مصلحة نتنياهو النهائية.. التصعيد نحو الحرب الشاملة
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
فشلت المفاوضات التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة الاميركية والايرانيين حول التسوية المفترضة التي قد تمنع ايران من الردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية على اراضيها. لكن فشل هذه المفاوضات ظهر عملياً من غزّة التي رفضت "حماس" فيها التفاوض وفق الشروط والاطر الحالية، وقالت ان ما وافقت عليه سابقاً يجب ان يكون مدخلاً للحل، وبالتالي فإن وضع اطر تطبيقية له سيسهل على الجميع الوصول الى تسوية بدل عقد جلسات مفاوضات جديدة.
التفاوض الحاصل بين الاطراف المعنيين وصل الى حائط مسدود بسبب الشروط التعجيزية التي وضعها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، والتي يحاول من خلالها قضم المزيد من المكتسبات على حساب غزة ووضعية "حماس" فيها، علما ان الحركة قدمت الحدّ الاقصى من التنازلات التي يمكن ان تقدمها، وباتت محرجة أمام جمهورها وبيئتها الحاضنة ولا تستطيع عقد تسوية لا تتضمن وقف اطلاق نار نهائي، وعليه فإن القاعدة الاولى والاساسية لاي تسوية هي ان تكون الهدنة فيها دائمة.
لا يمكن لنتنياهو القبول بتسوية في هذه المرحلة لان ذلك سيظهره كشخصية ضعيفة وسيظهر إسرائيل مهزومة وخاضعة للتهديدات الايرانية، وعليه فإن الذهاب بعيدا في التصعيد سيكون خياراً مطروحا امام الحكومة الاسرائيلية، خصوصا ان الادارة الاميركية التي لا ترغب فعلا بالذهاب الى حرب شاملة في الشرق الاوسط و تفضل التهدئة غير قادرة على تهديد نتنياهو او اسرائيل بوقف الدعم العسكري لان ذلك سيؤثر على واقع الحزب الديمقراطي الانتخابي في ظل اقتراب الاستحقاق الرئاسي.
وتعتبر مصادر مطلعة أن الانجازات التي حققها نتنياهو في غزة، سيعمل على تحقيقها في جبهة لبنان، لذلك فهو يعمل على دحرجة المعركة الى ما هو أبعد من "الايام القتالية"، مستفيداّ من وجود الولايات المتحدة الاميركية التي تعمل بشكل جدي على حشد بعض الدول القريبة لتكون جزءاً من المظلة الحمائية لاسرائيل، وهذه فرصة قد لن تتكرر في السنوات المقبلة، وعليه يجب استغلالها وان عبر خطوات جنونية غير مضمونة النتائج. فخسارة المعركة ستكون وطأتها أخف في حال لم تصب الخسارة اسرائيل وحدها، اما الانتصار فسيحصده نتنياهو شخصياً.
الاهم ان رئيس الحكومة الاسرائيلية يشعر أن ما حاول القيام به منذ سنوات، اي ادخال الولايات المتحدة الاميركية بمعركة مباشرة مع ايران بات أمراً واقعياً ، وهو أمر ممكن أن يحصل في حال ورط الايرانيين بمعركة قاسية ضدّ إسرائيل. وعليه فإن المسار الحالي قد يوصل نتنياهو الى ما يريد حيث يمكن ان يكون استهداف المشروع النووي الايراني احد اهداف الرجل، وبالتالي تأجيل الخطر الداهم على تل ابيب، مهما كانت تكلفة هكذا خطوة على المنطقة ككل وعلى العالم أجمع.
خلال الايام المقبلة، وفي ظل توقف المفاوضات، سيصبح الحديث عن احتمالات التصعيد والسيناريوهات المتوقعة أمراً غير منطقي، اذ تصبح الاحتمالات كلها واردة، والتهدئة التي كان يأمل البعض ان تحصل قبل الردّ سيتم السعي لانجازها بعده، اي ستتركز حول ردة الفعل الاسرائيلية التي يؤكد العارفون أنها ستحصل حتماً وستكون مباشرة وعلنية تجاه طهران.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
3 قضايا ساخنة في رحلة ترامب قد تفجر الخلاف مع نتنياهو
قبل يوم من بدء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، تعيش القيادة الإسرائيلية في حالة قلق غير معتادة.
وبخلاف نبرة الثقة التي تطغى عادة على مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسود الصمت والتوجس.
وكشفت مصادر مقربة من مكتب نتنياهو لصحيفة هآرتس أن حالة من "عدم اليقين" تسود داخل الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية، خصوصا مع تكتم فريق ترامب على تفاصيل جدول أعماله.
وقال أحد مساعدي نتنياهو: "في الغالب، لا نعرف ما الذي ينوي الرئيس ترامب فعله أو قوله".
ويبدو أن حالة الغطرسة التي عادة ما تميز سلوك القيادة الإسرائيلية قد تراجعت، لتحل محلها حسابات دقيقة حول كيفية التعامل مع التحركات الأميركية في المنطقة.
وتتضمن الزيارة مؤتمرا اقتصاديا يشارك فيه كبار رجال الأعمال من الولايات المتحدة والسعودية، للإعلان عن استثمارات مشتركة ضخمة، في حين سيعقد ترامب قمة مع زعماء دول الخليج في اليوم التالي، قبل أن يغادر إلى الدوحة، ومن ثم يختتم جولته في أبو ظبي حيث سيتم الكشف عن استثمار ضخم في السوق الأميركي.
خطة المساعدات لغزة: انقسام في الرؤية والتمويل أولى الملفات الحساسة في زيارة ترامب هو ملف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
حيث صاغت إدارة ترامب، بالتنسيق مع إسرائيل، خطة لإنشاء هيئة رقابية تشرف على توزيع المساعدات وتمنع وصولها إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لكن المعضلة الكبرى تكمن في التمويل. إعلان ويأمل ترامب، المعروف بميله للعزلة وتفضيله لعدم إنفاق أموال أميركية خارجية، أن تقوم دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر، بتمويل هذه الآلية.
لكن هذه الدول أبلغت واشنطن صراحة أنها ترفض تمويل هيئة جديدة خارج إطار وكالات الأمم المتحدة، وترى أن الحل يكمن في وقف الحرب، لا الالتفاف على جذورها، وفقا لهآرتس.
ومع تزايد خطر المجاعة، وعدم توفر خطة بديلة لدى إسرائيل، قد يؤدي فشل الخطة الأميركية إلى تصعيد سياسي داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع وجود انقسام واضح بين المتشددين ونتنياهو نفسه حول ملف المساعدات.
صفقة الأسرى وإنهاء الحرب: هل يُقصى نتنياهو؟
القضية الثانية التي قد تُفجر الخلاف بين ترامب ونتنياهو تتعلق بمخطط أميركي لإنهاء الحرب في غزة، يتضمن صفقة للإفراج المرحلي عن الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف تدريجي للعمليات العسكرية، وإنهاء حكم حماس في القطاع.
في أفضل سيناريو، سيعلن ترامب، مدعوما من الدول العربية، عن خطة تؤدي إلى إنهاء الحرب دون القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة فورا.
أما في السيناريو الأسوأ، سترفض إسرائيل أو حماس الخطة، ويتخلى ترامب عن الملف لتستمر الحرب ويموت الأسرى، وهو ما يعتبره بعض مسؤولي الحكومة الإسرائيلية "أفضل سيناريو" لبقاء الحكومة اليمينية الحالية لعام إضافي.
في المقابل، تخشى تل أبيب أن يُقدم ترامب على إعلان مبادرة دون التنسيق المسبق معها، بما يشمل تعهده بإنشاء "دولة فلسطينية بدون حماس"، وهو سيناريو تعتبره القيادة الإسرائيلية تهديدا مباشرا لسياساتها.
الملف الإيراني: صوت إسرائيل لا يُسمع القضية الثالثة والأخطر من وجهة نظر إسرائيل هي الملف النووي الإيراني. فبينما كانت تل أبيب لاعبا رئيسيا في هذا الملف، تبدو الآن خارج دائرة التأثير.
وتسعى إدارة ترامب للتوصل إلى مذكرة تفاهم مؤقتة مع إيران بشأن البرنامج النووي، تتيح للرئيس الأميركي إعلان اتفاق أولي، على أن تستكمل الفرق الفنية التفاصيل لاحقا.
ورغم تصريحات مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بأن "إيران يجب ألا يُسمح لها بأي تخصيب لليورانيوم"، إلا أن واشنطن منفتحة على حلول وسط، مثل التخصيب تحت إشراف دولي وفي مواقع محددة فقط.
وفي هذه الأثناء، يبدو موقف نتنياهو أشبه بمن "يصرخ من المدرجات" دون أن يستجيب له أحد، على حد تعبير أحد المراقبين الإسرائيليين.
وتأتي زيارة ترامب في لحظة حرجة، وسط عدوان مستمر على غزة وأزمة إنسانية متفاقمة وفتور في علاقات واشنطن وتل أبيب.
وإذا نجح ترامب في تحريك ملفات غزة والأسرى وإيران، فقد يسجل نقطة مفصلية في ولايته الرئاسية الثانية.
أما إذا فشلت زيارته، فقد تترك المنطقة تغرق في حرب طويلة، وتفجّر انقسامات داخلية في إسرائيل نفسها.
والسؤال الأكثر أهمية يطرح نفسه: هل ستكون هذه الزيارة بداية تحول في السياسات الأميركية تجاه إسرائيل