المناطق_الرياض

أقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ندوة بعنوان “الهوية والانتماء الوطني”، سلطت فيه الضوء على أهمية تعزيز مفهوم القيم والانتماء وآثارها على الهوية الوطنية، ودورها في بناء وتطور المجتمعات، وأثر ترسيخ القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية والحضارية على تشكيل الهوية الوطنية.

واستضاف اللقاء الذي أداره أستاذ الخدمة الاجتماعية المشارك بجامعة الملك سعود، د.

حسين الحكمي، كلاً من الكاتب د. ذعار بن نايف بن محيا، والمساعد التنفيذي بمجلس شؤون الأسرة، الأستاذة هيلة بنت محمد المكيرش، والمستشار بمركز البحوث والتواصل المعرفي، والكاتب بصحيفة الرياض، د. علي بن حمد الخشيبان.

وفي البداية أوضح د.، ذعار بن نايف بن محيا، أن الهوية السعودية هي هوية مميزة وتفتخر بدينها وعروبتها، ونحن في وطن ولله الحمد ينعم بالرخاء والاستقرار، والانتماء للوطن متأصل في الشعب السعودي.

وقال ثورة المعلومات والاتصالات ووسائل الإعلام الحالية تجعلنا في أمس الحاجة إلى تعزيز الهوية الرقمية لدى أفراد المجتمع، لمواجهة التحديات، وترسيخ ما من شأنه حماية النسيج المجتمعي.

وأضاف أن مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يمر بها الفرد وهي النواة الحقيقية لتكوين الشخصية السليمة في كافة الجوانب، ومن خلالها ترسي دعائم بناء الشخصية والتأثير في المحيط الذي يعيش فيه مما يساعد على تنميته ونضجه المعرفي والنفسي والاجتماعي، ليصبح قادراً ومؤهلاً للعيش مواطن صالح ومتوافق ومتفاعل مع مجتمعه بما يسهم في رقيه وتنميته.

ومن جهتها عرفت الأستاذة، هيلة المكيرش، الهوية بأنها مجموعة من الصفات والسمات التي تميز الفرد أو المجموعة أو المجتمع وتجعل منه متميزاً ومتفرداً ومعروفاً بسماته الخاصة، وقالت هذه السمات التي تصبغ على الفرد كهوية تميزه عن غيره، ولها أهمية في الحفاظ على تماسك الفرد والأسرة والمجتمع وهذا يعزز الهوية الوطنية.

وقالت المكيرش للأسرة أهمية كبيرة في تكوين الهوية كونها المحضن الأول للفرد ويقع عليها الهم الأكبر في تنشئة وبناء شخصيته، والطفولة هي أساس بناء شخصية أي فرد ولذلك يعول عليها كثيرا في البناء السليم كونها هي مرحلة الأساس.

من جهته عرف الدكتور، علي بن حمد الخشيبان، الهوية بأنها مدلول ثقافي اجتماعي يؤكده الفرد بممارساته الإيجابية نحو وطنه بحدوده الجغرافية وبتاريخيه العريق، والهوية نتاج للتفاعل الطبيعي بين الفرد ومجتمعه، حيث يفرض الفرد مقوماتها، وتقوم الهوية بتشكيلها بطريقة مقبولة للجميع.

وأضاف أن المجتمع السعودي يعتز بهويته، ومواجهاً بانتمائه جميع الحملات المغرضة، مستمداً ذلك من عقيدته الإسلامية السمحة، ومنظومة القيم المجتمعية الأصيلة فيه.

وتناول المتحدثون دور المؤسسات التعليمية في تعزيز طلابها نحو الوسطية، والاعتدال، والتسامح، وقبول الآخر، والانتماء الوطني. ودور المؤسسات الحكومية في تعزيز الهوية الوطنية وغرس قيم الانتماء والولاء الوطني وقيم الوسطية والتسامح، ودور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز مفاهيم القيم الوطنية ونشرها.

المصدر: صحيفة المناطق السعودية

كلمات دلالية: الهویة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟

في نشاطه الجاد والمستمر، خصص النادي الثقافي إحدى جلساته في الأيام الماضية لمناقشة موضوع: «الأمن الثقافي ودوره في الحفاظ على الهوية الوطنية»، واستضافت عددًا من المتحدثين والنشطين ثقافيًا وأكاديميًا في الدراسات الثقافية والحضارية، وصناعة المحتوى الثقافي. قيمة هذه الجلسة في طرحها للأسئلة أكثر من تأطيرها للإجابات القاطعة؛ ولا يستغرب متابع إن خرج منها دون إحاطة دقيقة بتعريف المفاهيم الرئيسة التي تناولتها بما في ذلك مفهومها الأساس «الأمن الثقافي»، ورغم تحفظنا على دقة المفهوم باعتبار أن المكون الثقافي مكون واسع، وفيه من المضمون المادي والمعنوي متباينات شتى، وإحاطته بمفهوم الأمن قد يتناقض مع بعض مكوناته الأساسية، ونرى أن مصطلح «أمن الهوية الثقافية» هو المصطلح الأقرب للدقة – في تقديرنا – باعتبار سعي المجتمع ومكونات النظام السياسي والثقافي للحفاظ على المكونات الفريدة والمميزة التي تسم ثقافة ما ومحاولة استدامتها عبر الأجيال، والحفاظ عليها من تأثير عوامل الخارج في أن تفككها أو تغير مضامينها الرئيسة أو تبدل معانيها الاجتماعية. وقد شدني في الجلسة مداخلتين مهمتين طرحتا من قبل الحضور؛ الأولى أكدت على أهمية تحديد عوامل الخطر التي تواجه هويتنا الثقافية حقًا، والنقاش حولها بطريقة محددة وتشخيصها بشكل منهجي. أما الثانية فكانت تتعلق بضرورة تحديد المفاهيم – وهو ما أخذ حيزًا واسعًا من التداخلات – ولكن السائل كان ينبه حول ضرورة استنبات مفاهيم من الداخل ذات خصوصية اجتماعية وتتسق مع طبيعة السياق الثقافي للمجتمع في عُمان، يمكن أن ننطلق منها ونحدد حولها هواجسنا واستفهاماتنا الرئيسة.

ماذا نريد للهوية الثقافية في عُمان؟ - حسب تقديرنا – فإن السياسات التعليمية والثقافية والإعلامية – باعتبارها أكثر السياسات تأثيرًا وصنعًا لمسارات الهوية الثقافية – ينبغي أن تكون أكثر تناغمًا انطلاقًا من الهواجس الرئيسة حول الهوية الثقافية، وفي كل الأحوال فإن المجتمع المراد هو المجتمع الذي ينظر إلى الحداثة بمفهومها وتطبيقاتها الواسعة بطريقة ناقدة، ويتفاوض بشكل مستمر حول تأثيرها، ويشكل فيه التعليم والانتماء وسيلتان لحماية أفراده وخاصة في الأعمار المبكرة من التقليد والانسياق الأعمى، وتمكن فيه المؤسسات التعليمية الأفراد من امتلاك الحدس النقدي تجاه التيارات الثقافية الصاعدة والمتواترة، دون انقطاع عن حركة الثقافة العالمية. وهو في الآن ذاته مجتمع لا ينظر إلى الاستثمار في الثقافة بوصفها عبء اقتصادي أو مكون جمالي من مكونات الدولة، بل هي امتداد للمعنى المراد ترسيخه، وللقيم المراد تأصيلها، وللموروثات المراد نقلها عبر الأجيال، فتكون في هذه الحالة مؤسساته الثقافية متفاعلة مع حركة المجتمع، جاذبة لكل فئاته وأطيافه، وموجهة أطروحاتها ومنتجاتها بما يتسق مع حفظ النسق الثقافي من ناحية، وإكساب الأفراد روح الثقافة من ناحية أخرى.

وما نريده أيضًا للهوية الثقافية في عُمان هو احتفاؤنا بالتنوع الذي أوجدته عوامل التاريخ والجغرافيا، وهذا الاحتفاء ينطلق من تعزيز المحتوى المبتكر حولها على منصات الإعلام التقليدية والحديثة وفي وسائط التعلم والفضاء العام، واعتبار ذلك التنوع واحترامه قيمة مركزية في بقاء وديمومة المجتمع. وأن تكون القيم والممارسات الأصيلة للهوية الثقافية حاضرة ومجسدة في تجديدنا الحضري، احتفالاتنا ومهرجاناتنا، وأن نخصص الأيام والمناسبات الرسمية للاحتفاء بعناصر ثقافية معينة، وأن نوجد التشريعات والنظم الضامنة لاندماج العناصر الثقافية في حياة الأفراد بشكل مستمر، ففي علم الاجتماع تؤكد نظرية التفاعل الرمزية أن الهوية الثقافية ترتبط بشكل رئيسي بكيفية أداء الأفراد لها والتعامل معها في الحياة اليومية. «ويعتمد ضمان الهوية الثقافية على إدراك الرموز الثقافية (مثل: اللباس، واللغة، والطقوس) وإثبات صحة أداء الهوية في التفاعلات الاجتماعية». وهو ما يؤكد ضرورة نقلها بشكل سليم عبر الأجيال، وتعليمها وتعميق مفاهيمها لديهم بشكل جيد.

إذن ما هي الهواجس الرئيسة التي تواجه أمن هويتنا الثقافية؟ وهنا لابد من التأكيد منهجيًا على ضرورة التفريق بين الهواجس المتخيلة/ المتصورة وبين الهواجس الحقيقية، فالطبيعي أن كل مجتمع لديه متخيلات من المهددات التي تواجه ثقافته دون أصل لها في الواقع، وهذه المتخيلات تنشأ نتيجة التفسير غير الدقيق للتحول الاجتماعي أو نشوء بعض المشكلات الاجتماعية. لكن ما يعنينا هنا هي الهواجس الحقيقية التي تقترن بوجود دلائل تأثيرها على الهوية الثقافية، وهي خمسة حسب تقديرنا: أولها ضمور التواصل بين الأجيال واختلاف اللغة الاجتماعية بين جيلين (المفاهيم/ المعتقدات/ التصورات/ رؤية الحياة..)، وثانيها كفاءة النظام التعليمي في تعزيز ملكة النقد تجاه أدوات الحداثة، وثالثها ضعف التفاعل بين منتج المؤسسات الثقافية وبين حركة المجتمع، ورابعها سهولة التعرض للمحتوى الثقافي المعولم مع ضعف وجود المحتوى الثقافي المحلي (المبتكر / المتنوع)، فهل وصلنا فعليًا لمنصات إعلامية جاذبة في محتواها ترتكز على الثقافة العُمانية في إنتاج المحتوى وقادرة على خلق ميزة تفضيلية لدى المتلقي؟، وهل طورنا صناعة الألعاب الإلكترونية بناء على المعطى الثقافي المحلي مثلًا؟، وهل لدينا صفحات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة قادرة على تغذية الملتقي ثقافيًا ومعرفيًا بشكل مبتكر؟ هذه أمثلة على الطريقة التي يمكن أن يتفاعل فيها المحتوى مع تحولات ذائقة المجتمع وفي نفس الوقت يؤدي دوره في الحفاظ على الثقافة. أما خامس الهواجس فهو في رؤية الهوية الثقافية كـ(مهدد) وليس كـ(فرصة)، وذلك يرتبط بقدرتنا على توسيع نطاق الصناعات الثقافية الإبداعية واعتبارها استثمارًا اقتصاديًا من ناحية، وحافظة ثقافية من ناحية أخرى، ويمكن المؤسسات والدولة والأفراد على حد سواء من تداول العناصر الثقافية رمزيًا وضمنيًا وظاهريًا عبر أدوات الإنتاج وتقنياته الحديثة.

إشارة أخيرة أود أن أقف عليها، وقد أخذت حيزًا واسعًا في نقاشات الجلسة التي أشرت لها، وهي القول بأهمية وجود مراكز وطنية للدراسات الثقافية والحضارية، ورغم عدم اختلافنا على أهمية ذلك في رصد الحركة الثقافية، وإجراء الدراسات والبحوث الدقيقة على تحولات الثقافة وعلى موقفنا الحضاري، إلا أنه لا ينبغي أن يكون الحل السهل والمباشر لكل تحدياتنا ومشكلاتنا هو التوصية بإيجاد مراكز للبحوث والدراسات، قبل أن نسائل الجامعات والكليات القائمة بتنوعها واختلافها عن دورها المركزي في تفعيل هذا الشق المهم، وفي إنجاز برامج بحثية واستراتيجية تعنى بالقضية المطروحة، وفي تتبعها بشكل مستمر، فالمُكن البشرية والمادية واللوجستية تكاد تكون متوفرة، واستدامة المؤسسة في ذاتها تتيح لها أداء هذا الدور، وهو ما سيؤسس لاحقًا في تقديرنا لاستقلالية هذه المراكز بخبراتها ونتاجاتها وكفاءاتها.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • “الصحة” تطلق مشروع تعزيز التدخل المجتمع في الصحة النفسية
  • الدرك الوطني يضع مخططاً خاصاً لتأمين مجريات امتحان “البيام”
  • بوتين: تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز القيم الأسرية من الأولويات الوطنية في روسيا
  • الجراح ترعى احتفال جمعية سيدات أربيلا بعيد الاستقلال بمشاركة قرى الأطفال SOS
  • إعلام القليوبية ينظم ندوة بعنوان «الإدمان خطر صامت يهدد الفرد و المجتمع»
  • محافظ دمشق: معرض “بيلدكس 22” يسهم في تعزيز بيئة الاستثمار وتبادل الخبرات
  • لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟
  • شركات عربية وأجنبية تؤكد أهمية معرض “بيلدكس” كنافذة تسويقية وبوابة للدخول إلى السوق السورية
  • إحباط تهريب نحو 1.8 مليون حبة من مادة “الإمفيتامين” المخدر في منفذ البطحاء
  • ضاحي خلفان: الأسرة منبع القيم والهوية ونواة بناء المجتمعات