من هو الرجل المقنع في حفل افتتاح أولمبياد باريس؟
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
تابع المشاهدون حول العالم تلك الشخصية الملثمة الغامضة في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، أمس الجمعة 26 يوليو/تموز، وظهرت على نهر السين وفي العديد من الأماكن الرمزية في العاصمة باريس.
وبينما كانت وفود الرياضيين من جميع البلدان تستعرض على المراكب على نهر السين، إذ عبرت هذه الشخصية المقنعة والغامضة من أوسترليتز إلى برج إيفل وقفزت من سطح إلى سطح والشعلة الأولمبية في يدها، لتنسج خيطا بين المشاهد المختلفة التي اختارها المنظمون لرواية قصة التاريخ والثقافة الفرنسية.
انتهت مهمة الرجل الغامض أمام مدرجات تروكاديرو بتسليم الشعلة إلى أسطورة كرة القدم الفرنسية زين الدين زيدان أمام الرياضيين ورؤساء الدول ثم اختفى إلى الأبد وبقيت هويته سرية حتى النهاية.
من هو؟ من أين يأتي؟ أسئلة كثيرة طرحها المتفرجون والمشاهدون مساء الجمعة خلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.
لقد استوحت شخصية الرجل الغامض وملابسه من "أرنو" إحدى شخصيات سلسلة ألعاب الفيديو أساسنز كريد (Assassin’s Creed) أو "عقيد الاغتيالي"، والتي تدور أحداثها في باريس.
وقامت شركة يوبيسوفت الفرنسية والمطورة للعبة بنشر مقتطف من اللعبة معلقة "راقب أسطح المنازل قد يكون أرنو يراقب من الأعلى"، مما أقنع أخيرًا بعض مستخدمي الإنترنت بصحة نظريتهم.
لم يكشف الرجل الغامض عن وجهه في النهاية أهو رجل أم إمراة؟ أهو شخص واحد أم مجموعة أشخاص قاموا بالدور ذاته، وانتشرت التكهنات والتعليقات الساخرة مثل، هل توم كروز في مهمة سرية؟ هل هو شخصية سياسية؟.
وبعد نهاية حفل افتتاح أولمبياد باريس، ظهرت بعض الأدلة والقرائن على شبكات التواصل الاجتماعي، لتكشف عن هوية بعض الأشخاص الحقيقيين المتخفين تحت الزي الأسود والأبيض.
لقد نشر سيمون نوغيرا، أخصائي رياضة الباركور (تخصص عبور العقبات والعوائق في البيئات الحضرية أوالطبيعية) قصة في حسابه على إنستغرام "من الواضح أنني لم أكن في كل مكان"، ثم سارع بحذفها"، مما يؤكد أنه لم يكن هناك شخصا واحدا بل عدة شخصيات مقنعة.
وتأكيدا بوجود عدة شخصيات مقنعة، نشر كليمان دوميس، الفائز ببطولة العالم للباركور عام 2019، على إنستغرام "أتمنى أن تكون قد استمتعت بهذا الحفل.. "إجمالا، كان هناك 12 شخصًا للقيام بدور الشخصية الملثمة".
J'espère que cette cérémonie d'ouverture vous a plu ???? https://t.co/qNSNoE8Ze5
— Clément Dumais (@ClementHTR) July 26, 2024
وذكرت صحيفة ليكيب الفرنسية أن الشخصية المقنعة التي أحضرت العلم الأولمبي على ظهر حصان حديدي، كانت فلوريان إيسرت، وهي ضابطة صف في الدرك الفرنسي.
واعتقد الحاضرون أن الشخصيات الغامضة سيكشف عنها النقاب جميعها بعد انتهاء مهتهم في تسليم الشعلة الأولمبية إلى النجم زيدان لكن ذلك لم يحدث!.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حفل افتتاح
إقرأ أيضاً:
السودان الرجل الصالح .. والله في !
الإقصاء الأمريكي لبريطانيا من ملف السودان وتداعياته الجيوسياسية
في خطوة تحمل دلالات عميقة، أبعدت الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا عن ملف السودان في اجتماعات “الرباعية” المعنية بالشأن السوداني، والتي تضم كلاً من الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات. ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو تكتيكية في ظاهرها، إلا أن خلفها قراءة استراتيجية تُعبر عن تحوّل في موازين التأثير الغربي في المنطقة، وربما تعكس رغبة أمريكية في احتكار مفاتيح التغيير والتحكم بالمشهد السوداني بعيدًا عن “شريكها التاريخي” الذي كان يحتل السودان بالأمس القريب.
أولاً: السياق التاريخي والرمزية
بريطانيا ليست مجرد دولة أوروبية عادية في ما يخص السودان، بل هي الدولة التي استعمرت السودان منذ عام 1898 عبر الحكم الثنائي (الإنجليزي-المصري)، وشكلت جزءاً محورياً في تشكيل بنيته السياسية والإدارية، وأخرجته إلى الاستقلال على طريقة “الفخاخ المزروعة” كما حدث في تقسيم الجنوب، وتكريس المركزية، وتمكين النخب التابعة. هذا الإرث لا يمكن عزله عن أي محاولة لفهم علاقة بريطانيا بالسودان أو تحليل موقعها في أي ترتيبات دولية تخصه.
وبالتالي، فإن إقصاءها بهذه الطريقة من الرباعية، ليس مجرد مسألة “تنظيم طاولة” بل إشارة ناعمة من واشنطن مفادها أن زمن لندن في الخرطوم قد ولّى، وأن الهيمنة على قرار السودان الإقليمي والدولي بات أمريكياً صرفاً، ولو بشراكة شكلية مع حلفاء من “الصف الثاني”.
ثانيًا: الرد البريطاني.. اعتراف بفلسطين
ولأن الدول لا تصمت طويلاً على الإهانة الدبلوماسية، جاء الرد البريطاني سريعًا ومفاجئًا: اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية. وهو اعتراف يبدو في ظاهره “دعمًا للعدالة وحقوق الشعوب”، لكنه من منظور العلاقات الدولية ليس إلا ورقة ضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل، ومحاولة لاستعادة بعض الوزن الأخلاقي والاستراتيجي الذي فقدته بريطانيا في المنطقة.
ومن سخرية القدر أن هذه هي ذات بريطانيا التي منحت إسرائيل “الحق في وطن قومي” عبر وعد بلفور المشؤوم في 1917، أي أنها الدولة التي زرعت بذرة الأزمة، وتأتي اليوم لتعلن -بكل صفاقة سياسية– أنها تحاول إنصاف الشعب الفلسطيني. هذا الاعتراف ليس أكثر من محاولة لترميم موقعها في الشرق الأوسط، بعد أن أخرجتها واشنطن من بوابة السودان.
ثالثًا: ترامب والتبسيط الرأسمالي للسياسة
أما دونالد ترامب، التاجر الذي تسلل إلى البيت الأبيض، فقد مثّل قطيعة أخلاقية وعقلية عن مسار الدبلوماسية الأمريكية الكلاسيكية. لم يكن يرى العالم إلا من نافذة الصفقات: صفقة القرن، صفقة التطبيع، صفقة الانسحاب… رجل أعمال بقالة أكثر من كونه رجل دولة، اختزل قضايا الشعوب ودماءها في أرقام وإيصالات شراء.
سياسات ترامب كانت ولا تزال جزءًا من هذه الفوضى الموجهة التي أفضت إلى تعقيد المشهد السوداني والإقليمي، عبر ترك ملفات ملتهبة دون معالجة جذرية، بل وإشعال بعضها بهدف ابتزاز الحلفاء واستنزاف الخصوم.
خاتمة: الصراع ليس على السودان فقط
ما يحدث اليوم ليس مجرد تنافس دبلوماسي حول السودان، بل هو صراع على النفوذ في قلب أفريقيا، في منطقة تقاطع الموارد والثورات والصراعات. إبعاد بريطانيا من ملف السودان قد يبدو انتصاراً أمريكياً تكتيكياً، لكنه في حقيقته فتح الباب أمام تحالفات جديدة، وتحركات انتقامية ناعمة، كاعتراف لندن بفلسطين.
وبين طموحات واشنطن، وردود لندن، وارتجال ترامب، لن يكون السودان هو الضحية، ولن تُعاد صناعته خارج حدوده، ولن تُرسم له الأقدار على طاولات لا وجود لممثليه فيها، ولن تُختبر عليه معادلات النفوذ العالمي، ونحن سنرسم وطننا وحدنا .
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد