فى شهر أكتوبر الماضى، وبعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، استقال «جوش بول»، مدير مكتب الشئون السياسية العسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية، فى أول استقالة معلنة داخل إدارة الرئيس الأمريكى، مؤكداً أن الدعم الأعمى من إدارة جو بايدن لإسرائيل دفعه إلى إعلان استقالته، كأول تحرك وصفته وسائل إعلام بـ«التاريخى»، وبعده بدأت سلسلة من الاستقالات داخل الإدارة الأمريكية، سواء فى وزارة الخارجية الأمريكية أو غيرها، ومن أكتوبر إلى يوليو الماضى، وصل عدد المستقيلين إلى 12 مسئولاً، وهو المعلن فقط، بينما أكد متابعون أن هناك الكثير لم يعلنوا عن استقالاتهم لأسباب مختلفة.

وقال جوش بول، الذى عمل لمدة 11 عاماً متواصلة فى الخارجية الأمريكية، إنه استقال بسبب خلاف سياسى بشأن المساعدات الأمريكية «القاتلة»، المستمرة لإسرائيل، مضيفاً أنه لم يقبل دعم مجموعة من القرارات السياسية التى تتضمن إرسال الأسلحة لإسرائيل، وهو ما اعتقده قصَر نظر، ومدمر، وغير عادل، ومتناقض مع القيم التى نعتنقها علناً، وبينما تدعم الولايات المتحدة إسرائيل، قطعت الأخيرة المياه والغذاء والرعاية الطبية والكهرباء عن غزة.

«هاريسون مان» غادر موقعه بسبب أذى معنوي ناتج عن دعم «واشنطن» لـ«تل أبيب»

وعقب استقالة «جوش»، قدم هاريسون مان، ضابط برتبة رائد فى الجيش الأمريكى ومسئول بوكالة مخابرات الدفاع، استقالته فى نوفمبر الماضى، بسبب سياسة الإدارة فى غزة، لكنه ظل صامتاً إلى أن أعلن عن أسباب استقالته فى مايو الماضى، وتُعد هذه الخطوة سابقة هى الأولى من نوعها داخل المخابرات العسكرية الأمريكية التابعة لـ«البنتاجون»، وأوضح أن استقالته كانت نتيجة «أذى معنوى» ناتج عن الدعم الأمريكى للحرب الإسرائيلية فى غزة والأضرار التى لحقت بالفلسطينيين، مشيراً إلى أن الخوف والقلق دفعاه لتأجيل إعلان أسباب استقالته، كما قال إنه شعر بالخجل والذنب لأنه ساعد فى تطبيق سياسة بلاده التى أسهمت فى قتل جماعى للفلسطينيين.

وفى يناير الماضى، استقال طارق حبش، وهو أمريكى من أصل فلسطينى، كان يعمل فى منصب مساعد خاص بمكتب التخطيط التابع لوزارة التعليم الأمريكية وقال «طارق»: «لا يمكننى التزام الصمت بينما تغض هذه الإدارة الطرف عن الفظائع التى تُرتكب بحق الفلسطينيين الأبرياء»، متهماً إدارة «بايدن» بأنها تُعرِّض ملايين الأرواح البريئة للخطر والتطهير العرقى على يد الحكومة الإسرائيلية، وأضاف أنه لا يستطيع أن يكون متواطئاً بهدوء مع فشل الإدارة الأمريكية فى الاستفادة من نفوذها باعتبارها أقوى حليف لإسرائيل.

واستقالت أنيل شيلين، فى مارس الماضى، وهى مسئولة بمكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية الأمريكية، وقالت إنها لا تستطيع خدمة حكومة تسمح بمثل هذه الفظائع: «غابت مصداقية الولايات المتحدة كمدافعة عن حقوق الإنسان بالكامل منذ بدء الحرب على غزة»، وأكدت أن سبب استقالتها يكمن فى أنها لم تعد قادرة على القيام بعملها بعد الآن، فأصبحت محاولة الدفاع عن حقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة مستحيلة.

وتقدمت هالة راريت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية باللغة العربية، باستقالتها فى أبريل الماضى، احتجاجاً على سياسة واشنطن فى قطاع غزة، وأكدت أنها لم تكن لديها أى نية للاستقالة لأنها وصلت إلى مستويات عليا فى وظيفتها، لكن سياسة الإدارة الأمريكية مع حرب غزة غيرت كل خططها، وتُعد «راريت» أول دبلوماسية أمريكية معروفة تستقيل بسبب موقف الإدارة الأمريكية من حرب غزة، وقالت بعد استقالتها: «أنا قلقة بشكل أساسى من أننا على الجانب الخطأ من التاريخ ونضر بمصالحنا، وهناك معايير مزدوجة فى السياسة الأمريكية بشأن آثار الحرب، بما فى ذلك الأزمة الإنسانية واستشهاد الصحفيين الفلسطينيين فى غزة».

واستقالت ليلى جرينبيرج كول، وهى أول شخصية سياسية يهودية معينة، كان ذلك فى مايو الماضى، بعد أن عملت مساعدة خاصة لكبير موظفى وزارة الداخلية الأمريكية، وقالت إنها لا تستطيع أن تكون مؤيدة للكارثة الإنسانية التى تحدث فى قطاع غزة، وأن تعمل بضمير حى فى إدارة «بايدن»، كما اتهمت الرئيس الأمريكى باستخدام الشعب اليهودى لتبرير السياسة الأمريكية فى الصراع.

وغادرت «ستايسى جيلبرت»، منصبها كمستشارة عسكرية كبيرة فى مكتب وزارة الخارجية لشئون السكان واللاجئين والهجرة، وقالت إن إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية بطريقة غير متسقة مع القانون الإنسانى الدولى، ولكن لم يكن هناك ما يكفى من الأدلة الملموسة لربط أسلحة محددة قدمتها الولايات المتحدة بانتهاكات، واستقال ألكسندر سميث، مسئول أمريكى يعمل بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقال إنه تم منحه الاختيار بين الاستقالة والفصل، بعد إعداد تقارير حول وفيات الأمهات والأطفال من الفلسطينيين فى غزة، كما قال إن الإدارة الأمريكية سمحت لإسرائيل بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم أنها أكدت مراراً وتكراراً أن إسرائيل تسمح بدخول المساعدات إلى القطاع. واختار «سميث»، وهو مستشار بارز لشئون النوع الاجتماعى وصحة الأم وصحة الطفل والتغذية، الاستقالة بعد 4 سنوات من العمل فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واشتكى عند استقالته من التناقضات فى طريقة التعامل الأمريكية مع الحرب فى غزة ومختلف البلدان، والأزمات الإنسانية التى يعانيها الفلسطينيون، وقال: «لا أستطيع أن أقوم بعملى فى بيئة لا يمكن فيها الاعتراف بأشخاص محددين كبشر كاملين».

«أندرو ميلر» دفعه «عناق الدب» والسماح بقتل عشرات الآلاف فى فلسطين إلى ترك منصبه

وفى يونيو الماضى، أعلن «أندرو ميلر»، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشئون الإسرائيلية الفلسطينية، استقالته من منصبه احتجاجاً على موقف الإدارة الأمريكية من الحرب على غزة، وقال إن استقالته كانت بسبب التفرغ لقضاء وقت أطول مع عائلته، وإن الحرب على غزة أخذت من وقته الكثير، لكن تقريراً لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية كشف أن استقالته كانت بسبب اعتراضه على سماح الولايات المتحدة بقتل عشرات الآلاف على يد إسرائيل فى غزة، وعلى سياسة «عناق الدب»، فى إشارة إلى اللقطة التى احتضن فيها جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حين زار الأول تل أبيب، فى أكتوبر الماضى، ويُعرف «ميلر» بأنه مؤيد مبدئى للحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، ومفكر دقيق فى شئون الشرق الأوسط.

وأخيراً، استقالت مريم حسنين، أول أمريكية مسلمة وأصغر موظفة حكومية داخل إدارة الرئيس الأمريكى، فى يوليو الماضى، وكانت تعمل مساعدة خاصة ومساعدة مدير إدارة الأراضى والمعادن فى وزارة الداخلية الأمريكية، وقالت «مريم»: «لا أستطيع الاستمرار فى العمل مع إدارة تتجاهل أصوات موظفيها المتنوعين من خلال الاستمرار فى تمويل وتمكين الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين».

وعلق ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، عندما سأله الصحفيون عن بعض الاستقالات داخل الوزارة، قائلاً إننا نرحب بوجهات النظر المتنوعة، مضيفاً: «نعتقد أن ذلك يجعلنا أقوى»، ولم يتوقف المسئولون المستقيلون من الإدارة لأمريكية عند استقالتهم وكشفهم تعامل الولايات المتحدة مع الحرب على غزة وفقط، بل أيضاً أصدروا بياناً مشتركاً للمرة الأولى أعربوا فيه عن معارضتهم سياسات جو بايدن وفصَّلوا أسباب استقالاتهم.

محمد العالم، الخبير فى الشأن الأمريكى، قال معلقاً على الاستقالات داخل إدارة الرئيس الأمريكى، إنها تدل على وجود انقسام نوعاً ما داخل السياسة والدبلوماسية الأمريكية، وكان ظاهراً بشكل أكبر داخل وزارة الخارجية الأمريكية، مشيراً إلى أنه منذ بداية الأحداث فى غزة، وهناك اعتراضات جماعية، خاصة داخل الخارجية الأمريكية، وهو ما يؤكد اهتزاز الدبلوماسية، حتى وإن ظهر على السطح أنها ثابتة وفقاً لتوجهات الوزير أنتونى بلينكن.

وعلق الدكتور ماهر صافى، أستاذ العلوم السياسية، بأن الاستقالات تُدين بشكل كبير تعامل الإدارة الأمريكية مع حرب غزة، ومن المتوقع زيادة الاستقالات تزامناً مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية، كما أكد أنه من المتوقع أن تكون هناك استقالات أخرى ولكن لم يعلن عنها لأسباب سياسية.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب غزة استقالات بـ البيت الأبيض الانتهاكات الإسرائيلية وزارة الخارجیة الأمریکیة الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة الرئیس الأمریکى الحرب على غزة فى غزة

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة

2025-05-29hadeilسابق الخياط: سنستخدم أحدث التجهيزات في مجال الطاقة وسيوفر المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة عمل غير مباشرة ما يسهم في دعم سوق العمل في سوريا انظر ايضاًالخياط: سنستخدم أحدث التجهيزات في مجال الطاقة وسيوفر المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة عمل غير مباشرة ما يسهم في دعم سوق العمل في سوريا

آخر الأخبار 2025-05-29المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة 2025-05-29الخياط: سنستخدم أحدث التجهيزات في مجال الطاقة وسيوفر المشروع أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة عمل غير مباشرة ما يسهم في دعم سوق العمل في سوريا 2025-05-29الخياط: نتوجه بالشكر للسيد الرئيس أحمد الشرع ولسمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وللرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوفير الظروف الملائمة لتوقيع المذكرة 2025-05-29المهندس البشير: تشمل الاتفاقية تطوير أربع محطات توليد كهرباء بتوربينات غازية تعمل بالدورة المركبة (CCGT) في مناطق دير الزور، ومحردة، وزيزون بريف حماة، وتريفاوي بريف حمص، بسعة توليد إجمالية تقدر بحوالي 4000 ميغاواط، باستخدام تقنيات أمريكية وأوروبية، إلى جانب محطة طاقة شمسية بسعة 1000 ميغاواط في وديان الربيع جنوب سوريا 2025-05-29الرئيس التنفيذي لشركة أورباكون القابضة رامز الخياط: هذه المذكرة مرحلة جديدة من العمل المشترك لإعادة إعمار سوريا من خلال تحقيق اكتفائها الذاتي لضمان نهضة مستدامة 2025-05-29المهندس البشير: قيمة الاستثمار 7 مليارات دولار سيسهم بتوليد 5 آلاف ميغا واط الأمر الذي يسهم في زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية وينعكس إيجاباً على جميع مناحي الحياة 2025-05-29المهندس البشير: هذه المذكرة ترسخ التعاون والتكامل الإقليمي في قطاع الطاقة وتساعدنا على تحفيز مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة 2025-05-29وزير الطاقة المهندس محمد البشير في كلمة خلال مراسم توقيع مذكرة التفاهم: نعيش اليوم لحظة تاريخية تشكل نقطة تحول في قطاع الطاقة والكهرباء في سوريا لإعادة بناء البنية التحتية المتهالكة في هذا القطاع المهم 2025-05-29بحضور السيد الرئيس أحمد الشرع.. بدء مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة ومجموعة UCC العالمية لتعزيز مجالات الاستثمار في قطاع الطاقة 2025-05-29الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السيد توماس باراك

صور من سورية منوعات هاتف “أونر400 برو” يحول الصور الثابتة إلى فيديوهات 2025-05-29 العالم على موعد مع أخطر 5 أعوام مناخياً في التاريخ 2025-05-28فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: ترامب مصمم على أن يكون جزءا من إنهاء المـ.ذبـ.حة في غزة
  • الخارجية الأمريكية لـعربي21: هذه أسباب دعمنا للحكومة السورية الجديدة
  • ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54.381 منذ بدء العدوان الإسرائيلي
  • العدوان الإسرائيلي يتصاعد في غزة
  • تعرف على الهيكلة الجديدة في وزارة الخارجية الأمريكية بعد خطة ترامب
  • روبيو يقدم للكونجرس خطة "إعادة هيكلة كبرى" لوزارة الخارجية الأمريكية
  • روبيو يكشف عن خطة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية الأمريكية
  • تظاهرات فلسطينية احتجاجاً على سياسة الهدم الصهيونية داخل اراضي 48
  • المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة
  • قدم شكره إلى ترامب.. ماسك يتنحى عن منصبه في الإدارة الأمريكية