أثير- مكتب أثير في القاهرة

كتبت آنا زكريا الصحفية والمؤلفة الكندية اليوم الأربعاء، مقالًا تحت عنوان: “المرأة العمانية تعيد اختراع فن صياغة الفضة القديم”.

وتقول الكاتبة الكندية في مقالها المنشور في الموقع الإلكتروني newlines mag: ” : كانت أمل الإسماعيلية في العاشرة من عمرها، فتحت الباب لبائع متجول طلب جدتها، لشراء مجوهرات فضية عتيقة لإعادة بيعها أو تذويبها في قطع جديدة”.


وتنقل عن أمل الإسماعيلية قولها: “تتحدث والدتي دائمًا عن المجوهرات التي كانت جدتي تملكها، ومدى ثقلها وكيف باعتها كلها”، وهي تتذكر أن جدتها سلمت حامل الكحل المحفور وقطعًا أخرى من المجوهرات العتيقة المزخرفة للتاجر؛ فشعرت أن تراثها قد تلاشى، وذهب. لذلك، حاولت تتبع ذلك.
ووجدت أمل الإسماعيلية، طريقها من واحة إبراء إلى المملكة المتحدة، حيث بدأت في دراسة تاريخ المجوهرات الفضية والجلدية العمانية كجزء من دراسات الدكتوراه.
وصقلت مهاراتها، وبدأت في وضع معرفتها في الحدادة جنبًا إلى جنب مع تاريخ الحرفة التي يمكن أن تؤثر على مستقبلها.
وأدى بحثها عن مجوهرات جدتها البدوية إلى لقاءات مع النساء في المناطق الداخلية الصحراوية في سلطنة عمان، وعندما أنهت الإسماعيلية الدكتوراه، عادت إلى بلادها بشكل دائم لتدريس المجوهرات والحرف اليدوية المعاصرة في جامعة السلطان قابوس.
تقول الكاتبة الكندية آنا زكريا: أمل الإسماعيلية، جزء من جيل جديد من النساء العمانيات اللواتي بدأن صياغة الفضة، مدعومة بالتكنولوجيا الحديثة، والدروس الحكومية في الحدادة ووسائل التواصل الاجتماعي التي تمكنهن من الوصول إلى المستهلكين الأثرياء في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية.


وتابعت: لطالما كانت صياغة الفضة من اختصاص الرجال الذين يقومون بالحدادة وبيع بضاعتهم في الأسواق، لكن بينما يسعى الرجال إلى وظائف حكومية بأجر، تتدخل النساء للحفاظ على تقاليد صياغة الفضة على قيد الحياة. ومع تزايد عدد المتاجر التقليدية التي تغلق أبوابها، تقوم النساء بإنشاء ورش عمل في منازلهن وبناء قواعد للعملاء على WhatsApp و Instagram”.

وتواصل الكاتبة الكندية حديثها عن قائلة: في شبه الجزيرة العربية، لطالما كانت سلطنة عُمان مرادفة للفضة، فقد تم ارتداء المعدن مرة واحدة في كل معلم من مراحل الحياة، تم ثقب آذان الأولاد والبنات بعد أسابيع من الولادة، وارتدى الأطفال تمائم ثقيلة للحماية من العين الشريرة. كان المهر الذي أعطاه زوجها للعروس هو ضمانها المالي”.

وأوضحت أن “هذا كان يعني الوصول الثابت إلى الفضة عالية الجودة على شكل ماريا تيريزا ثالر، وهي عملة معدنية من السبائك حملت وجه حاكم إمبراطورية هابسبورغ في القرن الثامن عشر والإمبراطورة الرومانية. وكانت عملتها الفضية التي تحمل اسمها ثمينة للغاية بسبب نقائها لدرجة أنه تم سكها من برمنغهام إلى بومباي وظلت عملة في شبه الجزيرة العربية حتى أواخر القرن العشرين”.
كما قالت الكاتبة الكندية في مقالها: “لقرون، قدم البحارة العمانيون في المحيط الهندي للحدادين إمدادًا ثابتًا من العملات الفضية النقية التي تم صهرها إلى قطع جديدة أو تم تقييمها على أنها ميداليات في حد ذاتها”.
وتواصل حديثها: “كانت العديد من القطع الفضية مخصصة للنساء المتزوجات، مثل حلقات أصابع القدم أو الخلخال للأجراس التي يتم ارتداؤها للرقص في المجتمعات الساحلية الجنوبية. وبالنسبة للكثيرين، تحمل الفضة أهمية روحية كبيرة.

وتكشف أن المتحف البريطاني ينظم في في شهر أكتوبر المقبل، معرضًا عن صائغات الفضة في القرن العشرين، مثل توفول رمضان، التي تعلمت الحدادة من زوج أختها في سن الرابعة عشرة، وجعلتها تتاجر عندما أصبحت أرملة في منتصف العشرينيات من عمرها ولديها ثلاثة أطفال صغار.
وتقول آنا زكريا: منذ أواخر التسعينيات، بدأ الرجال في ترك المهنة واختيار وظائف ذات مكانة أكبر وأمان مالي. وتضيف: “الرجل مسؤول عن توفير المال للعائلة”، هذا ما قاله هلال الشيباني، 33 عامًا، أحد آخر صاغة الفضة العمانيين الذكور في الداخلية. “عندما ينهون دراستهم الجامعية ، يحاولون العثور على وظيفة ، ويحاولون الحصول على راتب ، ويحاولون بناء حياتهم الخاصة.”
وتنقل عنه أيضا: تعرف الكثير من النساء كيفية تصميم المجوهرات لكن ليس لديهن الدعم المالي لفتح ورشة عمل صغيرة”.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

ليلى خالد... المرأة التي هزّت سماء العالم


محمد بن أنور البلوشي

 

حين يُذكر اسم ليلى خالد، لا يُذكر كاسمٍ عابرٍ في دفاتر التاريخ، بل كرمزٍ للثورة والصمود والجرأة الفائقة. هي ليست مجرد امرأة فلسطينية عادية؛ بل أيقونة نضالية قلبت مفاهيم القوة والضعف، واستطاعت في لحظة أن تجعل العالم كله يلتفت إلى قضية شعبها. ولدت ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944، تلك المدينة الساحلية الفلسطينية التي غادرتها مع عائلتها بعد النكبة عام 1948، حين طُرد آلاف الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم ليعيشوا مرارة اللجوء والحرمان.

منذ طفولتها، حملت ليلى في قلبها فلسطين كحلم لا يفارقها، كقصة تحكيها لنفسها قبل النوم، وكشمس تشرق في كل صباح تدعوها إلى الحرية. انخرطت في العمل الوطني مبكرًا، فانضمت إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رافعة شعار "لا بد للحق أن يعود مهما طال الزمن". كانت تؤمن أن النضال ليس حكرًا على الرجال، وأن للمرأة دورًا أساسيًا في المقاومة وصناعة التاريخ.

في عام 1969، نفذت ليلى خالد عملية اختطاف طائرة تابعة لشركة TWA" " الأمريكية، وكانت متجهة من روما إلى تل أبيب. في تلك اللحظة، أصبحت ليلى حديث الصحف والإذاعات العالمية. لم يكن الهدف من اختطاف الطائرة قتل الأبرياء، بل كان هدفًا سياسيًا بحتًا: لفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن الفلسطينيين شعب له قضية عادلة يجب ألا تُنسى. وقفت ليلى، في تلك اللحظة، تحمل سلاحها في الطائرة، لكنها كانت تحمل في قلبها رسالة شعبها قبل أي شيء آخر.

الغريب في قصة ليلى خالد هو اختفاء الطائرات الإسرائيلية في تلك الفترة. كانت إسرائيل قد تباهت بتفوقها الجوي وبقدرتها على السيطرة على السماء، لكن فجأة، في خضم العمليات الفدائية، بدأت بعض الطائرات تختفي من الرادارات، وتتأخر في العودة إلى قواعدها. ربط بعض المحللين تلك الظاهرة بالخوف النفسي والاضطراب الأمني الذي تسببت به عمليات المقاومة، خاصة بعدما أيقن الطيارون أن السماء لم تعد حكرًا لهم، وأن هناك مقاومين يستطيعون الوصول إلى قلب المطارات وخطف الطائرات نفسها.

بعد تلك العملية، تم اعتقال ليلى في لندن، لكنها أُفرج عنها بعد فترة قصيرة في صفقة تبادل أسرى. لم تتراجع ليلى عن مواقفها، بل ازدادت إيمانًا بعدالة قضيتها. عادت لتنفذ عملية اختطاف أخرى عام 1970، هذه المرة مع رفيقها النضالي باتريك أرغويلو، على متن طائرة شركة "إل عال" الإسرائيلية. لم تنجح تلك المحاولة بالكامل، إذ تم اعتقالها مرة أخرى، لكنها أصبحت أكثر شهرة، وصارت صورة وجهها بالكوفية رمزًا عالميًا للمقاومة والثورة.

تُجسد ليلى خالد حالة فريدة من الإصرار والإيمان. لم تكن تحب فلسطين حبًا عاديًا، بل عشقًا مقدسًا تجاوز كل الحدود، جعلها تضحّي بحياتها الشخصية وحريتها من أجل وطنها. في كل مقابلة صحفية أو حديث عام، كانت تكرر: "لن أعود إلى بيتي في حيفا إلا ومعي كل اللاجئين الفلسطينيين". هذه الجملة وحدها كانت كفيلة بأن تحفر اسمها في ذاكرة كل عربي وكل إنسان حر.

عاشت ليلى حياة مليئة بالتحديات والمطاردات، لكنها لم تنكسر. بمرور السنوات، صارت رمزًا نسويًا عالميًا، وصورةً حية للمرأة التي تكتب التاريخ لا بالحبر فقط، بل بالفعل والتضحية. حتى اليوم، ترى في عينيها بريق الأمل، تسمع في كلماتها نداء العودة، وتحس في قلبها ذلك النبض الفلسطيني الأصيل الذي لا يهدأ.

قصة ليلى خالد ليست مجرد فصل في كتاب المقاومة، بل مرآة تعكس عظمة الإنسان عندما يقف في وجه الظلم، كيفما كانت إمكانياته. هي دليل حي على أن الإيمان بالقضية يمكن أن يجعل من امرأة شابة، خرجت من مخيمات الشتات، صوتًا يزلزل العواصم ويجعل الطائرات تختفي من السماء خوفًا من جرأتها.

ليلى خالد علمتنا جميعًا درسًا أبديًا: أن الوطن ليس مجرد قطعة أرض، بل هو كرامة وهوية وحلم لا ينطفئ. وعلّمتنا أن المرأة قادرة على حمل السلاح والقلم معًا، قادرة على رسم خريطة الوطن بحروفها ودمائها، وأن الحق، مهما تآمر العالم عليه، لا يموت.

بهذه القصة، تبقى ليلى خالد أيقونة الأمل، وشمسًا لا تغيب عن سماء فلسطين.

 

مقالات مشابهة

  • وزارة شؤون المرأة تطلق مبادرة لحماية النساء من الإساءة الرقمية
  • ليلى خالد... المرأة التي هزّت سماء العالم
  • المرأة اللبنانية بين الحروب والأمل: طائر الفينيق لا يستسلم
  • إيكاد: سفينة "إترينتي سي" التي استهدفها الحوثيون كانت متجهة لميناء جدة السعودي وليست إلى إسرائيل
  • المرأة اللبنانية طائر فينيق.. عاشت تحديات الحرب وانتفضت على الأزمات
  • مالي تبدأ في بيع الذهب من منجم كانت تديره شركة كندية
  • يناديها سالينتي .. من هي المرأة التي تفهم ترمب أكثر من نفسه؟
  • المرأة اللبنانية تتحدى الأزمات وتطالب بمزيد من المساواة والتمثيل السياسي
  • اتفاقية تعاون لتمكين النساء والفتيات من المهارات الرقمية
  • المرأة العربية تُطلق منصة رقمية لتبسيط الحقوق القانونية للنساء