أثير – ريما الشيخ

تسعى وزارة العمل في سلطنة عمان إلى تنفيذ سياسة قطاعية شاملة تهدف إلى تطوير قطاع العمل والموارد البشرية، تأتي هذه الإستراتيجية في إطار رؤية واضحة لتعزيز التعاون بين الوزارة والقطاعات المختلفة لتحقيق تنمية مستدامة للموارد البشرية في السلطنة، حيث يرتكز هذا التوجه على مبدأ التشاركية بين الوزارة ومؤسسات القطاع الخاص المختلفة لتحقيق أهداف مشتركة تتعلق بتطوير المناهج والبرامج التدريبية.

حاورت ”أثير“ الدكتور محمد بن مصطفى النجار، مدير عام التدريب في وزارة العمل، للحديث حول هذا الجانب، حيث تطرق على عدة نقاط منها:

إنشاء وحدات المهارات القطاعية: تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني

قال الدكتور بأن الوزارة قامت بمبادرة لإنشاء وحدات المهارات القطاعية بالتعاون مع الجمعيات المهنية. هذه الوحدات تمثل كيانات جديدة تحت مظلة الجمعيات المهنية، ومنحت صلاحيات كبيرة لتطوير منتجات وطنية تتمثل في المعايير المهنية المطلوبة في السوق.

حتى الآن، تم ترخيص ثماني وحدات مهارات قطاعية تغطي مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة والمعادن، اللوجستيات، الصناعة، المحاسبة والمالية، الهندسة، تقنية المعلومات، والصيد السمكي، كما تتعاون الوزارة مباشرة مع وزارة التراث والسياحة لتمثيل قطاع السياحة.

دور وحدات المهارات القطاعية في تحديد احتياجات سوق العمل

وأشار النجار إلى أن وحدات المهارات القطاعية تعد الصوت الحقيقي للقطاعات المختلفة في سلطنة عمان، فهي تعمل على تحديد الأولويات المهنية والمهارات التي يحتاجها كل قطاع سواء في المرحلة الحالية أو المستقبلية، وتسهم هذه الوحدات في تطوير دراسات تحليلية وخارطة مهنية تساعد في تحديد المهن التي تندرج تحت كل قطاع وربطها بمستويات المهارات الوطنية والإطار الوطني للمؤهلات، وهذا التوجه يضمن استهداف المهن التي تجذب القوى العاملة الوطنية وتوفر فرصًا للترقي الوظيفي.

تطوير المعايير المهنية الوطنية: ضمان جودة مخرجات التعليم والتدريب

أكد النجار بأن وحدات المهارات القطاعية تلعب دورًا محوريًا في تطوير المعايير المهنية الوطنية. يتم تطوير هذه المعايير بناءً على احتياجات السوق من خلال التعاون مع العاملين في كل قطاع لضمان توافقها مع المتطلبات الفعلية، فهذه المعايير تتضمن مجموعة من المعارف، المهارات، والكفايات اللازمة لممارسة مهن معينة، وتعتبر مرجعًا رئيسيًا لتطوير البرامج التدريبية والمناهج التعليمية، ومن خلال هذه المعايير، يتم تحسين جودة مخرجات التعليم والتدريب وتقليل الفجوة بين ما تقدمه مؤسسات التعليم وما يحتاجه سوق العمل.

نظام الاعتماد المهني: تنظيم سوق العمل وتعزيز التنافسية

قال الدكتور: لتنظيم سوق العمل وضمان التنافسية، قامت وزارة العمل بإطلاق نظام الاعتماد المهني الذي يتضمن ثلاثة برامج رئيسية: برنامج الكفاءة المهنية، برنامج التصنيف المهني، وبرنامج الترخيص المهني، ويهدف نظام الترخيص المهني إلى ضمان امتلاك العاملين للمهارات والمعارف المطلوبة من خلال اختبارات كفاءة تستند إلى المعايير المهنية المعتمدة، كما أن هذه الخطوة تسهم في تنظيم سوق العمل، وتضمن وضع الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة، مما يعزز من فرص القوى العاملة الوطنية في الحصول على وظائف تتناسب مع مهاراتهم.

التعاون بين وزارة العمل والجهات التعليمية: تطوير البرامج والمناهج

أكد الدكتور بأن وزارة العمل تعمل بشكل وثيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لضمان أن جميع البرامج التدريبية المعتمدة تستند إلى المعايير المهنية الوطنية، حيث يشمل هذا التعاون تطوير المناهج التعليمية والتدريبية في الكليات المهنية بما يضمن توافقها مع احتياجات سوق العمل وقد تم تطوير حوالي 25 معيارًا مهنيًا حتى الآن، حيث تختلف مستويات التقدم بين الوحدات وفقًا لمستوى نضج كل قطاع.

الإطار الوطني للمؤهلات: توحيد الجهود وتحقيق التنسيق
هذا ويعد الإطار الوطني للمؤهلات أداة أساسية لضمان انسجام المؤهلات الوطنية مع المعايير المهنية. يسهم هذا الإطار في توحيد الجهود بين المؤسسات الحكومية والخاصة لضمان تحقيق أعلى مستويات التنسيق والتكامل في سوق العمل. تم تدشين هذا الإطار من قبل الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، ما يضمن أن جميع المؤهلات تتوافق مع المعايير المهنية الوطنية.

تحديات التكنولوجيا والتطوير المستمر

قال النجار بأنه في ظل التحديات الكبيرة التي يفرضها عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تسعى وزارة العمل إلى مواكبة هذه التغيرات من خلال تطوير مسميات المهن وتحديث قاعدة بيانات القطاعات المختلفة، هذا الجهد يهدف إلى تلبية احتياجات سوق العمل المستمرة والمتجددة، وضمان أن المناهج والبرامج التدريبية تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة.

دعم وحدات المهارات القطاعية:
لتفعيل دور وحدات المهارات القطاعية، قامت وزارة العمل بتقديم دعم شامل لهذه الوحدات بالتنسيق مع الوزارات المشرفة على القطاعات المختلفة، ويشمل هذا الدعم الجوانب البشرية، التشريعية، واللوجستية، مما يساهم في تطوير المناهج التعليمية وتطبيق المعايير المهنية الوطنية بشكل يلبي احتياجات سوق العمل.

تطوير منظومة التعليم والتدريب: نحو تعليم مهني مستدام
في إطار التعاون المثمر، تم تطوير مناهج تعليمية ضمن مسار التعليم المهني التقني على المستوى المدرسي، بالتعاون مع وحدة المهارات القطاعية للطاقة والمعادن. هذه المناهج تعتمد بشكل أساسي على المعايير المهنية الوطنية، ما يعزز من جودة التعليم والتدريب في سلطنة عمان، كما يتم أيضًا التنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لضمان أن جميع البرامج التدريبية المطروحة من قبل المؤسسات التدريبية الخاصة التي تعتمد على هذه المعايير، مما يضمن توافقها مع احتياجات سوق العمل.

الرؤية المستقبلية: تحقيق أهداف رؤية عمان 2040
وفي ختام حديثه مع ”أثير“ ، قال الدكتور محمد النجار بأن وزارة العمل تسعى إلى تعزيز التعاون مع مختلف القطاعات لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040. من خلال تطوير الموارد البشرية وإنشاء وحدات المهارات القطاعية، تعمل الوزارة على تلبية احتياجات سوق العمل وتنظيمه بشكل أكثر فعالية، كما تسعى الوزارة إلى تقليل الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، مما يعزز من فرص القوى العاملة الوطنية في الحصول على وظائف تتناسب مع مهاراتهم، وهذه الجهود المستمرة تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد العماني بشكل عام.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: المعاییر المهنیة الوطنیة احتیاجات سوق العمل البرامج التدریبیة التعلیم والتدریب هذه المعاییر وزارة العمل التعاون مع من خلال کل قطاع

إقرأ أيضاً:

إطلاق مبادرة “مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية”

صراحة نيوز- تحت رعاية سمو الأميرة ريم علي، أطلقت اليوم السبت مبادرة “مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية” بالشراكة بين معهد الإعلام الأردني وأمانة عمان الكبرى، وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
يُعد إطلاق هذه المبادرة خطوة عملية ضمن الجهود الهادفة لتعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية في المجتمع، وامتدادًا للدور الذي رسخته عمان خلال استضافتها لأسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية عام 2024، الذي اختُتم بإطلاق إعلان عمان الداعي إلى تعزيز دور المدن في دعم الثقافة المعلوماتية والمشاركة المدنية في الفضاء الرقمي.
أوضح نائب رئيس لجنة أمانة عمان المهندس زياد الريحاني أن اللقاء يجمع المعنيين لتعزيز الدور المؤسسي لأمانة عمان في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، مشيرًا إلى أن المبادرة امتداد لرؤية وطنية يقودها الأردن لتعزيز الوعي الإعلامي وحماية المجتمع من مخاطر التضليل وترسيخ التفكير النقدي والمسؤول في التعامل مع المحتوى الرقمي.
بين الريحاني أن مبادرة عمان كمدينة للدراية الإعلامية والمعلوماتية تعتمد على دمج مفاهيم الوعي الإعلامي في الخطط والبرامج البلدية وربطها بأدوات الحكومة الإلكترونية، وتطوير منظومة موحدة للوحات إرشادية ومعلوماتية، وإعداد أجندة من الأنشطة والفعاليات وصولًا إلى إنشاء مكتب معلومات بديل يشكل مرجعًا موثوقًا للمواطنين والزوار، ويُسهم في تحسين تجربة التنقل والوصول إلى الخدمات.
أشار الريحاني إلى أهمية بناء القدرات عبر تدريب الشباب على قنوات التحقق من المعلومات، ومواجهة خطاب الكراهية، وفهم آليات إنتاج المحتوى، وتعزيز دور المدارس والجامعات في نشر مفاهيم الدراية الإعلامية، مع توفير منصات رقمية تدعم التعليم الذاتي لجميع فئات المجتمع.
أكد أن الاستثمار في بناء القدرات يشكل حجر الأساس لترسيخ ثقافة معلوماتية مستدامة في عمان، وضمان جاهزية كوادر البلدية لإدارة هذا التحول بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، مبينًا أن أمانة عمان أولت اهتمامًا خاصًا لرفع قدراتها المؤسسية من خلال تدريب موظفيها في معهد الإعلام الأردني.
قالت الرئيسة التنفيذية لمعهد الإعلام الأردني الدكتورة دانا شقم، إن أمانة عمان أبدت إيمانها بمشروع اليونسكو لمدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية من خلال إعلانها العام الماضي عمان كواحدة من 17 مدينة عالمية وثالث مدينة عربية تتبنى هذه المبادرة، ومشاركة كوادرها في التدريب على الدليل التشغيلي الخاص باليونسكو.
أوضحت شقم أن الخطوة المقبلة هي إدماج الدراية الإعلامية والمعلوماتية في خطط وبرامج أمانة عمان ضمن مشروع الاستراتيجية الوطنية الثانية للدراية الإعلامية والمعلوماتية، التي ستطلقها وزارة الاتصال الحكومي قريبًا، بدعم من اليونسكو.
أشارت إلى أن تحويل عمان إلى مدينة للدراية الإعلامية والمعلوماتية يُمثل خطوة مفصلية في التحديث الوطني، ويقدّم تصورًا جديدًا للمدينة يجعل الوصول للمعلومة موثوقًا، والتفكير ناقدًا، والوعي الإعلامي جزءًا من بنيتها الحضرية.
لفتت شقم إلى أن الاستراتيجية حددت ثلاث مدن أردنية مرشحة لقيادة هذا التحول وهي عمان وإربد والعقبة، لامتلاكها مقومات معرفية وثقافية وخدمية تؤهلها لأن تكون نماذج عربية رائدة في هذا المجال.
قالت ممثلة منظمة اليونسكو في الأردن ومديرة المكتب نهى بوازير، إن نظام محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية يشكّل بوصلة رقمية تساعد على التمييز بين المعلومات الدقيقة والضوضاء الإعلامية، في عالم تتسارع فيه وتيرة تدفق المعلومات عبر الفضاء الرقمي.
أوضحت أن المدن لم تعد مجرد تجمعات من الخرسانة والزجاج، بل أصبحت أنظمة حية تضم التكنولوجيا والثقافة والمؤسسات، ويقودها في المقام الأول الإنسان، ما يجعلها بيئات مؤثرة في تشكيل الوعي المجتمعي.
بينت بوازير أنه مع التحول الحضري المتسارع، يعيش اليوم نحو نصف سكان العالم في المدن، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 70% بحلول عام 2050، ما يفرض ضرورة وجود حلول للتحديات الإعلامية والمعلوماتية داخل المدن نفسها.
أكدت أهمية الشراكة بين الحكومات المحلية والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني، وإشراك القطاع الخاص وسلطات النقل والمؤسسات الإعلامية والمنصات الرقمية لضمان نجاح المبادرة واستدامتها.
لفتت إلى أن المبادرة لا تقتصر على كونها مشروعًا تجريبيًا، بل تمثل استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد يسهم في بناء مدن أكثر قدرة على مواجهة المعلومات المضللة، وتعزيز التماسك الاجتماعي، ودعم حرية التعبير، وتحويل السكان من متلقين سلبيين إلى مواطنين فاعلين ومشاركين في الشأن العام.

مقالات مشابهة

  • "جامعة التقنية" تُطلق حملة لتعزيز وعي الطلبة بأولويات رؤية "عُمان 2040"
  • توعية طلبة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمحاور وأولويات رؤية عُمان 2040
  • إطلاق مبادرة “مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية”
  • النعيمات بغرفة التدريب: “بالروح الكأس ما بروح”
  • “تنمية المهارات” يختتم برنامج “إدارة وحسابات الأصول” لكوادر شركة النفط
  • الجائزة السعودية للإعلام تطلق مسار “جوائز التميّز الإعلامي” للاحتفاء بأبرز الأعمال الوطنية
  • النقل تدعو القطاع الخاص للاستثمار في النقل النهري ضمن خطة شاملة لتطوير القطاع
  • «شغّلني» تطلق مشروعًا لتشغيل 825 شابًا من سوهاج وقنا بدعم من «ساويرس للتنمية»
  • وزارة العمل تُطلق ورشة لتعزيز إعداد الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية
  • الفريق أول ركن “صدام حفتر” يبحث مع وفد عسكري أردني سبل تطوير برامج التدريب ورفع قدرات القوات المسلحة