخدم لغة عاطفية، واصفًا هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر في جنوب إسرائيل بأنها “جرائم تصدم ضمير الإنسانية”.
ولم تُستخدم مثل هذه الخطابات لوصف العنف الذي مارسته القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة. ذكر موظفون سابقون في مكتب المدعي أن خان كان غاضبًا من تعديل البيان ونشره دون علمه، وقال في البداية للينش إنه يجب سحبه. وحسب المواد التي اطلع عليها “ميدل إيست آي”، طلب لينش مساعدة ألاجيندرا لإقناع زوجها بعدم سحب البيان، وشكرها في اليوم التالي على دعمها. ولم يكن خان راضيًا عن توريط لينش لزوجته في الأمر.
وعند سؤاله عن هذه الحادثة وغيرها من الأمور المثارة في المقال، قال لينش لـ”ميدل إيست آي”: “كما تعلمون، هناك تحقيق سري جارٍ في هذا الشأن يحد من حقي في الرد”.
وصف لينش الأسئلة التي وجهها “ميدل إيست آي” بأنها “زائفة ومضللة”، دون تقديم أي توضيحات إضافية. عارض لينش قرار خان بملاحقة أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت، وأخبر ألاجيندرا في 20 نيسان/ أبريل 2024 أن ذلك سيؤدي إلى “عواقب خطيرة”.
في فعالية بمدينة لاهاي، أخبر لينش ألاجيندرا أن قرار خان بالسعي للحصول على أوامر الاعتقال “لم يكن حكيمًا”، مشيرًا إلى وجود “طرق أخرى للمضي قدمًا”، ووصف قضية فلسطين بأنها “أصعب ملف تعاملت معه على الإطلاق”.
في 3 أيار/ مايو، أقنع لينش خان بتأجيل طلب أوامر الاعتقال لأن إسرائيل وافقت على السماح للمدعي العام بزيارة غزة.
لكن بالرغم من العديد من التأكيدات الشفهية بأن الرحلة ستتم، لم تصل الرسالة الرسمية الموعودة من الحكومة الإسرائيلية التي تمنحه الوصول. كما لعب لينش دورًا مهمًا في العملية التي أجبرت خان على أخذ إجازة. فقد أشعل لينش التحقيق الأولي الذي أجراه مكتب موظفي المنظمة الدولية حول ادعاءات التحرش ضد خان في أيار/ مايو 2024، بعدما طلب منه خان اتباع الإجراءات الرسمية.
في 4 أيار/ مايو، وبعد وقت قصير من بدء التحقيق، التقت ألاجيندرا بلينش. ووفقًا للمواد التي اطلع عليها “ميدل إيست آي”، أعرب لينش خصوصًا عن شكوكه حول الادعاءات واعتبر توقيتها “مثيرًا للريبة”.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الشهر الماضي أن لينش قال في بيان للمحققين التابعين للأمم المتحدة إن ألاجيندرا هددته خلال الاجتماع، وأخبرته بأنها سمعت أنه على علاقة “غير مناسبة” مع زميل له. وقال لينش، وفقًا للبيان: “في تلك اللحظة، بدأت أعتبر تعليقاتها تهديدًا وشعرت بعدم ارتياح كبير”.
نفت ألاجيندرا هذه الاتهامات بشكل قاطع قائلة: “لنكن صادقين – أشك كثيرًا أن توم [لينش] يصدق حقًا أنني هددته. إنها رواية مناسبة لكنها غير موثوقة”.
بعد نشر مزاعم الاعتداء الجنسي ضد خان في أيار/ مايو من هذه السنة توجه لينش إلى رئاسة المحكمة الجنائية الدولية في محاولة لتعليق المدعي العام. حث لينش الرئاسة على بدء إجراءات تسمح لدول أعضاء المحكمة بالتصويت رسميًا لتعليق خان.
وعندما فشل هذا المسعى، تواصل لينش مع نائبي الرئاسة وحثهما على تقديم نفس المطلب إلى الرئاسة. وجاء ذلك بعد تسريبات تفيد بأن خان كان يستعد لطلب أوامر اعتقال لمسؤولين إسرائيليين آخرين.
وسط هذا الاضطراب الداخلي، تم اتخاذ القرار بأن يأخذ خان إجازة أثناء استمرار التحقيق. وفي بيان أصدره محامو خان آنذاك، قالوا: “قرر موكلنا أخذ فترة إجازة، لا سيما بسبب التركيز الإعلامي غير الدقيق والتكهنات التي تؤثر على قدرته في التركيز بشكل صحيح على عمله.
يعترف بعض العاملين داخل المحكمة بأن إدارة خان لتحقيق فلسطين، وملاحقته لمسؤولين إسرائيليين كبار، كان أمرًا مثيرًا للانقسام داخل أروقة المحكمة والمجتمع القانوني الدولي المتماسك في لاهاي. وينتقد بعضهم داخل النظام أن خان كان ينبغي أن يستهدف مسؤولين أدنى رتبة، ويتساءلون عما إذا كان قد اعتمد بشكل مفرط على الأدلة المتاحة للعامة بدلًا من الشهود المطلعين في بناء قضيته.
أخبرت إحدى المحاميات في المحكمة الجنائية الدولية، التي سبق أن عملت عن كثب مع خان، “ميدل إيست آي”: “هناك مجموعة كاملة من الأشخاص داخل المحكمة كانوا يعملون ضد كريم خان، وسعوا للعثور على شيء ضده منذ وقت طويل قبل أن يبدأ فريقه عملية طلب أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت”.
وأضافت أنها تلقت اتصالًا في أيار/ مايو2024 من شخص سألها عما إذا كان خان قد تصرف بطريقة غير لائقة تجاهها يومًا. وقالت: “أخبرتهم أنه آخر شخص في قائمتي من الرجال الذين قد يفعلوا ذلك. لقد عملت معه عن قرب، ولم أشعر ولو للحظة بأنه قد يفعل شيئًا من هذا القبيل”.
وأوضحت المحامية أن خلاف لينش مع خان بشأن القضية كان معروفًا داخل المحكمة، حيث اتخذ الرجلان مواقف مختلفة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك حسب قولها.
وقالت: “[لينش] صرح بصراحة للناس في المحكمة أن ملاحقة إسرائيل، وخصوصًا قادتها، ستكون فكرة سيئة لأن المحكمة قد تفقد داعميها، وأن لإسرائيل حقًا في الدفاع عن نفسها. أفهم أن خلافهما تصاعد في 2024 وكان واضحًا جدًا داخل المحكمة”.
اجتماع الفندق
في مساء الأول من أيار/ مايو، قبل أسبوعين فقط من الأحداث التي أدت إلى أخذ خان إجازة، جلس المدعي العام مع زوجته وصديق قديم ومحامٍ زميل على طاولة في مطعم فندق ديز إنديز في لاهاي.
نيكولاس كوفمان هو محامٍ دفاعي في المحكمة الجنائية الدولية، ويعمل حاليًا على تمثيل رودريغو دوتيرتي، الرئيس السابق للفلبين، الذي يواجه محاكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب وفاة آلاف الأشخاص خلال ما يسمى “حرب المخدرات” التي قادها.
وفقًا لمذكرة الاجتماع المسجلة في المحكمة ورُفعت إلى “ميدل إيست آي”، كان كوفمان قد راسل خان قبل عدة أيام ليقترح اجتماعًا لمناقشة ما وصفه بـ “رؤية حول العقلية الإسرائيلية تجاه الوضع الحالي للتقاضي”.
قال كوفمان لخان إنه تلقى اتصالًا من صحفي في صحيفة وول ستريت جورنال، ورفض التعاون معه، لكنه تحدث معه مطولًا عن فلسطين لأن الصحفي سمع أنه يقدم المشورة لغالانت. وأوضح كوفمان أنه غير مهتم بمناقشة “الاتهامات الفاضحة التي يثيرها الناس”، وعبّر عن تعاطفه مع خان بسبب “اضطراره للتعامل مع الثعابين المختبئة في مكتبه”.
قبل يوم من الاجتماع، أرسل كوفمان رسالة أخرى لخان ليخبره أنه تحدث مع روي شوندورف، المستشار القانوني لنتنياهو.ووفقًا للمذكرة، قال كوفمان لخان إنه كان يجب عليه استهداف “المشتبه بهم من المستويات الدنيا”، وأضاف أن توجيه الاتهامات لنتنياهو وغالانت كان بمثابة “اتهام لإسرائيل بأكملها”. مرة أخرى، أخبر كوفمان خان أنه تحدث مع شوندورف، ثم قال إنه يملك اقتراحًا “مفوّضًا” لتقديمه، وهو طريقة، كما ورد في المذكرة، تسمح لخان بـ “النزول من الشجرة”.
اقترح كوفمان أن يعيد خان تصنيف أوامر الاعتقال على أنها سرية، مما سيسمح لإسرائيل بمواجهتها بصورة خاصة. سأل خان كوفمان لماذا لا «”تتابع إسرائيل مبدأ التكامل”، الذي يعني التحقيق في جرائم الحرب المزعومة في المحاكم الإسرائيلية المحلية.
قال كوفمان إن ذلك مستحيل، لكنه اقترح على خان أن يقدم أدلة في “عملية غير جنائية وغير تحقيقية”. لكنه حذّر من أن كل الخيارات ستكون “مغلقة” إذا تبين أن خان طلب أوامر اعتقال إضافية لمسؤولين إسرائيليين، أو إذا لم تُسحب الأوامر ضد نتنياهو وغالانت. ووفقًا للمذكرة، قال كوفمان لخان: “سيدمرونك ويدمرون المحكمة”.
ورد في المذكرة أن زوجة خان قالت له بعد الاجتماع: “كان تهديدًا واضحًا”، وكان يتفق معها على ذلك. وفي ردّه على أسئلة “ميدل إيست آي”، قال كوفمان: “لم يكن هناك أي تهديد على الإطلاق”. وقال لـ”ميدل إيست آي”: “بصفتنا أصدقاء، كنا نعرف بعضنا البعض لسنوات، فشعرت بالحرية لأعبر له عن وجهة نظري الشخصية حول الوضع في فلسطين والقضية ضد المسؤولين الإسرائيليين التي شعرت بأنها ألحقت سمعة سيئة بالمحكمة”.
أكد كوفمان أنه تحدث مع شوندورف قبل لقاء خان، لكنه قال إن الرجلين “يتبادلان النميمة كثيرًا عن المحكمة الجنائية الدولية”. وأوضح أنه لا يقدم المشورة لغالانت.
وقال كوفمان لـ”ميدل إيست آي”: “لا أنكر أنني قلت للسيد خان إنه يجب أن يبحث عن طريقة ليخرج بها من أخطائه. أنا لست مفوضًا لتقديم أي اقتراحات نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، ولم أفعل ذلك”.
وتجدر الإشارة إلى أن مكاتب نتنياهو أو شوندورف لم ترد على طلب “ميدل إيست آي” للتعليق. وحاليًا، يتولى نواب خان متابعة تقدم ومستقبل تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة، في انتظار نتائج تحقيق مكتب خدمات المراجعة الداخلية.
في 27 أيار/ مايو، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن خان كان يستعد، قبل إجازته، لطلب أوامر اعتقال جديدة ضد بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الحليفين اليمينيين المتشددين لنتنياهو في حكومته الائتلافية، بسبب أدوارهما في توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
وسواء تم تقديم تلك الطلبات أم لا، لم يعد ذلك من الأمور المعروفة للعامة بعد أن أصدرت المحكمة مؤخرًا قرارًا بمنع الإعلان عن أي أوامر اعتقال إضافية. ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال: “يشكك بعض المسؤولين والخبراء القانونيين في أن المحكمة ستستمر في المضي قدمًا دون وجود مدعٍ عام رئيسي في منصبه، نظرًا للمخاطر السياسية المحتملة التي قد تنجم عن مثل هذه الملاحقة القضائية”.
مع ذلك، لا يزال الضغط يتصاعد على مكتب المدعي العام وعلى المحكمة نفسها.
قال كوفمان في بودكاست بتاريخ 8 حزيران/ يونيو إن العقوبات الأمريكية الأخيرة على أربعة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية “تهدف إلى دفع التراجع عن أوامر الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع السابق غالانت”.
وأضاف كوفمان: “بناءً على ذلك، يعتقد معظم المعلقين أن [عقوبات القضاة] تمثل تحذيرًا إضافيًا، إن صح التعبير، قبل فرض عقوبات على نواب المدعين الذين تولوا مهامهم بعد رحيل كريم خان، الذي أخذ إجازة طوعية على خلفية مزاعم سوء السلوك الجنسي”.
منذ فرض العقوبات الأمريكية عليه في شباط/ فبراير، أُلغيت تأشيرة خان الأمريكية، ومنعت زوجته وأولاده من السفر إلى الولايات المتحدة، كما جُمدت حساباته المصرفية وأُلغيت بطاقاته الائتمانية في المملكة المتحدة.
ولا يزال من غير الواضح متى سيتم الانتهاء من نتائج تحقيق مكتب خدمات المراجعة الداخلية في الشكوى المقدمة ضده. وعند الاتصال برئاسة الجمعية العامة للدول الأطراف، أحال “ميدل إيست آي” إلى تصريحاتها العلنية، مشيرا إلى أن نتائج التحقيق ستتم معالجتها “بشفافية فور الانتهاء منه”.
في بيان صدر في 24 حزيران/ يونيو، أوضحت رئاسة الجمعية أن تقرير التحقيق، عند استلامه، سيُقيَّم من قبل لجنة خارجية تضم خبراء قضائيين، مضيفة أن عمل اللجنة، الذي سيرشد “النظر في الخطوات المناسبة التالية”، سيتم على أساس “سري”.
لكن أحد قضاة المحكمة الجنائية الدولية السابقين قال لـ”ميدل إيست آي” إنه “منزعج بشدة، بل ومستاء للغاية من الطريقة التي تتطور بها مجريات القضية ضد كريم خان”.
وفي تصريح لـ”ميدل إيست آي”، أوضح كارلو تارفسر، الذي خدم في المحكمة بين 2009 و2019، أنه يعتقد أن خان يُجبر على دفع ثمن “استقلاليته ونزاهته الفكرية، إلى جانب مناعته ضد التدخلات الخارجية”.
وفي السياق ذاته، أعرب قاضٍ سابق آخر بالمحكمة، متحدثًا شريطة عدم الكشف عن هويته، عن قلقه العميق إزاء الطريقة التي وُضع فيها خان كموضوع لشكوى تبدو مخالفة لحقه في الخصوصية، إضافة إلى غياب الإجراءات القانونية الواجبة، مما حول التحقيق إلى “أرض عصابات”.
وطالب هذا القاضي بالتحقيق في مخاوف التدخل في عمل مكتب المدعي العام، إلى جانب النظر في الشكوى المقدمة ضد خان.
وفي الوقت ذاته، تجد المحكمة نفسها في موقف حرج. ففي تهديد إضافي للمحكمة الشهر الماضي، حذر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية، ريد روبنشتاين، من أن “جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة” ما لم تُلغ جميع أوامر الاعتقال والتحقيقات المتعلقة بجرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة.
وقال مصدر مطلع في لاهاي لـ”ميدل إيست آي”: “كانت إسرائيل بحاجة إلى إخراج كريم قبل صدور الأوامر الجديدة”.
وأضاف: “الآن، أي شخص يجرؤ على التحدث نيابة عنه سيُعتبر متواطئًا في العنف الجنسي”. وتابع: “من الواضح أن هناك حملة تهدف إلى سحب أمر الاعتقال ضد نتنياهو، وإذا نجحت هذه الحملة، فسيكون ذلك تدميرًا للمحكمة الجنائية الدولية”. وختم المصدر بالقول: “وسيكون ذلك نهاية النظام القائم على القواعد”.