خبير في الأمن الإلكتروني: هجوم البيجر الإسرائيلي في لبنان غيّر العالم
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
قال خبير في الأمن الإلكتروني إن الهجمات "الوقحة" التي شنتها إسرائيل على حزب الله في لبنان الأسبوع الماضي عبر تفجيرها مئات أجهزة النداء الآلي (البيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكي الثنائية الاتجاه أظهرت "بشكل صادم" مدى التهديد الذي ظل يحذر منه خبراء الأمن السيبراني طوال سنوات.
وأضاف الخبير في تكنولوجيا الأمن بروس شنايدر، في مقاله التحليلي بصحيفة نيويورك تايمز، أن التفجيرات التي أزهقت أرواح ما لا يقل عن 37 شخصا تهدد سلاسل التوريد الدولية لأجهزة الحاسب الآلي وتجعل العالم عُرضة للخطر "لأننا لا نملك وسائل جيدة للدفاع عن أنفسنا".
ورغم أن التفجيرات التي وقعت في لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين كانت "صاعقة"، حسب وصف الكاتب، فإن العناصر التي استُخدمت لتنفيذها لم تكن جديدة على وجه التحديد. وأكد شنايدر أن إسرائيل استخدمت أساليب ظلت متبعة على مدى سنوات في "خطفها" سلاسل توريد دولية وزرع متفجرات بلاستيكية في أجهزة إلكترونية كانت متجهة إلى حزب الله.
غير أن الجديد برأي شنايدر، الذي يعمل محاضرا في مدرسة جون كينيدي للإدارة الحكومية التابعة لجامعة هارفارد، هو أن إسرائيل جمعت هذه العناصر بطريقة مدمرة ومبالغ فيها، وذلك يبرز بوضوح كيف سيبدو مستقبل المنافسة بين القوى العظمى في زمن السلم وزمن الحرب وما بينهما.
وتوقع الكاتب ألا تستهدف مثل هذه الهجمات "الإرهابيين" وحدهم، ذلك أن أجهزة الحواسيب التي بأيدي الناس معرضة هي أيضا للخطر، "كما أصبحت سياراتنا وثلاجاتنا وأجهزة تنظيم الحرارة في منازلنا والعديد من الأشياء المفيدة حولنا مهددة أيضا".
ومع أن إسرائيل استخدمت أسلوب زرع المتفجرات في الأجهزة الشخصية للشخصيات التي اغتالتها من قبل، فإن شنايدر يعدّ استهدافها لسلاسل التوريد الدولية وتعريض المعدات الإلكترونية للخطر على نطاق واسع هو الجزء الأكثر تعقيدا في خطتها.
وأكد الخبير في الأمن الإلكتروني أن الولايات المتحدة نفسها استخدمت الطريقة ذاتها، وإن كان لأغراض مختلفة. فقد سبق لوكالة الأمن القومي الأميركية أن اعترضت أجهزة اتصالات -لشركة اتصالات سورية- أثناء نقلها وعدلتها، ليس لأغراض مدمرة ولكن للتنصت.
إن تأسيس شركة صورية لخداع الضحايا ليس تطورا جديدا، إذ يُقال إن إسرائيل أنشأت شركة وهمية لإنتاج أجهزة محملة بالمتفجرات وبيعها إلى حزب الله، وفق المقال. وفي عام 2019، أسس مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي شركة تبيع هواتف محمولة لمجرمين؛ ليس لاغتيالهم بل للتنصت عليهم ثم اعتقالهم.
وأفاد الكاتب بأن العالم بدأ بالفعل التأقلم مع هذا التهديد، إذ أصبحت العديد من الدول تتوخى الحذر الشديد من شراء أجهزة اتصالات من بلدان لا تثق بها، وقال في هذا الصدد إن الولايات المتحدة ودولا أخرى تحظر استيراد أجهزة توجيه (راوتر) كبيرة من شركة هواوي الصينية خوفا من استخدامها في التنصت عليها، أو أن تلجأ الصين إلى تعطيلها عن بعد في حال تفاقم العداء بينها وبين تلك الدول.
وأشار إلى أن قادة حزب الله وعناصره لن يثقوا بعد اليوم بمعدات متصلة بشبكة، ويبدو أن "هذا هو على الأرجح أحد الأهداف الأساسية" في تفجير أجهزة النداء الآلي (البيجر) الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
وتابع قائلا إن العالم سيضطر إلى الانتظار لمعرفة ما إذا كانت هذه الهجمات ستخلّف أي آثار طويلة الأمد، أو كيف سيرد حزب الله عليها. أما الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، فستكون تحت تهديد مماثل بشكل خاص، لأنها ببساطة تملك عددا هائلا من الأجهزة المعرضة للخطر، على حد تعبير شنايدر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات حزب الله
إقرأ أيضاً:
خبير في شؤون المجاعة يكشف مبررات إسرائيل في إنكار تجويعها لغزة
تستخدم حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفس أسلوب مرتكبي المجاعات الحديثة للتغطية على سياسة التجويع التي تمارسها ضد قطاع غزة،وسط تواصل حرب الإبادة منذ أكثر من 21 شهرا.
ونشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا لأليكس دي وال، وهو خبير في شؤون المجاعة ومدير مركز "ورلد بيس فاندويشن" بجامعة تافتس الأمريكي، والذي جاء بعنوان "دليل استخدام الذنب للتغطية على مجاعة غزة".
وأكد دي وال أن "المجاعة في قطاع غزة هي من صنع الإنسان، ومن تسببوا بها يبذلون قصارى جهدهم لإخفاء جريمتهم، وتتبع الحكومة الإسرائيلية نفس نهج العديد من مهندسي الكوارث خلال القرن الماضي.. والخطوة الأولى للتعمية على المجاعة هي منع الصحافيين".
وأضاف أنه "قبل أسبوعين، احتفلت أوروبا وأمريكا بالذكرى الأربعين لحفل لايف إيد، وقد حفز الفنان بوب غيلدوف على التحرك، بعما صوّر مراسلا تلفزيون بي بي سي، مايكل بورك ومحمد أمين، مجاعةً مدمرة كانت خفيةً حتى ذلك الحين، مع منع النظام العسكري الإثيوبي الصحفيين من الدخول لتجنب فضح الكارثة، وأنهم كانوا يستخدمون الطعام كسلاح حرب".
وأكد أنه "لم يُسمح لأي صحفي أجنبي بدخول غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، باستثناء المنضمين إلى وحدات الجيش الإسرائيلي، ويُغطي الصحفيون الفلسطينيون بانتظام، ويواجهون خطرًا كبيرًا ومشقة، قُتل أكثر من 170 صحفيًا، وتدرس وكالة فرانس برس الآن سحب صحفييها لأنها لا تريد لهم أن يموتوا جوعًا".
وذكر أنه "في مواجهة مجاعة اجتاحت البنغال عام 1943، منعت حكومة ونستون تشرشل الحربية الصحف من استخدام كلمتي "مجاعة" أو "الموت جوعًا" - حتى تحايل محرر صحيفة "ستيتسمان" على الحظر بنشر صور صادمة لا تحتاج إلى شرح، وكان الأوان قد فات بالنسبة لما يُقدر بثلاثة ملايين شخص ماتوا في مجاعة كان من الممكن تجنّبها".
وأوضح أن "إسرائيل والمدافعين عنها في واشنطن اعترضوا على كلمة "مجاعة" أيضا، في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، أصدرت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة الأمريكية (FEWS NET) تقريرًا يُظهر ظروف المجاعة في شمال غزة. ولأول مرة في تاريخ المنظمة الممتد لأربعين عامًا، اضطرت إلى سحب التقرير، وكما هو الحال مع البنغال، كسرت الصور الآن حاجز الإنكار".
وأكد "تستخدم شبكة FEWS، ونظيرتها في الأمم المتحدة، آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، ثلاثة مقاييس لاختبار شدة الأزمات الغذائية - كمية الغذاء التي يحصل عليها الناس، ومعدلات سوء التغذية لدى الأطفال، ومعدلات الوفيات، وتتراوح مستوياتها بين المستوى العادي و"المُجهد"، مرورًا بـ"الأزمة" و"الطوارئ"، وصولًا إلى المرحلة الخامسة: الكارثة أو المجاعة. ويتطلب تحديد "المجاعة" أن تتجاوز المؤشرات الثلاثة عتبات معينة. هذا يعني أنه إذا أرادت حكومة ما منع الأمم المتحدة من إعلان "المجاعة"، فكل ما عليها فعله هو منع جمع البيانات".
وأشار إلى "رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، فعل هذا في ذروة الحرب ضد منطقة تيغراي عام 2021، كان يفرض حصارًا تجويعيًا مشددًا، ونشرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة لآلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تقريرًا يتنبأ بحدوث مجاعة في غضون ثلاثة أشهر إذا استمرت الحرب والحصار. استمرّت الحرب والحصار، لكن إثيوبيا طردت آلية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)".
وقالت إثيوبيا إنه لا توجد بيانات عن المجاعة، وبالتالي لا وجود للمجاعة. وصعّبت "إسرائيل" بشكل متزايد جمع البيانات اللازمة لإظهار عمق الجوع الحقيقي، وكان وجود الأمم المتحدة على الأرض محدودًا. اعتمد آخر تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل على مسح هاتفي، لكن أفقر الفلسطينيين غالبًا ما يفتقرون إلى الهواتف.
يستطيع العاملون الإنسانيون في التصنيف المرحلي المتكامل أن يروا المجاعة، لكن بياناتهم لا تثبت ذلك، لذا يستخدمون كل كلمة أخرى لوصف مدى فظاعة الوضع، بينما ترد "إسرائيل" بأنه لا توجد مجاعة.
وقال دي وال إن "أكثر حصيلة وفيات يُستشهد بها في غزة هي حصيلة وزارة الصحة التي بلغت 61,800، وتصف إسرائيل وغيرها هذه الوزارة بشكل روتيني بأنها وزارة صحة حماس، مما يعني أنه لا يمكن الوثوق بها".
وأضاف "توقعوا نفس القصة بالنسبة لأعداد وفيات الجوع. ستتهم إسرائيل الأمم المتحدة بالتحيز ومعاداة السامية. لكن عندما نحصي أعداد القتلى، سنجد على الأرجح أن أرقامها أقل من الواقع".
وبيّن أنه "مقابل كل طفل تُسجل وفاته على أنها "سوء تغذية"، عادةً ما يكون هناك العديد من الآخرين الذين لقوا حتفهم بسبب أمراض مثل التهابات الجهاز التنفسي أو الإسهال".
وأكد أنه "في كل مجاعة حديثة، يموت أفقر الناس وأكثرهم ضعفًا. يستخدم التصنيف المرحلي المتكامل 20 بالمئة من الأسر التي لا تحصل على الغذاء كعتبة للمرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، أي الكارثة أو المجاعة. قد يكون لدى العديد من الآخرين ما يكفي من الطعام".
ولهذا السبب كانت الأمم المتحدة تُقدم 1.3 مليون وجبة ساخنة يوميًا للفئات الأكثر ضعفًا، وتُقدم تغذية علاجية متخصصة، إلى أن فرضت "إسرائيل" حصارًا شاملًا في آذار/ مارس الماضي.
وقال "ستُصرّ "إسرائيل" على أن مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) تُقدم حصصًا غذائية تكفي لـ 2.1 مليون وجبة يوميًا - وجبة واحدة لكل شخص في غزة، لكن السؤال كم منها يصل إلى أفقر 20 بالمئة؟ كم منها يُؤكل من قِبل أعضاء العصابات المسلحة - أو حتى من قِبل حماس؟ إن مؤسسة غزة الإنسانية ليست استجابة حقيقية أو فعالة للحاجة - إنها ذريعة للحرمان المستمر".
وأضاف أن "معظم المجاعات الأخيرة في أفريقيا والشرق الأوسط سببها الحروب. لكن الحكومات تُفضل إلقاء اللوم على الطقس - وكثيرًا ما انساقت وكالات الإغاثة وراء هذه الرواية. من الأسهل جمع الأموال عندما يُمكن إلقاء اللوم على القضاء والقدر في مسألة الجوع. لا تستطيع إسرائيل إلقاء اللوم على الطقس، لكن بإمكانها إلقاء اللوم على حماس، رغم قلة الأدلة على أنها تسرق المساعدات وتُسبب المجاعة".
وأكد أنه "لو كانت إسرائيل جادة في منع حماس من سرقة المساعدات، لما كانت تُدير نظام صندوق الغذاء العالمي - المُعرّض لهذا الانتهاك تحديدًا - بينما تمنع الأمم المتحدة من إدارة مطابخها التي تُقدّم الطعام الساخن للأطفال مباشرةً".
وأشار إلى أن العديد من داعمي إسرائيل لا ينكرون وجود مجاعة، بل يقولون إنها غير مُهمة، والحجة هي أن حماس والفلسطينيين يُريدون تدمير إسرائيل، وهذا يُبرر المجاعة الجماعية، كما أن الحكومة الإسرائيلية تُدرك ما تفعله. قد يكون الشعب الإسرائيلي في حالة إنكار، لكن قادتها اتخذوا خيارًا أخلاقيًا. يتعين علينا أن نكشف مكائدهم الإخفاءية ونواجههم".