نقول غيّرت هذه التجربة حياتي، أو هذا الكتاب غيرها. وغالبا ما يكون هذا تعبيرا إيجابيا. فلو عنيناه بالمعنى السلبي نُضيف ما يُشير لذلك: لقد غيّر حياتي للأسوأ. ونُحن نُقدّر هذه الكشوف، ونُعلي شأنها حتى تكاد تكون المغزى الأول من الحياة بأسرها. الحياة "مراحل"، وحياة المرء قد تمتد لعقود، تُقارب القرن أو تتجاوزه بقليل، لكن مراحلها تُعدّ على الأصابع.
كل كشف جديد يأتي مع وعد بأن مرحلة الإحباطات قد ولّت وأن الحقيقة قد تكشفت لك أخيرا على نحو "يُغير" حياتك.
أكتب هذه الأيام مقالا مطولا عن "الرِدْبِليّة"، وهي حركة ضمن عالم المانوسفير، والذي يضم مجموعة متنوعة الأطياف بداية بحقوق الرجل، إلى معاداة النسوية، وكراهية النساء. تسعى الحركة لاختراع طريقة وصول جديدة للنساء، وهجران المعاملة المحترمة واللطيفة لهن. ويسعى -قادة الحركة، أو أعضاؤها النشطين في مجتمعات الإنترنت- لإمداد الرجال العزب بأدوات بديلة لفهم العلاقات بين الجنسين، وطبيعة النساء.
ما يهمنا من أمر هو ملاحظة أنها تُشدد على أن رسالتها الأولى هي التحرير من الوهم، كما يقترح اسمها (اختيار تناول الحبة الحمراء، ومواجهة الحقيقة المُقلقة، عوضا عن اختيار الزرقاء ومواصلة الحياة بجهل). فكرة الكشف إذا تتقدم على التبشير بفلسفة الحركة، أو شرح البديل الذي تُقدمه.
لنتأمل الخيارين الذين تُقدمهما كل من الحبة الحمراء والزرقاء: إما الحقيقة المقلقة، أو الجهل بها ومواصلة العيش. وهي مقايضة غريبة. نيو Neo في النهاية لم يكن مبسوطا لدرجة تثبطه عن المخاطرة؛ كان جاهلا، وكان تعيسا.
لكن لكثرة ما رُبط الجهل بالسعادة، ننسى أحيانا أن هذا لا يحمل من الصحة شيء. يُشار للطفل في بعض اللهجات بالـ"ياهل"، وهو جاهلٌ -من بين الأشياء الكثيرة التي يجهلها- ببؤس العالم، وسعادته قادمة من هذا الجهل، وتمنينا (أو من عاشوا طفولة حلوة منا) أن نعود صِغارا قادم من رغبة بأن ننسى هذا البؤس.
تتذكرون مشهد وودي آلين Woody Allen في فيلم آني هال (1977) Annie Hall، حين يمشي باحثا عن إجابات حول الحب والسعادة، ويُصادف زوج ويخبرهما أنهما يبدوان سعيدين، وما سر هذه السعادة البادية عليهما. لتأتي الإجابة أن بينهما شيء أساسي مشترك: أنهما سطحيان، وفارغان، بلا أفكار، وبلا شيء مثير للإهتمام يقولانه. مجددا، يفترض آلين أن السعادة قادمة مما يُمكن أن نختصره بالبلادة.
غياب العقل أيضا يُربط بها: في حالات الجنون، والسُكر التام مثلا.
غير أن هذه التصورات غير مقنعة بالمرة. ما نجد أنفسنا أمامه كل مرة ليس خيار الحقيقة والتعاسة، أو الجهل والسعادة. بل الحقيقة بخيرها وشرها، أو الجهل مع مواصلة البؤس نفسه. ثمة شرارة تومض كلما عرفنا شيئا جديدا، واللذة المتولدة من لحظة التنوّر هذه، تكاد تتفوق على كل لذة أخرى - نعم أنا أعنيها جميعا، تلك التي في بالك وخارج بالك. وثمة توق داخلنا لأن نكتسب أدوات جديدة تُعيننا على الهراء الذي سنعيشه على أي حال. وهذا التوق -وهنا مربط الفرس- قد يُعمينا ويُثملنا، فتتفوق الرغبة فيه، على الصبر لمساءلته. ويبدو أننا أحيانا نحب أن نقول لأنفسنا: اصحوا على نفسكم وبلا ما تكونوا حالمين. لأن في هذه النبرة القاسية شيء موثوق: حكمة ما. وللحكمة وظيفة مهمة، تُطبطب على الجراح، وتقول أن لألمنا معنى. إنه موجود الآن، ليُجنبنا آلاما أشد مستقبلا.
لا يبدو أن وظيفة الحكمة هو تجنيبنا السوء والحماية من الأذى، إنها لا تقول: إذا كنت في الموقف الفلاني تصرف على هذا النحو. ما تقوله ببساطة: لقد مررت بالموقف الفلاني، ولم أحسن التصرف، ولو أني مررت به مجددا لتصرفت خلافه. لكن ثمة وجاهة في التفكير بأن الإنسان لا يمر بالموقف ذاته مرتين.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل الأفوكادو البني صالح للأكل؟ خبراء يكشفون الحقيقة
يعاني عشاق الأفوكادو من مشكلة شائعة بعد تقطيع الثمرة، إذ يتغيّر لونها الأخضر الزاهي إلى بني غير شهي خلال دقائق، مما يثير تساؤلًا مهمًا: هل يمكن تناولها بعد تغيّر لونها بأمان؟
يؤكد موقع “هيلث” أن تغير اللون في بعض الحالات لا يعني فساد الثمرة، بل هو نتيجة تفاعل طبيعي مع الأكسجين يعرف باسم الاسمرار الإنزيمي. هذه العملية تجعل لون اللب أغمق وطعمه أكثر مرارة، لكنها لا تجعل الأفوكادو غير صالح للأكل، طالما لا توجد رائحة كريهة أو قوام طري للغاية.
لكن يجب الحذر، فليس كل أفوكادو بني آمن، فبعض الثمار يتغير لونها بسبب الفساد أو فرط النضج، حيث تنمو البكتيريا وتظهر بقع بنية وسوداء مع رائحة كريهة وطعم غير مقبول، في هذه الحالة يجب التخلص منها فورًا، كما أن العفن يعد من المشكلات الشائعة بسبب الرطوبة العالية في الثمرة، ويُنصح برميها إذا وُجد العفن حتى على القشرة فقط.
أسباب تغيّر لون الأفوكادو:
1.الاسمرار الإنزيمي:
يحدث عند تعرّض لب الثمرة للأكسجين بعد القطع أو التلف، تتفاعل الإنزيمات مع مركبات داخل الخلايا لتنتج الميلانين، وهي الصبغة التي تسبب اللون البني.
2.فرط النضج:
مع تقدم الثمرة في النضج، تتحلل خلاياها وتُطلق الإنزيمات والسكريات، ما يؤدي إلى تغير اللون وتكوّن بيئة مناسبة لنمو البكتيريا.
3.تلف البرودة:
عند حفظ الأفوكادو في درجات منخفضة قبل نضجها الكامل، قد تظهر خطوط أو بقع رمادية بنية، رغم أنها آمنة للأكل، إلا أن طعمها غالبًا غير محبّب.
4.التلف الميكروبي:
قد تتعرض الثمار لنمو البكتيريا أو الفطريات، ما يؤدي إلى فسادها الكامل.
كيف تتعامل مع الأفوكادو البنية؟
افحص الرائحة والملمس:
إذا كان اللون البني ناتجًا عن الأكسدة فقط ولم تصدر رائحة غريبة، يمكن تناولها بأمان، ويمكن إزالة الجزء البني إذا لم ترغب في أكله.
أما إذا كانت الرائحة حامضة أو كريهة، فيجب التخلص منها فورًا.
استخدمها بذكاء:
يمكن الاستفادة من الأفوكادو البنية في إعداد صلصة الغواكامولي أو إضافتها إلى العصائر أو الحلويات، خصوصًا لأنها تصبح أكثر ليونة.
احفظها بطريقة صحيحة:
لمنع فسادها سريعًا، احفظ الأفوكادو المتبقية في الثلاجة داخل وعاء محكم مع القليل من عصير الليمون أو الزيت لتقليل الأكسدة.
ويمكن القول إن الأفوكادو البني ليست دائمًا فاسدة، ولكن تمييز السبب وراء تغير اللون هو المفتاح لتحديد مدى سلامتها.
إذا كانت الرائحة طبيعية والملمس متماسكًا، فهي صالحة للأكل، أما إن ظهرت علامات التلف أو العفن، فالتخلص منها هو الخيار الآمن.