رئيس باكستان يحل البرلمان تمهيدا للانتخابات.. ما الخريطة السياسية الانتخابية في البلاد؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
إسلام آباد– بعد أكثر من عام من التجاذبات السياسية التي أعقبت إسقاط حكومة حزب إنصاف الباكستاني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق عمران خان، تتهيأ باكستان لإجراء الانتخابات العامة، حيث أعلن مكتب الرئيس الباكستاني عارف علوي حل البرلمان والحكومة تمهيدا لإجراء الانتخابات.
كانت هذه الخطوة مطلبا رئيسيا لحزب إنصاف وزعيمه عمران خان على مدار أكثر من عام، حيث طالب خان بحل البرلمان الوطني والحكومة وعقد انتخابات مبكرة بعد إسقاط حكومته في أبريل/نيسان من العام الماضي، ونظم عددا من المظاهرات في مناطق مختلفة من البلاد للضغط على الحكومة والجهات السيادية لعقد انتخابات مبكرة.
لم يقف الأمر عند المظاهرات فحسب، حيث اتخذت قيادة حزب إنصاف في يناير/كانون الثاني الماضي قرارا بحل البرلمانات الإقليمية في اثنين من أكبر أقاليم باكستان، وهي البنجاب (شرق) وخيبر بختونخوا (شمال غرب)، وهما أقليمان كان حزب إنصاف يسيطر على حكومتيهما.
وتأتي خطوة حل البرلمان الوطني والحكومة الفدرالية في ظل اعتقال عمران خان والحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات والحرمان من ممارسة السياسة أو شغل أي منصب حكومي لمدة 5 سنوات، مما يلقي بظلال الشك على قدرة حزب إنصاف على المنافسة في الانتخابات المقبلة.
وفقا للدستور الباكستاني، فإنه يتوجب تشكيل حكومة تسيير أعمال للعمل لمدة 3 أشهر وتنظيم ومراقبة الانتخابات لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، حيث يتم التشاور بين رئيس البلاد ورئيس الوزراء ورئيس المعارضة في البرلمان للاتفاق على رئيس وزراء جديد.
ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن الحكومة المؤقتة اليوم السبت، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء السابق شهباز شريف التي بثتها إذاعة باكستان الحكومية.
وفي حال لم يتم التوافق على رئيس وزراء جديد فإنه يجب على رئيس الوزراء ورئيس المعارضة ترشيح أسماء للجنة يشكلها رئيس البرلمان في غضون 3 أيام. وفي حال لم يتم التوافق أيضا، فإن مسؤولية الإعلان عن رئيس وزراء جديد تقع على عاتق لجنة الانتخابات الباكستانية خلال يومين.
وسوف تكون حكومات الأقاليم مجبرة على حل البرلمانات والحكومات الإقليمية بعد حل البرلمان الوطني، وبما أن إقليمي البنجاب وخيبر بختونخوا بالفعل يخضعان لحكومتين مؤقتتين فإنه يجب فقط على إقليمي السند (جنوب) وبلوشستان (جنوب غرب) حل حكومتيهما وبرلمانيهما وتعيين حكومتين مؤقتتين.
ووفقا للنظام الانتخابي في باكستان، يجب على لجنة الانتخابات الباكستانية تحديد موعد لعقد الانتخابات في مدة لا تتجاوز 60 يوما، لأن البرلمان تم حله بعد انتهاء المدة القانونية له، لكن في حال الحل المبكر للبرلمان تصبح المدة 90 يوما للإعلان عن انتخابات جديدة.
ويقول المحلل السياسي جاويد صديقي في حديث للجزيرة نت إن المؤسسة العسكرية تلعب دورا رئيسيا في هذه المرحلة، وهم يحاولون تعيين أشخاص مقربين منهم في هذه الحكومة المؤقتة.
تحالفات وخارطة سياسية جديدة
وتشهد الساحة الباكستانية منافسة قوية بين عدة أحزاب سياسية كانت تشكل المشهد السياسي في البلاد على مدار عقود من تاريخها المليء بالصراعات السياسية والانقلابات العسكرية التي شهدتها 3 مرات منذ تأسيسها.
ويتنافس في الانتخابات المقبلة أكبر الأحزاب الباكستانية، على رأسها حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) الذي يقوده شهباز شريف، وحزب الشعب الباكستاني الذي يقوده سليل عائلة بوتو بيلاوال بوتو زرداري، وحزب إنصاف الذي يتزعمه عمران خان.
بالإضافة إلى أحزاب أخرى أقل شعبية وليس لها القدرة على الحصول على أغلبية برلمانية تمكنها من تشكيل حكومة، وإنما تلعب تلك الأحزاب دورا لا غنى عنه في التحالف مع الأحزاب الكبرى التي غالبا ما تحتاج إلى التحالف مع الأحزاب الصغرى للحصول على أغلبية برلمانية.
وأبرز تلك الأحزاب حزب جمعية علماء الإسلام الذي يتزعمه مولانا فضل الرحمن الذي له وجود قوي في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان، وحزب الحركة القومية المتحدة الذي يحضر بقوة في مدينة كراتشي وبعض مدن السند، وحزب عوامي باكستان في خيبر بختونخوا، إضافة إلى حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم) الذي يقوده شجاعت حسين وله حضور في بعض مناطق البنجاب، وحزبا بلوشستان عوامي وبلوشستان الوطني في بلوشستان.
كما ظهر على الساحة في الأشهر الماضية حزب استحكام باكستان الذي شكله جيهانغير خان تارين ويقوده عليم خان، وهما من حزب إنصاف سابقا وله حضور في البنجاب، بالإضافة إلى حزب إنصاف البرلماني الذي شكله وزير الدفاع السابق برويز ختاك في إقليم خيبر بختونخوا.
وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي ومدير مركز إسلام آباد للدراسات السياسية عبد الكريم شاه، إنه بعد أحداث التاسع من مايو/أيار تم اعتقال الآلاف من أنصار حزب إنصاف، وانشق عدد كبير من قيادات الحزب في البنجاب وخيبر بختونخوا، وهذا ما يشكل خارطة سياسية جديدة في البلاد.
ويضيف عبد الكريم شاه في حديث للجزيرة نت، "لكن رغم ذلك لا يزال عمران خان يتمتع بشعبية، ويتضح ذلك من الانتخابات الفرعية للمجالس البلدية التي أجريت قبل أسبوع في إقليم خيبر بختونخوا التي فاز بها حزب إنصاف".
ويتابع شاه أنه من الصعب حاليا التنبؤ بفرص الأحزاب السياسية في الفوز في الانتخابات المقبلة، رغم دعم المؤسسة العسكرية للأحزاب الجديدة التي تشكلت في الأشهر الماضية.
ولا يستبعد شاه أن تكون فرص التحالف بين حزب نواز شريف وحزب جيهانغير خان تارين قوية، رغم أن حزب نواز شريف يخشى من أن تترك المساحة لأشخاص كانوا في السابق في حزب إنصاف، ومن الجدير بالذكر أن ثمة محاولات بينهما للتوافق على آلية للتعاون في جنوب البنجاب.
من جهته، يقول المحلل السياسي جاويد صديقي إن الأفضلية ربما تكون في الوقت الحالي للأحزاب المنافسة لحزب إنصاف، وهي حزب الرابطة وحزب الشعب وحزب جمعية علماء الإسلام.
ويعلل صديقي ذلك بأن وجود عمران خان في السجن والجهود المبذولة لإبقائه في السجن والقضايا المتلاحقة المرفوعة ضده تلعب دورا في إبعاد حزبه عن المنافسة القوية.
ويعتقد صديقي أنه في حال لم يقد عمران خان الحملة الانتخابية لحزبه، فإن فرص حزب إنصاف في الفوز في الانتخابات ستكون ضعيفة جدا. ومن جهة أخرى هناك محاولات لإعادة نواز شريف إلى الواجهة وعودته إلى باكستان لقيادة الحملة الانتخابية لحزبه.
ويختم صديقي قوله بأن نتائج الانتخابات المقبلة تبدو قريبة من سيناريو اعتماد الأحزاب على بعضها، بمعنى أن أيا من الأحزاب لن يحصل على أغلبية مطلقة لتشكيل حكومة، وهو ما يجعلها تتحالف مع بعضها لتشكل أغلبية لتشكيل الحكومة.
وضع مضطرب وتنبؤات بالتأجيلفي ظل الحديث عن الانتخابات الجديدة هناك تنبؤات بتأجيلها، وفقا لتصريحات من وزير الدفاع خواجا آصف ووزير الداخلية رانا صنع الله، وفقا لصحيفة "دون" الباكستانية.
وفي هذا السياق، يقول عبد الكريم شاه إن تأجيل الانتخابات أمر وارد جدا، ويمكن أن تُؤجل لمدة 6 أشهر أو أكثر من ذلك، بسبب الوضع السياسي والاقتصادي المضطرب في البلاد، أو بنية مبيتة من الجهات الفاعلة في البلاد.
من جهته يقول جاويد صديقي إن تأجيل الانتخابات يمكن أن يتراوح بين 6 أشهر إلى سنة، لأن الإحصائيات الأخيرة من لجنة الانتخابات والهيئات الأخرى تقول إن 6 أشهر على الأقل مطلوبة لاستكمال إجراءات ما قبل الانتخابات.
ويضيف صديقي أن رئيس الوزراء المؤقت يتوقع أن يكون لديه خبرة في الاقتصاد لإدارة شؤون البلاد الاقتصادية خلال تلك الفترة.
ويختم صديقي قوله بأنه مع اقتراب الانتخابات وفي ظل الوضع الحالي فإن الناس لديهم شكوك حول نزاهة وشفافية هذه الانتخابات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الانتخابات المقبلة فی الانتخابات خیبر بختونخوا رئیس الوزراء حل البرلمان عمران خان فی البلاد أکثر من فی حال
إقرأ أيضاً:
شائعة انقلاب وشبح فوضى.. 6 أسئلة تشرح أزمة كوت ديفوار السياسية
وسط أجواء من التوتر بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي في كوت ديفوار قبل الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر/تشرين الأول القادم، انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي شائعات بحدوث انقلاب عسكري في البلاد، مدعومة بصور وفيديوهات تظهر حشودا ضخمة تخرج في الشوارع ومباني محترقة يُزعم أنها في مدينة أبيدجان.
وكغيرها من دول غرب أفريقيا، اشتهرت كوت ديفوار بالفوضى والعنف الانتخابي الذي يحدث في الغالب مع كل اقتراع رئاسي تشهده البلاد.
فقبل عقد من الزمن شهدت حربا أهلية، أو صراعا مسلحا راح ضحيته أكثر من 3 آلاف قتيل بسبب نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الحسن واتارا، ورفض سلفه لوران غباغبو الاعتراف بها، الأمر الذي أدى إلى مواجهات دامية بين فصائل من الجيش لم تتوقف حتى تدخلت القوات المسلحة الفرنسية لدعم واتارا.
وتزامنت شائعات الانقلاب بعد أسابيع قليلة من صدور قرار من القضاء باستبعاد المعارض تيجان تيام من الترشح للانتخابات المقبلة، وهو ما اعتبره مناصروه موقفا سياسيا من الحكومة.
هل قامت الحكومة بتوضيح عن شائعات الانقلاب؟ورغم تداول شائعات الانقلاب بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة في "فيسبوك" و"إكس" فإن السلطات الأمنية أعلنت عن عدم تسجيل أي أعمال عنف، إلا أن سكان أبيدجان نفوا تلك الادعاءات.
إعلانويوم الخميس الماضي، نفت الوكالة الوطنية لأمن نظم المعلومات تسجيل أي حادثة أمنية، أو محاولة انقلابية في كوت ديفوار.
وقالت الوكالة في بيان نشرته مواقع إعلامية محلية "إن المنشورات المتداولة حاليا على منصتي فيسبوك وإكس، التي تزعم وقوع انقلاب في البلاد، لا أساس لها من الصحة، وهي جزء من حملة تضليل متعمدة ومنسقة".
كيف بدأت شائعة الانقلاب؟بدأت شائعات وقوع الانقلاب الأربعاء الماضي، عقب انتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل يظهر فيها محتجون يشعلون النار في مراكز للتسوق، ومحال تجارية صغيرة، قيل إنها في العاصمة الاقتصادية أبيدجان.
ورغم أن اللغة الرسمية في كوت ديفوار هي الفرنسية، فإن معظم المنشورات والمزاعم حول الانقلاب كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية، مما أثار شكوكا بشأن مصدرها، والجهة التي تقف وراءها أو الموجهة إليها.
وزعمت بعض تلك المنشورات أن رئيس أركان الجيش الإيفواري الجنرال لاسينا دومبيا قد اغتيل، وأن الرئيس واتارا مفقود، بالإضافة لاعتقال عدد من المسؤولين البارزين في النظام الحاكم، لكن مكتب رئيس الجمهورية نفى هذه الادعاءات، ولم تنقل وسيلة إعلامية ذات مصداقية هذه الأخبار.
ولم تنشر وسائل الإعلام المحلية الحكومية والخاصة خبرا يتعلق بأعمال العنف التي راجت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت الذي انتشرت فيه هذه الشائعات، ظهر الرئيس الحسن واتارا يوم الخميس الماضي في الاجتماع الأسبوعي المعتاد لمجلس الوزراء، كما حضر مراسم تكريم للرئيس الراحل فيليكس هوفويه بوانييه، إلى جانب الرئيس التوغولي فور غناسينغبي.
ما أسباب التوتر السياسي في البلاد؟منذ الإعلان في بداية العام الجاري عن تنظيم الانتخابات العامة في أكتوبر/تشرين الأول القادم، دخلت كوت ديفوار في موجة من السجال السياسي بين الفاعلين والمؤثرين في المشهد الوطني.
وقد أعاد ذلك السجال إلى الأذهان حقبة العنف الانتخابي، وشبح الحرب الداخلية التي عرفتها البلاد في اقتراع سنة 2010 عندما امتنع الرئيس السابق لوران غباغبو عن تسليم السلطة إلى خلفه الحسن واتارا الذي فاز بنسبة 54% من مجموع أصوات الناخبين وقتها.
إعلانوتطورت تلك الأزمة إلى نزاع مسلح شاركت فيه قوات فرنسية لحسم الموقف لصالح الرئيس واتارا، وانتهت باعتقال غباغبو في أبريل/نيسان 2011.
حوكم غباغبو بتهم ارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، لكنها برأته عام 2019، ثم أدانه القضاء الوطني بالاختلاس من البنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 20 سنة، قبل أن يخرج بعفو عام من دون أن ينال حقوقه المدنية التي تخوله الترشح للرئاسة مجددا.
وبسبب هذه التوترات والمخاوف من عودة البلاد إلى مرحلة الحرب والعنف الانتخابي، زار مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في منطقة غرب أفريقيا والساحل الأوسط، ليناردو سانتوس سيماو، كوت ديفوار في أبريل/نيسان الماضي، بهدف دعوة جميع الأطراف إلى الالتزام بالهدوء، وتحكيم المصلحة العليا للوطن.
والتقى سيماو بالرئيس واتارا وقادة اللجنة المستقلة للانتخابات وزعماء أحزاب المعارضة السياسية، وحثهم على تغليب العقل ومنطق الحكمة، وأكد لهم أن الأمم المتحدة تراقب بحذر المسار السياسي الذي ستعيشه البلاد في الأشهر القليلة القادمة.
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي قال الحزب الحاكم في كوت ديفوار إنه يؤيد ترشيح الحسن واتارا لولاية رابعة، الأمر الذي زاد من مخاوف المعارضة بشأن خطورة إقدام الرئيس على خرق الدستور الذي يسمح بولايتين رئاسيتين فقط.
ويرى محللون أن الكثير من القادة الشباب في الجيش الإيفواري معجبون بتجربة الانقلابيين في منطقة الساحل الأفريقي، وقد يجدون فرصة للتحرك، وإدخال البلاد في قائمة الأحكام العسكرية، إذا قرر الرئيس واتارا عدم احترام الدستور، والترشح لولاية جديدة.
ما موقف الشارع من الرئيس واتارا؟يعتبر الرئيس الحسن واتارا شخصية وطنية لها حضور قوي ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما في عموم منطقة غرب أفريقيا.
ويحظى واتارا بقبول شعبي واسع، إذ عمل طيلة العقد الماضي على استقرار الاقتصاد وتحقيقه لمعدلات نمو قوية، جعلت من البلاد محورا اقتصاديا مهما في الإطار الإقليمي لكوت ديفوار.
إعلانوفي الجانب السياسي يُنظر إليه كشخصية جامعة تميل إلى الهدوء وتسعى إلى الأمن، ويعود له الفضل في الاستقرار السياسي، والبعد عن أسباب العنف الانتخابي الذي كان يحدث بسبب مواقف سلفه غباغبو، الذي لعب كثيرا على وتر الأعراق والقوميات.
وتجسدت توجهات واتارا في الميل إلى الاستقرار السياسي، بإصداره قانونا بالعفو العام عن غباغبو الذي حُكم عليه بالسجن 20 سنة، واستقباله إياه في القصر الرئاسي سنة 2023 بوصفه رئيسا سابقا للدولة ينبغي أن يعامل باحترام وتقدير.
لكن معارضيه يتهمونه بمحاولة الاحتفاظ بالسلطة عبر طرق غير دستورية، وباستخدام مؤسسات الدولة لإقصاء خصومه، كما حدث في قضية المعارض تيجان تيام الذي مُنع من الترشح بسبب جنسيته الفرنسية.
كما أن علاقته الوثيقة مع فرنسا، التي بات يُنظر إليها بشكل متزايد في غرب أفريقيا على أنها "قوة استعمارية جشعة"، أثرت سلبا في شعبيته، خصوصا في أوساط الشباب الذين يمثلون الأغلبية العامة من سكان البلاد.
من تيجان تيام؟ ولماذا استبعد من الترشح؟يُعد تيجان تيام (62 عاما) شخصية تكنوقراطية، ومن أبرز الكفاءات وأكثرها حضورا في المشهد السياسي والاقتصادي في كوت ديفوار، وينحدر من محيط له تاريخ في السلطة والحكم، فهو ابن شقيقة الرئيس المؤسس هوفويه بوانييه.
وعلى الصعيد الدراسي والأكاديمي، يصنف تيام واحدا من الكفاءات العلمية المهمة في البلاد، إذ إنه أول إيفواري يدرس في فصول المدرسة العليا للمهندسين في فرنسا "بوليتكنيك"، بعد أن اجتاز الامتحانات الصعبة لدخولها.
وإثر عودته من باريس، شغل منصب وزير التخطيط والتنمية بين عامي 1997-1998، لكنه بعد الانقلاب العسكري على الحكومة المدنية في الفترة ذاتها رفض المشاركة في التشكيلة الوزارية التي تم اقتراحه فيها، ويمم وجهه نحو أوروبا.
إعلانوفي أوروبا شغل مناصب قيادية رفيعة المستوى، أبرزها قيادة مجموعة "برودنشال" البريطانية، ورئاسة بنك الاستثمار العالمي "كريديت سويس" في سويسرا.
وفي عام 2022، رجع تيام إلى البلاد ودخل عالم السياسية، والتحق بالحزب الديمقراطي الذي حكم البلاد منذ الاستقلال عام 1960 حتى الانقلاب على الحكومة المدنية سنة 1998، وأصبح الآن الحزب الرئيسي للمعارضة.
وفي سنة 2023، انتخب رئيسا للحزب ذاته، الأمر الذي جعل الكثير من الشباب ينضمون إليه، نظرا لما يمثله تيام من حضور قوي في الساحة السياسية بحكم تجربته في الخارج، ومواقفه السابقة في معارضة الأحكام العسكرية.
ومع ما يحظى به من دعم واسع في الأوساط السياسية، فإن القضاء أمر في 22 أبريل/نيسان الماضي بشطب اسمه من قوائم الترشح، بحجة حصوله على الجنسية الفرنسية عام 1987.
ورغم أنه تخلى عن الجنسية الفرنسية في فبراير/شباط الماضي، فإن المحكمة اعتبرت أنه لم يفعل ذلك قبل تسجيل اسمه في اللوائح الانتخابية عام 2022، مما يجعله غير مؤهل قانونيا للترشح أو حتى التصويت.
وقد رفض تيام ومحاموه هذا القرار ووصفوه بغير العادل، وبرروا ذلك بأن عددا من لاعبي المنتخب في كوت ديفوار يحملون جنسيات مزدوجة دون أن يُسحب منهم الاعتراف الوطني.
وفي مقابلة له مع قناة "بي بي سي" قال تيام "ولدت إيفواريا وسأظل كذلك، ما يجري معنا هو محاولة واضحة لمنع حزبنا من الفوز".
هل سيحاول تيام الترشح؟ وما أبرز المؤهلين للسباق؟لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان تيام سيتمكن من العودة إلى قائمة المرشحين، لكنه لا يزال يُقاتل قانونيا وسياسيا من أجل كسب المعركة السياسية، وإدراج اسمه في اللوائح الانتخابية.
وفي مايو/أيار الجاري استقال تيام من رئاسة الحزب الديمقراطي، ولكن أعيد انتخابه زعيما له بنسبة 99% من طرف أعضاء المؤتمر الوطني، ولم يعلن عن موقفه بعد ذلك في ما يتعلق بمحاولته الترشح.
إعلانوعبر مقابلات وخطابات موجهة إلى الجماهير السياسية، تعهد تيام بجذب الاستثمارات الأجنبية كما فعل سابقا عندما كان وزيرا في عام 1998، كما تحدث عن خطة اقتصادية لفك ارتباط العملة المحلية مع الفرنك الأفريقي التابع لفرنسا، المستعمِر السابق للبلاد مدة عقود من الزمن.
وبالإضافة إلى تيام ، هناك مرشحون آخرون لهم حضور في المشهد السياسي، من أبرزهم باسكال آفي نغيسان (67 عاما)، الذي سبق أن تولى منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس السابق غباغبو، كما أنه حليف مقرب له.
وفي السياق ذاته، أعلنت السيدة الأولى السابقة سيمون غباغبو، طليقة الرئيس السابق، ترشحها عن "حركة الأجيال القادرة" لمنصب رئيس الجمهورية.
وسبق لسيمون غباغبو أن حكم عليها بالسجن لمدة 20 سنة في عام 2015، بتهمة تقويض أمن الدولة والمساس بالأمن العام، ولكن أفرج عنها الرئيس الحالي الحسن واتارا في قانون العفو العام الصادر سنة 2018.