يعد «عيد النيروز» امتداداً للحضارة المصرية القديمة، حيث يوثق هذا العيد الكثير من جوانب الحياة في مصر على مر العصور، إذ يشير إلى الحياة الزراعية لدى المصريين القدماء، فبناءً عليه يتم تقسيم الحياة الزراعية فى مصر إلى ثلاثة مواسم، كما توثق أسماء الشهور القبطية الحياة الدينية فى مصر القديمة، حيث تحمل أسماء لبعض المعبودات، فضلاً عن مظاهر الاحتفال بهذا العيد، التى سجلت على جدران المعابد.

الدكتور نادر الألفى، أستاذ الآثار والفنون القبطية بكلية السياحة والفنادق، أكد، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الأقباط يطلقون على بداية «تقويم الشهداء» اسم «عيد النيروز»، وهو أول يوم فى السنة الزراعية الجديدة، وتحتفل به الكنيسة القبطية يوم 11 سبتمبر فى السنة البسيطة، أما فى السنوات الكبيسة، فتحتفل به الكنيسة يوم 12 سبتمبر، وأضاف «الألفى» أن هذا اليوم كان يمثل عند المصريين القدماء «تاج الأعياد»؛ لأنه يرتبط بحياة مصر الزراعية، وكانوا يحتفلون به بمظاهر رائعة، باعتباره عيد الفيضان، الذى يحيى أرض مصر.

وتابع «الألفى» بقوله: «لقد حافظ أجدادنا على الاحتفال بعيد النيروز، حتى عهد الإمبراطور الرومانى دقلديانوس، الذى تولى الحكم سنة 284 للميلاد، وفى عهده تعرض الأقباط لأشد أنواع الاضطهاد، من أجل ديانتهم المسيحية»، مشيراً إلى أنه منذ تلك السنة اتخذت الكنيسة رأس السنة الزراعية بداية لتقويم جديد، سموه «تقويم الشهداء»، وهو التقويم القبطى، حيث استبدلت الكنيسة ذكرى فيضان النيل بذكرى فيضان دماء الشهداء الغزيرة، التى اعتبروها بذاراً لإيمانهم، وأوضح أن نشأة التقويم القبطى كانت فى سنة 4241 قبل الميلاد، أى فى القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد، عندما رصد المصريون القدماء نجم «الشعرى اليمانية»، وحسبوا الفترة بين ظهوره مرتين وقسموها إلى ثلاثة فصول كبيرة، وهى «الفيضان والبذار والحصاد»، ثم تم تقسيم العام إلى 12 شهراً، كل شهر منها 30 يوماً، وأضافوا المدة الباقية، وهى خمسة أيام وربع، وجعلوها شهراً سموه «الشهر الصغير»، مدته خمسة أيام فى السنوات الثلاث البسيطة، ومدتها 365 يوماً، وتكون مدة الشهر الصغير 6 أيام فى السنة الرابعة الكبيسة، ومدتها 366 يوماً، وقد احترم الفلاح المصرى هذا التقويم، نظراً لمطابقته للمواسم الزراعية، ولا يزال يتبعه إلى اليوم.

أما الدكتور رشيدى واصف، المدرس بالكلية الإكليريكية، فأكد فى كتابه «علم التقويم القبطى» أن القدماء المصريين لم يطلقوا أى أسماء على شهورهم فى بادئ الأمر، بل اكتفوا بالقول فى الشهر الأول ثم الثانى وغيرهما، بالتعبير عنها بالأرقام، ولكن فى عهد الفرس، وتحديداً فى أيام الأسرة الـ26 فى القرن السادس قبل الميلاد، أطلقوا على كل شهر اسم معبود من معبوداتهم، لتوثق الشهور القبطية الحياة الدينية فى مصر القديمة، مثل شهر «توت»، نسبة للإله «تحوت»، إله العلم والحكمة والقمر عند المصرى القديم، ويقع فى الفترة من 11 سبتمبر إلى 10 أكتوبر، وعند حلول هذا الشهر يردد كثير من المصريين عبارة «توت يقول للحر موت»، وذلك بسبب انكسار نسبة الحرارة فى هذا الشهر، وهناك أيضاً مقولة «توت رى ولا تفوت»، أى الفلاح الذى لا يستطيع أن يروى أرضه فى ذلك الشهر لا يستفيد من زراعتها، وأيضاً من أمثلته «التوت الكتكوت يأكل فيه ويموت»، حيث قيل إن الكتاكيت تصاب بالأمراض فى هذا الشهر.

ومن الشهور القبطية أيضاً، شهر «بابة»، وينطق «با أوبى»، ومعناه «المنتسب إلى أوبت»، لأن فيه كانت تقام احتفالات عيد «الأوبت» الشهير فى الأقصر، ويقع فى الفترة من 11 أكتوبر إلى 10 نوفمبر، ومن أشهر الأمثلة المرتبطة به «بابة خش واقفل البوابة»، وذلك للحماية من البرد فى هذا الشهر، وقيل أيضاً «إن صح زرع بابة يغلب النهابة؛ وإن خاب زرع بابة ما يجبش ولا لبابة»، أى إن كثرة المحصول فى بابة مربحة مهما نُهب منها، وكذلك شهر «هاتور»، نسبة إلى «حتحور»، إلهة الحب والعطاء والجمال والموسيقى، ويقع فى الفترة من 11 نوفمبر إلى 9 ديسمبر، ومن أشهر الأمثلة المرتبطة به «هاتور أبوالدهب المنتور»، وقيل أيضاً «إن فاتك زرع هاتور اصبر لما السنة تدور»، حيث إنه الشهر الأمثل لزراعة القمح.

أما شهر «كيهك»، ويُعرف بالهيروغليفية «كا- حر- كا»، ومعناه اتحاد القرين مع القرين، فيقع فى الفترة من 10 ديسمبر إلى 8 يناير، ومن أشهر الأمثلة المرتبطة بهذا الشهر «كياك صباحك مساك، شيل إيدك من غداك وحطها فى عشاك»، وذلك كناية عن قصر النهار فى ذلك الشهر، وطول فترة الليل، وكذلك شهر «طوبة»، قيل إنه نسبة إلى «تا عابت»، وهو ربما اسم عيد، ويقع فى الفترة من 9 يناير إلى 7 فبراير، وهناك عدة أمثلة شعبية ارتبطت بهذا الشهر، مثل «الجو فى طوبة يخلى الشابة كركوبة من البرد والرطوبة»، بسبب شدة البرد، حيث ترتعد الفتاة الشابة مثلها مثل السيدة العجوز، أما شهر «أمشير»، فقيل إنه اسم المعبود «مخر»، وهو المسئول عن الزوابع، ويقع فى الفترة من 8 فبراير إلى 10 مارس، وهناك العديد من الأمثلة المرتبطة بهذا الشهر، منها «أمشير أبوالزعابيب الكتير ياخد العجوزة ويطير»، وذلك بسبب كثرة الزوابع والأمطار فى ذلك الشهر.

وكذلك شهر «برمهات»، قيل إنه نسبة للملك «أمنحوتب الأول»، فى الفترة بين 1570 و1293 قبل الميلاد، وهو ثانى ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وكان له عيد شعبى كبير فى هذا الشهر، يُعرف باسم «با أمنحتب»، ومنه انحدر اسم «برمهات»، ويقع فى الفترة من 10 مارس إلى 8 أبريل، ومن أشهر أمثلته «برمهات روح الغيط وهات»، حيث يقع موسم الحصاد، وفى هذه الفترة أيضاً موسم تفريخ البيض، وهو غالباً ما يقع فيه الصوم الكبير عند الأقباط، حيث لا يأكلون البيض فيه، لذلك جاء المثل القائل: «عاش القبطى ومات، ولا كلش البيض فى برمهات»، أما شهر «برمودة»، فيرجع إلى اسم «رننوتت»، إلهة الحصاد، وهى على شكل حية، ربما بسبب كثرة الحيات التى توجد فى حقول الحنطة، ويقع فى الفترة من 9 أبريل إلى 8 مايو، ومن أمثلته «برمودة دق العمودة»، أى دق سنابل القمح بعد نضجها.

ومن الشهور القبطية أيضاً، شهر «بشنس»، نسبة إلى الإله «خونسو»، إله القمر فى مصر القديمة، ويقع فى الفترة من 9 مايو إلى 7 يونيو، ومن أمثلته «الشمس فى بشنس تكنس الغيط كنس»، كناية عن شدة الحرارة، وأيضاً شهر «بؤونة»، نسبة إلى عيد «انت»، أى عيد الوادى، وهو العيد الذى ينتقل فيه «آمون» من شرق النيل إلى غربه، لزيارة معابده الكائنة هناك، ومن الأمثلة المرتبطة بهذا الشهر «بؤونة فلاق الحجر»، أى من شدة الحرارة ينفلق الحجر، وكذلك شهر «أبيب»، قيل إنه مشتق من عيد يرتبط بالإله «عبب»، على هيئة ثعبان، ويقع فى الفترة من 8 يوليو إلى 9 أغسطس، ومن أمثلته «أبيب فيه العنب يطيب»، و«من ياكل الملوخية فى أبيب يجيب لبطنه طبيب»، حيث إن الملوخية غير مستحبة فى الموسم الحار، وأيضاً شهر «مسرى»، وهو الشهر الثانى عشر فى التقويم القبطى، ومعناه «ابن الشمس»، أو مولود الشمس «مسو رع»، ويقع فى الفترة من 7 أغسطس إلى 5 سبتمبر، ومن أمثلته «مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة»، حيث يزداد فيه الفيضان، وتغمر المياه كل أرض مصر، وأخيراً شهر «نسىء»، ويُعرف فى القبطية باسم الشهر الصغير، وهو خمسة أيام فى ثلاث سنوات متتالية، وبعد الاعتماد على نجم «الشعرى اليمانية» أضيف يوم فى السنة الرابعة، ليكون فيها الشهر ستة أيام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر القديمة الأعياد المصريين القدماء الأعياد القبطية الشهور القبطیة فى هذا الشهر قبل المیلاد عید النیروز بهذا الشهر وکذلک شهر ومن أشهر نسبة إلى فى السنة قیل إنه فى مصر قیل إن

إقرأ أيضاً:

إجازة ينتظرها المصريين.. هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي وحكم شراء الحلوى؟

كشفت الحسابات الفلكية، عن موعد احتفالات المولد النبوي 2025، حيث تشير الحسابات الفلكية إلى أن المولد النبوي 2025، سيوافق الخميس 4 سبتمبر المقبل، ومع اقتراب ذكرى المولد النبوي، يتجدد الجدل حول مشروعية الاحتفال بهذه المناسبة، ومدى جواز شراء الحلوى وتوزيعها في هذا اليوم.

توقعات بعدم الارتفاع| استقرار أسعار الدواجن.. والفراخ الساسو مفاجأةالجماهير اقتحمت الملعب.. الغاء مباراة المصري والترجي التونسي بسبب أحداث شغب

أجازة رسمية ينتظرها المصريين

يترقب المصريين ببالغ الاهتمام، موعد يوم المولد النبوي 2025، الذي يعد إحدى أبرز المناسبات الدينية والوطنية التي يحتفل بها المسلمون في شتى أنحاء العالم، وخاصة في مصر، إضافة إلى أبعادها الروحية العميقة التي تجسد ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تحمل هذه العطلة أهمية اجتماعية واقتصادية كبيرة.

وتوفر الاحتفالات فرصة للراحة والتجمع العائلي، وقد أصبحت إجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين في القطاعين العام والخاص، مما يسمح للجميع بالمشاركة في الاحتفالات أو الاستفادة من وقت الفراغ بعيداً عن ضغوط العمل.

ضربة البداية أمام مودرن| الأهلي يدخل الموسم الجديد للدوري بمعنويات عالية.. ويعود للتديب غدا41 درجة في الظل| الأرصاد تحدد ساعة ذروة الموجة الحارة.. وهذا موعد انتهائها

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

لم يُنقل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين أو أئمة الإسلام المعروفين، أنهم احتفلوا بيوم مولده، أو خصصوا هذا اليوم بعبادات أو طقوس معينة، الا أن «النبي محمد صلى الله عليه وسلم» كان يصوم يوم الاثنين ويقول «هذا يوم ولدت فيه»، وبعدها بدأ الكثير الاحتفال بمولد سيد المرسلين وخاتمهم.

وقد ظهرت عادة الاحتفال بالمولد في عهد الدولة الفاطمية، المعروف عنها أنهم أول من ابتدع فكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، وجعلوه من الأعياد العامة في كل أمة من الأمم الإسلامية، كما ابتدعوا غيره من الاحتفالات الدورية التي عدت من مواسمها، وكذلك صرفوا الكثير من اهتمامهم إلى إحياء ما كان معروفًا من المواسم والأعياد قبل الإسلام، واعتبر كثير من العلماء أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محدثة لا أصل لها في السنة.

إحالة واقعة اللوحات للنيابة العامة.. الأعلى للإعلام يقرر منع مها الصغير من الظهور لمدة 6 أشهرالشحات في مران الأهلي.. تغييرات بالجملة في خطة ريبيرو أمام البنزرتي.. وهذا موعد المباراة

حكم شراء حلوى المولد

من حيث الأصل، فإن تناول الطعام والحلوى مباح شرعًا، ما دام خاليًا من المحرمات أو الضرر، ولكن عند ارتباط الحلوى بمناسبة دينية مبتدعة، يصبح شراءها وتوزيعها جزءًا من مظاهر الاحتفال، وبالتالي، فإن شراء حلوى المولد أو إهداءها في هذا اليوم يعد مشاركة غير مباشرة في الاحتفال، حتى وإن كانت النية مجرد عادة أو مجاملة اجتماعية.

وقد أكدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في فتاوى سابقة (منها فتوى عن عيد الحب) أن أي مشاركة في الأعياد المبتدعة من أكل أو شرب أو بيع أو شراء أو هدية أو إعلان، هي من التعاون على الإثم والعدوان، واستدلت اللجنة بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

وهناك من رأى فيه أنه نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، كالمؤتمرات والندوات الدينية.

طباعة شارك اجازة ينتظرها المصريين المولد النبوي حكم شراء الحلوى

مقالات مشابهة

  • وفد عسكري هنأ الرئيس ميشال عون بعيد الجيش
  • قلبى ليك للأبد.. هاجر أحمد تحتفل بعيد زواجها الرابع| صور
  • الجيش ينظم عروضا جوية وقفزات استعراضية بالمظلات بساحل المضيق احتفالا بعيد العرش
  • عمره 40 عامًا ويقع بالشرقية.. معلومات عن أول طريق سريع في السعودية
  • إجازة ينتظرها المصريين.. هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي وحكم شراء الحلوى؟
  • رسمياً.. كريستيانو رونالدو أول ملياردير في تاريخ كرة القدم
  • مسيّرات تستهدف سان بطرسبورغ خلال مشاركة بوتين في الاحتفال بيوم البحرية
  • سد النهضة.. إثيوبيا تستعد للاحتفال وسط اتهامات مصرية سودانية
  • كانسيلو يستمتع بأجواء الإجازة بعيدًا عن أجواء المنافسات
  • رامي جمال يحتفل بعيد ميلاده ويدعو مُتابعيه لحضور حفله في العلمين