لماذا اختارت «زها حديد» مسقط؟
تاريخ النشر: 15th, October 2025 GMT
«عمان»: لطالما حمل اسم «زها حديد» حضورًا عالميًا لافتًا في عالم العمارة، بوصفه رمزًا للتجديد، وهذا الاسم يعود ليجد اليوم صدى جديدًا في سلطنة عُمان من خلال مشروعات حضرية كبرى يقودها مكتب زها حديد المعماريين (Zaha Hadid Architects)، الذي يشارك في رسم ملامح مستقبل «مسقط» عبر مشروع وسط الخوير.
وللتعرّف على تفاصيل هذه الرؤية، وتفسير ما الذي جذب «زها حديد» كفكر ومدرسة معمارية إلى سلطنة عمان، نحاور باولو زيلي، المدير المشارك في مكتب «زها حديد المعماريين»، للحديث عن مستقبل قطاع العقارات المحلي وموقع المشروع ضمن خريطة التنمية الحضرية الجديدة.
ما الذي دفع «زها حديد» للمشاركة في مشاريع مثل وسط الخوير؟ وهل يمكنك توضيح الرؤية المعمارية التي تهدفون إلى تحقيقها في هذا المشروع؟
الموقع الفريد في قلب العاصمة، إلى جانب تنوع وظائفه وأهميته المحورية في التاريخ العماني، يمثل فرصة لا تتكرر لتشكيل جزء مهم من المدينة، هذا الجزء من مسقط يمزج بسلاسة بين الماضي والمستقبل، بين الميناء القديم والمطار، وبين الجبال والبحر، وبين المجتمعات المحلية والدولية، ويحتوي على جميع العناصر اللازمة للازدهار وإحداث تأثير مستدام عبر المدينة.
النتيجة ستكون تجديدًا حضريًا يترك إرثًا دائمًا، ليس فقط لسلطنة عمان بل للعالم، حيث يهدف المخطط الرئيسي إلى إطلاق العنان لإمكانات البلاد، وتعزيز رؤيتها الدولية، وتحسين المشهد العقاري فيها، إذ يتصور التصميم مدينة جديدة ذكية ومستدامة، منسوجة مع النسيج الحالي، وتعتمد استراتيجيات مبتكرة لتعزيز مستقبل مستدام.
ومما لا شك فيه أن إنشاء منطقة حيوية مثل هذه يتطلب رؤية قوية وتعاونًا بين مختلف أصحاب المصلحة، وبالتعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وجميع المستشارين المعنيين، نقوم بتطوير رؤية معمارية قوية ورؤية واضحة لجودة الحياة التي نسعى إلى تحقيقها. هذه الرؤية تتحقق من خلال تصميم المساحات العامة وصناعة الأماكن والتوزيع المدروس للاستخدامات.
ونؤمن أن هذا الجزء من المدينة سيعزز حوارًا بناءً ومستدامًا وأخضر بين النهج التنموي العالمي المعاصر والطموحات المحلية، إذ أن الهدف من المخطط الرئيسي هو تحقيق «العولمة المحلية»، أي الجمع بين الاتجاهات العالمية والمحلية في الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة، مع بيئة حضرية مستدامة مدعومة بخصائص عمانية.
ما التأثير المتوقع لمشروع وسط الخوير على الاقتصاد العماني وقطاع العقارات؟
سيولد المشروع على الفور العديد من فرص العمل في مجالات التصميم والبناء والإدارة، وسيتطلب هذا التدفق من القوى العاملة الدولية استراتيجية مخططة جيدًا للإسكان والخدمات العامة على المدى القصير، وهذا بدوره سيؤدي على الأرجح إلى تعزيز الاستهلاك الداخلي وإنشاء شركات جديدة، مما سيؤثر بشكل إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي. كما ستلاحظ شركات البناء والعقارات الدولية هذه الفرصة، مما سيجلب استثمارات جديدة ويخلق المزيد من فرص العمل.
وبعد تنفيذ «رؤية عُمان 2040» بنجاح، يمكن أن يسهم قطاع البناء والعقارات في النهاية بما يتراوح بين 10% و20% من الناتج المحلي الإجمالي.
صف لنا التجربة المعيشية التي سيوفرها المشروع للسكان
مشروع وسط الخوير يمثل فرصة كبيرة لتحسين مستوى الإسكان والمعيشة في مسقط عامة، فإلى جانب تصميمه المعماري الرائع وموقعه المتميز، يضع المشروع الاستدامة في صميم أهدافه، ويشمل ذلك القرب من المساحات التجارية العامة، والبنية التحتية الأساسية، ووسائل النقل النظيفة لتقليل مسافات التنقل، بالإضافة إلى خيارات سكنية متنوعة وتكنولوجيا ذكية.
كما سيتضمن المشروع بنية تحتية ضرورية مثل المدارس والمرافق الصحية والعروض الثقافية والترفيهية، سيكون ذلك في بيئة طبيعية متصلة بالبحر من خلال قناة ومرافئ وشواطئ. ويهدف التطوير إلى إنشاء أحياء مكتملة حيث يمكن تلبية الاحتياجات اليومية ضمن دائرة نصف قطرها 15 دقيقة، مما يوفر نموذجًا جديدًا للعيش الحضري المستدام. ستعمل الحدائق العامة الوفيرة على تحسين جودة الحياة وزيادة فرص الرياضة والترفيه في الهواء الطلق.
كيف ترى مستقبل قطاع العقارات في سلطنة عمان، خاصة في ظل التطور العمراني السريع الذي تشهده البلاد؟
لتعزيز قطاع عقاري قوي، هناك ركيزتان أساسيتان وهي رؤية واضحة من الحكومة العمانية لجذب الاستثمارات، وإطار قانوني حضري واضح، مرن وبسيط، ومن خلال رؤيتها 2040 وخطة مسقط الهيكلية، وضعت سلطنة عمان مخططًا استراتيجيًا للنمو المكاني المستدام والاستثمار في البنية التحتية والنقل ورأس المال البشري لتنويع الاقتصاد وتعزيز تنافسيته، مما يجذب اهتمامًا دوليًا واستثمارات. وبالإضافة إلى البنية التحتية، تركز سلطنة عمان على إنشاء مجتمعات متعددة الاستخدامات ووجهات فريدة تروق لكل من المقيمين والزوار.
وتعمل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني على وضع القوانين والاستراتيجيات اللازمة لتنفيذ تشريعات حضرية واضحة ومرنة، كما تطور حوافز تهدف إلى توليد الطلب المحلي والدولي، مما يضمن الزخم اللازم للتطورات العمرانية المرتقبة.
وأعتقد أن الاستثمارات في المجال العام تعد ضرورية لإنشاء مناطق جاذبة للمستثمرين والمستخدمين النهائيين على حد سواء. وتضع سلطنة عمان أساسًا قويًا واتجاهًا واضحًا للتنمية الحضرية، مما يجعلها خيارًا جذابًا لقطاع العقارات، ومع الطموحات الحالية للبلاد يقدم قطاع العقارات فرصًا كبيرة للمستثمرين والمطورين والمشغلين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع العقارات سلطنة عمان زها حدید من خلال
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان ترسخ موقعها كوجهة رائدة للاستثمار في صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية
تغطية - مي الغدانية
اختتمت اليوم الأربعاء أعمال القمة العالمية للتنفيذيين لأشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية التي استضافتها سلطنة عمان.
وركزت أوراق العمل في اليوم الثاني على أحدث الابتكارات في علوم المواد والتقنيات الذكية، وشملت عرض أحدث التطورات في علوم المواد المتقدمة لتقنيات التغليف عالية الأداء، وكيفية تحسين كفاءة تصنيع الرقائق وتعزيز أداء الأنظمة الإلكترونية. كما تناولت إحدى الأوراق التكامل بين الأجهزة الفاعلة وغير الفاعلة لتعزيز كفاءة الإلكترونيات، مع التركيز على التطبيقات الصناعية للحلول المدمجة بين المكونات المختلفة.
كما ركزت أوراق أخرى على مستقبل المستشعرات الدقيقة وتطبيقاتها في البنى التحتية الذكية المعتمدة على المعالجة القريبة من المصدر (Edge Computing)، بالإضافة إلى استعراض دور التقنيات المتقدمة في دعم نمو مشاريع MEMS في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتطرقت القمة أيضًا إلى مبادرة التصنيع المتقدم الإقليمي، التي تهدف إلى بناء قدرات تصنيع رقائق محلية وتعزيز التكامل بين السوق المحلي والإقليمي لتطوير منظومة أشباه الموصلات في المنطقة.
أوراق عمل بحثية
كما تضمن اليوم الثاني من أعمال القمة أوراق عمل بحثية متخصصة قدمتها مؤسسات أكاديمية ومراكز ابتكار، وركزت على الحلول البحثية والتقنيات المتقدمة في تصميم الرقائق وتحسين دقة الاختبار.
وعُقدت جلسة نقاشية حول النظام البيئي لأشباه الموصلات في الصين، استعرض فيها المتحدثون مكونات هذا النظام المتكامل، بدءًا من قدرات التصنيع المتقدمة والبنية التحتية الضخمة، مرورًا بسلاسل التوريد المرنة، ووصولًا إلى منظومات البحث والتطوير التي تقود الابتكار في هذا القطاع الحيوي.
وناقشت الجلسة فرص التعاون بين الصين ودول المنطقة، وإمكانات الاستفادة من الخبرات الصينية لتعزيز قدرات التصنيع الإقليمي وتطوير التقنيات المستقبلية.
جاهزية سلطنة عمان
وفي تصريح صحفي لـ "عمان"، قالت الدكتورة سيماء بنت سعدي الكعبية، المديرة العامة للمديرية العامة لتحفيز القطاع ومهارات المستقبل بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، إن استضافة سلطنة عمان لقمة أشباه الموصلات تأتي في إطار توجه وطني لتعزيز مكانة سلطنة عمان كمركز إقليمي لصناعة التقنيات الحديثة، واستقطاب الاستثمارات العالمية في قطاع أشباه الموصلات.
وأوضحت الكعبية أن القمة تمثل منصة لعرض جاهزية سلطنة عمان أمام الخبراء والباحثين والرؤساء التنفيذيين والشركات العالمية ومراكز الأبحاث، وإبراز قدرتها على احتضان هذه الصناعة الحيوية وبناء منظومة متكاملة لسلاسل الإمداد المرتبطة بها.
وأشارت الكعبية إلى أن سلطنة عمان تمتلك بنية أساسية مؤهلة، إلى جانب حوافز حكومية جاذبة مثل دعم الأجور، وبرامج التدريب المقرون بالتوظيف، والإعفاءات الضريبية، وتسهيلات رسوم الأراضي. وأضافت أن بناء القدرات الوطنية يُعد ركيزة أساسية في هذا التوجه، موضحة أنه تم تدريب 100 شاب عماني ضمن برامج متخصصة نفذتها شركات عاملة في القطاع، وأسهموا في تصميم رقائق "عمان 1" و"عمان 2" بكفاءات محلية، قبل إرسالها إلى تايوان لاستكمال مراحل التصنيع.
وأكدت الكعبية أن سلطنة عمان حريصة على استقطاب أحدث التقنيات وتوفير فرص عمل نوعية للشباب العماني، باعتبار هذين العنصرين حجر الأساس في بناء صناعة وطنية رائدة في مجال أشباه الموصلات.
ابتكار واستثمار
واختتمت القمة العالمية لأشباه الموصلات بإبراز مكانة سلطنة عمان كوجهة رائدة للاستثمار في التقنيات المتقدمة، وأكد المشاركون أن بيئة البحث والتطوير المتكاملة، إلى جانب الحوافز الاستثمارية الجاذبة، تجعل سلطنة عمان منصة مثالية للشركات العالمية لتوسيع أنشطتها في المنطقة.
وأشار الخبراء إلى أن القمة نجحت في ترسيخ موقع سلطنة عمان كمركز إقليمي لصناعة الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وفتحت آفاقًا جديدة للمبادرات البحثية والشراكات الدولية، مما يعزز مسيرة بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الابتكار والتقنيات الحديثة، ويؤسس لفرص نمو جديدة على مستوى المنطقة والعالم.
وتأتي استضافة سلطنة عمان للقمة العالمية للتنفيذيين لأشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية في إطار التوجه الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي وتحقيق مستهدفات "رؤية عمان 2040" في بناء منظومة متكاملة لصناعة التقنيات المتقدمة داخل سلطنة عمان.