كيف يردّ حزب الله على الإهانة بعد تفجيرات "البيجر"؟
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
رأت لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط التابع لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، أن تفجيرات البيجر في لبنان في 17 سبتمبر (أيلول) والذي أعقبه تفجير أجهزة لاسلكية، الأربعاء، تشكل أكبر خرق أمني واجهه حزب الله في تاريخه.
أذلت إسرائيل حزب الله بشكل عميق
وكتبت في صحيفة "ذا غارديان" أن الهجمات التي تُنسب على نطاق واسع إلى الموساد الإسرائيلي بالرغم من عدم إعلان إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عنها بعد، تشكل معضلة خطيرة لحزب الله.
فهي تزيد الضغوط على المجموعة للرد على إسرائيل لكنها في الوقت نفسه تحد بشدة من خياراتها العسكرية. كما أن الهجمات توجه ضربة لمعنويات حزب الله وصدقيته بصفته مجموعة مسلحة تدعي امتلاك معايير أمنية رفيعة. ادعاء من الماضي
لم يعد بإمكان حزب الله أن يدعي أنه منيع عندما يتعلق الأمر بأمنه. لعقود من الزمن، قدمت المجموعة السرية في عملياتها وشبكة اتصالاتها على أنها ضرورية لدورها في دعم الدفاع عن لبنان. ولهذا السبب أصر الحزب على وجود شبكة اتصالات منفصلة تماماً عن الشبكة الوطنية. ولهذا السبب أيضاً دافع حزب الله عن أنشطته السرية في ميناء ومطار بيروت. لقد كان حزب الله يستورد ويصدر السلع عبر هذه المرافق العامة، وكذلك عبر الحدود اللبنانية مع سوريا دون أي إشراف أو تدخل من السلطات اللبنانية.
BREAKING: Wounded members of Hezbollah in the "pager" explosions tell Al-Manar:
“I always wanted to have the honor of being inured while fighting the enemy or achieve the honor of martyrdom”
“We will return to our fronts and continue fighting the enemy after recovery.” pic.twitter.com/2C8HPzyqJg
ولتقليل احتمالات الانكشاف، كان حزب الله يشرف في كثير من الأحيان على كامل عملية شراء أو بيع السلع في لبنان، بما فيها الأسلحة والمخدرات. كما تعامل سريعاً مع اكتشاف أي متسللين بين صفوفه. وتمارس المجموعة مراقبة عالية في مناطق نفوذها في جنوب لبنان ووادي البقاع وبيروت. نقلت مثل هذه التدابير صورة مجموعة تدير دولة أمنية داخل الدولة اللبنانية.
الصورة تحطمت
لقد حطمت هجمات أجهزة النداء واللاسلكي هذه الصورة. فقد أظهرت أن حزب الله معرض لتدخل إسرائيلي، لا في شبكة اتصالاته وحسب، لكن أيضاً في سلسلة التوريد الخاصة به. ومع هذا المستوى العالي من الانكشاف، ستحسب المجموعة بعناية خطواتها التالية ضد إسرائيل. وسوف يكون هناك أيضاً ارتياب على نطاق واسع داخل المجموعة بشأن ما قد تكون إسرائيل قادرة على تخريبه. وهذا بدوره يخفض الروح المعنوية بين صفوف الحزب.
إن مستوى الفوضى الذي أحدثه هجوم البيجر يأتي في مقدمة المخاوف القائمة داخل حزب الله في ما يتصل بالمراقبة الإسرائيلية. فمنذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت إسرائيل تستهدف باستمرار مئات من ضباطه وقادته في مختلف أنحاء جنوب وشرق لبنان، وحتى في بيروت. وقد قُتل هؤلاء الأفراد بضربات إسرائيلية ليس فقط في ساحة المعركة، بل أيضاً في المنازل والسيارات. وبعدما أدرك حزب الله أن إسرائيل قادرة على تعقب تحركاته من خلال الهواتف المحمولة، أصدر تعليماته لعناصره بالتحول إلى أجهزة النداء على أساس أن التكنولوجيا الأقل تطوراً تعني اتصالات أكثر أماناً.
أضافت الكاتبة أن لدى إسرائيل خيار استخدام ضعف حزب الله المتزايد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد المجموعة في جنوب لبنان. لكن إسرائيل لن تسلك هذا الطريق بالضرورة، لأنه قد لا يكون مفيداً. إن حزب الله معتاد على القتال ضد إسرائيل عسكرياً ويمكنه أن يتحمل مقداراً كبيراً من الخسائر في هذا الصدد: يمكنه في وقت لاحق إعادة بناء ترسانته، كما فعل بعد حربه الأخيرة مع إسرائيل في 2006. مع ذلك، هذه الهجمات هي رادع بدلاً من أن تكون تحركاً عسكرياً. موقف نتانياهو
سوف يفيد نجاح الهجمات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سياسياً. لقد تعرض نتانياهو لضغوط عامة كبيرة لتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان. يمكنه زعم أن هذه الهجمات خطوة ملموسة مذهلة نحو تحقيق هذا الهدف. وفي الوقت نفسه، تواصل إسرائيل هجماتها العسكرية على جنوب لبنان بنفس وتيرة ما قبل 17 سبتمبر (أيلول)، وهو ما يشير إلى أن هجمات هذا الأسبوع كانت حادثاً بارزاً، وليست جزءاً من تحول أوسع في الاستراتيجية.
Opinion | Bloodied, humiliated and knocked off guard by deadly pager warfare – what will Hezbollah do next? - The Guardian #AHRC #AHRCUSA #Gaza #Genocide #Nakba #ICC #ICJ #WhiteHouse #Rafah #WestBank #Famine #UnitedNations #Starvation #Immoral #Elections https://t.co/mwbL5RGAha
— AHRC-USA NGO in Consultative Status with ECOSOC-UN (@AHRCUSA) September 18, 2024
وتقوض الهجمات أيضاً المكانة الاستثنائية التي يتمتع بها حزب الله في لبنان بصفته الكيان المسلح الوحيد في البلاد إلى جانب القوات المسلحة اللبنانية.، ويفتح الشلل العملياتي الذي أحدثته إسرائيل الباب أمام الخسارة السياسية في نهاية المطاف.
تضع كل هذه التحديات حزب الله تحت ضغط غير مسبوق، حيث سيرغب في إنقاذ مكانته السياسية في لبنان والاحتفاظ بصدقيته في الخارج. لكن في الوقت نفسه، لا تزال حرب إسرائيل مع حزب الله مستمرة. وفي حين أن الخطوات التالية في الصراع غير مؤكدة، لقد أهانت إسرائيل حزب الله بشكل عميق، الأمر الذي قلص من مساحة المناورة المتاحة للجماعة. ولكن طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء الصراع في غزة، إن احتمال قيام كل من إسرائيل وحزب الله في نهاية المطاف بتوسيع نطاق معاركهما يظل مطروحاً على الطاولة، وفق الخطيب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تفجيرات البيجر في لبنان حزب الله فی فی لبنان
إقرأ أيضاً:
حزب الله ... والانفتاح المشروط على الحوار
بات مؤكدًا وفق السياسة الاميركية تجاه لبنان أن صدقية الحكومة تعتمد على قدرتها على فرض احتكار الدولة للسلاح، ولا تكفي التصريحات ما دام حزب الله يحتفظ بسلاحه خارج إطار الدولة، ورغم ذلك يعيد حزب الله طرح موقفه من موقع المقاومة في المعادلة الوطنية، عبر تأكيد مزدوج على التمسك بخيارها كقوة دفاع عن لبنان، والانفتاح المشروط على حوار داخلي بشأن الاستراتيجية الدفاعية.ينطلق حزب الله في مقاربته من اعتبار أن ما يهدد لبنان يتجاوز الانقسامات الداخلية إلى مشروع خارجي واسع يستهدف الكيان والصيغة اللبنانية. فبحسب قراءته، يتعرض لبنان لضغوط دولية تهدف إلى إخضاعه أو إعادة دمجه في صراعات إقليمية، وسط دعوات متكررة إلى نزع سلاحه أو فرض وصايات جديدة عليه. في هذا السياق، يطرح الحزب أن التمسك بالسلاح شمال الليطاني ليس مجرد خيار حزبي أو فئوي، بل ضرورة وطنية ووجودية لحماية لبنان من مشاريع التقسيم والتدويل، مع تشديده أيضا على أن طرح ملف السلاح قد يؤدي إلى ترك الشعب مكشوفا أمام أي عدوان، في ظل غياب ضمانات حقيقية لردع إسرائيل التي لم تلتزم بالاتفاقات.
وفي وجه الأصوات المطالبة بحصرية السلاح بيد الدولة، يقدم حزب الله مقاربة تفصيلية، يميز فيها بين سلاحه الذي كان هدفه الاساس مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصد الاعتداءات، وبين السلاح المتفلت الذي يشكل تهديداً فعلياً للأمن الداخلي. ووفق هذا المنطق، فإن الدعوة إلى ضبط السلاح يجب أن تستهدف أولاً السلاح غير الشرعي الذي ينتشر بين المجموعات الخارجة عن القانون أو يستخدم في النزاعات المناطقية والطائفية أو سلاح المخيمات. أما المقاومة، فيرى الحزب أنها جزء لا يتجزأ من معادلة الأمن القومي.
في المقابل، لا يغلق حزب الله باب الحوار، بل يعرب عن استعداده للدخول في نقاش وطني حول الاستراتيجية الدفاعية الشاملة، شرط أن يتم هذا الحوار انطلاقا من الاعتراف بدوره في حماية لبنان. بهذا، يسعى الحزب إلى تثبيت موقفه كجزء من منظومة الدفاع الوطني، لا كجسم معزول أو خارجي عنها. وهو يرفض في الوقت نفسه أي محاولة لعملها تحت شعار الحصرية، معتبراً أن مثل هذا الطرح يخدم، بشكل مباشر أو غير مباشر، المشاريع التي تستهدف لبنان من الخارج.
وهنا يبرز التباين مع القوات اللبنانية كواحد من أوضح وجوه الانقسام الوطني حول هذا الملف. فالقوات تتبنى موقفا مبدئيا يدعو إلى حصرية السلاح بيد الدولة فقط، وتعتبر سلاح حزب الله تعديا مباشرا على السيادة وتفريغا لمفهوم الدولة من مضمونها. وفي نظرها، لم يعد لسلاح الحزب أي مبرر منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي عام 2000، بل تحول إلى أداة إقليمية استخدم في سياقات تجاوزت لبنان، وخدمت مصالح إيران أكثر مما خدمت الأمن اللبناني.
وتطالب القوات بأن تكون الاستراتيجية الدفاعية مدخلاً لتوحيد القرار العسكري والأمني تحت سلطة الجيش من دون شراكة أو ازدواجية. من هذا المنظور، فإن كل تسوية تبقي على سلاح الحزب، تعد في نظرها تنازلاً عن السيادة الوطنية ومصدراً دائماً للاختلال الداخلي والتدخلات الخارجية.
في خطابه السياسي، يحمل حزب الله مسؤولية تأزيم الواقع اللبناني إلى من يتبنون خطاب التخوين والكراهية، ويرى أن ضرب الوحدة الوطنية هو أكبر خدمة تقدم لإسرائيل وللمشروع الأميركي في المنطقة. ولذلك يدعو إلى العودة إلى مفهوم الوحدة في وجه الخطر، وهي المعادلة التي لطالما أكد عليها منذ ما بعد عام 2006.
من جهة أخرى، يلاحظ مصدر سياسي وسطي أن الحزب يستخدم خطابا سياديا في الشكل، لكنه يخفي خلفه رغبة في إعادة تثبيت المعادلة الثلاثية كصيغة دفاعية دائمة،علما أن هذه المعادلة بالنسبة للبنان الرسمي أصبحت من الماضي ولا يمكن إعادة تبنيها، ولذلك فإن خطاب الحزب، وإن حمل في طياته دعوة إلى الحوار، يبقى منضبطا ضمن حدود لا تسمح بالتخلي عن جوهر السلاح أو استقلالية قراره، ما يعكس حذرا سياسيا من مواقفه.
من هنا، تبدو الحاجة ملحة إلى رؤية سياسية تقوم على التدرج في بناء الثقة، وإعادة تعريف الأدوار ضمن إطار وطني جامع. وهذا لا يتحقق، بحسب مصدر سياسي بارز، إلا من خلال حوار جدي، مسؤول ومحصن عن الاستغلال الإقليمي والدولي، تشارك فيه القوى السياسية الرئيسية، ويقوم على مبادئ ثلاثة وهي: الاعتراف المتبادل بالمخاوف والحقوق، بدلاً من تخوين الخصم أو تسفيه روايته، ربط السلاح بالشرعية الوطنية تدريجياً ضمن آلية واضحة متفق عليها وترتكز على حماية لبنان بعيدا عن محاور الخارج، تحصين الجيش اللبناني سياسياً وتسليحياً ليكون المرجعية النهائية في الدفاع، مع صيغة تفاهم مرحلية تراعي الواقع ولا تتجاهله.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة بو صعب: موضوع سلاح حزب الله على الطاولة وجزء أساسي من الحوار Lebanon 24 بو صعب: موضوع سلاح حزب الله على الطاولة وجزء أساسي من الحوار