فندقٌ فريدٌ من نوعه..
لا كهرباء، لا تليفزيون، لا هواتف، ولا تكييف أو أى تكنولوجيا أو إنترنت.هذا الفندق الموجود فى واحة سيوة، حيث يعتبر من أغلى فنادق العالم، إن لم يكن الأغلى على الإطلاق.
يُطلق على الفندق اسم «أدرار أملال» باللغة الأمازيغية، وترجمتها بالعربية «الجبل الابيض».
هذا الفندق يعد واحدًا من أغرب فنادق العالم، إن لم يكن المتفرد على الإطلاق، حيث يخطف الإنسان من حياة الصخب والضوضاء والتكنولوجيا، ويرجع به إلى زمن ما قبل عصر الصناعة و التكنولوجيا.
فى هذا الفندق لا يوجد شيء اسمه كهرباء أو موبايل، أو أى أجهزة أو تقنيات من عصرنا الحالي.
كل شئ فى هذا الفندق من الطبيعة والبيئة الصحراوية.. الإضاءة كلها من خلال الشموع والفوانيس.. الأكل يعتمد على الخضراوات المزروعة فى حديقة الفندق، والطهى يعتمد على الطرق التقليدية التى كان يطهو بها أهل الصحراء فى الأزمنة القديمة.
ما نتحدث عنه عبارة عن فندق «مبنيٌّ بالحجر الملحي»، يتكون من 40 غرفة، وسط الصحراء، على أطراف واحة سيوة.
تم بناء جدران الفندق بالكامل من الرمال والتربة السيوية التى تسمى «إيريغ»، وهى عبارة عن ملح مغلف بالطين، حيث تعتبر مادة بناء عازلة للحرارة مثل الطوب اللبن الذى كان يستخدمه سكان القرى المصرية قديمًا، كما كان يستخدم فى البناء أيضًا فى سيوة منذ آلاف السنين، وهو ما يجعل «أدرار أملال» واحة باردة وسط سخونة الصحراء الحارقة.
أما أبواب الفندق فهى خشبية، وسقف الغرف مصنوع من أشجار النخيل، والأثاث كله بدائيٌّ من الطبيعة.
تحيط بالفندق واحدة من أكبر بحيرات سيوة، مع وجود أشجار الزيتون والنخيل، فى تناغم يشعرك بدخولك فجوة زمنية إلى الوراء، لآلاف السنين.
هذا الفندق الفريد والمتميز يأتى إليه خصيصًا سائحون، من كافة دول العالم، لكى يعيشون تجربة ممتعة وفريدة لا مثيل لها.. يكفى فقط أن تعرف أن واحدًا من أبرز الشخصيات التى تزور الفندق للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، الملك تشارلز وقرينته، حيث يحرص على زيارة الفندق والإقامة فيه، منذ أن كان وليًّا لعهد بريطانيا.
الإقامة فى فندق «أدرار أملال» أو «الجبل الابيض»، باهظة جدًا، نظرًا لإمكانياته التى لا مثيل لها، وغير الموجودة فى أى مكان آخر بالعالم، خصوصًا أنه على أرض مصر، وتحديدًا فى «واحة الغروب» الخلابة، المعروفة باسم سيوة، التى تمتلك كل أنواع السياحة، سواء أكانت تاريخية أو شاطئية أو كلاسيكية أو دينية، لكن المدهش أنها تمتلك نوعًا جديدًا من السياحة، وهى سياحة «الرجوع بالزمن».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجبل الأبيض أشجار النخيل هذا الفندق
إقرأ أيضاً:
عاصمة للثقافة المصرية.. شمال سيناء صحراء يولد فيها الضوء من بين حبات الرمال
في الركن الشرقي البعيد من خارطة الوطن، حيث تحتضن الأرض زرقة البحر وامتداد الرمال، تقف شمال سيناء كقصيدة قديمة لم تُقرأ بعد بكامل عمقها، مدينةٌ يولد فيها الضوء من بين حبات الرمل، وتتعانق فيها الذاكرة مع الحكايات البدوية، وتسكن في بيوتها رائحة التاريخ وأغاني الصحراء، وعندما أعلنت وزارة الثقافة اختيار شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية 2026، بدا الأمر أشبه بإزاحة ستارٍ عن لوحة فنية ظلّت طويلاً تنتظر من يقدّر جمالها، لقد جاء هذا اللقب ليعيد إلى الواجهة ما تزخر به سيناء من ثراء ثقافي وفني وإنساني، ولينفض الغبار عن كنوز تراثية طالما حفظتها القبائل السيناوية في صدورها قبل متاحفها.
هذه المحافظة ليست مجرد أرضٍ حدودية؛ إنها منصّة مفتوحة للثقافة، معمل حي للتراث، ومتحف ممتد تحت السماء، تمتزج فيها أصوات الشعراء البدو، ونقوش التطريز السيناوي، وذاكرة المدن الساحلية التي شهدت أحداثًا صنعت تاريخًا لا يُمحى، وفيما يلي جولة في أشهر المواقع الثقافية، وأبرز الحرف التراثية، ومظاهر التميز الثقافي التي تجعل شمال سيناء جديرة بهذا اللقب.
المواقع الثقافية محطات مضيئة.. والحرف التراثية إبداع منسوج
يقف قصر ثقافة العريش كمنارة ثقافية وسط المدينة، ليس فقط بمبناه، وإنما بدوره الذي يتجاوز الجدران ليصل إلى كل بيت في المحافظة، القصر مساحة تجمع الأجيال، يحتضن مكتبة ثرية تعج بالكتب والدوريات، ويقدم مسرحه عروضًا فنية تعبّر عن الهوية السيناوية، من رقصات شعبية إلى أمسيات شعرية يتجلى فيها صوت البادية وحكمتها.
مركز ثقافة الطفل.. بذور الغد
من بين أهم المؤسسات الثقافية في المحافظة، يأتي مركز ثقافة الطفل بالعريش نموذجًا يُحتذى به في مدارس الإبداع، فهنا تُروى الحكايات الشعبية، وتُدرّب الأيدي الصغيرة على الحرف التراثية، ويتعلم الأطفال فنون الحكي والرسم والغناء، ليكتشفوا مبكرًا أن الثقافة ليست كتابًا يقرأونه فقط، بل حياة يعيشونها.
متحف التراث السيناوي.. خزانة الذاكرة
في صمت المتحف، تحكي المقتنيات قصصًا لا تنتهي: عباءات مطرزة، أدوات الحياة اليومية، صخورٌ منقوشة، وحُلي تحمل رموزًا موروثة من أجيال، متحف التراث البدوي أو السيناوي بالعريش يعد أحد أهم المعالم التي تصون تراث القبائل، وتوثّق نمط الحياة الذي منح سيناء فرادتها، هنا يتعرف الزائر إلى جوهر البيئة السيناوية التي شكّلت ملامح الشخصية البدوية.
البيوت البدوية التراثية.. معمار يحكي أجداده
تنتشر في العريش وبعض مدن المحافظة بيوت بدوية أُعيد ترميمها لتكون قاعات للحرف التراثية وفضاءات تعليمية لتاريخ سيناء الثقافي، فهذه البيوت ليست مجرد مبانٍ؛ إنها ذاكرة من طين، وشهادة على قدرة الإنسان السيناوي على صنع الجمال من أبسط عناصر البيئة.
التطريز السيناوي.. لغة المرأة على القماش
لا يمكن ذكر سيناء دون استحضار جمال التطريز السيناوي، تلك الزخارف الهندسية التي تحمل رسائل موروثة عبر أجيال، ألوانٌ مبهجة.. رموز لها دلالات.. وحكايات تُروى دون كلمات، تعتمد نساء سيناء في تطريزهن على خيطان حمراء وزرقاء وسوداء، تصوغها الأيدي بحرفية نادرة، لتخرج أثوابًا وحقائب وأغطية بات العالم يعترف بها كفن مستقل.
صناعة السجاد والكليم.. دفء الصحراء
على النول اليدوي، تنسج النساء السيناويات خيوط الصوف بألوان مستمدة من الطبيعة: الأصفر من الشمس، البني من الرمل، والأحمر من غروب البحر، السجاد والكليم البدوي ليسا مجرد منتج منزلي، بل هوية كاملة تتجلى فيها البيئة التي نشأت فيها هذه الحرفة، كل قطعة تحمل بصمة صانعها، فتغدو تحفة فنية تحتفظ بروح صاحبتها.
الحلي البدوية.. فضة تحمل تاريخًا
تشتهر سيناء بصناعة الحلي الفضية المزينة بالخرز، التي ترتديها النساء في المناسبات والأعراس، من أشهرها "الشنبرة" و"القلادة البدوية" و"الزمام". هذه الحلي ليست زينة فحسب، بل ترمز إلى الانتماء القبلي، وتعبر عن مكانة المرأة الاجتماعية.
الصناعات السعفية.. هدايا من النخيل
في القرى السيناوية، يمكن رؤية النساء وهن يشكلن من جريد النخيل سلالًا وأطباقًا وقبعاتٍ تحمل روح البيئة، إنها حرفة ارتبطت برحلة الصحراء، حيث يستغل السيناويون كل ما تمنحه لهم الطبيعة ليخلقوا منه جمالًا نافعًا.
الملامح الثقافية.. هوية لا يشبهها أحد
شمال سيناء ليست مجرد تراث جامد؛ إنها حياة نابضة، تتميز المحافظة بثقافة بدوية ذات جذور عميقة، يظهر أثرها في الشعر والغناء والأمثال الشعبية، ولعل الشعر النبطي من أهم سمات الهوية السيناوية، حيث يعبّر الشعراء عن الحب والوطن والحكمة بلغة صادقة وموسيقى تلامس الوجدان، كما تشتهر سيناء بالرقصات البدوية، مثل الدحية التي تتطلب تناغمًا جماعيًا يعكس روح القبيلة ووحدة أفرادها.
كذلك تُعد سيناء بوتقة تنصهر فيها ثقافات متعددة، بحكم موقعها الذي جعلها معبرًا للتجارة والحضارات، هذه الميزة انعكست على عادات سكانها وتقاليدهم وملابسهم وموسيقاهم، لتشكل لوحة ثقافية فريدة.
حتى المطبخ السيناوي يحمل طابعه الخاص؛ من الخبز المصنوع على الصاج إلى وجبات تعتمد على أعشاب الجبل، وكل طبق يحمل نكهة تاريخٍ لا يتكرر.
سيناء التي تستحق الضوء
بعد تتويجها عاصمة للثقافة المصرية 2026، تقف شمال سيناء على أعتاب مرحلة جديدة تفتح فيها أبوابها للعالم لتروي قصتها، فكل موقع فيها هو فصل من كتاب، وكل حرف تراثي هو سطر من ذاكرة، وكل أغنية بدوية هي صفحة من روحٍ لا تنطفئ، شمال سيناء ليست مجرد جغرافيا؛ إنها هوية متدفقة، وكنز تراثي، ومساحة نقية لحوار بين الماضي والحاضر.