النائبة دينا هلالي: العمالة غير المنتظمة كنز وليست عبء على خزانة الدولة
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
قالت الدكتورة دينا هلالي، عضو مجلس الشيوخ، إن ملف العمالة غير المنتظمة من أبرز الملفات الواردة في برنامج الحكومة الجديد، والذي أولى اهتمام بالغ لهؤلاء العمال الذين يمثلون قاعدة عريضة من سوق العمل، في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، لذا فإن تأمين حياة هذه الفئة واجب ومهمة لاستهان بها أمام حكومة مدبولي، والتي قد تعهدت بتقديم الدعم والحماية والرعاية لهم، والتوسع في قاعدة بياناتها لسهولة توصيل الدعم للمستحقين منهم، مشيرة إلى أن الثروة البشرية كنز يجب استغلاله، ولكن تكمن الأزمة في كيفية استغلال الملايين ليكونوا طوق نجاة للاقتصاد الوطني بدلا من أن يكونوا عبئا على خزانة الدولة.
وأضافت "هلالي"، أن تنامي ظاهرة اقتصاد الظل يشكل خطر كبير على التنمية الاقتصادية ويزيد من أعداد العمالة غير المنتظمة، التي يتجاوز عددها 11.5 مليون شخص يعملون بالاقتصاد الموازي، وفقا لإحصائيات سابقة من قبل جهاز الإحصاء، مؤكدة أن هذه القاعدة تمثل نسبة كبيرة في سوق العمل، وتمارس عملها اليومي دون حماية ودون عقود عمل تثبت حقها القانوني، الأمر الذييعني ضياع حقوق ملايين العمال وإهدار الثروة البشرية دون استغلالها في عجلة الإنتاج، وتحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن العمالة غير المنتظمة تشكل قرابة نصف حجم القوى العاملة في مصر، لذا يجب أن يكون هناك قاعدة بيانات دقيقة بشأنهم، وإحصائيات متنوعة تكون بمثابة دليل للدولة لوضع آليات لاستغلالهم، لافتة إلى أن ارتفاع نسبة العمل غير الرسمي، لا سيما في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، يمثلان عقبة أمام تحقيق التنمية المستدامة، كما أن هذه الفئة قد تكون الأكثر ترجيحا للسقوط في براثن الفقر مقارنة بالعاملين في القطاع الرسمي، سواء بسبب افتقارهم إلى العقود الرسمية والحماية الاجتماعية وعدم حصولهم على مؤهل تعليمي يساعدهم في الالتحاق بوظائف مستقرة.
وأوضحت الدكتورة دينا هلالي، أن الدولة عكفت على إطلاق منصة إلكترونية تهدف إلى تقديم خدمات للعمالة غير المنتظمة إلكترونيا، وذلك من كافة جوانبها "المالية والفنية وقواعد البيانات"، مع صرف إعانات شهرية وصل عدد المستفيدين منها أكثر من مليون شخص، مؤكدة على أهمية طرح حلول طويلة الأثر تهدف في المقام الأول إلى تدريب هذه العمالة في مختلف التخصصات الفنية وتأهيلهم لاستغلال خبراتهم في توسيع القاعدة الصناعية والزراعية، بجانب العمل على التوسع في تصدير العمالة للخارج الأمر الذي يكون سببرئيسي في طفرة اقتصادية، فضلا عن أهمية تحسين أوضاع العمال ومد مظلة الحماية الاجتماعية لهم، مع ضرورة سرعة إصدار مشروع قانون العمل، ليحقق المزيد من الأمان الوظيفي للعامل، وكذلك التشجيع على الاستثمار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دينا هلالي عضو مجلس الشيوخ العمالة غير المنتظمة العمال الأوضاع الاقتصادية العمالة غیر المنتظمة
إقرأ أيضاً:
من فوضى العشوائيات إلى مدن تُبنى: متى تبدأ الدولة من جديد؟
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في العراق، لا تمر بضعة كيلومترات داخل أي محافظة دون أن تطالعك أحياءٌ عشوائية نبتت كالفطر على أراضٍ زراعية، أو على أملاك عامة، أو حتى في قلب المدن. هذه المناطق التي بدأت كحالات فردية بدافع الحاجة، سرعان ما تحولت إلى ظاهرة تتسع يومًا بعد آخر، حتى صارت تهدد سيادة الدولة، وتعيق التنمية، وتخلّ بميزان الخدمات، وتفرض على الحكومات واقعًا فوضويًا يصعب احتواؤه كلما تأخرنا في المواجهة.
بحسب تقديرات وزارة التخطيط، يعيش أكثر من 3 ملايين عراقي في مناطق غير مخططة. أسباب هذه الأزمة ليست خفية أزمة سكن خانقة، بطالة، فقر، نزوح داخلي، وغياب واضح للرقابة، إضافة إلى تلكؤ مشاريع الإسكان، والتهاون مع من يتجاوزون على الأراضي منذ سنوات دون ردع حقيقي لكن ما العمل؟ هل الإزالة وحدها تكفي؟ أم نحتاج إلى رؤية شاملة تنطلق من مبدأ أن ما يُبنى خارج القانون لا يُصلح به البلد، لكن لا يجب أن يُهدم دون بديل؟
في هذا السياق، يمكن أن ننظر إلى تجربة سنغافورة كمصدر إلهام. قبل سبعين عامًا، كانت سنغافورة تعيش واقعًا لا يختلف كثيرًا عن بعض مدن العراق اليوم. أحياء صفيحية، فقر، عشوائيات منتشرة، وانعدام في الخدمات. لكن الدولة هناك اتخذت قرارًا مصيريًا: تحويل الفوضى إلى نظام، واليأس إلى فرص.
أنشأت الحكومة السنغافورية هيئة الإسكان والتنمية (HDB)، وبدأت بتشييد مجمعات سكنية منظمة ومدعومة للفقراء. لم تكتفِ بإزالة العشوائيات، بل سبقتها بحلول واقعية: مساكن بديلة، تخطيط سليم، قوانين صارمة تمنع التجاوز، وتمكين اقتصادي للسكان. وها هي النتيجة اليوم: أكثر من 80% من سكان سنغافورة يعيشون في مساكن حكومية مخططة، وسط بيئة نظيفة ومستقرة.
هل يمكن تطبيق ذلك في العراق؟ نعم، إذا توفرت الإرادة، وتم العمل على خطة واقعية تستند إلى ثلاث ركائز.
العدالة الاجتماعية توفير مساكن لذوي الدخل المحدود بأسعار مدعومة وضمن بيئة مخدومة.
سيادة القانون وقف أي تجاوز جديد ومحاسبة المتسببين، دون تهاون أو محاباة.
التخطيط الحضري الذكي دمج الإسكان بالخدمات، والنقل، والاقتصاد المحلي.
المطلوب ليس فقط إزالة التجاوزات، بل إعادة رسم العلاقة بين المواطن والدولة، على أساس من الحقوق والواجبات، والكرامة والمسؤولية. المواطن لا يطلب المستحيل، بل سقفًا يأويه، وماءً وكهرباءً وصرفًا صحيًا لا يتسرب من الجدران.
فهل تملك الدولة الجرأة لتبدأ من جديد؟ وهل نملك نحن، كمواطنين، الشجاعة لنُعلي صوت النظام على فوضى الحاجة؟
ختاما الوقت لا ينتظر، والعشوائيات لا تتوقف عن التمدد. إن لم نبدأ الآن، فمتى؟