كشف الباحث في الآثار اليمنية، عبدالله محسن، عن واحدة من أندر وأجمل القطع الأثرية اليمنية القديمة، التي غادرت البلاد قبل أكثر من خمسة عقود، وهي تمثال استثنائي لامرأة يمنية من حضارة قتبان، يعود تاريخ نحته إلى نحو 2300 عام.

ونشر محسن تفاصيل مثيرة عن التمثال على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مشيرًا إلى أن التمثال الذي يُعرف باسم "ذات التاج"، يعد من أكمل التماثيل المنحوتة من المرمر المعروف حتى اليوم، ويمتاز بكونه يجمع بين حجر المرمر الأبيض النادر وتطعيمات دقيقة من البرونز.

يرجح أن التمثال النادر نُحت في مدينة تمنع عاصمة مملكة قتبان التاريخية، الواقعة جنوب اليمن، والتي كانت إحدى الممالك العربية الجنوبية المزدهرة قبل الميلاد. التمثال غادر اليمن إلى فرنسا قبل عام 1970م، في ظروف لم تُكشف بعد، ثم استقر في سويسرا، ليُعرض لاحقًا في معرض باد لندن الشهير، بين 2 و8 أكتوبر 2017م، بساحة بيركلي، وهو معرض سنوي للفن القديم أُسس عام 2007م، ويعتبر المعرض التوأم لـ"باد باريس".

بحسب وصف مؤسسة فينيكس للفن القديم التي عرضت التمثال، فإن العمل يمثل شخصية نسائية بارزة تقف بثبات على قاعدة من نفس الحجر، وهي ترتدي فستانًا طويلًا بأكمام قصيرة. شعرها مصنوع من البرونز، ومصمم على شكل تاج من الجهة الأمامية، بينما تنسدل ضفيرة طويلة على الجهة الخلفية، محفورة بخطوط دقيقة.

ويحمل التمثال ملامح دقيقة بشكل مذهل: عينان واسعتان مرصعتان بمادة داكنة (يرجح أنها البيتومين)، بياضهما منحوت بشكل منفصل مع نقش إضافي للحدقتين. الأنف مستقيم وضيق، والفم صغير مغلق بشفاه مضغوطة، مع حواجب رفيعة محفورة، ونظرة ثابتة توحي بالسكينة والسلطة، تعززها وضعية اليدين الفريدة: إحداهما ممدودة والأخرى تقبض على شيء غير واضح.

ما يلفت النظر في التمثال هو المفارقة البصرية بين دقة الرأس والوجه وبساطة تفاصيل الجسد، وهي سمة عامة في الفن اليمني القديم، حيث يركز النحاتون على تجسيد الشخصية من خلال ملامح الوجه والرمزية لا التفاصيل التشريحية.

تشير تفاصيل التصميم إلى أن المرأة كانت ذات مكانة استثنائية، ربما ملكة أو كاهنة، خصوصًا مع وجود أساور ثعبانية على الذراعين، وتاج برونزي ضخم يعلو رأسها، بالإضافة إلى الأقراط والقلادة البرونزية، وكلها تشير إلى طبقة أرستقراطية أو طقسية.

ولأن غالبية التماثيل اليمنية القديمة وُجدت في مقابر، يرجح الباحثون أنها كانت صورًا تذكارية للمتوفين، توضع في محيط القبور كتعبير عن استمرار الحضور الرمزي للراحل. ورغم جمال التمثال وأهميته الفنية والتاريخية، يبقى عرضه في معارض عالمية بعيدًا عن موطنه الأصلي جرحًا في ذاكرة اليمنيين، الذين يرون في كل قطعة أثرية منهوبة جزءًا من هويتهم وتاريخهم العريق.

واختتم الباحث عبدالله محسن منشوره باستعارة بيت من الشعر يليق بهذا العمل الفريد: "قمر طوقه الهلال، ومن شمس الدياجي في ساعديه سوار"، في إشارة إلى الجمال السماوي والبهاء المحاط بالضوء والنور، كما لو أن التمثال ليس سوى استعارة حجرية لامرأة تحاكي الشمس والقمر في رمزيتها.

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

حملات بيئية متواصلة.. الخرطوم تعيد بناء حياتها من جديد

متابعات تاق برس- تواصلت اليوم الجمعة جهود تهيئة البيئة لعودة المواطنين ودرء آثار الخريف بمحلية الخرطوم.

حيث دشّن المدير التنفيذي للمحلية، عبد المنعم البشير، حملة النظافة ودرء آثار الخريف بمنطقة الحلة الجديدة ضمن قطاع الخرطوم الغربي.

 

هذه الحملة تأتي ضمن برنامج “العشرة أيام الإسعافية” الذي أطلقته الولاية لتحسين مستوى النظافة؛ استجابة لتوجيهات اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة بولاية الخرطوم.

 

وأكد المدير التنفيذي استمرار الحملات لتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع العودة الطوعية للمواطنين إلى منازلهم،

وأشار إلى عودة أكثر من 60% من سكان القطاع الغربي، مع جهود متواصلة لإعادة خدمات المياه خلال الأيام المقبلة، إلى جانب المساعي المكثفة لإعادة التيار الكهربائي.

وتشهد الحملة مشاركة واسعة من سكان المنطقة ومبادرة “المليون متطوع”.

حملات نظافة في الخرطومدرء آثار الخريفعبد المنعم البشير

مقالات مشابهة

  • نموذج نادر .. باحث يسلم شاهد قبر أثري لـ منطقة آثار الإمام الشافعي
  • مسؤول إيراني يرجح اندلاع حرب مفاجئة مع إسرائيل وأمريكا
  • "بنك قطر الوطني QNB" يرجح ارتفاعا متواصلا للاستهلاك الخاص في الصين
  • حملات بيئية متواصلة.. الخرطوم تعيد بناء حياتها من جديد
  • أبو العينين: أحب الشيء المميز.. والسيراميك تحفة فنية في المنزل
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يعلن تفعيل صفارات الانذار بعد رصد إطلاق مقذوف من اليمن
  • أمانة الطائف ترقع جاهزيتها لمواجهة آثار الحالة المطرية المتوقعة
  • إحالة أبرز معارض تشادي إلى المحكمة الجنائية تثير جدلا سياسيا وقانونيا
  • محلل إسرائيلي يرجح سبب زيارة ويتكوف.. يحاول الضغط على الطرفين
  • في خطوة تعزز توسعها الاستراتيجي.. بيوند للتطوير العقاري تكشف عن باسو، تحفة معمارية جديدة على نخلة جميرا