المرأة اللبنانية طائر فينيق.. عاشت تحديات الحرب وانتفضت على الأزمات
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
بيروت "العمانية" – "فانا": واجهت المرأة اللبنانية أقسى التحديات، لا بل أصعبها، خلال نهاية 2024 وبداية 2025، فقد شهدت جمهورية لبنان بين شهر أكتوبر 2023 وأواخر شهر نوفمبر 2024 تصعيدًا في الأعمال العدائية الإسرائيلية، أسفر عن شهداء وجرحى وحالات نزوح جماعي، وتفاقم أوجه الضعف الاجتماعي والاقتصادي بين السكان.
فقد عانت النساء في لبنان خلال الحرب نقصًا في الخدمات الأساسية، وتعرضن للعنف، وافتقرن إلى الرعاية الصحية والنفسية، لكن رغم التحديات، انتفضن ولعبن دورًا حيويًا في العمل الإغاثي ودعم المجتمع في أوقات الأزمات، ما عزز من تماسك المجتمع وإعادة البناء، وجعل المرأة تستحق وصفها بطائر "الفينيق".
لقد كانت قوة المرأة اللبنانية ومرونتها وقيادتها خلال الحرب لافتة، لكن الاعتراف بجهودها ومساهماتها ليس كافيًا ويتطلب معالجة العوائق التي تحدّ من مشاركتها في صنع القرار، لإطلاق العنان لإمكاناتها العالية خلال جهود التعافي في المستقبل القريب.
فالمرأة في لبنان كانت ولا تزال تواجه تحديات كبيرة، فعلى الرغم من التطورات الإيجابية في بعض المجالات، وتمتعها بحقوق مدنية متساوية مع الرجل، نجد مشاركتها في القوى العاملة منخفضة، فهي تواجه تحديات مثل التمييز في الأجور والتوظيف، بخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية. كل ذلك أوجد حراكًا نسويًا فاعلًا يسعى إلى تحقيق المزيد من المساواة والعدالة.
من رحم التحديات والأزمات أطلت نعمت عون وتسلمت رئاسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة". وأكدت في الدورة الـ 69 لمؤتمر "وضع المرأة" في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، "التزام استكمال ورشة الإصلاحات وحملات التوعية فيما يخص حقوق المرأة، التي بدأتها الحكومة بتعيين خمس وزيرات لتولي حقائب وزارية تؤثر تأثيرًا مباشرًا على حياة المرأة".
وأملت في أن "يكون للمرأة حصة وازنة في التعيينات التي تتجه الحكومة لإقرارها، ما يشكل فرصة حقيقية لتعزيز موقعها في مراكز القرار". كما دعت "الأمم المتحدة إلى دعم جهود لبنان في إزالة العوائق التي تقف في وجه المرأة والفتاة اللبنانية"، مشددة على طموحها في "إعادة لبنان إلى دوره الريادي في المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط".
وأعادت نعمت عون التأكيد في الاجتماع الأول للجمعية العامة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التي تشكلت عقب استلامها رئاستها، أن "العمل سيستمر للبناء على التقدم المحقق وتعزيز المكتسبات التي تحققت"، مشددةً على "الدور المحوري الذي ستلعبه الهيئة باعتبارها الجسم الموحد لكل الجهود والمبادرات المتعلقة بحقوق المرأة في لبنان. وستكون الهيئة المظلة التي تنسق وتوجه السياسات، وتدعم جميع المبادرات الوطنية لضمان تحقيق التأثير المنشود في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان". كما شددت على "أهمية تعزيز الدور الاستراتيجي للهيئة في صنع السياسات والتنسيق بين مختلف الجهود المتعلقة بشؤون المرأة، وذلك بالتعاون والتكامل مع جميع الجهات والمؤسسات المعنية".
وفي خطوة لافتة، وعلى هامش الانتخابات البلدية والاختيارية للعام 2025، سُجل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع منظمة "فيفتي-فيفتي"، وبدعم من حكومة كندا، اتفاقية "سلمة" (سوا من أجل المساواة) وُقعت في بيروت، وتهدف هذه المبادرة الاستراتيجية إلى زيادة تمثيل النساء بشكل ملموس في المجالس البلدية في لبنان. تسعى الاتفاقية إلى ضمان تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة في المجالس البلدية، بالإضافة إلى الطلب من الأعضاء المنتخبين في المجالس البلدية تحقيق المناصفة الجندرية في رئاسة ونيابة رئاسة البلدية، بحيث يكون الرئيس ونائبه من الجنسين. تشكل الاتفاقية تدبيرًا استراتيجيًا لتوفير بيئة انتخابية أكثر إنصافًا وشمولًا قبل الانتخابات البلدية والاختيارية.
وقد حظيت الاتفاقية حتى الآن بدعم واسع، حيث وقّعتها 105 جهات معنية، في مؤشر واضح للزخم المتزايد تجاه تحقيق المساواة بين الجنسين في الحكم المحلي. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الداخلية والبلديات في لبنان نسب فوز النساء في الانتخابات البلدية والاختيارية لسنة 2025، كاشفة عن تفاوت لافت في تمثيلهن بين المجالس والمناصب المحلية. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فقد بلغت نسبة النساء الفائزات في المجالس الاختيارية 16.40 بالمائة، وهي النسبة الأعلى مقارنة بباقي المواقع، تليها المجالس البلدية بنسبة 10.37 بالمائة.أما في ما يخص المخاتير، فقد سجلت النساء أدنى نسبة تمثيل، حيث لم تتجاوز 2.42 بالمائة.
والنساء في لبنان كن وما زلن في الصفوف الأمامية للاستجابة للأزمات، كقياديات، وأول المستجيبات، وصانعات سلام في أوقات الأزمات، ومع ذلك، لا يزلن مستبعدات عن القرارات الرئيسية التي تؤثر على حياتهن ومستقبلهن، فالمساواة بين الجنسين ليست مجرد حق من حقوق الإنسان، بل هي المفتاح للبنان أكثر عدلاً. وعلى الرغم من التحديات، هناك جهود متواصلة لتحسين وضع المرأة في لبنان، ولكن الأمر يتطلب المزيد من العمل على المستوى التشريعي والمجتمعي لتمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر عدالة ومساواة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة اللبنانیة المجالس البلدیة الأمم المتحدة فی المجالس فی لبنان
إقرأ أيضاً:
اتفاقية تعاون لتمكين النساء والفتيات من المهارات الرقمية
شارك الاتحاد النسائي العام، في أعمال اللقاء رفيع المستوى لشبكة الوزيرات والقائدات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي عقد أمس، في مدينة جنيف، ضمن فعاليات منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات «WSIS+20»، وذلك في إطار جهود دولة الإمارات، لتعزيز الشراكات الدولية في مجال تمكين المرأة رقمياً.
وتولى الاتحاد النسائي رعاية التجمع الثاني للشبكة، في إطار دعم الجهود الدولية، نحو تعزيز التحول الرقمي وتمكين المرأة.
وتضمنت المشاركة توقيع اتفاقية تعاون دولية مشتركة بين الاتحاد النسائي العام والاتحاد الدولي للاتصالات، بحضور نورة خليفة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام، ودورين بوغدان-مارتن، الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، بهدف تعزيز التعاون في تمكين النساء والفتيات من المهارات الرقمية والتنمية التكنولوجية. ويأتي توقيع الاتفاقية انطلاقاً من التزام الطرفين بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لا سيما الهدف الخامس المعني بتحقيق المساواة بين الجنسين، وسعياً إلى تعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد الرقمي.
وأكدت نورة خليفة السويدي، أن هذا التعاون الدولي يترجم توجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ورؤية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، التي جعلت من التحول الرقمي وتمكين المرأة ركيزتين أساسيتين في مسيرة التنمية المستدامة.
وأوضحت أن هذه الاتفاقية تشكل منصة تعاون مميزة مع واحدة من أبرز المنظمات الأممية، تسهم في توسيع نطاق البرامج والمبادرات الهادفة إلى بناء قدرات المرأة والفتاة في القطاع الرقمي.
من جانبها، أشارت دورين بوغدان-مارتن، الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، إلى أهمية هذه الشراكة، وقالت إن التعاون مع الاتحاد النسائي العام يعكس التزام الجانبين المشترك تجاه النساء والفتيات في الفضاء الرقمي، وخاصة اللواتي يعشن في المجتمعات النائية والمحرومة، حتى يتمكنّ من اكتساب المهارات، والثقة بالنفس، والإرشاد الضروري لبناء مساراتهنّ المهنية المستقبلية.
من جهتها أوضحت المهندسة غالية علي المناعي، رئيسة الشؤون الاستراتيجية والتنموية في الاتحاد النسائي العام، أن توقيع هذه الاتفاقية يعكس حرص الاتحاد على توظيف الشراكات الدولية لدعم المرأة في مسار التحول الرقمي محلياً وعالمياً.
ويجسد توقيع هذا الإعلان حرص الاتحاد النسائي العام على توسيع إسهاماته في المبادرات الدولية الرائدة، انطلاقاً من دوره المحوري في دعم توجهات دولة الإمارات في مجال تمكين المرأة رقمياً. (وام)