جرمين عامر تكتب: «ريد فلاج» بتغيير «كاريير» الإنفلونسر
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
بينما نحن نجاهد لتحقيق نجاح مهنى، ونسعى للحصول على ترقيات صغيرة تتواكب مع الجهد الشاق والعمل لتعميق «المحفظة المهنية» Career Portfolio الخاصة بنا، ومن ثم تعزيز مهاراتنا وخبراتنا الوظيفية، إيماناً بنظرية تشارلز هاندى، خبير السلوك التنظيمى، نجد سكان كوكب المؤثرين نجوم «فود بلوجر» وملكات «بادى كير» يجلسون على مقاعدهم الوثيرة، يشربون قهوتهم الفاخرة ويستعرضون عبر صفحاتهم على السوشيال ميديا أحدث المنتجات، ويطلقون النصائح الذهبية من أجل حفنة متابعين ومزيد من الكاشات.
وبالطبع فهم لا يفعلون ذلك بناء على إبداع وعبقرية تسويقية وفهم عميق لجمهور المتابعين، إنما لأنهم يتمتعون بذكاء ابتكارى يمكنهم من تسليط الضوء على منتج أو خدمة ما، فيؤثرون على قرار 15% من المتابعين ويحفزونهم لاتخاذ قرار الشراء بناء على تجربة ومصداقية e-word-of-mouth الإنفلونسر.
وهنا يبرز سؤال مهم: لماذا بعد كل هذا النجاح الباهر والإبداع الوظيفى والشهرة والكاشات يقدم الإنفلونسر على خطوة «شيفت كاريير» Shift Career؟!.
الحقيقة ببساطة أنه بذكائه الحاد، وقرون استشعاره الممتدة عبر مؤشرات صفحاته على السوشيال ميديا Insights، رصد مجموعة الإشارات الحمراء الـ«Red flags» التى تشير إلى عزوف متابعينه، معلناً قرب انتهاء شعبيته أو تغيير فى خوارزميات منصات التواصل الاجتماعى ليفقد تأثيره تدريجياً على جموع متابعينه، فيقرر تغيير «كاريير» Shift Career، بالإضافة إلى بعض الأسباب الأخرى، منها الرغبة فى الاستقرار المالى والحصول على دخل ثابت، والبحث عن فرص للتطور الشخصى والمهنى، فيبحث عن بيئة عمل أقل توتراً، مع إدراك أهمية الخصوصية، الرغبة فى مزيد من التغيير والإبداع، فضلاً عن أسباب شخصية مثل فقدان الشغف والرغبة فى اعتزال الشهرة.
وهنا رصد كوكب المؤثرين 8 مجالات عمل أكثر شيوعاً بين الإنفلونسر هى: ريادة الأعمال: يشرع عدد من المؤثرين فى تدشين البيزنس الخاص بهم مثل خطوط الأزياء، منتجات التجميل، منتجات اللياقة البدينة، منتجات تحمل علامتهم التجارية، وكذلك الإعلام والترفيه، حيث ينتقل عدد من المؤثرين إلى القنوات الإعلامية التقليدية مثل التمثيل وتقديم البرامج التليفزيونية والإذاعية.
وهناك أيضاً التحدث العام والتدريب، حيث يشارك عدد من المؤثرين تجاربهم وآراءهم الشخصية بين جموع المتابعين بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعى الافتراضية من خلال الأحداث والمؤتمرات واللقاءات وورش العمل والندوات ويحصدون من خلالها نجاحاً كبيراً وتأكيداً لقدرتهم على التأثير الجمهورى.
هناك كذلك الكتابة والنشر، حيث اتجه بعض المؤثرين من أصحاب المواهب فى الكتابة والشعر والتأليف إلى منصات التواصل الاجتماعى لنشر مؤلفاتهم؛ رغبة فى زيادة عدد المتابعين وكسب مزيد من حرية التعبير، بالإضافة إلى الاستشارات وسفراء العلامات التجارية، فى حين فضل عدد من الإنفلونسر العمل كمستشارين تسويقيين لبعض العلامات التجارية سواء المحلية أو الدولية، وتخصصوا فى وضع الاستراتيجيات التسويقية والعمل كسفراء للعلامات التجارية، الأمر الذى يسهم فى نشر الوعى المجتمعى بهوية العلامة التجارية وجذب مزيد من العملاء والمتابعين، كذلك تقوية أواصر ولاء العملاء.
من بين المجالات الأخرى؛ العمل الخيرى، حيث استخدم بعض المؤثرين نفوذهم وقدرتهم على التأثير الجماهيرى سواء عبر منصات التواصل الاجتماعى أو الأحداث التفاعلية المباشرة لمناصرة عدد من القضايا الاجتماعية والبيئية مثل نشر الوعى البيئى، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتنشيط السياحة الخضراء المستدامة.
وكذلك التوجه نحو دعم المنظمات الأهلية غير الهادفة للربح وأنشطتها الخيرية، وهناك أيضاً التعليم، حيث نفذ بعض المؤثرين إلى المجال التعليمى عقب قرار Shift Career بالتحديد فى اللياقة البدنية والطبخ وتنظيم المنزل، إلى جانب التسويق والإعلان، ولأن ذكاء الإنفلونسر لا يتوقف، ورغبتهم فى توظيف تأثيرهم لتسويق المنتج أو الخدمة مستمرة، لذلك قاموا بإنشاء شركاتهم الخاصة للعمل فى هذا المجال بشكل أوسع وأعمق.
ومن هنا، حرص كوكب المؤثرين على رصد أهم التحديات التى تواجه الإنفلونسر عندما يشرع فى Career Shift أو تغيير مساره الوظيفى، وهى: التنافسية العالية: فمع زيادة عدد المؤثرين، وانحصار مسارهم الوظيفى فى مجالات محددة، تصبح المنافسة أعلى وأشد لجذب الانتباه والرعاية التجارية، وهناك تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والحياة المهنية، فعلى الرغم من رغبة الكثير من المؤثرين فى الحفاظ على خصوصيتهم، فإن المشاركة المستمرة لحياتهم اليومية تشكل تحدياً كبيراً.
هناك أيضاً الرغبة المستمرة فى الابتكار، فهؤلاء النجوم أدركوا أن سلاح الابتكار هو أساس شهرتهم وأساس نفوذهم لجموع المتابعين، لذلك فهم دائمو البحث عن محتوى ابتكارى جديد يدعم وجودهم المستمر على السوشيال ميديا سواء من خلال الإنفلونسر شخصياً أو من خلال شركته، ما يضع المؤثرين تحت ضغط دائم للتجديد والإبداع، إلى جانب التعامل مع الانتقادات.
التفاعل المستمر مع الجمهور يعتبر من أهم قواعد إعلام المؤثرين، وقد يتعرض الإنفلونسر فى بعض الأحيان إلى انتقادات سلبية أو تعليقات مسيئة، وعليه أن يتعامل معها وفقاً لقواعد اللياقة، الأمر الذى قد يؤثر سلباً على صحته النفسية.
الاستقرار والاستدامة المالية: يمثل الدخل الثابت والمستدام عاملاً أساسياً فى حياة الإنفلونسر، وأحياناً قد يكون صعباً، خاصة مع تغيرات خوارزميات منصات التواصل الاجتماعى مثلما حدث مؤخراً فى منصة الإنستجرام، وإدارة الوقت وتوزيعه بين الإنتاج، إعداد المحتوى، والنشر، يمكن أن يكون مرهقاً ويحتاج إلى تخطيط جيد من قبَل الإنفلونسر، وأخيراً الالتزامات القانونية والضريبية.
الفهم الجيد للحقوق والواجبات وإدارة الالتزامات القانونية والضريبية أصبح مهمة أساسية للمؤثرين، فمنهم من يؤديها بنفسه، ومنهم من يقوم بتوظيف متخصص لمتابعة العقود والالتزامات.
* عضو اتحاد الإعلاميين العرب
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: البنوك الشركات العمل الخيرى من المؤثرین عدد من
إقرأ أيضاً:
د. منال إمام تكتب: الدبلوماسية الثقافية.. أداة إستراتيجية لحماية الأمن القومي المصري
في المقال السابق، سلطتُ الضوء على الدبلوماسية الثقافية بوصفها إحدى أنبل أدوات القوة الناعمة، وتشمل الفنون والتعليم والدين، لتقيم جسورًا من التفاهم والتقارب بين الشعوب، وتعزز من صورة الدولة في الوجدان العالمي، وتخدم مصالحها بعيداً عن صخب السياسة. واستجابةً لما وردني من اقتراحاتٍ من قراءٍ أعزاء وأصدقاء كرام، أضع بين أيديكم اليوم رؤية عملية تتضمن خطوات واقعية لتعظيم دور الدبلوماسية الناعمة، وتفعيل أثرها في خدمة الأمن القومي المصري.
أولًا: تحويل المقومات الثقافية المصرية إلى أدوات استراتيجية
(أ) مواجهة الفكر المتطرف بالفكر المستنير، الجهات المسؤولة: (الأزهر، وزارة الأوقاف، وزارة الخارجية) الخطوات العملية:
• زيادة عدد المبعوثين الأزهريين إلى الدول الإفريقية والآسيوية ذات القابلية للتطرف.
• إنشاء منصات إلكترونية متعددة اللغات لنشر الفكر الوسطي الأزهري.
• تنظيم مؤتمرات دولية للحوار الديني تستضيفها مصر وتُبث عالميًا.
• تخصيص منح دراسية لطلاب من مناطق متأثرة بالتطرف لدراسة العلوم الإسلامية والإنسانية في مصر.
ثانيًا: تعميق العلاقات الثقافية مع إفريقيا والعالم العربي، الجهات المسؤولة:( وزارة الثقافة، وزارة الخارجية، الهيئة العامة للاستعلامات)
الخطوات العملية:
• فتح مراكز ثقافية مصرية جديدة في 10 عواصم إفريقية وعربية خلال 3 سنوات.
• تنظيم أسابيع ثقافية متنقلة (فنية، تراثية، موسيقية) في الدول المستهدفة.
• دعم مشاركة الفنانين المصريين في مهرجانات دولية تحمل البعد الإفريقي والعربي.
• إنتاج أفلام وثائقية عن الروابط التاريخية والثقافية بين مصر وإفريقيا تُترجم وتُعرض محليًا في تلك الدول.
ثالثًا: تعزيز الدبلوماسية التعليمية – صناعة حلفاء المستقبل، الجهات المسؤولة: (وزارة التعليم العالي، الجامعات المصرية، وزارة الهجرة)
الخطوات العملية:
• توسيع برنامج المنح الدراسية الموجهة للطلاب من إفريقيا والدول العربية.
• إنشاء مكتب "رعاية الخريجين الأجانب" للتواصل المستمر معهم بعد العودة لبلدانهم.
• تنظيم "الملتقى السنوي لخريجي الجامعات المصرية" بالتعاون مع السفارات المصرية بالخارج.
• إدخال مواد عن "الهوية والثقافة المصرية" ضمن البرامج الموجهة للطلبة الأجانب.
رابعًا: ربط الجاليات المصرية بالخارج بالهوية الوطنية، (الجهات المسؤولة وزارة الهجرة، وزارة الثقافة، الهيئة الوطنية للإعلام)
الخطوات العملية:
• تنظيم مهرجانات ثقافية سنوية للجاليات المصرية (بداية في 5 دول ذات كثافة عالية).
• تطوير تطبيق رقمي يضم محتوى ثقافي وتراثي باللغة العربية واللغات الأجنبية موجه لأبناء الجيل الثاني والثالث.
• إنتاج برامج إعلامية خاصة بالجاليات تبث على المنصات الرقمية.
• إقامة معسكرات ثقافية صيفية للشباب المصري بالخارج داخل مصر لتعزيز الارتباط بالوطن.
خامسًا: استخدام السينما والفنون كرسائل موجهة للعالم، الجهات المسؤولة: (وزارة الثقافة، وزارة الإعلام، نقابة المهن السينمائية)
الخطوات العملية:
• إطلاق صندوق دعم الأفلام التي تقدم صورة مصر المتنوعة والمعتدلة (بشراكة حكومية-خاصة).
• ترجمة المسلسلات والأفلام المصرية الناجحة للغات الأفريقية والآسيوية وتوزيعها في تلك الأسواق.
• إرسال وفود فنية تمثل مصر في المعارض والمهرجانات الدولية بشكل دوري.
• دمج البعد الثقافي والدبلوماسي في أعمال درامية تُبث خلال مواسم رمضانية وسينمائية رئيسية.
سادسًا: التنسيق بين مؤسسات الدولة: خطة وطنية شاملة ومطلوب تشكيل لجنة وطنية عليا للدبلوماسية الثقافية تضم ممثلين عن:
• وزارات: الثقافة، التعليم، الأوقاف، الإعلام، الخارجية، الهجرة
• الأزهر الشريف
• الهيئات الإعلامية والجامعات
مهامها:
• إعداد استراتيجية وطنية للقوة الناعمة المصرية خلال 5 سنوات.
• تقييم البرامج الثقافية الحالية وتطويرها وفق أهداف الأمن القومي.
• متابعة التنفيذ ورفع تقارير دورية لمجلس الوزراء والرئاسة.
وفي النهاية: الدبلوماسية الثقافية لم تعد ترفًا، بل ضرورة لحماية الأمن القومي في بيئة إقليمية معقدة. إن ما تملكه مصر من رصيد حضاري وديني وثقافي يجب ألا يبقى فقط في المتاحف والكتب، بل يتحول إلى أدوات نشطة للتأثير الإقليمي والدولي. حين تُدار الثقافة بوعي، تصبح خط الدفاع الأول عن الوطن.