جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-29@20:20:44 GMT

محاكمة طبيب!

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

محاكمة طبيب!

 

د. سليمان المحذوري

[email protected]

 

من الأمور التي تحدث في الوسط الطبي بين فينة وأخرى الأخطاء الطبية. وخطأ الطبيب هو "فعل أتاه الطبيب أو لم يفعله على خلاف ما تقضيه مهنة وواجبات مهنة الطب والقواعد والأصول العلميّة والفنيّة المتعارف عليها في هذه المهنة".

ولا شكّ مطلقًا في الالتزام المهني والأخلاقي للأطباء رغم الضغوطات العالية التي يتعرضون لها بسبب طبيعة عملهم؛ إلّا أنه ولأسباب متعددة فإنّ الأخطاء الطبية واردة حالها كحال الأخطاء الأخرى نتيجة للعمل البشري وإن كانت الأخطاء الطبية لها تبعات جسيمة، وخسائر جسدية ونفسية من فقد الأرواح أو التسبب في حدوث مضاعفات صحيّة طيلة حياة المريض أو حدوث عاهة مستديمة وما إلى ذلك، وهذا أمر لا جدال فيه.

وعند حدوث أي خطأ طبي في المؤسسات الصحيّة، هناك بروتكولات تُتبع في هذا الشأن مثل عرض المسألة على لجنة طبية مُختصة تُصدر تقريرها حول الواقعة محل الشكوى. وبناءً عليه تُتخذ قرارات وفقًا لنتيجة التحقيق النهائية. وفي هذا الصدد سأحكي لكم قصة واقعية حدثت مع طبيبة عُمانية وهي اختصاصية أمراض نساء وولادة. ابتدأت القصة في شهر ديسمبر 2021 عندما تمَّ توجيه "رسالة نصح" لها من قبل اللجنة الطبية بموجب الخطأ الطبي المنسوب لها ضمن مسؤوليتها؛ وذلك بعد التحقيق في خطأ طبي حدث في المستشفى الذي تعمل فيه. فيما تمَّ إنذار الطبيبة الوافدة رئيسة الفريق الطبي والمسؤولة المُباشرة عن الخطأ الطبي المُشار إليه وإنهاء خدماتها. وإلى هنا فالأمور تبدو طبيعية والطبيب في نهاية المطاف بشر يُصيب ويُخطئ، ويكون في موضع مساءلة إذا ما ثبت عليه الخطأ. وفي شهر يناير 2022، وصل الطبيبة استدعاء من مكتب المدعي العام كونها هي الطبيبة الموجودة من الطاقم الطبي المُشرف على حالة المريضة للإدلاء بأقوالها إزاء قضية خطأ طبي مرفوعة ضدها من قبل المريضة المُتضررة جرّاء هذا الخطأ الطبي، رغم أنها كانت طبيبة عامة آنذاك ضمن الفريق الطبي المُشرف على الحالة؛ ولم تكن الطبيبة المسؤولة عن مُتابعة أحوال المريضة.

عمومًا في شهر إبريل من نفس العام وصلها أمر تكليف بالحضور إلى المحكمة الإبتدائية وبعد مداولات ما بين خمس إلى ست جلسات صدر حكم المحكمة ببراءة الطبيبة من التهمة المنسوبة لها في أكتوبر 2023. بعدها أُحيلت القضية من الإدعاء العام إلى محكمة الاستئناف وحضرت الطبيبة كذلك جلسات عديدة بسبب تأجيل الجلسات واستدعاء الشهود. ولكم أن تتخيلوا حجم المعاناة النفسية للطبيبة طوال هذه المدة حتى صدور الحكم النهائي في قضية خطأ طبي غير مقصود هذا أولًا، وثانيًا وجود الطبيبة وسط جميع المتهمين بمختلف أنواع قضاياهم. وبعد حوالي سنتين ونصف السنة من تداول القضية بين أروقة المحاكم حكمت محكمة الاستئناف بتأييد حكم المحكمة الإبتدائية وبراءة الطبيبة بتاريخ 9 يوليو 2024.

ختامًا.. من خلال سرد تلكم القصة التي عايشتُ تفاصيلها خطوة بخطوة أود الإشارة إلى أنُها حالة ضمن عشرات الحالات المشابهة لها، إن لم تكن أكثر، وهذه القضايا مستمرة ضد الكادر الصحي، وتبرئة الطبيب أو إدانته مرده إلى المؤسسات القضائية. ومن حيث المبدأ لا شك مطلقًا في عدالة القضاء إزاء أي قضية تُرفع إليه، وتحرّي الدقة في ملابساتها، كما إنّ الخطأ الطبي وارد وللمريض حق تام في المطالبة بحقه؛ بيد أنّ هناك عدة جوانب ينبغي الوقوف عليها، وهنا أود التركيز على مسألة طول مدة مداولات قضايا الأخطاء الطبية التي تُشكل ضغوطًا نفسية على الأطباء لا يعلمها إلّا الله، ويُمكن أن يُؤثر ذلك سلبًا على مسيرتهم المهنية. إضافة إلى ذلك استدعاء الأطباء إلى قاعة المحكمة للإدلاء بشهادتهم لعدة مرات قد يؤدّي إلى تعطيل مهامهم الطبية في معاينة ومتابعة مرضاهم، لذا فإنِّه من المُؤمل إيجاد آلية مناسبة للتعامل مع هذا النوع من القضايا، وسرعة البت فيها تلافيًا لتلك النتائج.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مروان الهمص.. طبيب فلسطيني اعتقلته إسرائيل وهو على رأس عمله

طبيب فلسطيني، ولد وترعرع في مخيم للاجئين بمدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود الفلسطينية المصرية أقصى جنوب قطاع غزة، التحق بوزارة الصحة، وتنقل بالعمل في مستشفياتها، وتولى إدارة مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، وتولى إدارة المستشفيات الميدانية ومنصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة.

اختطفته قوة خاصة إسرائيلية بينما كان في طريقه لمهمة عمل بمستشفى اللجنة الدولية للصليب الأحمر بـمنطقة المواصي جنوب غربي مدينة خان يونس جنوب القطاع ظهيرة الاثنين 21 يوليو/تموز 2025.

المولد والنشأة

ولد مروان شفيق علي الهمص -وكنيته "أبو عبادة"- يوم 21 مايو/أيار 1972 في "مخيم يبنا" للاجئين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتنحدر أسرته من بلدة يبنا التي هُجّرت منها قسرا في نكبة عام 1948 بعد احتلالها من قبل القوات الإسرائيلية.

وهو السادس بين 13 شقيق وشقيقة، وكان والده عاملا بسيطا لكنه محب للعلم، وحرص على تعليم جميع أبنائه من الذكور والإناث حتى نالوا الشهادة الجامعية في تخصصات مختلفة.

وعرف عن الهمص التزامه الديني منذ طفولته وسنوات عمره المبكرة، وهو قريب من الناس، يبادر لمساعدة الآخرين والسعي في قضاء احتياجاتهم. وهو متزوج وله 9 أبناء، منهم 4 ذكور و5 إناث، و3 أحفاد.

الدراسة والتكوين العلمي

أنهى دراسته الأساسية في المرحلتين الابتدائية والاعدادية في مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والمرحلة الثانوية في إحدى المدارس الحكومية بمدينة رفح.

وانتقل بعد نجاحه في الثانوية العامة إلى روسيا للدراسة، وحصل على شهادة الدكتوراه في الطب البشري من جامعة سراتوف عام 1998.

وحصل على دبلوم تخدير وعناية مكثفة من الجامعة الإسلامية بمدينة غزة عام 2003.

التجربة الطبية

عاد الهمص إلى مسقط رأسه في مخيم يبنا بعد إنهاء دراسته للطب في روسيا، وعمل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وجمعية الأيدي الرحيمة الخيرية لرعاية الجرحى، ثم التحق للعمل في مستشفيات وزارة الصحة عام 2004.

وأثناء سنوات عمله الطويلة في وزارة الصحة تقلد عددا من الوظائف والمسؤوليات، ففي عام 2020 أصبح مسؤولا عن الحجر الصحي في معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر إبان جائحة كورونا، ومديرا لمستشفى الشهيد أبو يوسف النجار في مدينة رفح، ثم مديرا في مايو/أيار عام 2024 للمستشفيات الميدانية ومتحدثا رسميا باسم وزارة الصحة.

إعلان

برز اسمه أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكان الأكثر ظهورا على وسائل الإعلام متحدثا عن الجرائم الإسرائيلية، واستخدام الحصار والتجويع سلاحا لإبادة سكان قطاع غزة عبر منع الإمدادات الإنسانية والطبية عن القطاع، وأطلقت عليه وزارة الصحة لقب "صوت المرضى والمجوعين".

اختطفته قوة إسرائيلية

في 21 يوليو/تموز 2025 أفاد المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش باعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي مدير المستشفيات الميدانية في القطاع مروان الهمص أثناء أدائه عمله في زيارة لمستشفى الصليب الأحمر غربي خان يونس.

وأوضح البرش أن اعتقال الهمص كان على يد قوة خاصة إسرائيلية، مشيرا إلى إصابة السائق المرافق للهمص واستشهاد مواطنين اثنين أحدهما صحفي كانا قرب المكان.

مقالات مشابهة

  • لا ينسب لساكت قول.. علي جمعة يكشف عن أحد أصول الفقه الإسلامي
  • علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين
  • “أخطاء الممارسة الطبية في علاج الأطفال”… محاضرة في نقابة أطباء حلب
  • إصابة طفل بحالة تسمم بعد تناوله سم فئران عن طريق الخطأ بإحدى قرى الفرافرة
  • الأخطاء الفردية والدفاعية والخبرة... عقبات حالت دون ظفر لبؤات الأطلس باللقب الإفريقي مرتين
  • السلطات الأمريكية تعتذر بعد الإفراج عن سجين خطير بالخطأ
  • طبيب : الصيام المتقطع يخفض الإنسولين ويحرق الدهون
  • حرس الحدود بجازان يحبط تهريب 75,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي
  • مروان الهمص.. طبيب فلسطيني اعتقلته إسرائيل وهو على رأس عمله
  • متحدث التعليم: نسبة الخطأ في تصحيح الثانوية العامة تكاد تكون معدومة