وسط مخاوف من الأمراض المنقولة.. فيضانات الحديدة تغمر المستشفيات والمراكز الصحية
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
قالت منظمة الصحة العالمية، إن الأمطار الغزيرة ليلة السادس من أغسطس، تسببت في فيضانات شديدة في جميع أنحاء محافظة الحديدة.
وفي حين استعرضت المنظمة في تقريرها، الخسائر البشرية المقدرة بوفاة 30 شخصاً وفقدان 5 آخرين، لكنها قالت إنها أرقام ليست نهائية، مشيرة إلى أن الأمطار أحدثت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية وأدت إلى تشريد العديد من السكان، معظمهم من النازحين داخلياً، وكذلك إغلاق الطرق والخدمات العامة.
ووفق التقرير فإن مياه الأمطار غمرت مستشفى باجل والمراكز الصحية في مديريات: المراوعة والزيدية والزهرة، وألحقت أضرارا جسيمة بمركز السل، ودمرت جميع المعدات والأدوية فيه.
وأفادت عدة أقسام في مستشفى الثورة، أحد مستشفيات الإحالة الرئيسية في المنطقة، بوقوع أضرار في عدد من الأقسام، ولكن لم يتوقف عن تقديم الخدمات، وفق التقرير، كما تعمل جهات تقديم الخدمات الصحية الطارئة على ضمان استمرار الرعاية الطبية.
وأضافت إن المياه الملوثة وخدمات الصرف الصحي المتدهورة زادت من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، موضحة أن المياه الراكدة التي خلفتها الفيضانات تخلق بيئة خصبة لتكاثر البعوض، مما يثير مخاوف بشأن احتمال تفشي الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل: الملاريا وحمى الضنك. وتشكل هذه المخاطر الصحية تهديداً كبيراً للسكان الأشد ضعفاً.
وذكرت المنظمة أنها استجابة لهذا الطارئ أرسلت 35 حقيبة صحية أساسية للطوارئ بين الوكالات، و15 حقيبة لمكافحة الحصبة وغيرها من الإمدادات الطبية إلى الحديدة.
وقال الدكتور أرتورو بيسيغان، ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها إلى اليمن: "في البلدان المتأثرة بالنزاعات مثل اليمن، تكون آثار تغيّر المناخ جسيمة بشكل خاص. إن تراكم آثار النزاعات المستمرة مع الكوارث المرتبطة بالمناخ، مثل: الفيضانات والظواهر المناخية الشديدة، يؤدي إلى تفاقم مواطن الضعف الحالية".
وأضاف "إن تدمير الملاجئ وتقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية بسبب الفيضانات سيؤثر على العديد من الناس في اليمن، مما يجعل التعافي من أثر النزاع أمراً أكثر صعوبة بالنسبة للمجتمعات"، لافتاً إلى أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة ومعالجة المترتبات طويلة الأجل لتغير المناخ في البلاد.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
العطش يخنق تعز اليمنية وسط أزمة حادة في المياه
صنعاء- "منذ أسابيع نعيش أزمة حادة في المياه، حيث أصبح الحصول على بضع لترات صالحة للشرب حلما لا يتحقق إلا بشق الأنفس وقطع مسافات طويلة".
بهذه الكلمات تشكو اليمنية أم أحمد (35 عامًا) من أزمة المياه التي تخنق مدينة تعز المكتظة بالسكان والواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا، وتقول إنها تضطر يوميا للمشي مسافات طويلة من مكان سكنها في حي حوض الأشرف وسط المدينة، لجلب نحو 60 لترًا من مياه الشرب وسط شح كبير بتوفرها.
وتحكي المواطنة قصة كفاحها للحصول على المياه قائلة "بعد متابعة استمرت نحو نصف شهر لأصحاب الوايتات (صهاريج المياه) تمكّنا أخيرًا من تعبئة ألفي لتر للاستخدام المنزلي مقابل 22 ألف ريال، وهو مبلغ كبير بالنسبة لأسرتي التي لا يتجاوز دخلها 60 ألف ريال (الدولار = 2500 ريال يمني)".
حال الملايينوتعد تصريحات أم أحمد لسان حال ملايين اليمنيين الذين يواجهون معاناة كبيرة في توفير المياه، وهو ما أدى لخروج مظاهرات للمطالبة بحل المشكلة مما دعا السلطة المحلية مؤخرا لعقد سلسلة اجتماعات ناقشت الأزمة، وأقرَّت بأنها "حادة" خاصة مع استمرار الجفاف.
وقال محافظ تعز "نبيل شمسان" -في بيان عقب اجتماع ناقش القضية مع المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جوليان هارنيس- إن مدينته تعاني شحا شديدا في المياه نتيجة تأخر هطول الأمطار، وفي ظل استمرار سيطرة الحوثيين على مصادر وأحواض المياه الرئيسية التي تغذي المدينة.
إعلانوأضاف شمسان أن الآبار المتوفرة سطحية وتعتمد بشكل كلي على موسم الأمطار، مشيرا إلى أن السلطة المحلية تحرص على ضرورة إيجاد حلول دائمة ومستدامة لمعالجة هذه الأزمة.
ووجه رئيس البرلمان سلطان البركاني، الأربعاء الماضي، رسالة رسمية إلى رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، طالبه فيها باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة المياه.
وقال البركاني في رسالته: إن تعز تعيش وضعاً كارثياً نتيجة الانقطاع شبه الكامل لإمدادات المياه، مما أعجز المواطن عن توفير "شربة ماء" له ولأسرته.
وحسب رصد مراسل الجزيرة نت، فإن الأزمة الحالية غير معهودة في حدتها، لذلك تحولت إلى قضية رأي عام، بينما ارتفعت أسعار المياه إلى الضعف وأكثر، وسط شكاوى من عدم قدرة مواطنين كثر على توفير حاجتهم للاستخدام المنزلي بشكل سريع، إذ يضطرون للانتظار أياما أو أسابيع للحصول على صهريج يسع ألفي لتر أو أقل.
وشكت أم أحمد من معاناتها والنساء يوميا في تعز لتوفير المياه، إذ تقع عليهن مسؤولية طهي الطعام والاهتمام بالأطفال، مشيرة إلى أن الأزمة استفحلت مع تراجع الدعم الذي كانت تقدمه المنظمات الإنسانية في الأحياء السكنية، مما أدى إلى إغلاق العديد من حمامات المساجد نتيجة انعدام المياه.
وختمت قائلة "لا نريد حياة رفاه، فقط نطمح بالحصول على الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والغذاء، وبأسعار تتناسب مع مستوى دخلنا المحدود".
انتشار الأوبئةبدوره، يقول طلال الشرعبي عضو اللجنة المجتمعية في حارة غزة بمدينة تعز، إن سعر صهريج المياه سعة 3 آلاف لتر يقدر بـ60 ألف ريال، ويقضي الأهالي أسابيع في انتظار أصحاب الصهاريج بسبب وعورة الطريق.
وأضاف للجزيرة نت أن الأسرة المتوسطة تستهلك ما لا يقل عن 100 لتر يوميًا، بينما يضطر محدودو الدخل لقطع مسافات طويلة لجلب المياه من أحد خزانات السبيل، وأحيانًا يعودون مثقلين بهمومهم بسبب نفاد المياه.
إعلانوبنبرة ملؤها الأسى، تابع الشرعبي "يمكننا تحمل غلاء المعيشة، لكن لا نستطيع العيش دون ماء، لأنه أساس الحياة".
وأشار إلى أن أصحاب الصهاريج استغلوا الأزمة وتحكَّموا برفع الأسعار، دون ضمير، ولغياب الرادع، خاصة من السلطة المحلية التي أصبح وجودها كعدمها.
وناشد الشرعبي السلطات بأن تضطلع بدورها، قائلاً "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" داعيًا لتوفير الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه، من خلال تغذية خزانات المياه وإيصالها لكل منزل.
ومع تفاقم أزمة المياه في تعز، انتشرت الأوبئة في المدينة المكتظة مثل الكوليرا وحمى الضنك، نتيجة ضعف النظافة الشخصية وقلة المياه الصالحة للاستخدام الصحي.
وقد حذّر تيسير السامعي مسؤول الإعلام بمكتب وزارة الصحة في تعز من استمرار انتشار الأوبئة بفعل أزمة المياه، وقال للجزيرة نت: إن المدينة تشهد شحًا حادًا في المياه أدى إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الكوليرا.
وعزا ذلك إلى عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين بالشكل الكافي، إضافة إلى الممارسات غير الصحية في تخزين المياه.
وأضاف السامعي أن تعبئة المياه بشكل متكرر في أدوات مكشوفة تُعد سببا رئيسيا في انتشار حمى الضنك، مشددًا على أن توفير المياه الآمنة والنظيفة يحد بنسبة كبيرة من انتشار هذه الأمراض والأوبئة.
من جهته، يرجع معاذ ناجي المقطري رئيس المركز اليمني للإعلام الأخضر (المهتم بقضايا البيئة والمناخ) أزمة المياه في تعز لأسباب أبرزها:
النمو السكاني السريع والتوسع الحضري العشوائي الذي يلتهم المساحات التي تغذي المياه الجوفية. استمرار زراعة القات، وهو نبات منشط يستهلك كميات هائلة من المياه الجوفية، مما يساهم في استنزاف المخزون المائي. تحول الأمطار خلال المواسم إلى سيول جارفة. ارتفاع درجات الحرارة خلال العقود الأخيرة أدى لزيادة كبيرة في معدلات التبخر. إعلانوأشار المقطري -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن آثار الأزمة تنعكس على البيئة من خلال إتلاف الأراضي الزراعية، وعلى السكان بنقص المياه الصالحة للشرب، واضطرار الأطفال إلى قطع مسافات طويلة لجلبها، مما يؤثر سلبًا على صحتهم وتعليمهم.
وأكد المقطري على أن الحل يكمن في:
العمل على تحسين إدارة الموارد المائية، عبر حصاد مياه الأمطار، وصيانة السدود، وتوسيع مشاريع حصاد المياه المنزلية والمجتمعية. ضرورة ترشيد استهلاك المياه. تطوير أنظمة الإنذار المبكر للسيول. مراجعة التخطيط العمراني. التوسع في مشاريع تحلية مياه البحر.واختتم رئيس مركز الإعلام الأخضر حديثه بالدعوة إلى ضرورة تكاتف الجهود بين المجتمعات المحلية، والمنظمات الإنسانية والخبراء، للتخفيف من حدة الأزمة المائية التي تواجهها تعز.